المحكمة العليا الإسرائيلية تلمح إلى السماح لليهود بالصلاة في باحات الأقصى

نائب في الكنيست يقترح تقاسم الحرم القدسي مثل الحرم الإبراهيمي

TT

المحكمة العليا الإسرائيلية تلمح إلى السماح لليهود بالصلاة في باحات الأقصى

ألمحت المحكمة الإسرائيلية العليا في القدس الغربية إلى أنها غير مقتنعة بموقف الحكومة ودائرة الأوقاف الإسلامية بمنع اليهود من إقامة الصلوات اليهودية في باحات الحرم القدسي الشريف. ومنحت الحكومة مهلة لتغيير توجهها أو تقديم موقف مقنع.
وجاء هذا التلميح في الجلسة المطولة للمحكمة التي عقدت بطلب من «منظمات الهيكل» اليهودية المتطرفة، التي اختتمت مساء أول من أمس الخميس، فطلبت من وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي والشرطة الإسرائيلية وعدة جهات حكومية إسرائيلية، بإرسال تفسيراتهم وحججهم التي تمنع اليهود من الصلاة داخل باحات المسجد الأقصى المبارك.
وقالت إن ما توفره النيابة باسم كل هؤلاء من حجج يبدو بعيداً عن المنطق ولا يمكن اعتبارها حججا قوية في القضية. ومنحت المحكمة العليا للنيابة الإسرائيلية مهلة لا تزيد على 60 يوما لتقديم حجج جديدة تتيح النظر في القضية من جديد والرد على جماعات الهيكل وعلى مطالبهم.
وكان ممثل المستوطنين المتطرفين الحاخام يوفال شيرلو، قدم التماساً في مطلع الشهر الحالي إلى المحكمة يعترض فيها على النظام الذي فرضته حكومة إسرائيل عند احتلالها القدس سنة 1967، بالسماح لليهود بدخول باحات الأقصى المبارك ولكن من دون إقامة الصلاة، باعتبار أن المكان مقدس للمسلمين، يتيحون فيه لكل الناس الزيارة لكن الصلاة الوحيدة المسموح بها هناك هي الصلاة الإسلامية.
وطالب المستوطنون المحكمة بتفسيرات حول هذا الموقف وتفسيرات لأسباب قيام المحكمة العليا برد الدعوات الخاصة بصلاة اليهود في الأقصى في الماضي. وطالب المحكمة بإصدار أمر يزيل لوحة منع الصلاة وضعت عند مدخل جسر باب المغاربة والسماح لليهود بحرية أداء الطقوس التعبدية داخل الأقصى.
واعتبرت جماعات الهيكل هذا القرار من المحكمة العليا، خطوة مهمة ومتقدمة في طريق تمكين اليهود من الصلاة داخل الأقصى بقرار من محكمة العدل العليا، واكتفى بعض أفراد وأعضاء هذه الجماعات المتطرفة بقبول إزالة اللوحة التحذيرية عند مدخل جسر باب المغاربة، معتبرا ذلك خطوة نحو إزالة حظر الصلاة اليهودية في الأقصى.
وعلى الأثر، طالب عضو الكنيست، يهودا جليك، من حزب الليكود الحاكم الذي يحافظ على زياراته وصلواته في باحات الأقصى، ويعتبر قائدا للحملة الداعية لصلاة اليهود في الأقصى، بأن يوضع نظام لتقاسم الأقصى بين اليهود والمسلمين كما هو الحال في المسجد الإبراهيمي في الخليل، وقد أيد هذا الطرح عدد كبير من كبار أفراد جماعات الهيكل.
ومعروف أن التيار المركزي في اليهودية يرفض زيارة اليهود أو إقامتهم الصلاة في الأقصى وباحاته. فقادة هذا التيار يرون أن الهيكل اليهودي المقدس مهدوم ومطمور تحت هذه الباحات، واليهودي الذي يدوس الأرض في باحات الأقصى إنما يدنس قدسية الهيكل. لكن هناك تيارا يمينيا متطرفا يسود بشكل خاص لدى اليهود من التيار الديني الوطني الصهيوني، الذي يؤمن أن مسجد عمر (قبة الصخرة) يقوم على أنقاض الهيكل ويطالب قسم كبير منهم بهدم المسجد وإعادة بناء الهيكل مكانه. وهؤلاء يصرون على زيارة باحات الأقصى. وبسبب نشاطهم، يرتفع باستمرار عدد اليهود الذين يزورون الأقصى، وبلغ عددهم في السنة الماضية مثلا 28 ألفا.
وردت حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية على ذلك، بتصريحات للناطق الرسمي باسمها يوسف المحمود، جاء فيها أن أي حديث أو إشارة أو تلميح عن صلاة غير المسلمين في المسجد الأقصى المبارك، له طابع العدوان ولا يصدر إلا عن أحمق.
وقال المحمود: «إن المسجد الأقصى المبارك المعروف بمكانه ومكانته وبمساحته التي تبلغ (144 دونماً) وتحيط بها الأسوار التاريخية، هو ملك للمسلمين وحدهم، وهو من أقدس مقدساتهم أينما وجدوا في مشارق الأرض ومغاربها، وهو يقع في قلب مدينة القدس العربية التي تحتلها إسرائيل بالقوة والترهيب، والتي هي عاصمة فلسطين العربية، توارثتها الأجيال العربية الفلسطينية منذ فجر التاريخ حتى يومنا هذا، وتعرضت للغزو والاحتلال عشرات المرات، وتم في كل مرة طرد الغزاة والمحتلين بفضل مقاومة أهلها ونضالهم وكفاحهم».
وحذر المحمود من أن أي محاولة للمساس بالمسجد الأقصى المبارك على صعيد ما يسمى شرعنة صلاة غير المسلمين به من قبل الاحتلال، سيفتح الطريق واسعة أمام اندلاع نيران حرب دينية تطول المنطقة والعالم، تخطط لها حكومة الاحتلال. وأضاف أن «حكومة الوفاق الوطني تطالب كل الهيئات والمنظمات والحكومات وكل من له صلة في العالم بالتدخل الجدي والعاجل لمنع هذا العدوان الذي يلوح به الاحتلال عبر ما تسمى محكمته العليا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».