تسريبات إسرائيلية عن خلافات حادة بين قادة «حماس» حول التهدئة

TT

تسريبات إسرائيلية عن خلافات حادة بين قادة «حماس» حول التهدئة

في تقرير داخلي تسرب إلى عدد من الإعلاميين الإسرائيليين، أمس، رأت أجهزة المخابرات الإسرائيلية، أن هناك خلافات حادة في قيادة حركة حماس حول موضوع اتفاق التهدئة. وفي حين يؤيد صالح العاروري، نائب رئيس الحركة، هذا الاتفاق بحماسة، يعترض عليه يحيى السنوار، رئيس الحركة في قطاع غزة، ويبدي رأياً بأن الانتظار قليلاً سيجعل إسرائيل تقدم مقترحات أفضل.
وقال التقرير، إن الخلافات بين السنوار والعاروري معروفة منذ سنوات طويلة. ولم تخف حدتها مع تطور وتعزيز مكانة كل منهما في سلم القيادة، بل بالعكس، تفاقمت في الأسابيع الأخيرة خلال التباحث في اتفاق التهدئة مع إسرائيل بالوساطة المصرية.
ووصف التقرير السنوار بأنه متسرع وانفرادي ويفضل العمل في أطر ضيقة، ويتكلم بوصفه ممثل القوى الميدانية في قطاع غزة وعلاقاته قوية بالذراع العسكرية «كتائب القسام»، في حين يعتبر العاروري، الذي دخل إلى قطاع غزة بضمانات إسرائيلية بعدم المساس به، هو رجل الرؤيا الاستراتيجية، الذي يتطلع إلى الإفادة من التهدئة لتحقيق حلم «حماس» بالسيطرة على منظمة التحرير بعد عهد الرئيس محمود عباس، والفوز بمقعده في الرئاسة. وهو يكمل طريق خالد مشعل في هذا الطموح.
ويتابع التقرير الاستخباراتي الإسرائيلي، أن السنوار دفع خلال المفاوضات الأخيرة باتجاه خط أكثر تشدداً، بهدف تحصيل مكاسب أكثر لصالح أهل غزة وتخفيف الحصار. أما العاروري فكان أكثر مرونة؛ لأنه يخطط لمكاسب استراتيجية أكثر، تجعل «حماس» رقماً أساسياً في الصراع على وراثة عباس. ويقول التقرير، إن إسماعيل هنية، رئيس الحركة، يسعى للتوسط بين الطرفين والتوصل إلى حلول وسط. ومع أن التقرير يستصعب معرفة أي الطريقين قد انتصرت، يرى أن الدلائل تشير إلى غلبة موقف العاروري. لكنه يقترح انتظار التطورات في الأسبوع المقبل، عندما يتم استئناف المحادثات في القاهرة؛ إذ يفترض أن يتم التوقيع على اتفاق التهدئة.
وكان وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، قام بجولة أخرى له حول قطاع غزة، وهي الثالثة في هذا الشهر، والتقى رؤساء البلديات اليهودية هناك، وأبلغهم بأنه رغم التفاوض مع «حماس» فإنه لا يؤمن بالتهدئة. وقال ليبرمان، إن لا علاقة له بهذه المفاوضات، ولا علاقة له بتسوية كهذه، وأنه يؤمن فقط بالواقع على الأرض. وأوضح «أنا أومن بالمعادلة التي تقول هدوء مقابل هدوء وأمن مقابل اقتصاد. فإذا حافظوا على الهدوء نفتح المعابر ويحظى أهل غزة بالانفراج. وإذا لم يحافظوا على الهدوء فليعرفوا أن هناك ما يخسرونه».
وقال ليبرمان، إن الهدنة التي يؤمن بها بين إسرائيل و«حماس»، هي تلك التي تتم بعد تحرير الأسرى والمفقودين الإسرائيليين. فمن دون هذا التحرير لن يكون اتفاق هدنة.
وأعربت مصادر سياسية عن اعتقادها بأن تصريح ليبرمان هذا، رغم أنه كان قد أعرب عن تأييده المفاوضات، بتوصية من الجيش الإسرائيلي، خلال اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) الأسبوع الماضي، يأتي في أعقاب تعرضه لهجوم شديد من زميله في الحكومة، رئيس حزب «البيت اليهودي» ووزير التربية والتعليم نفتالي بينيت، بسبب هذه المفاوضات. واتهمه بينيت بالجبن والاستسلام.
ووفقاً لاستطلاعات الرأي التي نشرت في نهاية الأسبوع، اتضح أن أغلبية مصوتي اليمين الإسرائيلي، لا تؤيد مفاوضات مع «حماس»، وتؤكد تراجع شعبية ليبرمان وحزبه «إسرائيل بيتنا»، وحتى أن بعضها شككت في احتمال تجاوزه نسبة الحسم. ولذلك؛ يخرج ليبرمان بهذه التصريحات.



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.