7 قتلى في هجوم إرهابي لـ«داعش» غرب ليبيا

بعد ساعات من تحريض «البغدادي»... وحكومة السراج تتوعد

مكان الهجوم الإرهابي شرق طرابلس أمس (رويترز)
مكان الهجوم الإرهابي شرق طرابلس أمس (رويترز)
TT

7 قتلى في هجوم إرهابي لـ«داعش» غرب ليبيا

مكان الهجوم الإرهابي شرق طرابلس أمس (رويترز)
مكان الهجوم الإرهابي شرق طرابلس أمس (رويترز)

لقي 7 أشخاص مصرعهم أمس، وأصيب 10 آخرون على الأقل، في أحدث هجوم نفَّذته عناصر تابعة لتنظيم «داعش» الإرهابي، استهدف حاجزاً أمنياً شرق العاصمة الليبية طرابلس، بعد ساعات من بثِّ تسجيل صوتي لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي يحرِّض فيه أنصاره على شنِّ المزيد من الهجمات الإرهابية في عدة دول عربية، من بينها ليبيا.
في غضون ذلك، أعلنت فرنسا، على لسان المتحدثة باسم وزارة خارجيتها أنييس فون دير مول، أنها تشجع كل المبادرات المندرجة، في إطار الوساطة الأممية الرامية إلى تحقيق المصالحة والاستقرار في ليبيا.
وردّاً على موقف فرنسا من المبادرة الإيطالية المدعومة من واشنطن بعقد مؤتمر حول ليبيا، قالت إن باريس على يقين بأن الحل السياسي تحت رعاية الأمم المتحدة، السبيل الوحيدة لإرساء الاستقرار على نحو مستدام في ليبيا، مشيرةً إلى أن ذلك ما تتضمنته خريطة الطريق لرئيس البعثة الأممية غسان سلامة، الذي يحظى بدعم فرنسا الكامل.
وشدَّدَت على ضرورة تبني قاعدة دستورية لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية تم تحديد وإقرار جدولها الزمني من قبل الأطراف الليبية الرئيسية خلال مؤتمر باريس في مايو (أيار) الماضي، بحضور سلامة والمجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي.
وأضافت في تصريحاتها أمس: «تابعنا باهتمام اعتزام إيطاليا، التي تعد شريكاً رئيسياً في الملف الليبي، تنظيم مؤتمر دولي حول ليبيا بعد مؤتمر باريس الأخير».
ويسعى جوزيبي كونتي رئيس الحكومة الإيطالية لتنظيم مؤتمر دولي في روما حول ليبيا في الخريف المقبل، بدعم من الإدارة الأميركية، وجاء الإعلان عن المؤتمر عقب لقائه مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض، نهاية يوليو (تموز) الماضي.
إلى ذلك، تعهد فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني في طرابلس بملاحقة الجناة في الهجوم الإرهابي، أمس، وقال في بيان له إنهم «لن يفلتوا من العقاب ولن يجدوا لهم مكاناً آمناً في ليبيا»، مشيراً إلى أنه أعطى تعليماته لوزارة الداخلية والأجهزة الأمنية بالتحقيق الفوري والقبض على المعتدين.
واعتبر السراج أن «هذه الجريمة المروعة لا يقوم بها سوى قتلة مجرمين تجردوا من إنسانيتهم ومن كل القيم والمبادئ والشرائع الدينية والأخلاقية»، مؤكداً أن «مثل هذه الجرائم لن تزيد الليبيين سوى الإصرار على مكافحة الإرهاب».
وأضاف أن «بلادنا تواجه عدواً يمتهن الإرهاب ويستهدف استقرارها، وسنسخر كل الإمكانيات المتاحة لمحاربته وسنعمل للحصول على كل دعم ممكن للرصد والملاحقة وإنزال العقاب الرادع».
ولم يعلن التنظيم، حتى مساء أمس، مسؤوليته عن الحادث الذي يعتبر الأحدث من نوعه هذا العام في سلسلة هجمات دموية للتنظيم المتطرف على الأراضي الليبية، لكن عميد بلدية زليتن مفتاح الطاهر حمادي اتهم التنظيم بالتورط في الهجوم الذي وقع في منطقة ينشط فيها «داعش» بين بلدتي زليتن والخمس على الطريق الساحلي المؤدي من طرابلس إلى مدينة مصراتة الساحلية، لافتاً إلى أن المهاجمين استخدموا الأسلحة الخفيفة والقنابل اليدوية.
وقالت مصادر أمنية، إن أحد منفذي الهجوم الذي لقي مصرعه يدعى علي إبراهيم الذيب، مشيرة إلى أنه من المشتبه في انتمائهم منذ فترة لتنظيم «داعش» في المنطقة، ونُشرت صور فوتوغرافية له وهو مضرج في دمائه إثر مقتله في الحادث.
وطبقاً لرواية رسمية فقد هاجم مسلحو «داعش» حاجزاً أمنياً لقوة العمليات الخاصة التابعة لحكومة السراج، بالقرب من مدينة زليتن على بعد 160 كيلومتراً شرق طرابلس.
وقالت وزارة الداخلية في حكومة السراج، إن ما وصفته بالهجوم الإرهابي الغادر الذي وقع في ساعة مبكرة من صباح أمس، ضد رجال الأمن الموجودين ببوابة كعام الواقعة بين مدينتي زليتن والخمس، أدى إلى مقتل أربعة وإصابة سبعة آخرين ثلاثة منهم في حالة حرجة من منتصبي قوة العمليات الخاصة المكلفين بحماية طريق الساحلي.
وأوضحت الوزارة في بيان لها أن القوة الأمنية تعاملت مع المهاجمين، مشيرة إلى أن تبادل إطلاق النار أدى إلى مقتل أحد الإرهابيين وفرار الآخرين والعثور على سيارتهم بمكان الهجوم.
وأعلنت الوزارة عن تشكيل لجان تحقيق وتحري وجمع معلومات من مديريتي أمن زليتن والخمس، وكل الأجهزة الأمنية التابعة لها في ملابسات هذا الهجوم وتقديم المتورطين للعدالة في أسرع وقت. ودعت المواطنين للتعاون مع رجال الأمن وسرعة التبليغ عن أي أعمال مشبوهة أو خروقات أمنية، كما نوهت في وقت سابق برفع أقصي درجات الاستعداد الأمني.
وسعى العميد محمد أبو حجر، مدير أمن زليتن، إلى طمأنة أهالي مدينتي زليتن والخمس، حيث أعلن في تصريحات متلفزة أن المنطقة الآن آمنة، وتقوم قوات الأمن بتمشيط المناطق المجاورة. لكن مصدرا أمنيا بمديرية الأمن الوطني في مدينة زليتن، أعلن أمس في المقابل عن ارتفاع حصيلة الهجوم الذي استهدف الحاجز الأمني بالمدخل الغربي للمدينة إلى 7 قتلى، لافتا إلى أن ثلاثة من الجرحى توفوا في المستشفى لاحقا.
وروى المصدر أن الهجوم وقع نحو الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي، بواسطة إرهابيين كانوا على متن سيارة دفع رباعي، قبل أن يلوذوا بالفرار.
ويأتي هذا الهجوم بعد ساعات قليلة من بث رسالة صوتية مساء أول من أمس للبغدادي، حرض خلالها أنصاره على ما وصفه بالنفير إلى ليبيا ونصرة المجاهدين في ليبيا وسوريا والعراق، على حد زعمه.
وكان «داعش» تبنى الهجوم الذي شنه مسلحون على مكاتب المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في طرابلس في مايو الماضي، بالإضافة إلى هجوم على مجمع محاكم في مصراتة العام الماضي.
وأخرجت قوات محلية التنظيم المتشدد من معقله السابق في سرت جنوب شرقي مصراتة في عام 2016 لكن ليبيا ومسؤولين غربيين، يقولون إن التنظيم سعى لتوحيد صفوفه من خلال وحدات متحركة في الصحراء وخلايا نائمة في بلدات شمالية، ويشن هجمات إرهابية، تستهدف بين الحين والآخر حواجز أمنية وعسكرية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.