سنوات السينما: The Great Dictator

تشابلن/ هتلر والأرض
تشابلن/ هتلر والأرض
TT

سنوات السينما: The Great Dictator

تشابلن/ هتلر والأرض
تشابلن/ هتلر والأرض

The Great Dictator
(1940)
تشابلن السياسي ينجز أحد أفضل أعماله

احتفى النقاد والمثقفون طويلاً بفيلم تشارلي تشابلن «الديكتاتور العظيم» وما زالوا. هو بالفعل أحد أعماله النيرة والمهمة سواء بالنسبة إلى مهنته أو بالنسبة للمرحلة التاريخية والسياسية التي ينصرف إليها.
إنه عن الحلاق اليهودي (تشابلن في الدور) الذي كان أنقذ ذات مرة حياة الضابط شولتز (رينغولد غاردنر) عندما كان الحلاق يقوم بإسعاف المصابين خلال الحرب العالمي الأولى. شولتز لم ينس ذلك عندما يشتد التمييز العنصري على اليهود فينقذه من براثن النازيين الذين كانوا يرغبون بشنقه أمام دكانه، لكن شولتز ينتهي والحلاق في معسكر اعتقال.
للمصادفة فإن الحلاق يشبه الديكتاتور هيكل (تشابلن أيضاً) الذي يزمع ضم البلاد المجاورة والذي يحلم كذلك بتحويل العالم بأسره إلى دولة واحدة تحت سيطرته (كما في مشهد الديكتاتور وهو يلعب بالكرة الأرضية). وبينما انطلق يخطط لذلك ويزور المواقع الحدودية يسقط في بركة ماء فيعتقد جنود الحدود إنه يهودي هارب ويعتقلونه وينقلونه إلى المعسكرات. أما الحلاق فيجد نفسه بسبب التشابه ذاته وقد أصبح الزعيم الكبير هيكل. في خطابه الذي كان من المتوقع له أن يدور حول الآيديولوجية الفاشية وحق غزو البلدان المجاورة يفاجأ الناس به وقد أخذ يتحدث عن السلام والإنسانية ويدعو لهما.
كان «الديكتاتور العظيم» أول فيلم ناطق لتشارلي تشابلن، وذلك بعد مرور أكثر من عشر سنوات على نطق السينما. استجاب تشابلن أخيراً للتقدم التكنولوجي ونطق لكنه حافظ، على الأقل، على الصورة الإنسانية التي بثها في شخصية شارلو الشهيرة وهذا الفيلم كان آخر مرة يُعاد تقديمها في إطار شخصية الحلاق الذي لم يدرك حدود العنصرية إلا عندما أصبح ضحية لها.
لتقديم صورة مقاربة للديكتاتور النازي، شاهد تشابلن بعض الأفلام التي استطاع الحصول عليها والتي تصور هتلر وهو يخطب ثم شكل أداءه على نحو شبيه. لم يضطر تشابلن لتغيير الكثير من ملامحه كما أن كلاً من هتلر وتشابلن وُلد في أبريل (نيسان) 1889.
أما أداء تشابلن لشخصية الحلاق الفقير فإن تشابلن التزم بشخصية شارلو وحركاته ومنذ بداية الفيلم التي قدم فيها ما يوازي ما قدمه في أفلامه الصامتة من خصائص أدائية. بذلك أراد تشابلن، ونفذ ما أراد، أن يبقى ملتصقاً بصورته الصامتة التي كانت غزت العالم بنجاح وهو الذي قال إن الصمت هو لغة عالمية يود الحفاظ عليها وأنه إذا ما نطق بالإنجليزية فإن لن يستمر ككوميدي عالمي.
هذا النزاع بينه وبين السينما الناطقة التي اضطر إليها هنا وفي أفلامه اللاحقة، ينجلي في المشاهد الأولى من الفيلم عندما نرى تشابلن / الحلاق بينما كان لا يزال في ملابسه العسكرية خلال الحرب. يعتمد على حركاته المعتادة وفكاهاته الصامتة ثم تنفجر قريباً منه قنبلة ويغطي ضبابها الشاشة. هنا، ومن دون أن نراه، نسمع صوته للمرة الأولى وهو ينادي باحثاً عن رفاقه بكلمة «يوهوووو».
مدلول شخصية الحلاق هو أنه يهودي، والكلمة التي يرسمها النازيون على دكانه هي «يهودي». تشابلن، على عكس ما أشيع، لم يكن يهودياً لكنه رفض أن يعلن عدم يهوديته «حتى لا يستغل ذلك المعادون للسامية» كما قال.
فيلم تشابلن مليء بالمشاهد الموحية وتلك الواضحة لكنها جميعاً ساخرة. على ذلك لم يكن الكوميدي الأميركي الأول الذي سخر من النازية أو الفاشية. سبقه إلى ذلك فريق «ذا ثري ستودجز» في فيلم أقل إجادة بكثير عنوانه You Nazty Spy الذي عرض قبل فيلم تشابلن ببضعة شهور.


مقالات ذات صلة

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

يوميات الشرق عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

قال الفنان المصري عصام عمر إن فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» يجمع بين المتعة والفن ويعبر عن الناس.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل الجزائري الفرنسي طاهر رحيم في شخصية المغنّي العالمي شارل أزنافور (باتيه فيلم)

«السيّد أزنافور»... تحيّة موفّقة إلى عملاق الأغنية الفرنسية بأيادٍ عربية

ينطلق عرض فيلم «السيّد أزنافور» خلال هذا الشهر في الصالات العربية. ويسرد العمل سيرة الفنان الأرمني الفرنسي شارل أزنافور، من عثرات البدايات إلى الأمجاد التي تلت.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق محمد سعد في العرض الخاص لفيلم «الدشاش» (الشركة المنتجة للفيلم)

هل استعاد محمد سعد «توازنه» بفضل «الدشاش»؟

حقق فيلم «الدشاش» للفنان المصري محمد سعد الإيرادات اليومية لشباك التذاكر المصري منذ طرحه بدور العرض.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تماثيل وقوالب من الفخار مصنوعة قبل الميلاد (مكتبة الإسكندرية)

«صناعة الفخار»... وثائقي مصري يستدعي حرفة من زمن الفراعنة

يستدعي الفيلم الوثائقي «حرفة الفخار» تاريخ هذه الصناعة التي تحمل طابعاً فنياً في بعض جوانبها، على مدى التاريخ المصري القديم، منذ أيام الفراعنة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من الفيلم تجمع «شاهيناز» وأولادها (الشركة المنتجة)

«المستريحة»... فيلم مصري يتناول النصّابين يمزج الكوميديا بالإثارة

تصدَّرت مجسّمات دعائية للأبطال دار العرض عبر لقطات من الفيلم تُعبّر عنهم، فظهرت ليلى علوي في مجسّم خشبيّ جالسةً على حافة حوض استحمام مليء بالدولارات.

انتصار دردير (القاهرة )

شاشة الناقد: قضية المرأة في أفعانستان

«لقتل حصان مونغولي» (بلوتو فيلم)
«لقتل حصان مونغولي» (بلوتو فيلم)
TT

شاشة الناقد: قضية المرأة في أفعانستان

«لقتل حصان مونغولي» (بلوتو فيلم)
«لقتل حصان مونغولي» (بلوتو فيلم)

TO KILL A MONGOLIAN HORSE ‫★★★⭐︎‬

* إخراج: جيانغ شياو شوان | Jiang Xiaoxuan

‫* هونغ كونغ / ماليزيا

من بين كثير من المشاهد اللافتة يوجد في هذا الفيلم مشهدان متباعدان، في الأول يربت ساينا على رأس فرسه الذي يستجيب لحنان صاحبه ويميل برأسه فوق كتفه بحنان ظاهر. في المشهد الثاني قبيل النهاية يتقدم ساينا صوب الحصان نفسه يربت على وجهه، لكن الحصان ينظر إليه سريعاً ومن ثَمّ يشيح بوجهه بعيداً عنه. تمر بين المشهدين أحداث تنعكس على تلك العلاقة، فساينا مُخيّر بين أن يبيع حصانه ويعتزل المهنة التي توارثها بصفته مدربَ خيول وفارساً، أو البقاء في ذلك العمل. الحصان لا بد بات يشعر بأن صاحبه لم يعد ذلك الرجل الواثق من نفسه وقد يضحي بالفرس متى شاء.

«لقتل حصان منغولي» يطرح طوال الوقت (85 دقيقة) مسألة بين الأمس واليوم. إنها صحاري منغوليا الجافة التي لم تعُد تشهد مطراً كافياً لإنبات الأرض. السبب في الأزمة التحوّلات البيئية، وهذه واحدة من المسائل المطروحة بوضوح. تشكل عصباً مهماً كون صلب الموضوع يتعلق بحياة تتغير لا يستطيع ساينا فعل شيء حيالها. إنه مرتبط عاطفياً بتقاليد فروسية ومعيشية متوارثة في حين أن المتغيرات طرقت باب تلك التقاليد ولا مجال للحفاظ على الوضعين معاً. على ساينا ترك الماضي أو الانضمام إلى الحاضر. قدمٌ هنا وقدمُ هناك، والفيلم ينتهي بقرار يرتاح المُشاهد إليه.

كانت المخرجة الصينية الشابة جيانغ شياو شوان صوّرت فيلماً قصيراً في تلك الأنحاء وتعرّفت على مدرّب الخيول ساينا وراقبته في عمله. هذا ما أوحى إليها بإخراج هذا الفيلم عنه وعن البيئة وأزمة الوجود بين عالمين على المرء أن يختار بينهما. ساينا ممثلاً لديه القدرة على استخدام عدم حرفيّته في تناسب مع الشخصية التي يؤديها. رجل لديه من المتاعب مع والده السّكير والمديون ومطلّقته. في مشهد آخر يذكّره والده بأنه هو من وضعه فوق الفرس لأول مرّة عندما كان طفلاً صغيراً. يحاول ساينا فعل ذلك مع طفله، لكن طفله يخاف. هي فعلاً حياة أخرى تندثر سريعاً.

الفيلم معزّز بالألوان والإضاءات المناسبة داخلياً وخارجياً. الإيقاع متمهّل، لكنه ليس مُملاً وفيه ملامح من بعض أفلام الوسترن الأميركية التي تحدّثت بدورها عن غروب حياةٍ وبدء أخرى.

* عروض مهرجان البحر الأحمر.

★★★⭐︎‬SIMA‪’‬S SONG

* رويا سادات | ‪Roya Sadat‬

‫* هولندا، فرنسا، أسبانيا ‬

لعلها صدفة لم تستطع المخرجة رويا سادات تحاشيها، وهي أن بداية فيلمها هذا شبيهة ببداية فيلم أفغاني القضية أيضاً، حققته ساهرا ماني في فيلمها التسجيلي «Bread ‪&‬ Roses» الذي شوهد في 2023. كلاهما يبدأ بمظاهرة نسائية في كابل تنادي بحقوقها. بعد 3 دقائق ينفصل الفيلمان بالضرورة ويعود «أغنية سيما» من زمن «طالبان» الحالي إلى عام 1973 عندما كانت أفغانستان على وعد مع التقدم المجتمعي. سورايا (مزهدة جمالزاده) هي إحدى المتظاهرات ومع عودة الفيلم إلى فترة سابقة نجدها حين كانت لا تزال شابة تؤمن بمبادئ التحرر عموماً وتحرر المرأة خصوصاً. في الواقع الحكاية التي نشاهدها هي حكايتها وليس حكاية سيما (نيلوفار كوقحاني) صاحبة الصوت الجميل التي حين تغني، في أحد المشاهد، تثير إعجاب الحضور.

«أغنية سيما» (بلوتو فيلم)

حينها، يقول الفيلم، كان بالإمكان للفتاة الظهور بتنانير والرجال بربطات عنق. صداقة سورايا وسيما قوية لدرجة رفضها الإفصاح عن مكان صديقتها سيما وزوجها عندما انضما إلى حركة «طالبان» وبدأت الحكومة الأفغانية سلسلة الاعتقالات والتحقيقات. مع اعتقال سورايا والإفراج عنها واحتلال الفيلا حيث كانت تعيش مع أهلها يدخل الفيلم جوّاً داكناً في أجوائه كما في تأطير مشاهده. يزداد التوتر وتبدأ رسالته بالتبلور صوب مراميها على نحو أفضل. إنه فيلم عن آخر فترة من حياة ثقافية ومجتمعية واعدة قبل دخول الاتحاد السوفياتي للدفاع عن الحكومة والولايات المتحدة لتأييد «طالبان».

يذكر الفيلم أن الأحداث مأخوذة عن قصّة واقعية، لكن هذا ليس ضرورياً، خصوصاً أن الشخصيات معروفة. ما يمكن التنويه إليه حقيقة أن التصوير وظّف أطراف مدينة أثينا بنجاح لافت.

* عروض مهرجان البحر الأحمر

في الصالات

* Juror‪#‬2 ‫★★★★‬

- دراما محاكِم نوعها غير معهود، للمخرج كلينت إيستوود، عن عضو لجنة محلّفين يحاول إخفاء جريمته.

* Nosferatu ‫★★★⭐︎‬

- يُعيد المخرج روبرت إيغرز سرد حكاية «نوسفيراتو» (1922) بزخم وطاقة جديدتين. يتضمن لحظات مرعبة.

* Carry‪-‬on ‫★★★‬

- تشويق جيد من جومى كوليت سيرا، حول رجل أمن في مطار مهدد باغتيال حبيبته إذا لم يهرّب متفجرة إلى طائرة.

* The Substance ‫★★⭐︎‬

- المخرجة الفرنسية كورالي فارجيت، تضع ديمي مور في بطولة فيلم عن امرأة تنشد شباباً وأنثوية دائمين.