كيف تتعايش مع مقاطع الفيديو ذات التشغيل التلقائي؟

تعاني شبكة الإنترنت اليوم من مشكلات كثيرة ومزعجة؛ إذ يكفي أن تنظروا إلى مقاطع الفيديو ذات التشغيل التلقائي.
لعلكم تألفون هذه التجربة الرهيبة جيداً: تتصفحون موقعاً إلكترونياً معيناً، وفجأة يخرج صوت مزعج أو موسيقى غريبة من مكبر صوت جهازكم. وتتساءلون: من أين يأتي هذا الصوت؟ ثم تبحثون في الصفحة من أعلى إلى أسفل لتلاحظوا أن مقطع فيديو يعمل دون موافقتكم، وأن هذه الموسيقى التي تلوث سمعكم صادرة عن إعلان يسبق فيديو لم تنقروا عليه لتشغيله.
- فيديو تلقائي
باتت الفيديوهات ذات التشغيل التلقائي اليوم منتشرة في جميع أنحاء الشبكة العنكبوتية وفي داخل التطبيقات، فهي تظهر بارزة في أخبار «فيسبوك» و«إنستغرام»، حتى إن بعض أشهر المواقع الإخبارية تزرعها في المقالات الخاصة والإخبارية.
ولكن يبدو أنه لا أحد يحب هذه الفيديوهات ذات التشغيل التلقائي، ولا حتى الناس الذين يعملون في مجال الإعلانات، وفقا لخبراء التقنية الأميركيين. وتسعى هذه الفيديوهات المزعجة لجذب اهتمامكم بينما تستهلك خطة بيانات هاتفكم (أي سعة الذاكرة التي تسمح بها شركات الاتصالات شهريا أو أسبوعيا) وتستنزف طاقة بطاريته. ولكنها للأسف أصبحت شراً لا بد منه لدى كثير من الناشرين الذين يحاولون الاستمرار في العصر الرقمي.
يقول دايف مورغان، الرئيس التنفيذي في شركة «سيمولميديا» والذي يعمل مع المعلنين في إعلانات التلفزيون المستهدفة، في حديث للإعلام الأميركي: «أظن أن الأمر وصل بنا اليوم إلى تقديم تجربة سيئة للمستخدمين في مجال إعلانات الفيديو. فقد بات الفيديو يدخل في كل تجربة يعيشها المستخدم سواء كان مرتبطاً بها أم لا، لأنه وسيلة لصنع المال». لطالما كانت إعلانات الفيديو الهدف الأول في عالم الإعلام الرقمي؛ فقبل 20 عاماً، حلم الناشرون الإلكترونيون بإيصال إعلانات الفيديو إلى شبكة الإنترنت. وكانت الصيغة المثالية التي أثبتت جدارتها في جذب الجماهير وإنتاج الأرباح الهائلة في مجال التلفزيون.
وأضاف مورغان: «تستطيع الرؤية، وسماع الصوت، والحركة، وأن تدفع الناس إلى الضحك، أو البكاء، أو حتى إلى عناق أحدهم. كما تستطيع أن تدفعهم إلى الإعجاب بعلامة تجارية معينة أو دندنة أغنية إعلان ما أثناء نزهة يقومون بها مع الكلب».
ولكن المعلنين واجهوا معوقات تقنية، كبطء الاتصال بالإنترنت الذي جعل من إعلانات الفيديو مصدراً للإزعاج غير المقبول. وقدم المعلنون في البداية إعلانات تتألف من صور ثابتة، ثم تطورت لاحقاً لتصبح رسومات مصحوبة ببعض الحركة والصوت.
- عروض إعلانية
انتشرت خلال العقد الماضي الاتصالات السلكية السريعة واللاسلكية بالإنترنت، إلى جانب الكومبيوترات والهواتف الذكية. وتأقلم المستهلكون مع خدمات عرض الفيديو مثل «نتفليكس» و«يوتيوب»، وتحول تقديم فيديو عبر الإنترنت إلى مهمة بسيطة، مما دفع شركات إعلانية مثل «برايت رول» و«تريمور فيديو» بالإضافة إلى الشركات التقنية مثل «فيسبوك»، إلى تجربة إعلانات بصيغة الفيديو.
بعد الدخول في هذا المجال، لم تعد هناك فرصة للعودة عنه. فقد أنتجت إعلانات الفيديو عائدات تفوق الإعلانات التقليدية بـ20 أو 50 مرة، وأصبحت ميزة التشغيل التلقائي لهذه الفيديوهات الوسيلة الأمثل لإنتاج المال، بحسب مورغان. وأحبت المنصات الإلكترونية مثل «فيسبوك» و«تويتر» الفيديوهات ذات التشغيل التلقائي أيضاً لأنها أثبتت فعاليتها في زيادة استخدام الناس مواقعها، بحسب ما أفاد تايلور ويغيرت، مدير «استراتيجية تجربة المستخدم» في وكالة «كارتن إيجنسي». وهكذا، تحولت مقاطع الفيديو ذات التشغيل التلقائي من وسيلة كانت نادرة قبل عقد من الزمن إلى وسيلة إعلان إلكتروني مسيطرة اليوم.
- حلول تقنية
ما الحلول؟ يتذمر كثير من المستهلكين من الإزعاج الذي تسببه الفيديوهات ذات التشغيل التلقائي، مما دفع شركات التقنية إلى الخروج ببعض الحلول:
> يتيح كل من «فيسبوك» و«تويتر» للمستخدم إمكانية منع تشغيل الفيديوهات تلقائياً في تطبيقاتهما ومواقعهما. وتتوافر تعليمات المنع في «فيسبوك» في صفحة «إمكانية الوصول»، (Accessibility)، في حين تجدونها في موقع «تويتر» في لائحة «خيارات الإعدادات» تحت عنوان «المحتوى».
> في «إنستغرام»، لا يمكنكم أن تمنعوا التشغيل التلقائي للفيديوهات، ولكن يمكنكم أن تعدلوا إعدادات التطبيق الخاصة بالبيانات الجوالة بحيث تستهلك بيانات أقل، مما سيبطئ تشغيل هذه الفيديوهات أثناء استخدام الاتصال بالإنترنت.
> بدوره، يعمل «غوغل كروم» على منع بعض الفيديوهات من التشغيل التلقائي؛ إذ يتيح المتصفح تشغيل الفيديوهات التلقائي على نحو ألف موقع تأكدت شركة «غوغل» من رغبة الناس بمشاهدة الفيديوهات الصوتية عليها. مع الوقت، وبعد دراسة «كروم» المواقع التي تزورونها، يعدل المتصفح إعداداته ويتيح تشغيل الفيديوهات تلقائياً على المواقع التي تشغلون المقاطع بصوت عالٍ عليها، ويحجبه على المواقع التي منعتم عرض الفيديوهات عليها.
> يتيح بعض المطورين البرمجيين بعض الإضافات على محرك البحث، ومهمتها منع الفيديوهات من التشغيل التلقائي. ولكن هذه الأدوات ليست مثالية؛ إذ يمكنها أن تحضر مؤتمرات فيديو مفيدة.
- إعلانات بلا صوت
متى سيتوقف هذا الجنون؟ لا شك أن الفيديوهات ذات التشغيل التلقائي مزعجة جداً، ولكنها وجدت لتبقى، وغالباً لأن الإعلانات تجني أرباحا طائلة. ولكنها لحسن الحظ أصبحت تسبب إزعاجاً أقل.
وقد باتت شركات الإعلان وبشكل متزايد تصنع الفيديوهات ذات التشغيل التلقائي مفترضة أن المستهلكين يحجبون صوت الجهاز. وقد كشف ويغيرت من «مارتن إيجنسي» أن شركته تصنع إعلانات صامتة بصيغة غيابية، وتصممها بشكل يسمح لها بإيصال ترويج ورسائل الشركات دون أن تتطلب صوتاً.
تعمل الشركات التقنية أيضاً على تطوير منتجاتها لتقليل إزعاج الفيديوهات ذات التشغيل التلقائي؛ إذ تقول شركة «غوغل» مثلاً إن المعيار الذي تعتمده للسماح للفيديوهات ذات التشغيل التلقائي بالعمل في متصفح «كروم»، يرتكز جزئياً على إخفاء صوت المقطع أو بثه دون صوت. وعلى «إنستغرام»، تعرض الفيديوهات صامتة مع إتاحة إمكانية رفع صوتها يدوياً من قبلكم.
يقول ويغيرت: «تشارف الفيديوهات ذات التشغيل التلقائي على الانقراض. فقد أثبتت أنها تجربة سيئة للمستهلكين. فحتى أنا أشعر بالانزعاج عندما أسمع صوتا مفاجئا يخرج من مكبر صوت جهازي أثناء تصفحي موقعا معينا».
ولكن مورغان من «سيمولميديا» يعتقد أن إعلانات الفيديو ستتغير مجبرة وبشكل جذري لمنح الناس سيطرة أكبر على ما يشاهدونه، وهذا لأن الفيديوهات ذات التشغيل التلقائي لا تزال مرضية للمعلنين وليست للمستهلكين. ويضيف: «نضع هذه الإعلانات في هذه المواقع لأننا نستطيع ذلك، وليس لأنها مفيدة للمستخدم».