السيسي يتعهد تعزيز الإنتاج المحلي... والاهتمام بصعيد مصر

قال إن مسار الإصلاح «قاس وصعب»

الرئيس المصري أثناء افتتاح مجمع صناعي كبير بمحافظة بني سويف (صورة من الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري أثناء افتتاح مجمع صناعي كبير بمحافظة بني سويف (صورة من الرئاسة المصرية)
TT

السيسي يتعهد تعزيز الإنتاج المحلي... والاهتمام بصعيد مصر

الرئيس المصري أثناء افتتاح مجمع صناعي كبير بمحافظة بني سويف (صورة من الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري أثناء افتتاح مجمع صناعي كبير بمحافظة بني سويف (صورة من الرئاسة المصرية)

تعهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تعزيز الإنتاج المحلي لتلبية احتياجات السوق، و«تخفيض فاتورة الاستيراد من الخارج بالعملات الأجنبية، ما ينعكس على استقرار العملة، وتوفير فرص عمل للشباب».
وقال السيسي خلال افتتاحه أمس مجمعاً صناعياً ضخماً، يتبع جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة المصرية، في محافظة بني سويف (200 كلم جنوب القاهرة)، إن الحكومة ستواصل الاهتمام بمحافظات الصعيد (الجنوب)، مبرزا أن المشروع الذي افتتحه مؤخراً «لن يكون الأخير حتى نعطي فرصة عمل للأهالي».
ويحوي المجمع الصناعي، الذي افتتحه السيسي أمس ثلاثة مصانع للإسمنت، ومجمع مصانع الرخام والجرانيت، و21 مبنى سكنياً، ويوفر نحو ألفي فرصة عمل مباشرة، وعشرة آلاف فرصة غير مباشرة.
وتطرق السيسي إلى الإجراءات الاقتصادية، التي ينفذها منذ وصوله إلى سدة الحكم عام 2014. وأبرزها برنامج الحكومة لـ«الإصلاح الاقتصادي»، الذي يحظى بدعم صندوق النقد الدولي لتنفيذه، مشيرا إلى أن «الدعم التي تدفعه الدولة للمواطنين يبلغ 334 مليار جنيه (19 مليار دولار تقريبا)، ولا يعتقد أحد أننا سنلغيه. لكن لو لم أقم بدفع هذا الدعم لكنت على استعداد أن أنفذ خريطة استثمارية لكل ما تتحدثون عنه في عام واحد... لكنني لا أستطيع إلغاءه... إذ لا بد أن أحافظ على التوازن الاجتماعي الموجود في الدولة في ظل ظروفها الاقتصادية الصعبة، كما أنه لا بد أن يضع القطاع الخاص يده في أيدينا لكي نتحرك».
وبحسب بيانات رسمية، فإن نحو 30 مليون مصري (يمثلون 28 في المائة من إجمالي السكان) كانوا يعيشون بمعدل دخل تحت خط الفقر حتى عام 2015. ويعتقد على نطاق واسع زيادة هذه النسبة بسبب قرارات تعويم العملة المحلية، التي أقدمت عليها مصر قبل عامين، وإجراءات رفع الدعم عن كثير من الخدمات، ما تسبب في زيادة غير مسبوقة في معدلات التضخم، تجاوزت 30 في المائة. غير أنها سجلت في يوليو (تموز) الماضي 13 في المائة فقط.
وأوضح السيسي أن خطة إصلاح شركات قطاع الأعمال العام الحكومي (121 شركة)، تحتاج إلى 150 مليار جنيه (نحو 8.5 مليار دولار) لكي يتم تطويرها، «وهذه قضية يجب حلها، ويجب أن نتخلص من ذلك الإرث».
كما أوضح الرئيس أن «الدولة فكرت منذ سنوات طويلة في خصخصة شركات قطاع الأعمال، وشركات القطاع العام في وقت ما، وهذا أمر جيد جدا، وكانت هناك فكرة مفادها أن يكون هناك شكل من أشكال التوازن ما بين القطاع العام والسوق في مصر، حتى تضبط آليات السوق الحر، وهناك عناصر كثيرة ستساعد على ضبط هذه السوق، ونحن نمتلك جزءا من تلك العناصر، ونسعى لامتلاك باقي العناصر... لقد أنشأنا هذه المصانع لتحقيق التوازن في السوق... كما أنني وجهت بطرح هذه الشركات في البورصة لتكون أسهمها متاحة للمواطنين».
وخاطب السيسي العاملين بشركات قطاع الأعمال المملوكة للدولة قائلا: «نحن حريصون عليكم، ونريد لكم أن تستمروا في عملكم، ولا يمكن أن نفكر في شيء يؤثر سلبا على أسركم وأرزاقكم. ولكن لا بد أيضا أن تعرفوا أن الإصلاح مسار صعب، ولا بد أن نضع أيدينا جميعا في أيدي بعض».
كما دعا الرئيس إلى «مواكبة معايير التشغيل الاقتصادي في المشروعات المملوكة للدولة»، محذراً من أن تجاهل ذلك سيؤدي إلى «نتيجة حتمية هي توقف الشركات الخاسرة، التي تساوي أصولها عشرات، بل مئات المليارات من الجنيهات، والتي تحولت إلى كيانات خاسرة ومديونية بالمليارات جراء هذا التشغيل غير الاقتصادي».
في سياق ذلك، أعاد السيسي التأكيد على صعوبة مسار «الإصلاح الاقتصادي»، وقال إن الطريق «قاسٍ ويحتاج إلى جرأة ومتابعة دقيقة، ولا بد أن نتحرك، فالجميع يريد العمل وفي حاجة لأمل... ونحن نرغب في تحسين مؤشراتنا الاقتصادية».
وكشف السيسي عن نية الحكومة الإعلان عن «مشروع زراعي في أربع محافظات بالصعيد هي بني سويف، والمنيا، وأسيوط، وسوهاج خلال شهر أو شهرين على الأكثر»، وقال إنه خلال عام «سنسلم الأرض لشباب المحافظات الأربع، بالإضافة إلى العمل القائم بالمليون ونصف المليون فدان». مشددا على أن «دولة بها 100 مليون نسمة تحتاج إلى أشياء كثيرة، وأنا لا أريد أن أعدكم بعمل ولا أقوم بتنفيذه».
وكان مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، قد قال في برنامج حكومته الذي نال ثقة مجلس النواب الشهر الماضي إنه يستهدف «رفع معدل النمو الاقتصادي الحقيقي إلى 8 في المائة في 2021 – 2022، مقارنة بـ5.4 في المائة في عامي 2017 - 2018، وذلك من خلال رفع معدل الاستثمار ليصل إلى 25 في المائة سنوياً».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.