زيادة أسعار تذاكر «حديقة حيوان الجيزة» يثير جدلاً في مصر

وزارة الزراعة تقرر رفعها 5 أضعاف يوماً واحداً في الأسبوع

الإقبال على حديقة حيوان الجيزة
الإقبال على حديقة حيوان الجيزة
TT

زيادة أسعار تذاكر «حديقة حيوان الجيزة» يثير جدلاً في مصر

الإقبال على حديقة حيوان الجيزة
الإقبال على حديقة حيوان الجيزة

بينما كان الجدل محتدما قبل نحو أسبوعين حول خروج حديقة الحيوان المصرية من التصنيف العالمي لحدائق الحيوانات، قررت وزارة الزراعة المصرية رفع قيمة تذكرة الدخول 5 أضعاف، لتكون 25 جنيها (الدولار الأميركي يعادل 17.8 جنيه مصري) في أحد أيام الأسبوع، بدلا من 5 جنيهات سعر التذكرة العادية. وأثارت تصريحات الدكتورة منى محرز نائبة وزير الزراعة، المتعلقة برفع الأسعار، انتقادات حادة على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، بعد حديثها عن إقرار الزيادة خلال يومين بالأسبوع. قبل أن تتراجع الوزارة وتعلن أن إقرار الزيادة سيكون في يوم واحد بالأسبوع، للذين يرغبون في زيارة الحديقة ويزعجهم الزحام بها.
وانتقد مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي القرار ووصفوه بـ«التمييز الطبقي» بين المواطنين. وكتب محمد أمين، من القاهرة على صفحته على موقع «فيسبوك»: «هل هذا يعني أن الحديقة ستتخلص من أكوام القمامة في هذا اليوم، والحيوانات سيتم نظافتها، حتى يستمتع الأغنياء، ولا ينكد عليهم مشاهدة الفقراء؟!».
بينما علقت رشا عبد العزيز ساخرة: «كيف سيكون هذا اليوم مختلفا عن بقية الأيام، لا أفهم... هل سيقومون بتعطير الحيوانات مثلا؟!».
في المقابل استنكر المتحدث باسم وزارة الزراعة، الدكتور حامد عبد الدايم، تعليقات المواطنين على «فيسبوك»، واصفا أصحابها بأنهم من هواة «الصيد في الماء العكر».
وقال عبد الدايم لـ«الشرق الأوسط»: «من دون فلسفة، الهدف من هذا القرار هو زيادة موارد الحديقة، دون النيل من حق القاعدة الشعبية التي ترتبط بالحديقة كمكان رخيص للنزهة»، وأضاف: «بدلا من أن نتفهم القرار الذي يهدف إلى تحسين الخدمة، نستقبله بهذا القدر من السخرية».
وأوضح أن الوزارة لم تحدد بعد، اليوم الذي سيتم اختياره لرفع قيمة التذكرة، مشيرا إلى أنه لن يكون أيام الأحد أو الخميس أو الجمعة، لإقبال القاعدة الشعبية من المواطنين على الحديقة في هذه الأيام، كما نستثني أيام الإجازات الرسمية والأعياد من تطبيقه، وكذلك لن يطبق على الرحلات المدرسية.
واتفق مجدي ملك، عضو لجنة الزراعة في البرلمان المصري مع المتحدث باسم وزارة الزراعة في وصف تلك التعليقات بأنها «اصطياد في الماء العكر»، وإن كان ذلك لم يمنعه من مطالبة الوزارة بتوخي الدقة في انتقاء الألفاظ، حتى لا يتسبب لفظ «غير دقيق» بتشويه قرار جيد.
وقال ملك لـ«الشرق الأوسط»: «هذا قرار جيد، ولكن من قال إنه يوم للأغنياء، فقد خانه التعبير».
وكان ملك أعلن في وقت سابق، أنه سيتقدم بطلب إحاطة في البرلمان لاستجواب وزير الزراعة والمسؤولين عن حديقة الحيوان للكشف عن الأسباب التي أدت إلى خروجها من تصنيف الاتحاد الدولي لحدائق الحيوان «الوازا» (WAZA).
وخرجت حديقة الحيوان المصرية من تصنيف «الوازا» في 2004، بسبب عدم الأخذ بتوصيات الاتحاد، كالاهتمام بشكل الحيوانات وتحصينها من أمراض تسببت بوفاة حيوانات نادرة، وإنهاء أشكال المعاملة السيئة التي تلقاها بعض الحيوانات في الحديقة كربط الأفيال بالسلاسل المعدنية.
إلى ذلك، تقول منى خليل، الناشطة في مجال الرفق بالحيوان، ورئيسة جمعية الرحمة بالحيوان لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كانت زيادة تذكرة الدخول ستصب في صالح علاج السلبيات التي أشارت إليها منظمة (الوازا)، فأنا من أشد المؤيدين لها، بعيدا عن الجدل المثار حاليا».
وتخشى الناشطة الحقوقية أن يتم إنفاق أي زيادة في الموارد على أعمال ليست لها علاقة برعاية الحيوانات، مثلما حدث في عهود سابقة، قائلة: «أنفقت موارد الحديقة على إنشاء كافيتريات وملاهٍ، بالمخالفة لطبيعة المكان».
وأضافت خليل: «إذا كان الحديث الذي يجد صدى لدى المسؤولين هو المكسب والخسارة، وليس الرفق بالحيوان، فنحن نخسر كثيرا بسبب عدم ملاءمة حديقة الحيوان بالجيزة لمعيشة الحيوانات».
ولفتت إلى خسارة الحديقة خلال العام الحالي زرافة ثمنها ربع مليون دولار، وقبله خسرت زرافة أخرى، ولم يعد متبقيا في الحديقة سوى زرافة واحدة، تخشى الناشطة الحقوقية أن تلقى هي الأخرى حتفها، طالما ظلت أماكن الإقامة غير ملائمة لطبيعة الحيوانات، وطالما ظل أطباء الحديقة بلا تدريب.
وتقول: «الأطباء لم يتم تدريبهم على كيفية التعامل مع هذه النوعية من الحيوانات، ويكفي للتدليل على ذلك أنهم كانوا يعالجون الزرافة التي لقت حتفها مؤخرا بأدوية الديدان، بينما هي مصابة بالتهاب رئوي».
يذكر أن حديقة حيوان الجيزة أو «جنينة الحيوانات»، كما يحب المصريون أن يسموها، تأسست سنة 1891. وهي أكبر حديقة للحيوانات في مصر والشرق الأوسط، وأول وأعرق حدائق الحيوانات في أفريقيا، وثاني أعرق حدائق الحيوانات في العالم، وكانت تسمى «جوهرة التاج لحدائق الحيوان في أفريقيا».
====
شرح الصورة:
جانب من إقبال المصريين على حديقة حيوان الجيزة («الشرق الأوسط»)



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».