قادة الجيل المقبل للشركات العائلية مقتنعون بالانفتاح

TT

قادة الجيل المقبل للشركات العائلية مقتنعون بالانفتاح

أظهر استطلاع حديث أن معظم قادة الشركات العائلية يرى في عقد الشراكات التجارية فرصة للنمو، إلا إن ذلك لم يمنع وجود عدد من السلوكيات الانعزالية في بعض المؤسسات، رغم أن أصحاب القرار يعتقدون أنهم أكثر انفتاحاً على التعاون. فقد اتفق 89 في المائة ممن شملهم استطلاع أجرته «ديلويت»، والبالغ عددهم 575 شخصاً من جيل إدارة الشركات العائلية الجديد من 52 دولة حول العالم، على أن بيئة الأعمال الحالية من الشراكات قد مكّنت شركاتهم من الابتكار، متجاوزةً بذلك القدرات الفردية لكل شركة عائلية. إلا إن نسبة 53 في المائة من المستطلَعة آراؤهم، عندما سئلوا عن مشاركتهم الفعلية في مشروعات للابتكار، أجابوا بأنهم لم يشتركوا بتاتاً أو اشتركوا في حالات نادرة مع مؤسسات أخرى خلال السنوات الثلاث الماضية، مما يشير إلى تردد بعض الشركات العائلية في التعاون مع أطراف خارجية.
بالإضافة إلى ذلك، أشار 32 في المائة ممن شملهم الاستطلاع إلى أن شركاتهم تتعاون فقط في خدمات أو منتجات جديدة لمؤسسات تجمعها بها علاقة وثيقة وطويلة الأمد.
وأشار ملخص تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه عن الدراسة الجديدة، الصادرة عن «مركز ديلويت للشركات العائلية» بعنوان: «شركات الجيل القادم العائلية: استكشاف الفرص من الشراكات التجارية»، إلى سعي كثير من الشركات العائلية إلى النمو في إطار بيئة ديناميكية ومعقدة تشهدها الأسواق، مما يتطلب منها تغيير أساليبها لتصبح أكثر شمولية، خصوصا لجهة خيار الشراكات التجارية مع المؤسسات المختلفة بهدف زيادة القيمة.
وقد أظهر الاستطلاع أن أكثر من نصف المستطلعة آراؤهم يعتقدون أنهم بحاجة إلى تغيير النهج المتبع في عمليات التعاون، والدمج والاستحواذ، والتحالفات، أكان ذلك بنسبة خجولة (17 في المائة) أم مهمة (53 في المائة).
وحازت عمليات الاستحواذ أهمية خاصة، كونها أكثر أنواع دمج الشركات شيوعاً، والتي قام بها المستطلَعة آراؤهم على مدار السنوات الثلاث الماضية، وقد توقعوا التعامل بها أكثر من أي عمليات دمج أخرى خلال السنوات الثلاث المقبلة أيضاً. وعن السبب الرئيسي الكامن خلف سعيهم وراء عمليات دمج الشركات، أجاب 30 في المائة من المستطلعة آراؤهم بأن الدافع يكمن في «الوصول إلى الابتكار»، الذي يصب في المرتبة الثالثة بوصفه أحد أكثر الأسباب شيوعاً وراء دمج الشركات. كذلك، أفادت الدراسة بأن الشركات العائلية تحدد قيمة عالية لامتلاك الملكية الفكرية، حيث صرّح 63 في المائة من المستطلعة آراؤهم بأن امتلاك الملكية الفكرية كان «بالغ الأهمية» أو «مهم إلى حد ما» لشركاتهم.
في السياق، علّق وليد شنيارة، الشريك المسؤول عن الخدمات الاستشارية للشركات العائلية في «ديلويت الشرق الأوسط»، قائلاً: «يؤكد الاستطلاع أن رواد أعمال الشركات العائلية من الجيل القادم يتكيفون مع النظم البيئية الجديدة للأعمال، ويهدفون إلى استغلالها لتنمية شركاتهم العائلية. لذا على الشركات العائلية في الشرق الأوسط أن تواكب حركة الأسواق المتغيرة باستمرار لتعزيز النمو وتحقيق قيمة مضافة لنشاطاتها وأعمالها».
وأفاد: «ينسجم هذا المبدأ مع منظور كثير من الشركات العائلية التي تركز على العمل ضمن شبكات مترابطة ومستقرة، مما يتباين مع نماذج التفاعل الأكثر سلاسة وتنوعاً وابتكاراً والتي تتّسم بها بيئة الأعمال المعاصرة. كذلك فإنه في النظم البيئية للشركات، لا يضطر المشاركون إلى امتلاك الأصول أو الملكية الفكرية، حيث يمكنهم جني فوائد الأصول دون امتلاكها فعلياً».
وأضاف: «بهدف الاستفادة كاملاً من الفرص التي توفرها بيئة الأعمال المعاصرة، على قادة الشركات العائلية من الجيل القادم التفكير في تبني عقلية مرنة ومنفتحة نحو الخارج تمكنهم من تنويع العلاقات التي يسعون إليها، مما يمثل تحولاً في المواقف التي يدرك كثير من قادة الشركات العائلية أهميته».
واستنتاجا قال شنيارة: «يدرك قادة الشركات العائلية من الجيل القادم الحاجة إلى التغيير، رغم أن البعض قد لا يدرك أهميته. ومن الأفضل لهم أن يعيدوا النظر في فاعلية النهج الذي يتبعونه في إطار بيئة عمل متطورة، دون إهمال تاريخ الأسرة وتقاليدها».



السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
TT

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

يمثل إقرار مجلس الوزراء السعودي «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية» خطوة استراتيجية على طريق تعزيز المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة في البلاد، وتنفيذ مستهدفاتها الوطنية، وتحقيق أمن الطاقة، وضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، ودعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة، وفق ما صرح به مختصون لـ«الشرق الأوسط».

والسعودية من بين أكبر منتجي البتروكيماويات في العالم، وهو القطاع الذي توليه أهمية في إطار عملية التنويع الاقتصادي. من هنا، فإنه يمثل حصة كبيرة من صادراتها غير النفطية. ويبلغ الإنتاج السنوي من البتروكيماويات في السعودية نحو 118 مليون طن.

وكان الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، قال إن «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية يأتي ليحقق عدداً من المستهدفات، في مقدمتها؛ تنظيم العمليات البترولية والبتروكيماوية، بما يسهم في النمو الاقتصادي، ودعم جهود استقطاب الاستثمارات، وزيادة معدلات التوظيف، ورفع مستويات كفاءة استخدام الطاقة، ويُسهم في حماية المستهلكين والمرخص لهم، ويضمن جودة المنتجات، وإيجاد بيئة تنافسية تحقق العائد الاقتصادي العادل للمستثمرين».

زيادة التنافسية

يقول كبير مستشاري وزارة الطاقة السعودية سابقاً، الدكتور محمد سرور الصبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «(نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية) سيلعب دوراً كبيراً في إعادة هيكلة وبناء المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة وأفضل الممارسات الدولية، بما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية في تطوير هذا القطاع الحيوي وتعظيم الاستفادة منه»، مضيفاً أنه «سيزيد من القدرة التنافسية بين شركات البتروكيماويات وسيدعم جهود السعودية لتعزيز أمن الطاقة؛ سواء للاستخدام المحلي ولتصدير بعض المنتجات والنفط الخام إلى الأسواق العالمية».

وأشار الصبان إلى أن النظام الجديد سيساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق السعودية؛ «مما سيعزز معدلات التوظيف، ويرفع كفاءة استخدام الطاقة، ويساعد في ترشيد استهلاك الطاقة ومنتجات البتروكيماويات واقترابها من المعدل الفردي العالمي»، لافتاً إلى أن «تنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية يساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق المستهدفات السعودية في أمن الطاقة».

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

تنظيم العمليات التشغيلية

من جهته، قال محمد حمدي عمر، الرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد» المختصة في تحليل بيانات قطاعات الاستثمارات البديلة، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «يُسهم في تحقيق أهداف متعددة، تشمل رفع كفاءة الأداء في القطاع، وتحقيق المستهدفات الوطنية، وتنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية. كما تكمن أهمية النظام في تلبية احتياجات القطاع عبر تطوير الإطار القانوني بما يواكب أفضل الممارسات العالمية».

وأضاف أن النظام «يمثل نقلة نوعية، ويحل محل نظام التجارة بالمنتجات النفطية السابق، ويهدف إلى تنظيم العمليات التشغيلية، بما في ذلك أنشطة البيع، والشراء، والنقل، والتخزين، والاستيراد، والتصدير، كما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد النفطية والبتروكيماوية، مما يعزز من حماية المستهلكين والمستثمرين، ويدعم توفير بيئة تنافسية عادلة».

وأشار حمدي إلى أن النظام يضمن حماية المستهلكين والمرخص لهم؛ «مما يعزز من ثقة السوق ويضمن جودة المنتجات، بالإضافة إلى دعم استقطاب الاستثمارات من خلال توفير بيئة تنظيمية واضحة وشفافة، تعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، كما يُسهم في تحقيق أمن الطاقة عبر ضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، فضلاً عن دعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة».

ويرى حمدي أن النظام يعكس التزام السعودية بتحقيق أهداف «رؤية 2030»، عبر «تعزيز كفاءة قطاع الطاقة، وتنظيم عملياته، وحماية حقوق المستهلكين والمستثمرين، مما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني»، مشيراً إلى «أننا سنرى تحولاً كبيراً في القطاع بعد العمل بهذا النظام، ودخول استثمارات أجنبية جديدة أكثر مع وضوح الرؤية المستقبلية للاستثمار في هذا القطاع الحيوي».

مواكبة التحولات الكبيرة

أما المحلل الاقتصادي طارق العتيق، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا النظام «خطوة استراتيجية في مواكبة التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاعا الطاقة والبتروكيماويات عالمياً والقطاعات المرتبطة بهما. كما يسهم في دعم الصناعات التحويلية وتعزيز قيمتها وإضافتها إلى الاقتصاد المحلي والمنتج الوطني، بما يخدم مصلحة تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة والتنويع الاقتصادي وتحقيق أهداف (رؤية 2030) في هذا السياق».

وأشار العتيق إلى أن النظام ستكون له مساهمات مهمة في تحفيز وتنمية الصناعات المحلية بقطاع البتروكيماويات، «مثل صناعات البلاستيك والمطاط وقطع الغيار... وغيرها، وفي الاستفادة من الميزة التنافسية التي تمتلكها السعودية في إنتاج المواد الأولية، وأهمية استغلالها في تصنيع منتجات نهائية تلبي الطلب المحلي والإقليمي. كما أنه سيسهم في رفع التنافسية بالقطاع ويزيد مساهمته في خلق الوظائف والتوطين، ونقل المعرفة والخبرات إلى سوق العمل السعودية».