ارتدادات الهزة النقدية التركية تتمدد إلى الأوراق المالية اللبنانية

ارتدادات الهزة النقدية التركية تتمدد إلى الأوراق المالية اللبنانية
TT

ارتدادات الهزة النقدية التركية تتمدد إلى الأوراق المالية اللبنانية

ارتدادات الهزة النقدية التركية تتمدد إلى الأوراق المالية اللبنانية

تمددت تداعيات أزمة الليرة التركية إلى الأسواق المالية اللبنانية، وبرزت آثارها خصوصا على سندات الدين الدولية (يوروبوندز) التي سلكت منحنى تراجعيا مطردا زادت حدته في أول الأسبوع الحالي. كما ظهرت تراجعات مماثلة في مجمل الأوراق المالية المتداولة في بورصة بيروت، والعائدة لشركات تجارية وللبنوك.
وتزامن تلقي أسواق بيروت لارتدادات الهزة النقدية التركية التي بلغت أغلب الأسواق وتوسعت إلى معظم الأسواق الناشئة، مع تجدد التشنجات الداخلية المعرقلة لتشكيل الحكومة الجديدة برئاسة سعد الحريري، فأنتجا معا أجواء ضاغطة وسلبية على أسعار السندات الحكومية، ما أفضى إلى استنفاد كامل نسب الانتعاش الجزئي والنسبي لمستويات التداول في الأسبوعين الأخيرين، بعد ظهور ملامح حلول لاستيعاب عقبات تأليف الحكومة، والوصول قريبا من أدنى المستويات المسجلة في خريف العام الماضي، بضغط من التوترات الداخلية.
وقد انحدرت قيمة بعض شرائح السندات الحكومية بالدولار، وهي سندات دين دولية مسجلة أيضا في سوق لوكسمبورغ، دون حاجز 80 في المائة من القيمة الاسمية الأصلية. وشمل التدني كل الفئات التي تستحق بعد عام 2028، وذات المردود بين 6.5 و7.25 في المائة سنويا.
ووصل التراجع الإجمالي إلى ما بين 21 و23 في المائة من كل دولار واحد لقيمة الإصدار. بينما تراوحت النسبة بين 12 و20 في المائة للفئات الأقصر آجالا والأعلى مردودا. واقتصر بين 1 و4 في المائة للفئات التي تستحق خلال الأعوام الثلاثة المقبلة.
ونتيجة انحدار قيم الأصول، لامس المردود السنوي للسندات اللبنانية مستوى 11 في المائة، مسجلا النقاط الأعلى للشرائح التي تستحق بين 2024 و2030. ولم يمثل ارتفاع هذه العوائد عامل جذب مهماً للمستثمرين الذين يتصيدون فرصاً أكثر إغراء للأرباح السريعة في أسواق الفوركس والمضاربات، حيث تجري تقلبات حادة وسريعة في كثير من الأسواق، بما يشمل العملات والأسهم. فيما تؤثر المصارف المحلية، التي تحمل نحو 50 في المائة من إجمالي السندات الدولية، التوظيف في الشهادات المصدرة من مصرف لبنان، والتي تمنحها تمويلا بالليرة متدني الفوائد (نحو 2 في المائة)، يماثل 125 في المائة من قيمة الإيداع بالدولار. وعلى خط مواز، اقتربت القيمة السوقية الإجمالية للأسهم المسجلة في بورصة بيروت من اختراق عتبة 10 مليارات دولار نزولا، في ظل منحى انحداري شمل التداولات في مطلع الأسبوع. وهبطت أسعار أسهم شركة «سوليدير»، وهي من أكبر الشركات العقارية في لبنان والمنطقة، إلى ما يقل عن 6.7 دولار للسهم الواحد، بينما تبلغ القيمة الاسمية 10 دولارات.
كما شهدت الأوراق المالية العائدة للبنوك اللبنانية من أسهم وإيصالات إيداع عمومية (GDR) وسندات دين مرؤوسة، تراجعات إضافية. ووصلت القيمة الدفترية، بموجب الأسعار المتداولة للأسهم، إلى ما بين 60 و75 في المائة من القيمة الأصلية. علما بأن بعض البنوك تتخذ إجراءات وقائية للحد من تداول أسهمها إلا من خلال صفقات خاصة، ما يخفف تلقائيا من انحدار القيمة الرأسمالية الإجمالية لبورصة بيروت.
وفيما تقفل الأسواق المحلية اليوم الأربعاء لمصادفة يوم عطلة رسمية، وتستعد لعطلة طويلة (3 أيام) الأسبوع المقبل بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك، يربط المتعاملون والناشطون في السوق أي انتعاش جديد بحلحلة جدية في ملف تأليف الحكومة العتيدة. بينما تسود ترقبات تشاؤمية لأداء الأسواق لاحقا، في حال استمرار التشنجات الداخلية، وفي ظل تفاقم الأوضاع المالية للدولة وتعذر الإصلاح المالي المنشود، وإقرار مشروع قانون الموازنة العامة للعام المقبل، والذي وعد وزير المال في الحكومة الحالية علي حسن خليل، بإحالته قريبا إلى الحكومة الجديدة، إلى جانب قطع الحساب والبيانات المالية التفصيلية للسنوات السابقة.
وفي رصد لمنحى الأسواق، أورد تقرير دوري صادر عن مجموعة بنك «عودة»، أنه بحصيلة الأسبوع الماضي تراجعت قيمة التداول الاسمية في بورصة بيروت بنسبة 11 في المائة أسبوعياً، لتبلغ زهاء 3.1 مليون دولار، نتيجة انخفاض أحجام تداول أسهم «سوليدير» بنسبة 42 في المائة أسبوعياً، بينما زادت أحجام تداول الأسهم المصرفية والأسهم التجارية والصناعية بنسبة 17 في المائة و25 في المائة على التوالي.
وقد استحوذت الأسهم المصرفية على زهاء 67.3 في المائة من حجم النشاط، تلتها أسهم «سوليدير» بنسبة 31.4 في المائة، فالأسهم الصناعية بنسبة 1.3 في المائة. وعلى صعيد الأسعار، واصل مؤشر الأسعار منحاه التنازلي، مسجلاً تراجعاً أسبوعياً نسبته 1.1 في المائة ليقفل على 88.67، وهو أقل مستوى له منذ يونيو (حزيران) 2005، نتيجة تراجعات في أسعار أسهم «سوليدير» وبعض الأسهم المصرفية. في التفاصيل، تراجعت أسعار 7 أسهم من أصل 10 أسهم تم تداولها هذا الأسبوع، بينما ارتفعت أسعار سهمين وظل سعر سهم واحد مستقراً. وقد قادت أسهم «بيبلوس العادية» بورصة بيروت نزولاً، حيث سجلت انخفاضا في أسعارها نسبته 4.1 في المائة، لتقفل على 1.42 دولار، تلتها أسهم «بنك بيبلوس التفضيلية فئة 2009» بتراجع في أسعارها نسبته 3.9 في المائة إلى 86 دولارا، فإيصالات إيداع «بنك لبنان والمهجر» بتراجع 2.8 في المائة إلى 9.91 دولار، ومن ثم أسهم «سوليدير أ» بتراجع 2.8 في المائة إلى 7.02 دولار، وأسهم «سوليدير ب» 1.7 في المائة إلى 6.87 دولار، وأسهم «بنك لبنان والمهجر العادية» بنسبة 1.5 في المائة إلى 9.95 دولار.
وشهدت سوق سندات «اليوروبوند» اللبنانية أيضا تراجعات في الأسبوع الماضي، وسط بيوعات في الأسواق الناشئة، إثر ازدياد توتر العلاقات التركية – الأميركية، وهبوط الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، إضافة إلى فرض عقوبات أميركية جديدة على روسيا. وفي هذا السياق، سجل المتعاملون المؤسساتيون الأجانب عمليات بيع صافية لسندات الدين اللبنانية، ولا سيما الطويلة الأجل منها التي تستحق بين عامي 2026 و2037، ما انسحب ارتفاعاً في متوسط المردود المثقل من 8.69 في المائة في الأسبوع السابق إلى 8.81 في المائة هذا الأسبوع. كذلك، اتسع متوسط Bid Z - spread المثقل بمقدار 23 نقطة أساس، من 616 نقطة أساس في الأسبوع السابق إلى 639 نقطة أساس هذا الأسبوع.
وفيما يتعلق بكلفة تأمين الدين، اتسع هامش مقايضة المخاطر الائتمانية لخمس سنوات من 610 - 630 نقطة أساس في الأسبوع السابق، إلى 640 - 660 نقطة أساس.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.