لافروف في أنقرة لإنجاز «تفاهمات» إدلب واللاجئين

العقوبات الأميركية تعزز تقارب روسيا مع تركيا وإيران

لافروف في أنقرة لإنجاز «تفاهمات» إدلب واللاجئين
TT

لافروف في أنقرة لإنجاز «تفاهمات» إدلب واللاجئين

لافروف في أنقرة لإنجاز «تفاهمات» إدلب واللاجئين

يجري وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اليوم محادثات مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، تهدف إلى بلورة موقف مشترك حول سبل تسوية الوضع في إدلب، وسط توقعات وسائل إعلام روسية باقتراب الطرفين من التوصل إلى تفاهمات في هذا الشأن، وإشارات إلى أن العقوبات الأميركية ضد كل من روسيا وتركيا وإيران وفرت دافعا إضافيا لدى الأطراف الثلاثة لتعزيز التعاون. ولم تعلن الخارجية الروسية تفاصيل عن الملفات المطروحة للبحث على طاولة الجانبين، واكتفت الناطقة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا بالإشارة إلى أن التركيز سينصب على «التعاون في سوريا» بالإضافة إلى عدد من الملفات الثنائية؛ أبرزها «الحرب التجارية التي نشبت بين أنقرة وواشنطن». ونقلت وكالة «نوفوستي» الحكومية عن مصدر مطلع أن ملفي «الوضع في إدلب» و«المبادرة الروسية لدفع مسألة إعادة اللاجئين» سيكونان على رأس لائحة الاهتمام خلال المناقشات. بالإضافة إلى التحضير للقمة التي تجمع زعماء تركيا وروسيا وألمانيا وفرنسا في تركيا في 7 سبتمبر (أيلول) المقبل، والتي ينتظر أن تركز على بلورة موقف مشترك حيال آليات تسوية الملف السوري عبر مساعي توسيع «مسار آستانة» وانضمام قوى إقليمية ودولية إليه.
ولم تستبعد أوساط روسية أن تكون موسكو وأنقرة «اقتربتا من التوصل إلى تفاهمات حول آليات تسوية الوضع في إدلب» بشكل يضمن «استكمال عملية الفرز للفصائل السورية المعارضة وعزل القوى المتشددة التي ترفض إلقاء السلاح والانخراط في المصالحات» وفقا لتقرير نشرته صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا».
وكان لافتا أن الصحيفة نقلت عن مصادر روسية أن «سياسة العقوبات الأميركية التي وجهت ضد كل من روسيا وتركيا وإيران لعبت دورا حاسما في سعي الأطراف الثلاثة إلى تعزيز التقارب فيما بينها، مما ينعكس على تطورات الموقف في سوريا وعلى الوضع الإقليمي عموما».
ونشطت موسكو اتصالاتها خلال الأيام الأخيرة مع الطرفين، وأجرى الرئيس فلاديمير بوتين مكالمات هاتفية الأسبوع الماضي مع نظيريه الإيراني حسن روحاني والتركي رجب طيب إردوغان. قبل أن يعقد بوتين وروحاني جلسة محادثات ثنائية على هامش قمة بلدان حوض قزوين التي انعقدت في كازاخستان قبل يومين تركز النقاش خلالها على «جملة من المسائل الملحة وعلى رأسها الوضع في سوريا» وفقا لبيان الكرملين الذي نقل عبارة بوتين خلال اللقاء حول السعي إلى «تعزيز التعاون في ملف قزوين، ولدينا تعاون كبير في تسوية أزمات حادة جدا، بما في ذلك الأزمة السورية».
على صعيد آخر، أعلن في موسكو أن وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، سيزور العاصمة الروسية الأسبوع المقبل لبحث ملف اللاجئين السوريين في لبنان، في إطار المبادرة الروسية لتسهيل عمليات عودة اللاجئين إلى بلادهم. ونقلت وكالة «سبوتنيك» عن مصدر أن «الوزير باسيل سيقوم بزيارة موسكو في 20 أغسطس (آب) الحالي، لبحث هذا الملف مع نظيره الروسي». وينتظر وفقا للمصدر، أن تتمحور المحادثات حول بدء الخطوات العملية لتشكيل مراكز لوجيستية مشتركة مع دول الجوار، ومن بينها لبنان. وكان المبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون التسوية السورية ألكسندر لافرنتييف، قام بزيارة للبنان، على رأس وفد دبلوماسي وعسكري روسي، التقى خلالها كبار المسؤولين اللبنانيين لشرح تفاصيل المبادرة الروسية بشأن عودة اللاجئين السوريين، وسبل التنسيق المشترك مع الدول المعنية بهذا الملف.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية في وقت لاحق أن نحو 900 ألف لاجئ سوري مستعدون للعودة إلى بلادهم «في أقرب وقت» من دون أن توضح الآلية التي تم اعتمادها لتحديد عدد الراغبين بالعودة.
ميدانيا، أعلنت الوزارة الأحد إسقاط طائرتين مسيرتين جديدتين قالت إنهما استهدفتا قاعدة حميميم الروسية قرب اللاذقية. وأفاد بيان عسكري بأن الطائرتين انطلقتا من منطقة خفض التصعيد في إدلب، موضحا أن «الدفاعات الجوية في حميميم رصدت خلال الساعات الـ24 الماضية طائرتين مسيرتين أثناء اقترابهما من القاعدة ودمرتهما عن بعد، من دون وقوع أي خسائر في الأرواح والمعدات». علما بأن قاعدة «حميميم» كانت أعلنت في اليوم السابق إسقاط طائرة مماثلة تم توجيهها من إدلب. وكانت موسكو حذرت الأسبوع الماضي مما وصفته بأنه «ازدياد كبير في حالات توجيه طائرات مسيرة لمهاجمة قاعدة حميميم».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.