«بئر صناعية» تسحب مياه الشرب النظيفة من الهواء

تستمدّ طاقتها من الرياح

«بئر صناعية» تسحب مياه الشرب النظيفة من الهواء
TT

«بئر صناعية» تسحب مياه الشرب النظيفة من الهواء

«بئر صناعية» تسحب مياه الشرب النظيفة من الهواء

يبشر جهاز جديد يعتمد على عملية تكاثف بخار الماء مخصص لجمع المياه النظيفة من الجوّ، بتأمين ما يقارب 11 غالونا (الغالون يساوي 3.785 لتر) من المياه الصالحة للشرب يوميا دون الحاجة إلى مورد طاقة خارجي، أو التسبب بانبعاث غازات الدفيئة، أو أي تأثيرات بيئية مضرّة.

توربين هوائي
والأفضل من ذلك أنّ جهاز «ووتر سير» Water Seer المبتكر لجمع المياه يعمل دون انتهاء صلاحيته، ليمنح أجيالاً من البشر إمكانية الحصول على «السائل الذهبي» في مناطق تعاني من مناخ قاس أو نقص في البنية التحتية يصعّب عليهم الحصول على مياه شرب نظيفة. يستمدّ «ووتر سير» طاقته التشغيلية من توربين هوائي متواضع، ويمكن لهذا الجهاز أن يكون ببساطة الخطوة الأولى نحو حلّ مستدام ومضمون لنقص المياه حول العالم.
يُزرع جهاز «ووتر سير» على عمق 9.6 قدم أو أكثر في الأرض وتتمّ مراكمة التراب حول عنق الجهاز المعدني. يحمل رأس جهاز «ووتر سير» توربينا هوائيا عموديا، يحرّك الشفرات الداخلية للمروحة لسحب الهواء إلى داخل علبة موجودة تحت الأرض. وبفضل تبريد الأرض المحيطة بالجزء (العلبة) الموجود أسفل الأرض من «ووتر سير»، تتراكم المياه في الخزّان لتشكّل ما يشبه البئر الصناعية، يستطيع الناس سحب المياه النظيفة والصالحة للشرب منه على مدار الساعة.
يعود تطوير هذا الجهاز المنخفض الكلفة إلى مختبرات VICI بالشراكة مع جامعة كاليفورنيا، بيركلي، والجمعية الوطنية للسلام، بهدف إيجاد حلّ محتمل لما يقارب 2.3 مليون شخص في هذا الكوكب يعانون من شحّ مستمر في مياه الشرب. يستطيع جهاز واحد من «ووتر سير» أن يجمع المياه العذبة يومياً دون الحاجة إلى مصدر طاقة خارجي، ويمكن لمجموعة من هذه الأجهزة أن تؤمّن مياها تكفي لقرية صغيرة بالكامل. وستعمل الشركة التي لا تهدف إلى الربح على التبرّع بمجموعة من أجهزة «ووتر سير» للأشخاص الذين يحتاجونها والذين يعيشون في البلدان النامية أو ذات المناخ القاسي مقابل بيع الأجهزة في الولايات المتحدة الأميركية.
أطلقت الجهات المطورة لـ«ووتر سير» حملة عبر موقع «إندي غوغو» لجمع مبلغ 77000 دولار لبناء «حقول» من أجهزة جمع المياه حول العالم. وحتى اليوم، جرى اختبار هذا الجهاز كـ«نموذج تجريبي»، بعد استكمال تطوير أحدث إصداراته في أغسطس (آب) 2016، على أن يخضع لاختبارات ميدانية من قبل الجمعية الوطنية للسلام فور إقفال حملة التمويل.



«إعادة التحريج»... عوائد إيجابية للمجتمعات الأفريقية

دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
TT

«إعادة التحريج»... عوائد إيجابية للمجتمعات الأفريقية

دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)

شهدت السنوات الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في الاهتمام بمبادرات «إعادة التحريج» بصفتها استراتيجية فعّالة لمواجهة آثار تغيّر المناخ وتحسين سبل معيشة السكان المحليين.

«إعادة التحريج»

تعني «إعادة التحريج»، وفق الأمم المتحدة، استعادة الأراضي التي كانت مغطاة بالغابات من خلال زراعة أشجار جديدة لتعويض الغطاء الحرجي المفقود، بخلاف التشجير الذي يركّز على زراعة أشجار في مناطق لم تكن غابات أصلاً.

وتهدف هذه العملية إلى معالجة تحديات بيئية كبيرة، مثل: التغير المناخي وتآكل التربة، كما تعزّز التنوع البيولوجي، فضلاً عن فوائدها البيئية، مثل تحسين جودة الهواء. وتُسهم «إعادة التحريج» في خلق فرص عمل وتحسين الأمن الغذائي.

ومن أبرز هذه المبادرات «تحدي بون» (Bonn Challenge)، الذي أُطلق عام 2011 بوصفه حملة عالمية، تهدف إلى إعادة تأهيل 350 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة والغابات بحلول عام 2030.

وتشمل هذه المبادرة أساليب متعددة؛ مثل: الزراعة المكثفة لتكوين غابات جديدة لأغراض بيئية أو إنتاجية، والزراعة المختلطة التي تدمج الأشجار مع المحاصيل، أو تربية الحيوانات لزيادة الإنتاجية، بالإضافة إلى التجدد الطبيعي حيث تترك الطبيعة لاستعادة الغابات ذاتياً دون تدخل بشري.

وفي دراسة أُجريت من قِبل فريق بحث دولي من الدنمارك وكندا والولايات المتحدة، تم تحليل تأثير «إعادة التحريج» في تحسين مستويات المعيشة لدى 18 دولة أفريقية، ونُشرت النتائج في عدد 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، من دورية «Communications Earth & Environment».

واعتمدت الدراسة على بيانات أكثر من 200 ألف أسرة بين عامي 2000 و2015. واستخدم الباحثون أساليب إحصائية دقيقة لتحديد العلاقة الإيجابية بين إعادة التحريج وتحسّن مستويات المعيشة.

واستندوا إلى مؤشرات متنوعة لقياس الفقر تشمل التعليم والصحة ومستويات المعيشة؛ حيث أظهرت النتائج أن زراعة الأشجار أسهمت بشكل مباشر في تحسين الدخل وتوفير فرص عمل، بالإضافة إلى آثار اقتصادية غير مباشرة. كما أظهرت أن مناطق زراعة الأشجار كان لها تأثير أكبر من مناطق استعادة الغابات الطبيعية في تخفيف حدة الفقر.

يقول الباحث الرئيس للدراسة في قسم علوم الأرض وإدارة الموارد الطبيعية بجامعة كوبنهاغن، الدكتور باوي دن برابر، إن الدراسة تطرح ثلاث آليات رئيسة قد تُسهم في تقليص الفقر، نتيجة لتوسع مزارع الأشجار أو استعادة الغابات.

وأضاف، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن الآليات تتمثّل في توفير الدخل من خلال بيع منتجات الغابات، مثل: المطاط أو زيت النخيل، ما يسمح للأسرة بزيادة مواردها المادية. كما أن زراعة الأشجار قد تؤدي إلى خلق فرص عمل للسكان المحليين، في حين يمكن أن تُسهم مناطق التجديد البيئي في تحسين الظروف البيئية، ما يفيد الأسر المحلية من خلال النباتات والحيوانات التي يمكن بيعها وتوفير دخل إضافي للسكان.

ووفقاً لنتائج الدراسة، هناك مؤشرات من بعض البلدان؛ مثل: أوغندا، وبنين، أظهرت زيادة في النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار مقارنة بتلك التي لا تحتوي عليها.

تأثيرات الاستدامة

كما أشارت الدراسة إلى أن برامج التشجير في أفريقيا التي تهدف إلى استعادة أكثر من 120 مليون هكتار من الأراضي عبر مبادرات، مثل: «السور الأخضر العظيم»، و«الأجندة الأفريقية لاستعادة النظم البيئية»، تمثّل جهداً كبيراً لمكافحة الفقر وتدهور البيئة.

وتُسهم نتائج الدراسة، وفق برابر، في النقاش المستمر حول استدامة تأثيرات زراعة الأشجار في التنوع البيولوجي والمجتمعات المحلية، من خلال تسليط الضوء على الفوائد المحتملة لهذه المبادرات عندما يتمّ تنفيذها بشكل مدروس ومتوازن. كما أظهرت أن مبادرات زراعة الأشجار، مثل «تحدي بون»، يمكن أن تؤدي إلى نتائج إيجابية للمجتمعات المحلية، سواء من حيث تحسين مستوى المعيشة أو تعزيز التنوع البيولوجي.

وتوصي الدراسة بأهمية مشاركة المجتمعات المحلية في هذه المبادرات بصفتها شرطاً أساسياً لضمان استدامتها ونجاحها، فالتفاعل المباشر للمجتمعات مع المشروعات البيئية يزيد من تقبلها وفاعليتها، مما يعزّز فرص نجاحها على المدى الطويل.