رقم رسمي يكشف تفوق عدد الإناث على الذكور في سوريا

TT

رقم رسمي يكشف تفوق عدد الإناث على الذكور في سوريا

أظهر أول رقم رسمي صادر عن الحكومة السورية بعد 8 سنوات من الحرب، زيادة عدد الإناث على الذكور بنسبة عالية، وذلك بإعلان رئيس اللجنة القضائية العليا لانتخابات الإدارة المحلية في سوريا سليمان القائد، أنه يحق لـ16349357 مواطناً سورياً الانتخاب واختيار مرشحيهم لمقاعد الإدارة المحلية البالغ عددها 18478 مقعداً، مؤكداً أن «الإناث تجاوزن الذكور، إذ بلغ عددهن 8222701 ناخبة، بينما الذكور 8126156 ناخباً».
وقالت صحيفة الوطن المحلية إن لجنة إعداد السجل الانتخابي أنهت «تحديد من يحق له الانتخاب من عدمه».
وكانت لجان الترشح قبلت نهاية الأسبوع الماضي أكثر من 35 ألف مرشح، مع ازدياد عدد المقاعد المحلية من 17 ألف مقعد عام 2011 عندما شهدت سوريا آخر انتخابات إدارة محلية، ليتجاوز الرقم 18478 مقعداً في الانتخابات المرتقبة في سبتمبر (أيلول) المقبل.
واللافت أن الرقم الإجمالي لمن يحق لهم الانتخاب من السوريين، أي الذين تجاوزوا سن الثامنة عشرة، بلغ 16349357. وبالمقارنة مع أرقام «المكتب المركزي للإحصاء»، الذي قدر عدد السكان الموجودين على الأراضي السورية بـ24.422 مليون نسمة حتى منتصف 2017، منهم 11.941 مليون نسمة من الإناث، و12.481 مليون نسمة من الذكور، يتبين أن عدد الذكور أعلى من عدد الإناث، ما يطعن في مصداقية تلك الأرقام التي تم تقديرها وفق المسار الطبيعي بمعدل النمو العام ويبلغ 2.45 في المائة، دون الإشارة إلى أعداد السوريين الذي قتلوا وهجروا خلال 8 سنوات من الحرب، ودون الإشارة إلى الخراب الذي لحق بدوائر الأحوال المدنية، والذي يحول دون إصدار أرقام دقيقة حول أعداد السكان، حيث تعرضت للتخريب 7 مقرات من أصل 14 مقراً، و152 أمانة سجل من أصل 292، كما فقد 13 ألف سجل من أصل 27 ألفاً.
ويغلب على الأرقام المتداولة إعلامياً «التقدير» لا الإحصاء الدقيق، استناداً إلى أرقام المنظمات الدولية التي تفيد بتجاوز أعداد اللاجئين السوريين في الخارج 5 ملايين نسمة. وهو الرقم الذي بلغ مداه عام 2015 والذي قدر خلاله «المكتب المركزي للإحصاء» في دمشق، عدد سكان سوريا بين 18 - 19 مليون نسمة كحد أقصى، بانخفاض نحو 5 ملايين نسمة عن عام 2010، الذي بلغ فيه عدد السكان المسجلين في سجلات الأحوال المدنية، 23.695 مليون نسمة، وفق مكتب الإحصاء المركزي.
ورغم تضارب الأرقام الرسمية فإن الأرقام التي كشفت عنها اللجنة القضائية العليا للانتخابات بزيادة عدد الإناث، تنسجم مع الملاحظة الأبرز في الشارع السوري والتي هي طغيان حضور الإناث، فعدا عن مئات الآلاف من الذكور الذين قتلوا في المعارك، هاجر مئات الآلاف من الشباب من سن 18 إلى سن 48، هرباً من الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياط، ناهيك بالملاحقين والمطلوبين للأجهزة الأمنية، بالإضافة إلى تثبيت دائرة الأحوال المدنية 32 ألف حالة وفاة خلال العام الحالي و68 ألفاً في العام الماضي. غالبيتهم من الذكور دون تحديد أسباب الوفاة.
يشار إلى أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان كانت قد وثقت وجود أكثر من 118 ألف معتقل سوري بالأسماء؛ 88 في المائة منهم موجودون في معتقلات النظام السوري، لكن التقديرات تشير إلى أن العدد يفوق 215 ألف معتقل. كما وثقت الشبكة مقتل أكثر من 13 ألف شخص تحت التعذيب في سوريا، 99 في المائة منهم أيضاً على يد النظام الذي أفصح في الأشهر الأخيرة، عن موت نحو 7 آلاف معتقل في سجونه، ضمن قوائم تم تسليمها لدوائر الأحوال المدنية.



تطورات المنطقة وأوضاع الداخل تعزز خلافات الأجنحة الحوثية

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

تطورات المنطقة وأوضاع الداخل تعزز خلافات الأجنحة الحوثية

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

تسببت مخاوف الجماعة الحوثية من ملاقاة مصير «حزب الله» اللبناني أو نظام بشار الأسد في سوريا، في تصاعد حدة الخلافات والتنافس داخلها، وبروز انقسامات جديدة حول مستقبلها، في ظل تقليص النفوذ الإيراني، وبروز رغبة غربية في إخراج طهران من المنطقة.

وتسببت تطورات الأحداث التي تشهدها المنطقة، مع ممارسات الجماعة داخلياً، وتنافس أجنحتها على النفوذ والثروات، إلى جانب تصعيدها في البحر الأحمر وهجماتها على إسرائيل، والردود العسكرية الأميركية البريطانية والإسرائيلية؛ في إثارة مخاوفها من احتمالية نشوء توجه دولي يتوافق مع رغبة محلية وإقليمية لإنهاء انقلابها في اليمن.

وذكرت مصادر محلية مطلعة في العاصمة المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن انقسامات كبيرة ظهرت في أوساط الجماعة الحوثية خلال الأشهر الماضية، مع صعود مطالب بإحداث تغييرات فعلية في هيكلها القيادي، والاستجابة لدعوات وجهود السلام، والتصالح مع مختلف الأطراف داخلياً وخارجياً، لتجنيبها مصير «حزب الله» اللبناني، أو نظام بشار الأسد في سوريا.

منذ أكثر من عام بدأت الجماعة الحوثية هجماتها في البحر الأحمر وتصعيدها ضد إسرائيل (أ.ف.ب)

وبيَّنت المصادر أن ما زاد الانقسام في أوساط الجماعة لجوء قادتها إلى التوقف عن استخدام أجهزة الاتصالات والأجهزة الإلكترونية، بسبب مخاوفهم من أن تُستخدم في التجسس عليهم أو اغتيالهم، كما جرى لآلاف من عناصر «حزب الله» اللبناني في سبتمبر (أيلول) الماضي، إلى جانب نزوح غالبيتهم من منازلهم إلى منازل مستأجرة، واتباع وسائل تخفٍّ متعددة.

وبالإضافة إلى ذلك، توقفت غالبية القيادات الحوثية عن حضور الاجتماعات واللقاءات الاعتيادية، ولجأت إلى وسائل معقدة للتواصل فيما بينها.

وتسببت هذه الإجراءات الاحترازية في انقطاع التواصل بين مختلف القيادات، وعدم معرفة غالبيتها بما يجري التخطيط له للتعاطي مع مختلف التطورات الداخلية والخارجية، واتخاذ قرارات وتنفيذ إجراءات دون تنسيق.

جداريات في صنعاء للقيادي الحوثي مهدي المشاط وحسن نصر الله وقاسم سليماني (إ.ب.أ)

وحسب المصادر، فإن الانقسامات الأخيرة التي تشهدها الجماعة، مردُّها إلى خلافات كبيرة بشأن التعاطي مع التطورات الأخيرة في المنطقة؛ حيث ترى بعض القيادات ضرورة تقديم تنازلات للأطراف المحلية والإقليمية والدولية، لتجنب مصير «حزب الله» ونظام بشار الأسد، بينما فريق آخر يصر على استمرار التصعيد، وعدم الرضوخ لأي ضغوط عسكرية كانت أو سياسية.

مخاوف وإصرار

وضعت الشخصيات التي تطالب بتقديم التنازلات كثيراً من المعطيات الميدانية والسياسية التي تعدُّها مؤشرات إلى احتمالية خسارة المواجهات التي تخوضها الجماعة، ومن ذلك الخسائر الكبيرة في العتاد والمعدات التقنية الحديثة والنوعية، مثل مواقع الصواريخ والطائرات المُسيَّرة والرادارات، نتيجة الضربات الأميركية البريطانية، وفق توضيح المصادر.

وإضافة إلى ذلك، فإن الضربات الإسرائيلية تسببت في خسائر اقتصادية كبيرة؛ خصوصاً في قطاع الطاقة الذي استهدفه الطيران الإسرائيلي، خلال هجماته الثلاث على المنشآت التي تسيطر عليها الجماعة.

الأوضاع الإنسانية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية تزداد سوءاً بسبب تصعيدها العسكري خارج البلاد (إ.ب.أ)

وترى هذه الشخصيات أن المواجهة مع الغرب وإسرائيل لم يعد لها داعٍ، وأنها تأتي بالضرر أكثر مما تحقق من مكاسب؛ خصوصاً بعد اضطرار «حزب الله» إلى الدخول في اتفاقية تهدئة مع إسرائيل، وسقوط نظام الأسد في سوريا، ما يجعل الجماعة شبه وحيدة في المعركة، ويسهل هزيمتها مع تراجع الغطاء الإيراني.

وحذَّر هذا الجناح من أن الضربات الغربية والإسرائيلية، إلى جانب العقوبات الاقتصادية المفروضة على عدد من الشخصيات، تسببت خلال الأشهر الأخيرة في أزمات معيشية بدأت معالمها أخيراً بحدوث نقص في الوقود والسلع الغذائية، ولم يجرِ التركيز عليها إعلامياً؛ لأنها لم تشكِّل فرقاً كبيراً عن الوضع السائد قبلها.

وفي مقابل هذا الرأي، يصرُّ جناح آخر على استمرار المواجهة مع الغرب وإسرائيل، باعتبار ذلك أحد أسباب قوة الجماعة وحصولها على التأييد الشعبي محلياً وإقليمياً، وحتى على مستوى العالم، لكون هذه المواجهة تأتي رداً على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

قادة حوثيون في محافظة الحديدة يتحدثون عن تأثير الضربات الإسرائيلية الأخيرة على المنشآت (إعلام حوثي)

ويذهب هذا الجناح -الذي وصفته المصادر بالعقائدي- إلى أن الضربات الجوية لن تضرَّ الجماعة ما دامت تُحكم سيطرتها ونفوذها على الأرض، وأن الخسائر في العتاد والمنشآت لا تكفي لهزيمتها، وهي خسائر يمكن تعويضها من خلال الموارد المحلية والدعم الخارجي.

كما يتوقع هذا الجناح أن الضربات الغربية والإسرائيلية ستخفف الأعباء، في مواجهة المطالب الشعبية بتحسين الأوضاع المعيشية، وصرف رواتب الموظفين العموميين وتوفير الخدمات، وسيسهل استغلالها في مواجهة الحكومة الشرعية التي دأبت الجماعة على وصفها بالعميلة للغرب وإسرائيل.

العودة إلى العقائديين

وفي منظور الجناح العقائدي؛ فإن الحكومة الشرعية ليست مستعدة في الوقت الحالي للعودة إلى المواجهات العسكرية، ولن تحصل على ضوء أخضر للعودة إلى المعارك ما دام المجتمع الدولي يأمل في إمكانية نجاح جهود السلام، إلى جانب أن الغرب يخشى من حدوث فوضى تتسبب في مزيد من المخاطر على طرق الملاحة الدولية.

القيادي الحوثي قاسم الحمران في زيارة معرض قتلى الجماعة الحوثية في صنعاء (إعلام حوثي)

ووصلت الصراعات بين أجنحة الجماعة الحوثية إلى المطالبة بالإطاحة بالقيادي مهدي المشاط، رئيس ما يُعرف بـ«المجلس السياسي الأعلى» (مجلس الحكم الانقلابي) حسب مصادر صحافية يمنية، وتعيين القيادي المقرب من زعيم الجماعة قاسم الحمران بدلاً عنه.

وتشير المعلومات التي جرى الكشف عنها إلى أن قيادة الجماعة تسعى إلى إعادة تماسك هيئاتها القيادية، بما فيها «المجلس السياسي» الذي أدى صراع الأجنحة إلى إضعافه، بتولي شخصيات فضَّلت مصالحها الشخصية ومساعيها للإثراء على مصالح الجماعة، وتسببت في غضب شعبي عليها.

وكانت الجماعة الحوثية قد شكَّلت في أغسطس (آب) الماضي حكومة جديدة، غير معترف بها، أطلقت عليها اسم «حكومة التغيير والبناء»، وكشفت «الشرق الأوسط» حينها عن تعيين قيادات عقائدية لتسيير أعمال هذه الحكومة، من خلال مناصب ثانوية فيها، في حين يمارس رئيسها وغالبية أعضائها مهام شكلية.