إسرائيل تهدد «حماس» بأقسى الضربات إذا خرقت الهدنة

الجيش واليمين يطالبان نتنياهو بشن حرب في غزة

شبان يرشقون الجنود الإسرائيليين بالحجارة في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
شبان يرشقون الجنود الإسرائيليين بالحجارة في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تهدد «حماس» بأقسى الضربات إذا خرقت الهدنة

شبان يرشقون الجنود الإسرائيليين بالحجارة في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
شبان يرشقون الجنود الإسرائيليين بالحجارة في الضفة الغربية (إ.ب.أ)

في وقت يسود تذمر واسع في إسرائيل، وخصوصا لدى سكان البلدات المحيطة بقطاع غزة، من نتائج الضربات العسكرية في الأيام الماضية، وتتزايد الشكوى من أن «حماس» باتت تتحكم في حياتهم، خرج عدد من وزراء ونواب اليمين المتطرف الشريك في الحكم، يتنصلون من المسؤولية عن قرارات رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه أفيغدور ليبرمان، ويطالبونهما باتخاذ قرار بمواصلة القصف للقطاع وتصفية قادة حركة «حماس».
وإزاء الأجواء الهجومية، سارع نتنياهو إلى الإعلان عن إصداره أوامر إلى الجيش ليوجه أقسى ضربات إلى «حماس» في حال أي خرق للهدوء القائم. وفي الوقت الذي أعلنت فيه حركة «حماس»، أنه تم التوصل إلى وقف إطلاق نار، بوساطة مبعوث الأمم المتحدة نيكولاي ملادينوف والمخابرات المصرية، نفى الجيش الإسرائيلي أن يكون قد توصل إلى أي اتفاق وقال الناطق باسمه: «نحن لا نتحدث عن وقف إطلاق نار وإنما عن كتم إطلاق نار وفق المعادلة المعروفة بيننا: الهدوء سيقابل بالهدوء». وأضاف الناطق أن الامتحان لهذه المعادلة سيكون من خلال الأنشطة الفلسطينية عند السياج.
وهاجم وزير الزراعة، أوري أرئيل (وهو من حزب المستوطنين - البيت اليهودي)، قرار وقف النار وطالب الحكومة بتصفية قادة «حماس». وانتقد رئيس حزب «البيت اليهودي»، وزير المعارف نفتالي بنيت، هو أيضا وقف النار واعتبره «يبث رسالة ضعف للفلسطينيين والعالم» وقال إن «المطلوب الآن ليس تصفية قادة حماس لخدمة محمود عباس (أبو مازن)، بل تركيع حماس لكي تبقى حاكمة ولكن ضعيفة». وخرج النائب بتسلئيل سموطريتش بمشروع لإعادة احتلال قطاع غزة وتصفية قادة حماس وإعادة الاستيطان اليهودي إلى قطاع غزة و«تشجيع الفلسطينيين في القطاع إلى الرحيل إلى الدول العربية». وانتقد عدد من نواب الليكود الحاكم أيضا قرار وقف النار، ولكن ليس بشكل علني.
غير أن الانتقادات الشديدة وردت من القيادات المحلية في البلدات المحيطة بقطاع غزة، التي عاش سكانها خلال اليومين الأخيرين في الملاجئ والغرف الآمنة وتعرضت لقصف شديد من نحو 200 صاروخ وقذيفة من غزة. فقال رئيس بلدية سديروت ألون ديفيدي، إنه يدرك الرغبة بالتوصل إلى وقف إطلاق نار، إلا أنه اعتبر أن «هذا الأمر سيلحق ضررا بدولة إسرائيل. وبرأيي أن وقف إطلاق نار هو خطأ. وعلينا أن نشن عملية عسكرية نجتث فيها هذا الإرهاب. والحرب المتقطعة ليست صحية لنا ولا لدولة إسرائيل».
وقال رئيس المجلس الإقليمي «سدوت نيغف» تمير عيدان، إنه «إذا كان يدور الحديث فعلا عن وقف إطلاق نار، ولا يوجد تأكيد رسمي على ذلك بعد، فإن الحديث برأيي يدور عن خطأ خطير نوافق في إطاره على نموذج جديد بموجبه تتحكم حماس بالنيران وتقرر متى يتم وقفها، وبالتالي تقرر لنا شمل معيشتنا. كنا نتوقع عملية عسكرية شديدة وقاسية ضد حماس كي توقف الإرهاب بكافة أشكاله فورا وتسمح لسكان غلاف غزة بالعودة إلى حياة طبيعية».
ووصف ممثلون عن سكان بلدة «ناتيف هعسراه» أداء حكومة نتنياهو بأنه «استهزاء بالسكان». وقال رئيس مجلس البلدة معيان سنيئور، إن «هذا مخزٍ بكل بساطة. يبدو المكان هذا الصباح كأنه قرية أشباح. لقد هربت معظم العائلات بسبب تصريحات غير مسؤولة، وبقي المزارعون فقط الذين لا يمكنهم المغادرة، وقيل لهم إنه إذا لم يعملوا فسيتحملون المسؤولية».
وكان الجيش الإسرائيلي قد أبلغ البلدات في محيط غزة بالعودة إلى ممارسة حياتهم بشكل طبيعي. وقررت قيادة الجبهة الداخلية إنهاء حالة الطوارئ. وبدأ الجيش يسحب جزءا من حشوده البرية.
لكن جميع المحللين السياسيين والعسكريين انتقدوا موقف الحكومة مؤكدين أن تصرف نتنياهو وليبرمان، يدل على أنه ليس لديهما استراتيجية واضحة تجاه قطاع غزة. وكشف المحلل السياسي في صحيفة «معريب»، بن كسبيت، أمس، أنه خلال اجتماع المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، مساء الخميس، طالب ليبرمان بشن عملية عسكرية واسعة في القطاع، بينما عارض نتنياهو والجيش ذلك. ووفقا لكسبيت، فإن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، ومسؤولين آخرين استعرضوا في الكابينيت عدة إمكانيات إلى جانب أثمان تنفيذ كل واحدة منها، وأنه «كان بالإمكان الفهم من استعراضها أن جولة قتال واسعة لن تحسن وضع إسرائيل بشكل جوهري، لأنه لا بديل لحماس في هذه المرحلة».
وأضاف كسبيت أن معظم وزراء الكابينيت انضموا إلى موقف نتنياهو، بينما وجد ليبرمان نفسه معزولا. ولكن قصف الطيران الحربي الإسرائيلي لمبنى «المسحال» في غزة وتدميره، كان تلميحا من إسرائيل إلى حماس بما سيحدث في حال استمرار القتال واتساعه.
إلى ذلك، ذكرت مصادر سياسية أن امتناع نتنياهو عن تنفيذ عملية كبيرة ضد حماس يعود إلى تحرك أميركي من وراء الكواليس، يقوده جاريد كوشنير، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ومبعوث ترمب الخاص، جيسون غرينبلات. وينطوي هذا التحرك، وفقا لكبير محرري صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية ناحوم بارنياع، على خطة بخصوص القطاع. ولكنه أضاف أن هذه الخطة لم تكتمل بعد وحسب نتنياهو فإنها لن تقدم أي فائدة، مثلما هو حال خطة «صفقة القرن» التي تحاول إدارة ترمب دفعها، وذلك بسبب انحياز الخطتين إلى جانب إسرائيل. وبحسب بارنياع، فإن خطة كوشنير وغرينبلات تقضي برفع الحصار تدريجيا عن القطاع، وأن تدير الحياة المدنية في القطاع هيئة دولية، وأن تحافظ «حماس» على مكانتها.
الشريك الغائب
ويضيف بارنياع: «ينقص شريك واحد في هذه الخطة هو أبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس). فهو ليس موجودا، ويقول الأميركيون: قررنا ألا ننتظره». ويتابع: «ترمب ليس ضالعا في شؤون غزة على الأرجح، لكن مبعوثيه يتمسكون بتوجهه الأساسي، والمهم التوصل إلى صفقة. ونتنياهو لا يريد الوقوف بين البيت الأبيض والصفقة المرجوة. وهو لا يقول لا».
وحسب هذا المصدر، فإن الكابينيت ناقش ما هو معروف في هذه الخطة، لكن رئيس الشاباك (جهاز المخابرات العامة)، نداف أرغمان، قال للوزراء أن يتريثوا، لأن «تسوية في غزة من دون السلطة الفلسطينية ستبقي أبو مازن في الخلف، ولن يكون لديه ما يمكن أن يخسره. وسيقولون في الضفة الغربية إن حماس فقط ليست المشكلة، وإنما هي الحل. فهي تحصل من إسرائيل وأميركا ومصر ما ليس بمقدور أبو مازن أن ينجزه. ومن شأن تسوية مع حماس في غزة أن تولّد فوضى في الضفة». وحذر من أن عددا من قادة فتح، مثل جبريل الرجوب وغيره، باشروا تشكيل كتائب خاصة، لمواجهة مثل هذه المرحلة.

إسرائيليون غير راضين
وأظهرت نتائج استطلاع إسرائيلي للرأي العام نشرته صحيفة «معريب»، أمس الجمعة، أن نحو ثلثي الإسرائيليين أبدوا عدم رضاهم عن أداء رئيس حكومتهم بنيامين نتنياهو، في مواجهة حركة «حماس» خلال التصعيد الميداني الأخير مع قطاع غزة.
وبيّن الاستطلاع الذي أجراه معهد «بانل بوليتيكس» الإسرائيلي، أن 64 في المائة من المستطلعة آراؤهم، أعربوا عن عدم رضاهم عن أداء نتنياهو، وفي المقابل، فإن 29 في المائة فقط أبدوا رضاهم، فيما قال 7 في المائة إنهم لم يشكلوا وجهة نظر بهذا الشأن. وأوضح الاستطلاع أن الإسرائيليين ينقسمون حول أداء حكومتهم؛ إذ أيد 48 في المائة من المستطلعين عملية عسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة، فيما عبّر 41 في المائة عن معارضتهم الإقدام على عملية مماثلة، في حين قال 11 في المائة إنهم لم يشكلوا وجهة نظر بهذا الشأن.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.