أميركا وبريطانيا والنرويج تشكك في جدية اتفاق سلام جنوب السودان

الخرطوم تستضيف المرحلة الثالثة من المفاوضات بعد تنازل كينيا

TT

أميركا وبريطانيا والنرويج تشكك في جدية اتفاق سلام جنوب السودان

عبّرت الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج عن قلقها أمس (الجمعة)، بشأن اتفاق السلام المبرم بين الطرفين المتحاربين في جنوب السودان، الذي وقّع في الخرطوم الأحد الماضي، وقضى بتشكيل حكومة تقاسم سلطة، وقالت، إن هذه الترتيبات غير واقعية أو مستدامة.
وقالت الدول الثلاث في بيان مشترك «في ظل حالات الفشل السابقة... سيحتاج قادة جنوب السودان إلى التصرف بشكل مختلف، والالتزام بالسلام والحكم الرشيد». وشككت الدول في كيفية توفير الأمن خلال المرحلة الانتقالية في العاصمة جوبا «ومدى فاعلية الرقابة على السلطة التنفيذية». كما شددت الدول الثلاث على ضرورة خفض العنف، وحثت القادة على ضمان وصول المساعدات الإنسانية لمستحقيها بشكل كامل.
من جهة ثانية، أعلن وزير الدولة في الخارجية السوداني محمد عبد الله عيسى، موافقة كينيا على إرسال خبراء للمشاركة في جولة جديدة للمفاوضات بين فرقاء جنوب السودان في الخرطوم، بعد موافقتها على التنازل عن استضافة الجولة القادمة لصالح الخرطوم. وسيشارك خبراء كينيون في الجولة الثالثة التي سوف تستأنف الأسبوع المقبل.
وقال عيسى للمركز السوداني للخدمات الصحافية المقرب للحكومة، إن «قادة دول (إيغاد) وهي هيئة أفريقية تقود الوساطة، اتفقوا أن تشارك كينيا في الجولة القادمة بفريق الخبراء للمساعدة في تسهيل عملية تحقيق السلام في جنوب السودان».
إلى ذلك، انتقدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في بيان لها اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، الرئيس سلفا كير ميارديت لمنحه عفواً عن زعيم المعارضة الرئيسية الدكتور ريك مشار، متهمة مجموعة مشار بارتكاب انتهاكات جسيمة، خلال الحرب الأهلية التي استمرت لخمس سنوات. وأضاف البيان: «لقادة جنوب السودان تاريخ في تقديم عفو شامل بحكم الواقع على المعارضين كجزء من صفقات السلام حتى قبل استقلال البلاد في عام 2011». وأوضحت المنظمة، أن غياب العدالة أدى إلى تعميق الانقسامات الاجتماعية والعرقية في البلاد وزاد من حدة العنف والانتهاكات.
وكانت المنظمة قد دعت في وقت سابق الوسطاء وزعماء جنوب السودان إلى ضمان الا تشمل اتفاقات السلام على أي عفو عن الجرائم الخطيرة، وقالت إن العفو عن الفظائع لا يتعارض فقط مع الالتزامات الدولية لجنوب السودان، لكن التجربة تظهر أنه ليس من السبل لبناء سلام دائم، وأضافت أن «قادة جنوب السودان يجب ألا يقوّضوا جهودهم لوضع حد للنزاع مع العفو عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية».
وعلى الرغم من الأحكام الواردة في اتفاق السلام الصادر في أغسطس (آب) 2015، التي تنص على وجود محكمة مختلطة لمحاكمة الجرائم الدولية، فإن هيئة حقوق الإنسان تقول، إن حكومة جنوب السودان الانتقالية لم تحرز تقدماً حقيقياً نحو إقامة المحكمة. وأضافت، إنه لم يتم بعد التوقيع على مذكرة تفاهم بشأن المحكمة مع الاتحاد الأفريقي، ولم يتم بعد اعتماد التشريعات المحلية. وبموجب هذا الاتفاق تتمتع مفوضية الاتحاد الأفريقي بسلطة إنشاء المحكمة المختلطة مع أو من دون مشاركة حكومة جنوب السودان.
وشددت منظمة «هيومن رايتس ووتش» على ضرورة ان يشرع ااتحاد الأفريقي في إنشاء المحكمة بمفرده، ما لم يتم توقيع مذكرة التفاهم على الفور.



الأردن يضع «الإخوان» تحت طائلة الحل والحظر

TT

الأردن يضع «الإخوان» تحت طائلة الحل والحظر

عناصر من قوات الأمن الأردنية تقف أمام مقر للحركة الإسلامية في عمّان يوم الأربعاء (رويترز)
عناصر من قوات الأمن الأردنية تقف أمام مقر للحركة الإسلامية في عمّان يوم الأربعاء (رويترز)

بعد ثمانين عاماً من الاحتواء ثم الصدام، وضعت السلطات الأردنية جماعة «الإخوان المسلمين» تحت طائلة الحل والحظر، وباتت «غير مشروعة».

وأعلن وزير الداخلية الأردني، مازن الفراية، خلال مؤتمر صحافي، الأربعاء، في عمّان، حظر جميع نشاطات «الإخوان»، مشدداً على «اعتبار أي نشاط مرتبط بها عملاً مخالفاً لأحكام القانون».

ولم تعلق «الإخوان» على القرار بأي وسيلة، لكن ذراعها السياسية «حزب جبهة العمل الإسلامي» الممثل في البرلمان بعشرات النواب، قال مساء الأربعاء، إنه «مستمر في أداء دوره الوطني كحزب سياسي أردني مستقل استقلالية تامة عن أي جهة أخرى».

وشدد وزير الداخلية الأردني على أن «الانتساب إلى (الإخوان) بات أمراً محظوراً، كما يُحظر الترويج لأفكارها»، وأكد أنه تقرر «إغلاق أي مكاتب أو مقار تستخدم من قبل (الإخوان) في أنحاء المملكة كافة، حتى ولو كانت بالتشارك مع جهات أخرى».

وحذر الفراية، من التعاطي مع «الإخوان»، وقال إنه تقرر «منع القوى السياسية ووسائل الإعلام ومستخدمي مواقع التواصل والجمعيات من النشر لكل ما يتعلق بالإخوان»، منوهاً بـ«تسريع عمل (لجنة الحل) المكلفة بمصادرة ممتلكات الجماعة المنقولة أو غير المنقولة».

واتهمت أجهزة أمنية أردنية، الأسبوع الماضي، 16 شخصاً بالمشاركة في القضية المعروفة إعلامياً باسم «خلايا الفوضى»، وقالت إن «المخططات شملت قضايا تتمثل في: تصنيع صواريخ بأدوات محلية، وحيازة مواد متفجرة وأسلحة نارية، وإخفاء صاروخ مُجهز للاستخدام، ومشروع لتصنيع طائرات مسيَّرة، بالإضافة إلى تجنيد وتدريب عناصر داخل المملكة وإخضاعها للتدريب بالخارج».

وطالبت حركة «حماس» يوم الثلاثاء، بالإفراج عن المتهمين في القضية، وعدّت أن «أعمالهم جاءت بدافع النصرة لفلسطين... دون أن تستهدف بأي حال من الأحوال أمن الأردن».

وقال وزير الداخلية الأردني، إنه «ثبت قيام عناصر بما تسمى جماعة (الإخوان المسلمين) المنحلة حكماً بموجب القرارات القضائية القطعية بالعمل في الظلام، والقيام بنشاطات من شأنها زعزعة الاستقرار والعبث بالأمن والوحدة الوطنية والإخلال بمنظومة الأمن والنظام العام».

فصل الحزب عن الجماعة

والقرار الأردني بشأن «الإخوان» التي تأسست في المملكة عام 1945، جاء تفعيلاً لحكم قضائي بحلها يعود إلى عام 2020؛ لكن الجهات الحكومية كانت تتفاداه ضمن سياسة وصفتها مصادر أردنية بـ«الاحتواء»، مشيرة إلى أن الجماعة لم تقابل ذلك بـ«مسؤولية».

وحصل حزب «جبهة العمل الإسلامي» الذراع السياسية لـ«الإخوان» على 31 مقعداً من أصل 138 مقعداً في البرلمان الأردني، وذلك في الانتخابات التي أجريت في سبتمبر (أيلول) الماضي.

جانب من إحدى جلسات مجلس النواب الأردني (الموقع الرسمي للمجلس)

وقالت مصادر سياسية أردنية لـ«الشرق الأوسط» إن «مراكز القرار الرسمية ما تزال تعمل على الفصل بين مساري الجماعة المحظورة، وذراعها السياسية ممثلة في (جبهة العمل الإسلامي) المرخصة وفق أحكام قانون الأحزاب».

لكن المصادر أشارت إلى أن «هذا الفصل الرسمي بين المسارين يعتمد على ما سيتكشف خلال جلسات المحكمة بشأن قضية (خلايا الفوضى) المتوقع أن تبدأ الأسبوع المقبل».

ولم تخف المصادر توقعات بأن «الفصل بين مسار الجماعة المحظورة والحزب، قد يصطدم بتصعيد محتمل للحزب في الشارع وعلى منصاته للتواصل الاجتماعي»، عادّةً أن حدوث ذلك «قد يضطر صناع القرار للمضي بتطبيق نصوص تُفضي إلى حل الحزب، وكسر احتكار الجماعة والحزب لتمثيل الحركة الإسلامية في البلاد».

بدوره، قال الأمين العام لـ«جبهة العمل الإسلامي»، المهندس وائل السقا، إن «الحزب مستمر في أداء دوره الوطني كحزب سياسي أردني مستقل استقلالية تامة عن أي جهة أخرى»، مشدداً على أن عملهم يأتي «وفق الدستور والقانون الأردني والأنظمة ذات العلاقة، وأن الحزب ليست له علاقة تنظيمية بأي جهة أخرى، ويثق بالقضاء».

مداهمات للمقرات

ونفذت قوات أمنية عمليات تفتيش لمقرات «الإخوان» ضمن إجراءات لوضع اليد عليها، في العاصمة عمّان وعدد من المحافظات التي تنتشر فيها مكاتب الجماعة.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن الفرق الأمنية فتشت مقرات حزب «جبهة العمل الإسلامي»، وقالت المصادر إن الخطوة تستهدف «التأكد من عدم وجود معلومات أو وثائق للجماعة تم الاحتفاظ بها في مقرات الحزب».

وشدد وزير الداخلية خلال إعلان قرار الحظر على أنه «سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة بحق أي شخص أو جهة يثبت تورطها بأعمال إجرامية مرتبطة بهذه القضايا (خلايا الفوضى) أو الجماعة المنحلة، وذلك في ضوء ما ستسفر عنه تحقيقات المحكمة بالقضايا المنظورة أمامها».

وبحسب الوزير، فإن «الإخوان» في ليلة الإعلان نفسها عن المخططات الأسبوع الماضي حاولت «تهريب وإتلاف كميات كبيرة من الوثائق من مقارها لإخفاء نشاطاتها وارتباطاتها المشبوهة».

وأشار الفراية إلى أن هذه القرارات التي اتخذت جاءت انطلاقاً من حرص الدولة الأكيد على سلامة مجتمعنا وتحصينه من الأعمال التي تعكر صفو الأمن والنظام وتشوه الممارسات السياسية الفضلى، وللمحافظة على أمنه واستقراره.

نقابة المعلمين

وتحدثت المصادر الأردنية عن أن «الخطوات التي أُعلنت بحظر الإخوان، ربما يعقبها المزيد من التصعيد، وعلى الأخص في ملف نقابة المعلمين الأردنيين».

واستمرت العلاقة المضطربة بين الإخوان والحكومات خلال سنوات الربيع الأردني (2010 - 2013)، إذ مارست الحركة أشكالاً من «الاستقواء» بحسب وصف مصادر رسمية لـ«الشرق الأوسط» خلال «أزمة المطالبة بعودة نقابة المعلمين للعمل بعد القرار القاضي بتعليق عملها عام 2020».

وسيطرت الجماعة والحزب على قيادة «نقابة المعلمين الأردنيين» لعدد من الدورات؛ إلا أن قراراً قضائياً آخر صدر في يوليو (تموز) من عام 2020، قضى بـ«تجميد عمل نقابة المعلمين، وإغلاق مقراتها كافة لمدة عامين». كما أُصدرت مذكرات استدعاء شملت النقيب وأعضاء المجلس، على خلفية قضايا منظورة لدى القضاء.

لكن وضع النقابة ظل معلقاً رغم انتهاء مدة التجميد. وتجنباً لاستحقاق مواجهة قضايا ذات اتصال بالرأي العام، غضّت الحكومتان السابقتان؛ عمر الرزاز (2018 - 2020) وبشر الخصاونة (2020 - 2024) النظر عن تطبيق الحكم.

وأعقب ذلك انفجار صدمة نتائج الانتخابات البرلمانية في سبتمبر من العام الماضي، إذ حصلت الجماعة والحزب على نحو 460 ألف صوت على مستوى مقاعد الدائرة المخصصة للأحزاب من إجمالي المقترعين الذي بلغ عددهم نحو (1.6) مليون، من أصل نحو 5 ملايين ناخب يحق لهم المشاركة في الانتخابات.