كولومبيا تعترف بدولة فلسطين... والحكومة الجديدة تعيد النظر

القرار اتّخذه الرئيس المنتهية ولايته خوان مانويل سانتوس

الرئيس الكولومبي المنتهية ولايته خوان مانويل سانتوس ووزيرة الخارجية السابقة ماريا انخيلا هولغين (إ. ب. أ)
الرئيس الكولومبي المنتهية ولايته خوان مانويل سانتوس ووزيرة الخارجية السابقة ماريا انخيلا هولغين (إ. ب. أ)
TT

كولومبيا تعترف بدولة فلسطين... والحكومة الجديدة تعيد النظر

الرئيس الكولومبي المنتهية ولايته خوان مانويل سانتوس ووزيرة الخارجية السابقة ماريا انخيلا هولغين (إ. ب. أ)
الرئيس الكولومبي المنتهية ولايته خوان مانويل سانتوس ووزيرة الخارجية السابقة ماريا انخيلا هولغين (إ. ب. أ)

اعترفت الحكومة الكولومبية بفلسطين "دولة حرة مستقلة وذات سيادة"، وفقا لرسالة رسمية نشرتها وزارة الخارجية أمس (الأربعاء) في بوغوتا.
وجاء في الرسالة التي وقعتها وزيرة الخارجية في الحكومة السابقة ماريا انخيلا هولغين بتاريخ 3 أغسطس (آب): "أود إبلاغكم باسم حكومة كولومبيا أن الرئيس خوان مانويل سانتوس - المنتهية ولايته - قرر الاعتراف بفلسطين دولة حرة مستقلة وذات سيادة". وأضافت: "مثلما يحق للشعب الفلسطيني إقامة دولة مستقلة، فإن إسرائيل لديها حق للعيش في سلام جنبا إلى جنب مع جيرانها".
غير أن وزير الخارجية الجديد كارلوس هولمس تروخيللو قال إنه سيراجع الأثر المترتب على قرار الحكومة السابقة تماشيا مع القانون الدولي والممارسة الدبلوماسية الحسنة. وأضاف أن "هذه الحكومة تعطي الأولوية للحفاظ على علاقات تعاون مع حلفائها وأصدقائها وللمساهمة في السلام والأمن الدوليين". ولم يستبعد أن "تظهر تجاوزات في ما يتعلق بالطريقة التي اتخذ بها هذا القرار من جانب الرئيس المنتهية ولايته".
وجاءت الخطوة الجديدة اثر تولّي الرئيس المحافظ إيفان دوكي منصبه الثلاثاء رئيسا لكولومبيا خلفا لخوان مانويل سانتوس.
ورحب وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي بالاعتراف الذي وصفه بأنه "إنجاز دبلوماسي مميز يضاف إلى الإنجازات الدبلوماسية العديدة التي حققتها الدبلوماسية الفلسطينية". وأضاف أن القرار يأتي "بعد جهد مكثف قامت به وزارة خارجية دولة فلسطين".
يذكر أنه قبل الإعلان كانت كولومبيا الدولة الوحيدة في أميركا الجنوبية التي لا تعترف بدولة فلسطين.
وفي رد فعل على القرار، قالت السفارة الإسرائيلية في بوغوتا إنها شعرت بالدهشة وخيبة الأمل. وجاء في بيان نشرته عبر حسابها على "تويتر": "نطالب الحكومة الكولومبية بإبطال القرار الذي اتخذته الإدارة السابقة في أيامها الأخيرة والذي يتنافى مع الروابط الوثيقة والتعاون المكثف في مجالات حيوية ومع مصالح البلدين".
وكانت كولومبيا قد امتنعت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي عن التصويت على مشروع قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة يدعو الولايات المتحدة إلى سحب اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل.
في أي حال، يرفع الاعتراف الكولومبي بالدولة الفلسطينية عدد الدول المعترفة الأعضاء في الأمم المتحدة إلى 137.
يذكر أن استقلال دولة فلسطين أُعلن يوم 15 نوفمبر (تشرين الثاني) 1988 في الجزائر خلال دورة استثنائية للمجلس الوطني الفلسطيني. وبحلول نهاية العام 1988 كانت أكثر من 80 دولة قد اعترفت بالدولة الفلسطينية.
واستندت خطوة المجلس الوطني إلى القرار 181 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر 1947 والذي نص على إنهاء الانتداب البريطاني وتقسيم فلسطين إلى دولتين. يضاف إلى ذلك القرار الأممي الرقم 3236 الصادر عن الجمعية العامة في 22 نوفمبر 1974 والذي يعترف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وفي الاستقلال والسيادة الوطنيين.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.