منزل العالم الأثري الإنجليزي سومرز كلارك ضمن الآثار الإسلامية والقبطية في مصر

عمره 112 عاماً وبُني من الحجر والطوب

منزل العالم الأثري الإنجليزي سومرز كلارك ضمن الآثار الإسلامية والقبطية في مصر
TT

منزل العالم الأثري الإنجليزي سومرز كلارك ضمن الآثار الإسلامية والقبطية في مصر

منزل العالم الأثري الإنجليزي سومرز كلارك ضمن الآثار الإسلامية والقبطية في مصر

بعد 112 عاماً من تشييده في جنوب مصر، أصدر الدكتور خالد العناني وزير الآثار المصري، قراراً بتسجيل منزل العالم الأثري الإنجليزي سومرز كلارك في قرية النصراب مركز إدفو جنوب مدينة الكاب الأثرية بمحافظة أسوان ضمن الآثار الإسلامية والقبطية. وقد نشرت الجريدة الرسمية في مصر، هذا القرار يوم أمس.
شيد المنزل في عام 1906 على تل صخري مرتفع تحيط به الزراعات ومنازل أهل القرية من الجهة الشمالية والشرقية، ويحده من الجهة الغربية نهر النيل.
بعد وفاته، دفن كلارك بجوار منزله في عام 1926، بعدما ذاعت شهرته في بريطانيا بسبب تشييده وترميمه للكنائس، وعمل معماريا أيضاً في بناء كنيسة القديس بول. ويعتبر كلارك رائد حركة الفنون والمهن في ذلك الوقت. كما عمل في مؤسسة سير جلبرت سكوت الشهيرة، وأجرى حفائر بدير القديس أرميا بسقارة في الجيزة، ورمم كثيراً من المعابد المصرية، كما أقر التصميم الخاص بكنيسة القديس مرقص في أسوان الذي أشرف على تشييدها ما بين عام 1899 و1902 على موقع شمال شرقي فندق كتراكت السياحي الشهير.
استخدمت في بناء منزل كلارك الذي يقع على ضفة نهر النيل، مواد بناء بيئية متوفرة، مثل الحجر الجيري والطوب اللبن. وقالت مصادر أثرية في أسوان، إن العالم الإنجليزي استعمل المعمار الحجر الجيري المحلي، وهو عبارة عن الطوب اللبن بالأساسات والجدران والقباب والسلالم والحجرات الداخلية والممرات، ومادة الطمي النيلي المخلوط بالقش (التبن)، وقام بتسوية جدران البيت من الداخل والخارج بمادة «الحيبة» المخلوطة من الطمي والطفلة والرمل. لافتة إلى أن جميع أرضيات المنزل من البلاط الإسمنتي القديم (واسمه السنجابي)، والأسقف من القباب المتنوعة سواء «الكروية، أو البصلية، أو الضحلة، أو الأقبية البرميلية». ويؤكد خبراء أثريون، أن كلارك تأثر بوضوح بالمناهج التقليدية في البناء التي رأى أنها مناسبة أكثر للبيئة من الأساليب المستوردة، فعندما بنى بيته المصري اختار أن يبنيه من الطوب اللبن، متبعاً في ذلك بعض الخطط النموذجية في بناء الأديرة القبطية التي تأثر بها لاحقاً حسن فتحي. ويعتبر هذا البيت المثل الوحيد المتبقي لعمل كلارك في مصر، بعد هدم بيت آخر مشابه له وكان يُستخدم كمركز فندق جزيرة آمون، وكنيسة القديس مرقص الإنجيلية بأسوان.
ذكرت المصادر الأثرية أن «المنزل يحتوي على مدخلين رئيسيين، ويقع أحدهما في الواجهة الشمالية يتقدمه بائكة محمولة على الأكتاف تعلوها قباب ضحلة، والمدخل الآخر في الواجهة الجنوبية وهو مخصص للحراسة والخدم».
يشار إلى أن المدخل الرئيسي للمنزل يضم سلما صنع من أحجار صخرية محلية وهو متعرج طبقاً لطبيعة التل الصخري، وعلى جانبيه جدران تعلوها أكتاف من الحجر والطوب اللبن يتراوح ارتفاعها حتى ثلاثة أمتار... أما الواجهة الخلفية في المنزل فيظهر بها فتحات ذات عقود مدببة تُطل أيضاً على نهر النيل وهي الفتحات الخاصة بالشرفات الجنوبية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».