بارزاني: سياسات المالكي الديكتاتورية أدت إلى تقسيم العراق وسيطرة داعش على ثلث أراضيه

الوزراء الكرد يعلنون انسحابهم من الحكومة الاتحادية احتجاجا على تصريحات رئيسها

رجال شرطة عراقيون في موقع تفجير وسط كركوك أمس (إ.ب.أ)
رجال شرطة عراقيون في موقع تفجير وسط كركوك أمس (إ.ب.أ)
TT

بارزاني: سياسات المالكي الديكتاتورية أدت إلى تقسيم العراق وسيطرة داعش على ثلث أراضيه

رجال شرطة عراقيون في موقع تفجير وسط كركوك أمس (إ.ب.أ)
رجال شرطة عراقيون في موقع تفجير وسط كركوك أمس (إ.ب.أ)

وفي أول تصريح له بعد الاتهامات التي وجهها المالكي لإقليم كردستان، قال مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق خلال لقائه قناصل الدول الأجنبية وممثليها في الإقليم أمس، إن «أربيل كانت دوما ملاذا آمنا للمواطنين والنازحين الذين يفرون من بطش الديكتاتورية، والآن هناك نحو مليون ومائتي ألف شخص قد نزحوا إلى إقليم كردستان، وبدل أن يقوم (نوري المالكي) بواجبه بوصفه رئيس الوزراء ويشكر الإقليم ويتحدث عن كيفية مساعدة اللاجئين والنازحين، يأتي ويكيل التهم هكذا ضد الإقليم».
وأضاف بارزاني: «أدت السياسات الخاطئة للمالكي إلى أن تسيطر الآن داعش على ثلث الأراضي العراقية، وسلمت لها معدات وتجهيزات ست فرق عسكرية بأكملها وتم إضعاف الأطراف والشخصيات المعتدلة من السنة والشيعة».
وحول تهمة تقسيم العراق، أشار بارزاني إلى أن خرق الدستور والسياسات الديكتاتورية والاستبداد وإقصاء المكونات هي ما قسم العراق وليست كردستان، وأن الدستور العراقي ينص وبكل وضوح على أن الالتزام بهذا الدستور يحفظ وحدة الأراضي العراقية، وأن هناك عشرات الأمثلة على خرق الدستور من قبل السلطة في بغداد.
وعن موقف إقليم كردستان حيال الأوضاع الجديدة، أوضح بارزاني أنه «خلال السنوات العشر الماضية قمنا بتجربة كل الطرق من أجل أن نستطيع العيش مع العراق، ولكن السياسات والإدارة الخاطئة حالت دون نجاحنا».
وكشف بارزاني عن أن كردستان بعد أزمة الموصل ستعمل على مسارين، الأول: أن تساعد الإخوة السنة والشيعة على معالجة مشاكلهم ونجاح العملية السياسية، والثاني: الاستمرار في العمل من أجل تطبيق حق تقرير المصير للشعب الكردستاني. وأكد أن برلمان الإقليم مستمر في الإعداد لمستلزمات الاستفتاء، مشددا بالقول: «إننا لن نتراجع عن هذا القرار وإن الشعب الكردستاني ليس بحاجة لطلب الإذن من أحد ليقرر مصيره».
وبالنسبة للمناطق المتنازع عليها أشار رئيس الإقليم إلى «أن قوات البيشمركة قد تمركزت في تلك المناطق من أجل حمايتها من تهديدات الإرهابيين ولن ينسحبوا منها»، موضحا أن «مرحلة واحدة بقيت لتحديد مصير هذه المناطق وهي مرحلة الاستفتاء، ونحن نحترم إرادة سكان تلك المناطق ورغبتهم، ونحاول أن نجعل من كركوك أنموذجا للتعايش القومي والديني».
وكان الوزراء الأكراد في الحكومة الاتحادية قد أعلنوا أمس عن انسحابهم من اجتماعات مجلس الوزراء العراقي، احتجاجا على الاتهامات التي وجهها المالكي لإقليم كردستان بإيوائها للإرهابيين، وأكدوا أنهم لن يحضروا الجلسات المقبلة لمجلس الوزراء، فيما بيَّن مؤيد الطيب المتحدث السابق لكتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن قرار الانسحاب جاء بعد تشاور الوزراء الكرد مع القيادة السياسية في كردستان.
وذكر الوزراء الكرد في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أمس، أن قرارهم هذا جاء احتجاجا على تصريحات المالكي واتهاماته لحكومة الإقليم بإيوائها الإرهابيين في أربيل عاصمة الإقليم، واصفين تصريحات المالكي بالمعادية للوحدة الوطنية للشعب العراقي.
وتابع البيان: «نعلن عن احتجاجنا ورفضنا للتصريحات الاستفزازية والمواقف الفردية للسيد رئيس الوزراء المعادية لوحدة الشعب العراقي، وعلى الأخص الإخوة النضالية العربية الكردية والتحالف الذي شيد على أساسه بنيان العملية السياسية الديمقراطية في العراق، التي تصب في باب التهديد والوعيد، ودق إسفين العداء بين مكونات شعب العراق، وكيل الاتهامات الباطلة تجاه إقليم كردستان وقواه الوطنية، في حين كان من الأولى احترام الدماء الزكية التي تسفك يوميا دفاعا عن الديمقراطية والحرية والعراق على حدود كردستان في القتال ضد الإرهاب واحترام الشهداء من البيشمركة الأبطال وتقدير مشاعر عوائلهم».
وشدد البيان على أن تصريحات المالكي وممارساته وسيلة لإخفاء الفشل الأمني الكبير الذي شهدته البلاد، مشيرا إلى أنها لا تخدم إلا أعداء الشعب العراقي والمتربصين به من إرهابيين وما شابه، وبعكس الطريق الصحيح الداعي إلى الأخوة ووحدة النضال ورأب الصدع، والعودة إلى الطريق الصواب.
بدوره قال مؤيد الطيب المتحدث السابق باسم كتلة التحالف الكردستاني في مجلس النواب العراقي في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «عدم حضور الوزراء الكرد جلسة مجلس الوزراء العراقي خطوة صحيحة، إن ما صدر عن رئيس الوزراء نوري المالكي يعني غلق كل الأبواب أمام التفاوض أو أي تسوية أخرى كان من الممكن أن تجرى، فهو كلام غير جائز من شخص رئيس الوزراء، وخاصة أنه ينوي أن يرشح نفسه للولاية الثالثة». وأضاف أن هذا الموقف من قبل الوزراء الكرد جاء بعد المشاورة مع القيادة السياسية الكردية، وتوصل الجميع إلى الإعلان عن هذا الموقف. وتابع الطيب: «إن تصريحات المالكي تسبب قطيعة بين إقليم كردستان بكل أطرافه السياسية مع بغداد. في السابق كانت لنا انتقادات لهذه الحكومة لأننا لم نكن شركاء حقيقيين فيها، لأن كتلة دولة القانون وشخص رئيس الوزراء كان المسؤول عن كل شيء فيها.. الأمر الذي أدى إلى أن يكون هناك استياء من السنة والأكراد».
وشدد الطيب على أن الأكراد لم يتوقعوا وصول العلاقة مع بغداد إلى هذا الحد، وأضاف قائلا: «لم تتهم أي حكومة من الحكومات العراقية السابقة حتى التي كنا نتقاتل معها الكرد بالإرهاب، نستطيع القول إن المالكي هو أول شخص يوجه هذه التهمة للكرد وكردستان، وما قاله المالكي غير مقبول».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم