العبادي يحيل ملفات فساد لوزراء سابقين ومديرين عامين إلى «النزاهة»

TT

العبادي يحيل ملفات فساد لوزراء سابقين ومديرين عامين إلى «النزاهة»

صادق رئيس مجلس الوزراء العراقي حيدر العبادي، على إحالة عدد من ملفات لوزراء سابقين ومسؤولين كبار إلى هيئة النزاهة بتهم الفساد، وذكر مكتب رئاسة الوزراء الإعلامي في بيان مقتضب أمس، أن المصادقة أتت على «خلفية فساد في عقود مدارس متلكئة في عدة محافظات».
ويأتي قرار العبادي في غمرة الاحتجاجات والاعتصامات الشعبية المتواصلة منذ 4 أسابيع للمطالبة بالخدمات ومحاربة الفاسدين. وفيما لم يشر بيان مكتب العبادي إلى أعداد أو أسماء الوزراء والمسؤولين المحالة أوراقهم، ذكر المقرب من رئيس الوزراء إحسان الشمري أن عددهم يبلغ 15 شخصا، بينهم «3 وزراء سابقين، و12 مديرا عاما، إضافة إلى مصرف أهلي واحد». ولم يذكر الشمري أسماء الوزراء الثلاثة المحالين، لكن تسريبات صحافية محلية أشارت إلى أسماء وزراء، التربية (السابق) محمد تميم والإسكان محمد الدراجي والصناعة محمد ناصر الكربولي.
ويشتكي العراق منذ عام 2003، من عمليات فساد واسعة النطاق قامت بها أحزاب وشخصيات سياسية وحكومية، تسببت بتراجع كبير في مستوى الخدمات وإعادة الأعمار، ما دفع المنظمات الدولية المعنية بشؤون الشفافية ومحاربة الفساد إلى وضعه على لائحة الدول الأكثر فسادا في العالم.
التحرك الأخير لرئيس الوزراء العبادي حيال الفاسدين، أثار ردود فعل متباينة تراوحت بين الترحيب والتشكيك في جدوى الإجراء، وهناك من شكك في صلاحية رئيس الوزراء بإحالة ملفات الفساد إلى النزاهة، خاصة أن الإحالة تتعلق بملف المدارس المتلكئة، وهو ملف يعود إلى فترة الولاية الثانية لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي (2010 - 2014)، حيث قامت وزارة التربية بهدم عشرات المدارس الابتدائية والثانوية على أمل إعادة بنائها بالاشتراك مع وزارتي الصناعة والإسكان، لكن ذلك لم يحدث، ما دفع التربية إلى دمج أكثر من مدرستين أو ثلاثة في بناية واحدة.
وفي هذا الإطار، يقول مصدر قريب من هيئة النزاهة، إن إجراء العبادي اليوم «يشبه وضع حلاوة في قدر مثقوب» ويشرح ذلك لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «ليس من حق العبادي إحالة ملفات فساد إلى النزاهة، إنما من حقه تقديم وثائق مثلما يقدّم الآخرون، وما قام به يهدف إلى كسب الرأي العام لامتصاص النقمة الشعبية».
وعن آليات عمل هيئة النزاهة وطريقة تسلمها ملفات الفساد يؤكد المصدر أن «الهيئة تفتح دعاوى بملفات فساد تردها من جهات عدة، كالأشخاص العاديين والوزارات والمفتشين العموميين والمنظمات الحكومية وغيرها، وأحيانا تستقبل المعلومات عبر الإيميل الإلكتروني أو الاتصال عبر الهاتف النقال، ورئيس الوزراء لا يستثنى من هذه القاعدة، وبإمكانه أن يقدم أدلته المتعلقة بالفساد ويترك الأمر لتحقيق هيئة النزاهة وليست له صلاحية الإحالة». لكن المصدر لا يستبعد قيام العبادي بـ«تشكيل لجنة خاصة للتحقيق بعيدا عن هيئة النزاهة، ثم قام بالمصادقة، كما ورد في البيان، على عملها وأحال الملف إلى هيئة النزاهة التي من صلاحياتها النظر في ملفات هكذا».
بدوره، علق المتحدث الرسمي باسم تحالف الفتح، أحمد الأسدي، على قرار العبادي بالقول: «يفترض من رئيس الوزراء، حيدر العبادي، تحديد أسماء الوزراء السابقين المحالين إلى النزاهة، لأن عدم ذكر الاسم يعني أن الشبهة تطال جميع الوزراء». وذكر في تصريحات: «لا نستطيع التعليق على صحة الإجراء من عدمه قبل معرفة الأسماء والدواعي التي أدت بإحالتهم إلى النزاهة».
وفي سياق آخر يتعلق بملف مكافحة الفساد، أعلنت دائرة التحقيقات في هيئة النزاهة، أمس، عن إصدار محكمة الجنايات المختصة بقضايا النزاهة في بغداد حكما غيابيا بالسجن على 3 من منتسبي وزارة الصحة؛ لإحداثهم ضررا عمديا بلغت قيمته قرابة 13 مليار دينارٍ بأموال الجهة التي كانوا يعملون بها.
وذكرت الدائرة في بيان، أن «المدانين الهاربين الذين كانوا يعملون في دائرة صحة محافظة صلاح الدين، قاموا باستغلال وظيفتهم والاستيلاء على نحو 13 مليار دينارٍ، كانت مخصصة لشراء الأدوية لدائرة صحة المحافظة»، مشيرة إلى أن «المدانين اشتركوا مع متهمين آخرين بتأييد عمليات شراء وهمية للأدوية، واستولوا على كامل المبالغ المُخصَّصة لها من خلال عملهم في لجان الفحص والاعتدال».
وذكر بيان النزاهة أن «قرار الحكم، تضمـن إصدار أمر قبض بحقِّ المحكومين، وإجراء التفتيش الأصولي بحقـهم، مع تأييد حجز أموالهم المنقولة وغير المنقولة، فضلا عن الاحتفاظ للجهة المتضررة (دائرة صحـة صلاح الدين) بحق طلب التعويض أمام المحاكم المدنية بعد اكتساب قرار الحكم الدرجة القطعية».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.