سريان قانون أوروبي لحماية الشركات في إيران من العقوبات الأميركية

لندن تدعم الخطوة... والاتحاد الأوروبي يعدّ التجارة مع طهران أمراً حاسماً للاتفاق النووي

TT

سريان قانون أوروبي لحماية الشركات في إيران من العقوبات الأميركية

أعلنت المفوضية الأوروبية في بروكسل، أمس، بدء سريان إجراءات الحماية والدعم من الاتحاد الأوروبي للتخفيف من تأثير العقوبات الأميركية على مصالح الشركات الأوروبية التي تقوم بأعمال تجارية في إيران، بالتزامن مع تطبيق الحزمة الأولى من العقوبات الأميركية على إيران.
وقال بيان أوروبي صدر ببروكسل إن الإجراءات الأوروبية جزء من دعم الاتحاد الأوروبي للتنفيذ الكامل للاتفاق النووي مع إيران وخطة العمل المشتركة والشاملة، بما في ذلك الحفاظ على العلاقات التجارية والاقتصادية بين الاتحاد وإيران، والتي تم تطبيعها بعد رفع العقوبات المتعلقة بالملف النووي الإيراني نتيجة التوصل إلى خطة العمل الشاملة.
يأتي ذلك بعد يوم من بيان للاتحاد الأوروبي عن أسفه لإعادة فرض العقوبات على إيران من قبل الولايات المتحدة الأميركية، بعد انسحاب الأخيرة من خطة العمل الشاملة، معربا عن توجه الاتحاد للعمل من أجل حماية الشركات الأوروبية التي تستثمر في إيران، وفقاً للقوانين الأوروبية... «ومن هنا، سيبدأ سريان النظام الأساسي لقانون الحظر الأوروبي بدءا من يوم 7 أغسطس (آب)» الحالي.
وحسب تقارير إعلامية في بروكسل، يهدف قانون الحظر الأوروبي إلى تطويق العقوبات الأميركية والسماح للشركات الأوروبية بالاستمرار بعقد صفقات مع إيران.
وكانت مجموعة الدول الست الكبرى (الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي وقعت عام 2015 اتفاقا مع إيران يضع أنشطة الأخيرة النووية تحت المراقبة الدولية المكثفة، مقابل رفع العقوبات عنها وإعادتها للمسرح الدولي.
وقالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني إن الاتحاد الأوروبي «يشجع الشركات على زيادة أعمالها التجارية مع إيران، حيث إن هذا البلد يمتثل لالتزاماته النووية».
وصرحت موغيريني للصحافيين خلال رحلتها إلى ولينغتون في نيوزيلندا، أمس، بأن «الأمر متروك للأوروبيين ليقرروا من يريدون التجارة معهم»، وتابعت: «نبذل قصارى جهدنا لإبقاء إيران في الاتفاق لكي تستفيد من المنافع الاقتصادية التي يجلبها الاتفاق، لأننا نعتقد أن هذا يخدم المصالح الأمنية ليس لمنطقتنا فحسب، بل في العالم أيضاً» وفق ما نقلت عنها وكالة «أسوشييتد برس».
وقالت موغيريني في مؤتمر صحافي إلى جانب وزير الخارجية النيوزيلندي وينستون بيترز، إن «الاتحاد الأوروبي ونيوزيلندا ارتأيا ضرورة الحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران، على الرغم من الانسحاب الأميركي»، وإنها ناقشت بالتفصيل «كيف ستبقى مفتوحة القنوات التجارية والمالية مع إيران».
وقالت موغيريني: «إننا نشجع الشركات الصغيرة والمتوسطة على وجه الخصوص على زيادة الأعمال التجارية مع إيران وفي إطارها كجزء من شيء (بالنسبة لنا) يمثل أولوية أمنية»، وأشارت إلى أن التجارة جزء لا يتجزأ من الصفقة النووية، لافتة إلى أن التجارة بين إيران والاتحاد الأوروبي «جانب أساسي من الحق الإيراني في الحصول على ميزة اقتصادية مقابل ما قاموا به حتى الآن، وهو ما يتماشى مع جميع التزاماتهم النووية».
في سياق متصل، قال وزير دولة بوزارة الخارجية البريطانية أمس إنه يمكن حماية الشركات الأوروبية من العقوبات الأميركية الجديدة على إيران، بعد انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الاتفاق العالمي الذي يهدف للحيلولة دون امتلاك طهران القدرة على تصنيع أسلحة نووية.
وقال أليستير بيرت، وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط، لراديو هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): «إذا كانت الشركة تخشى أي تحرك قانوني ضدها وتنفيذ أي قرار بحقها من كيان ما استجابة للعقوبات الأميركية، فإن هذه الشركة يمكن أن تحظى بالحماية من خلال تشريع الاتحاد الأوروبي»، مضيفا: «بالنسبة للشركات، قرار مواصلة العمل في إيران هو قرار تجاري» حسبما أوردت «رويترز».
بدورها، عبرت روسيا عن «خيبة أملها الشديدة» إثر إعادة فرض العقوبات الأميركية على إيران، مؤكدة أنها ستقوم «بكل ما يلزم» لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني الذي تسعى واشنطن، بحسب قولها، إلى «نسف» تطبيقه.
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية نقلا عن وزارة الخارجية الروسية: «نشعر بخيبة أمل شديدة إثر قرار الولايات المتحدة إعادة العمل بعقوباتها الوطنية على إيران» مؤكدة أن موسكو «ستقوم بكل ما يلزم» لحماية الاتفاق النووي وعلاقاتها الاقتصادية مع إيران.
كما أدانت دمشق إعادة فرض الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على حليفتها طهران دخلت حيز التنفيذ أمس وعدّت أنها «غير مشروعة»، وفق ما نقل الإعلام الرسمي عن مصدر في وزارة الخارجية.
وقال المصدر، بحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا): «سوريا تدين بشدة قرار الإدارة الأميركية بإعادة فرض عقوبات اقتصادية على إيران»، مضيفاً: «هذه الإجراءات أحادية الجانب غير المشروعة بموجب القانون الدولي جاءت لتؤكد نزعة الهيمنة والغطرسة لسياسات الإدارة الأميركية بعد أن فقدت مصداقيتها أمام العالم أجمع بانسحابها من الاتفاق النووي مع إيران».



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».