كيف علَّق نشطاء مواقع التواصل على اعتزال الحضري اللعب دولياً؟

الحارس الدولي المصري عصام الحضري (إ.ب.أ)
الحارس الدولي المصري عصام الحضري (إ.ب.أ)
TT

كيف علَّق نشطاء مواقع التواصل على اعتزال الحضري اللعب دولياً؟

الحارس الدولي المصري عصام الحضري (إ.ب.أ)
الحارس الدولي المصري عصام الحضري (إ.ب.أ)

أثار خبر إعلان الحارس الدولي المصري المخضرم عصام الحضري (45 عاما)، اعتزاله اللعب دوليا مع منتخب بلاده، ضجة وردود أفعال حزينة على موقعي التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر».
وتصدر هاشتاغ «#عصام_الحضري» موقع «تويتر» في مصر، وعبر نشطاء «تويتر» و«فيسبوك» عن صدمتهم وحزنهم الشديد تجاه ذلك الخبر، ووصف بعض النشطاء الحضري بأنه «من أفضل وأقوى الحراس في العالم»، في حين وصفه آخرون بأنه «أسطورة لن تتكرر».
بالإضافة إلى ذلك، وجه بعض النشطاء شكرهم للحارس المخضرم، حيث كتب أحدهم: «شكرا عصام الحضري، أسعدت ملايين المصريين»، وغرد آخر: «أسعدتنا في كل وقت وأمتعتنا في كل لحظة، استمتع بحياتك وشكرا علي كل لحظه أسعدتنا فيها». بينما علق آخر على خبر الاعتزال بقوله: «الحضري هو اللاعب الوحيد الذي يحق له القول إن (السن مجرّد رقم)... حارب على حلمه حتى حققه ولعب في المحفل الكروي الأكبر... العارضة التي لطالما رقص عليها متغنياً ببطولاته ستفتقده... ونحن أيضاً. شكراً عصام الحضري».
ومن ناحيته، علق اللاعب المصري محمد صلاح، نجم منتخب مصر وليفربول، على الخبر على حسابه الخاص على «تويتر» قائلا: «أسطورة جديدة تغادرنا من جيل ذهبي عظيم... كل التوفيق للأسطورة الحضري في مستقبله».
وكان الحضري، الذي أصبح أكبر لاعب سنا في تاريخ كأس العالم، قد أعلن اعتزاله اللعب دوليا مع منتخب بلاده، في بيان رسمي أمس (الاثنين).
وقال حارس مرمى الإسماعيلي: «لكل بداية نهاية، هذه سنة الحياة، والآن بعد تفكير طويل واستخارة الله (عز وجل)، قررت اعتزال اللعب الدولي».
وأضاف الحضري: «اليوم، بعد 22 سنة و4 أشهر و12 يوما، على مباراتي الأولى بقميص المنتخب الوطني المصري، رأيت أنها اللحظة الأنسب لتعليق قفازاتي، بعدما وفقني الله لتحقيق كل ما حلمت بتحقيقه مع منتخبنا الحبيب، لإسعاد شعبنا المصري العظيم».
وتابع الحارس المصري في بيانه: «الآن حانت اللحظة التي لم أكن أنتظر قدومها طوال سنوات كفاحي وتحملي أصعب الظروف وأقوى التدريبات ليلاً ونهاراً، كي أكون عند حُسن ظنكم بي، وأظل الأجدر بحراسة مرمى المنتخب لأجيال متعاقبة».
ومن جهته، أبدى الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» حزنه على اعتزال الحضري، وكتب على صفحته الرسمية بموقع «فيسبوك» قائلاً: «الحارس الأسطوري للمنتخب المصري. وأكبر لاعب سناً يشارك في نهائيات كأس العالم، عصام الحضري، أعلن اعتزاله اللعب الدولي. تمنياتنا بكل النجاح ومزيد من الإنجازات لـ(السد العالي) في مسيرته المقبلة... وشكراً على كل ما قدمته لكرة القدم».
وكان الحضري قد شارك في صفوف منتخب مصر في مونديال روسيا 2018؛ حيث بات بعد خوضه المباراة الأخيرة لفريقه في دور المجموعات ضد السعودية وبعمر 45 عاما و161 يوما، أكبر لاعب سنا في تاريخ كأس العالم، ماحيا الرقم القياسي المسجل باسم الحارس الكولومبي فريد موندراغون، الذي شارك في مونديال البرازيل 2014 عن عمر 43 عاما وثلاثة أيام، وذلك في المباراة ضد اليابان في الجولة الثالثة من الدور الأول.
ودافع الحضري، الذي يلقب باسم «السد العالي» عن ألوان منتخب مصر 159 مباراة دولية، وساهم في قيادة منتخب بلاده إلى إحراز بطولة أمم أفريقيا 4 مرات في أعوام 1998 و2006 و2008 و2010. والفوز بالميدالية الذهبية في دورة الألعاب العربية عام 2007.
وبدأ الحضري، المولود في محافظة دمياط في 15 يناير (كانون الثاني) عام 1973، مسيرته مع نادي دمياط في الدرجة الثانية. وصعد إلى الدرجة الأولى حتى 1996 موعد بدايته مع المنتخب. وقّع مع الأهلي، ولعب مع دمياط لموسم أخير كي يكتسب الخبرة، ثم سطع نجمه في القاهرة.
أحرز ثمانية ألقاب في الدوري المصري، وأربعة في الكأس والكأس السوبر، وثلاثة ألقاب في دوري أبطال أفريقيا. وخاض تجربة في 2008 مع نادي سيون السويسري، قبل العودة في العام التالي إلى الإسماعيلي. تنقل بعد ذلك بين أندية مصرية ونادي المريخ السوداني، وعاد في صيف 2015 إلى وادي دجلة المصري، بعد تجربة أولى معه في العام السابق.
دافع عن ألوان نادي التعاون السعودي عام 2017، قبل أن ينضم إلى الإسماعيلي في مطلع يوليو (تموز) الماضي.



سيلين حيدر... أيقونة منتخب لبنان التي دفعت ضريبة الحرب

TT

سيلين حيدر... أيقونة منتخب لبنان التي دفعت ضريبة الحرب

الفتاة الطموح كانت تقترب من أن تمثل لبنان في منتخبه الوطني وتخوض أولى مبارياتها (أ.ف.ب)
الفتاة الطموح كانت تقترب من أن تمثل لبنان في منتخبه الوطني وتخوض أولى مبارياتها (أ.ف.ب)

سيلين حيدر، لاعبة منتخب لبنان للشابات وقائدة فريق أكاديمية بيروت، قصة رياضية شابة خطفتها أقدار الحرب من ملاعبها إلى سرير المستشفى. في لحظة واحدة، تحوَّل حلم اللاعبة التي تعشق الحياة وتعيش من أجل كرة القدم إلى صراع مرير مع إصابة خطيرة في الرأس، نتيجة قصف إسرائيلي استهدف منطقة الشياح، مكان إقامتها.

سيلين ليست فقط لاعبة موهوبة، هي ابنة الوطن الذي دفعها لتحمل مسؤوليات أكبر من عمرها، وهي مَن رفعت راية لبنان في بطولات غرب آسيا، وحملت معها طموحات جيل يؤمن بأن الرياضة أداة تغيير، لا ضحية للظروف. أصابتها شظايا الحديد التي اخترقت سلام بيتها، لكن صوت والدتها، سناء شحرور، لا يزال يردد: «ابنتي بطلة، ستعود لتقف وتكمل حلمها».

 

والدة سيلين حيدر تمنى نفسها بسلامة ابنتها (الشرق الأوسط)

 

وسط الألم، تقف عائلتها وزملاؤها ومدربوها كتفاً بكتف، يعزفون لحن الأمل. من كلمات صديقاتها عن شخصيتها الحنونة وضحكتها التي لم تفارق وجهها، إلى حملات الدعم التي نظمها زملاؤها في الفريق، الكل يترقب اللحظة التي تستيقظ فيها سيلين لتُكمل رحلتها، ليس فقط على أرض الملعب، بل في الحياة نفسها.

في ظل ظروفٍ مأساوية، تسرد والدتها، سناء شحرور، تفاصيل لحظة لا تُنسى، لحظة اختلط فيها الخوف بالأمل. رسالة بسيطة من سيلين تطلب وجبتها المفضلة تحولت إلى كابوسٍ بعد دقائق، عندما أُصيبت إثر تطاير شظايا الحديد. وبينما كانت الأم تمني نفسها بتحضير الطعام، وجدت نفسها تواجه الحقيقة المُرّة في المستشفى في قسم العناية الفائقة.

 

عباس حيدر والد اللاعبة سيلين (الشرق الأوسط)

القصة بدأت عندما اضطرت عائلتها للنزوح من منزلهم بسبب الحرب، في حين بقيت سيلين وحدها في المنزل لتكمل دراستها الجامعية، بعد قرار وزير التربية اللبناني عباس الحلبي باستكمال التعليم، رغم الحرب. وفي إحدى الليالي، أرسلت سيلين رسالة لوالدتها عبر تطبيق «واتساب»، تطلب منها إعداد وجبتها المفضلة. بضحكة خفيفة، ردَّت الأم: «وجهك فقري، سأقوم بإعدادها لك». دقائق بعد ذلك، تلقت الأم اتصالاً غيّر حياتها؛ الرقم الغريب على الهاتف أخبرها بأن ابنتها تعرضت لإصابة في الرأس.

جمع من أصدقاء اللاعبة يلتفون في المستشفى الذي ترقد فيه (الشرق الأوسط)

 

لم تصدِّق الأم ما سمِعَتْ، لا سيما أن سيلين كانت قد أبلغت بأنها ابتعدت عن مكان الاستهداف. شعرت بالذعر والارتباك وبدأت تبحث عن معلومات متضاربة حول حالتها، وتقول شحرور: «لم أعد أعرف ماذا أفعل وكنت في موقف لا أحسد عليه صرت أتجول في البيت من دون جدوى. اتصلت بوالدها وذهب لمستشفى السان جورج قبلي، لأنني كنت بعيدة جداً عنها».

وتكمل شحرور بأنها حين وصلت إلى المستشفى، وجدت ابنتها مغطاة بالدماء، لا تستطيع الحركة، وقد أُصيبت بكسر في الجمجمة ونزف في الرأس. المشهد كان مرعباً، لكن الأم لم تفقد الأمل. وقفت بجوارها وهي تصرخ: «قومي يا سيلين!»، ولكن الأطباء كانوا يؤكدون أن وضعها حرج للغاية، وأن المسألة مسألة وقت.. وتضيف: «الأطباء يقولون لنا إنها مسألة وقت؛ سأنتظرها سنة واثنتين وثلاثاً لكي تستيقظ».

في المستشفى، تجلس الأم يومياً بجانب سرير سيلين، تتحدث معها، تخبرها عن زيارات الأصدقاء، وتعدها بأطيب الأكلات عندما تستيقظ، وتخبرها بأنها ستشتري لها دراجة نارية جديدة، تحاول أن تمنحها القوة بالكلمات، رغم أن سيلين لا تستجيب. تقول الأم: «قلت لها إنني رأيتُ في الحلم أنها استيقظت وغمرتني. أنا أنتظر هذا الحلم يتحقق، حتى لو استغرق الأمر سنوات».

 

هنا خلف هذا الباب الموصد ترقد لاعبة منتخب لبنان نتيجة إصابتها (الشرق الأوسط)

 

أما والدها عباس حيدر، فيصف وضعها بالمستقر دون تحسُّن كبير. يحكي عن شظية حديد أصابت رأسها نتيجة القصف الإسرائيلي، مما تسبب بكسر في الجمجمة ونزف داخلي أدى إلى دخولها في غيبوبة. ويشيد والدها بدعم الاتحاد اللبناني لكرة القدم قائلاً: «منذ اللحظة الأولى، لم يترك الاتحاد اللبناني لكرة القدم عائلة سيلين وحدها؛ قام رئيس الاتحاد السيد هاشم حيدر بتأمين نقلها من مستشفى سان جورج إلى مستشفى الروم، وتابع حالتها بشكل مباشر. الأمين العام للاتحاد جهاد الشحف، رغم غيابه عن لبنان، ظل على اتصال مستمر مع العائلة».

عباس يحاول جاهداً أن تتماسك أعصابه عند الكلام، يحكي ويفضفض لعله يخفف من وطأة الألم؛ فابنته المدللة وآخر العنقود بحالة فُرِضت عليها بسبب الحرب التي يعيشها لبنان منذ شهرين تقريباً، ويقول بحرقة: «سيلين تنتظر دعاء الجميع لتعود لحياتها وفريقها ومنتخب لبنان، وكي تعود أقوى، وتُتوَّج بلقب غرب آسيا، وترفع اسم لبنان، وسننتظرها لترفع علم لبنان مجدداً مع أصدقائها. هذا الجيل الذي يجب أن يبني لبنان وطناً حراً علمانياً بعيداً عن كل الطوائف والمذاهب التي خربت بلدنا».

زملاؤها في فريق أكاديمية بيروت كانوا أيضاً في صدمة كبيرة. ميشال أبو رجيلي، صديقتها وزميلتها في الفريق، قالت إنها لم تصدق في البداية أن إصابة سيلين خطيرة، لكنها أدركت حجم الكارثة بعد سماع الأخبار. تروي كيف أن سيلين كانت دائماً مبتسمة داعمة لزميلاتها ومحبة للحياة. تتذكر رسالتها في عيد ميلادها: «عقبال المليون دولار»، وتقول إنها تنتظر عودتها لتعيد البهجة إلى الفريق.

 

حلم اللاعبة الشابة بات ضحية الحرب (الشرق الأوسط)

 

مدربها في الفريق سامر بربري تحدث عن التزامها العالي وتطورها المذهل كلاعبة. انضمت إلى أكاديمية بيروت منذ ثلاث سنوات، وتدرجت من فريق دون الـ17 عاماً إلى ما دون الـ19. وحققت مع الفريق عدة بطولات، من بينها لقب بطولة الشابات في الموسم الماضي ولقب السيدات، وصفها بأنها قائدة بالفطرة، محترفة في الملعب، وضحكتها لا تفارق وجهها.

رغم الألم الذي تعيشه العائلة، لا تزال والدة سيلين تحتفظ بأمل كبير: «رسالتي للعالم أن سيلين ليست مجرد لاعبة، بل هي رمز لجيل يحب الحياة. أتمنى أن تنتهي الحرب، وأن نعيش أياماً أفضل. الشعب اللبناني لا ينكسر، وسيلين ستعود لتكمل حلمها وترفع علم لبنان مجدداً».

زملاء سيلين نظموا حملة تبرعات لدعم الناس المحتاجة، وأطلقوا دعوات للصلاة من أجل شفائها. الجميع ينتظر اللحظة التي تفتح فيها سيلين عينيها وتبتسم مجدداً، فكما قالت زميلتها ميشال إن الحياة تليق فقط بأولئك الذين يحبون الحياة كسيلين.