فيلم يسلط الضوء على تداعيات حرب الحوثي على اليمنيين

«10 أيام قبل الزفة» يروي قصة عروسين تحطمت آمالهما ويُعرض يوم العيد في عدن

فيلم «10 أيام قبل الزفة» يناقش قضايا عدة تعيشها مدينة عدن
فيلم «10 أيام قبل الزفة» يناقش قضايا عدة تعيشها مدينة عدن
TT

فيلم يسلط الضوء على تداعيات حرب الحوثي على اليمنيين

فيلم «10 أيام قبل الزفة» يناقش قضايا عدة تعيشها مدينة عدن
فيلم «10 أيام قبل الزفة» يناقش قضايا عدة تعيشها مدينة عدن

تم في عدن أمس إطلاق فيلم سينمائي يمني يسلط الضوء على تداعيات حرب الحوثي على الشباب اليمني، ويروي قصة عروسين تحطمت آمالهما الجميلة في عدن بسبب الحرب. وسيعرض فيلم «10 أيام قبل الزفة» خلال أيام عيد الأضحى المقبل، وهو يناقش أيضاً قضايا عدة تعيشها مدينة عدن.
يحكي الفيلم قصة عريسين من عدن كانا على وشك الزواج وبسبب الحرب التي شنها الحوثيون على عدن في مارس (آذار) 2015 تأخر زواجهما لخسارة العروسين كل نقودهما في النزوح أثناء الحرب ومجابهة الأزمات التي خلفتها الحرب منها غلاء الأسعار وانعدام الخدمات وانهيار العملة وتدهور الاقتصاد. وفي الفيلم يظهر ما أحدثه الحوثيون في المدينة من دمار هائل ومشكلات لا تحصى، كما يعرض الفيلم حياة الإنسان العدني البسيط ومعالم المدينة الأثرية الضاربة في التاريخ وكيف تسببت حرب الحوثيين في تدمير جزء كبير منها وتدهور الوضع المعيشي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
ويقول صاحب فكرة الفيلم، محسن الخليفي، إن العمل يروي قصة عريسين قبل عشرة أيام من الزفاف ويورد حجم الصعوبات التي يواجهانها في وضع معيشي صعب. ويضيف الخليفي لـ«الشرق الأوسط» أن العمل يعد الأول من نوعه في البلاد كفيلم سينمائي وسيتم عرضه في أيام عيد الأضحى المبارك بعدد من مناطق العاصمة عدن. ومن أبرز القضايا التي يناقشها الفيلم، وفق الخليفي، ارتفاع الأسعار وصعوبة الزواج وتكاليفه الباهظة وغلاء المعيشة... الأزمة التي خلفتها حرب الحوثيين على عدن.
ويأتي إعلان فيلم «10 أيام قبل الزفة» من عدن رائدة المسرح في الجزيرة العربية الذي عرفته عن طريق الهنود في عام 1904 كآخر أعمال فرقة خليج عدن المسرحية في ظل ظروف بالغة الصعوبة اقتصاديا وسياسيا وخدماتيا وأمنيا وذلك بعد عقدين ونيف من إغلاق نظام صنعاء مبنى «المسرح الوطني في مدينة التواهي».
المؤلف والمخرج عمرو جمال رئيس ومؤسس فرقة خليج عدن المسرحية قال لـ«الشرق الأوسط» انطلاقا من قول صبحي «السينما ذاكرة الأمة»: «فقد عملنا على محاولة اللحاق بالمباني والأشكال التي توضح حضارة وتاريخ عدن من أجل أبنائنا، على الأقل ليذكروا أشياء من ماضي مدينتهم العريق» حد تعبيره ذلك.
ويأتي حديث جمال عن ذلك كشاهد على الحرب الأخيرة التي شنتها ميليشيات الحوثيين على عدن وألحقت بالمدينة ومعالمها الأثرية ونمطها المعماري ألفريد أضرارا بالغة وكبيرة لم يتم إعادة أعمارها حتى اليوم.
وأكد المخرج والمؤلف المسرحي الشاب عمرو جمال أن الفيلم يتكلم أيضا عن عدن المدينة والإنسان، عن البساطة، وكيف يواجه العدني صعوبات وتحديات الواقع، مضيفاً: «نأمل أن ينال الفيلم رضا جمهورنا الكريم وأن تصل رسالة الفيلم بشكل صحيح للجميع».
وفي معرض رده عن سؤال الشرق الأوسط حول أي تهديدات تعرض لها فريق الفيلم من الجماعات الإرهابية أثناء أداء مشاهد التمثيل في عدن من أحياء ومعالم المدينة العريقة، أوضح عمرو جمال أن فريقه لم يتلق أي تهديدات وأن الكل في المدينة كان متعاوناً معهم بشكل جيد من أجل إنجاح الفيلم السينمائي.
إلى ذلك، قالت الممثلة العدنية الشابة سالي حمادة: «السينما جماليتها أنها تعيش ونحن نريد أن نواكب تطور العالم العربي والعالمي، وهي نافذة للتوعية والإرشاد والترفية وهدفنا أن ننقل رسالة مبسطة إيجابية مطورة وهادفة كذلك».
وأردفت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «من أهداف الفيلم أن يعيد صورة للإنسان العدني المحب للسلام والتعايش حيث يجمع الفيلم بين الضحك والبكاء في آن واحد».
وكانت عدن قد شهدت العام الماضي سلسلة عروض مسرحية منها «حكاية أسامة» في عدد من المدارس بالمدينة والتي جاءت كمبادرات شبابية لإحياء دور المسرح في عدن، لتناول قضايا العنف والتطرف، وبآلية المسرح التفاعلي، حيث يشارك الجمهور في إعادة بناء الأحداث وفق حوار مباشر مع الممثلين حيث تعد مسرحية «حكاية أسامة» حينها استئنافًا لنشاط الفرقة من جديد.
«ونتيجة للظروف الخاصة بمدينة عدن بعد حرب صيف 94، كان على أعضاء فرقة خليج عدن البحث عن موقع بديل لتقديم عروضهم المسرحية الجماهيرية، وبعد بحث حثيث وقع اختيارهم على مسرح سينما هريكن القابعة في قلب مدينة (كريتر) لتصبح هذه السينما العريقة بعد ذلك هي الموقع الرئيسي لكل عروضهم المسرحية».
وتعاون أعضاء فرقة خليج عدن مع إدارة سينما هريكن ووضعوا قواعد إدارة العمل المسرحي التجاري معاً في ظل غياب تجربة رائدة لا تدعمها الدولة، بدءًا من البحث عن رعاة وداعمين وشركاء من المؤسسات والمنظمات وانتهاءً بتهيئة موقع العرض.
«خلال تلك الرحلة الطويلة استطاعت فرقة خليج عدن أن تخلق تجربة رائدة في إدارة العمل المسرحي لتصبح القواعد التي سارت عليها هي المثال الذي تحذو حذوه كل الفرق المسرحية التي تأسست بعد نجاح (خليج عدن) وكذلك الفرق القديمة التي كان جزءاً كبيراً من عملها قبل حرب 94 تموله الدولة».
كما أن عروض فرقة خليج عدن لم تنحصر على مدينة عدن فقط، بل قدمت الكثير من العروض الناجحة في صنعاء، كما تجاوزت الفرقة حدود اليمن لتكون أول فرقة يمنية تقدم عروضها في أوروبا، وذلك من خلال عرض مسرحيتها الشهيرة «معك نازل» في مدينة برلين في ألمانيا.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».