بعد صراع طويل، استمر 15 عاما، بين مدينة غرناطة التي طالبت باستعادة تراث أديبها الذي ولد فيها، فيدريكو غارسيا لوركا، وبين متحف دار إقامة الطلاب في مدريد (المكان الذي درس فيه لوركا)، استطاعت غرناطة مؤخرا استعادة كامل تراث فيدريكو غارسيا لوركا، المولود عام 1898، والذي حكم عليه بالإعدام عام 1936 عند بداية الحرب الأهلية الإسبانية، ولم يتجاوز عمره 38 عاما.
وقد استمرت عملية نقل تراث لوركا، من متحف دار إقامة الطلاب في مدريد إلى «مركز فيدريكو غارسيا لوركا» في غرناطة، 4 أشهر، وبذلك تكتمل عملية جمع تراث لوركا في بناية مخصصة لهذا الغرض في مدينته، غرناطة، جنوب إسبانيا، وهي «مركز فيدريكو غارسيا لوركا»، في شارع رومانيا في غرناطة، وبذلك ينتهي الصراع بين عائلة لوركا التي طالبت بحفظ تراثه في غرناطة، وبين دار إقامة الطلاب التي تحتفظ بتراث قيم ومهم جدا للشاعر، وتعده جزءا من تراثها؛ إذ دخل لوركا الدراسة فيها عام 1919. وتدخلت عدة جهات في ذلك الصراع، مثل وزارة الثقافة الإسبانية وبلدية مدينة غرناطة ورئاسة إقليم الأندلس التي تعهدت ببناء مركز خاص باسم «مركز فيدريكو غارسيا لوركا»، افتتح عام 2015، لكنه لم يتسلم منذ ذلك الوقت تراث لوركا.
وتتكون الدفعة الأخيرة من مكتبة الشاعر الخاصة، وقد وصلت من مدريد إلى غرناطة بحراسة الشرطة وبمصاحبة شخص يمثل عائلة لوركا، المتمثل في لاورا غارسيا لوركا، التي صرحت عند وصولها إلى غرناطة: «أنا مسرورة جدا لوصول تراث لوركا إلى غرناطة، ولكني حزينة بعض الشيء أيضا، لأن دار إقامة الطلاب في مدريد قد ودعت تراث لوركا، ذلك أن تلك الدار كانت دار لوركا لعدة سنوات».
وكما هو معروف، فإن دار إقامة الطلاب في مدريد كانت مركزا ثقافيا مهما، ونقطة انطلاق لوركا، وفيها التقى بطلاب لامعين آخرين كان لهم تأثير واضح في الحياة الثقافية الإسبانية مثل سلفادور دالي ولويس بونويل.
وتتكون مكتبة الشاعر الخاصة، من 445 كتابا، لمؤلفين متنوعي الاتجاهات والأفكار، مثل شكسبير، وغوته، فريدريش هيبل، وتوماس الأكويني، وفولتير، ودارون، وعمر الخيام، وجون راسكن، وروبين داريو، وآخرين.
يحتوي المركز من تراث لوركا الآن على 19 ألف قطعة؛ منها 176 رسالة كتبها لوركا إلى عائلته أو أصدقائه، وأكثر من 1200 رسالة موجهة إليه، و900 صورة فوتوغرافية، والمئات من مختلف الطبعات لأعماله، والمخطوطات. ومن بينها أيضا البدلة الزرقاء التي كان لوركا يرتديها في المسرح الذي أسسه؛ «مسرح لابارّاكا»، وكثير من الوثائق والرسوم، وتقدر قيمتها بنحو 20 مليون يورو.
يذكر أن لوركا يعد اليوم أشهر أديب إسباني ظهر في العصر الحديث، وكان متحمسا للثقافة العربية والشرقية، ويفتخر بأنه من مملكة غرناطة العربية، ودافع عن الموريسكيين، العرب الذين طردتهم إسبانيا، وترجمت أعماله إلى كثير من لغات العالم، ومن بين مترجمي أعماله إلى العربية: عبد الرحمن بدوي، ومحمود علي مكي، وناديا ظافر شعبان، ومحمود صبح، وماهر البطوطي، ومحمود السيد علي، وسعد صائب، ورفعت عطفة، وسمير عزت نصار، وصالح علماني، وتوفيق الأسدي، وأحمد حسان، وآخرون.
اكتمال جمع تراث الشاعر الإسباني غارسيا لوركا في مدينته غرناطة
بعد 15 عاماً من المجادلات
اكتمال جمع تراث الشاعر الإسباني غارسيا لوركا في مدينته غرناطة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة