مصر: العاصمة الإدارية تعيد تقييم محفظة الأراضي لشركات العقارات

أسهم بعضها يتداول دون القيمة العادلة

مجسم للعاصمة الإدارية في مصر التي شهدت انتهاء بعض المشاريع بالفعل (رويترز)
مجسم للعاصمة الإدارية في مصر التي شهدت انتهاء بعض المشاريع بالفعل (رويترز)
TT

مصر: العاصمة الإدارية تعيد تقييم محفظة الأراضي لشركات العقارات

مجسم للعاصمة الإدارية في مصر التي شهدت انتهاء بعض المشاريع بالفعل (رويترز)
مجسم للعاصمة الإدارية في مصر التي شهدت انتهاء بعض المشاريع بالفعل (رويترز)

زاد الاهتمام بالقطاع العقاري في مصر بعد دخول الدولة لاعباً رئيسياً فيه من خلال مشاريع الإسكان الاجتماعي والتي تطورت في ما بعد، في الدولة التي يبلغ تعدادها أكثر من 90 مليوناً، إلى مبادرات إسكان متوسط وفوق المتوسط، لتنافس به القطاع الخاص.
ويعني دخول الدولة في القطاع العقاري بهذا الشكل، إعادة تقييم بعض الأراضي والوحدات السكنية، بشكل أسرع مما كان عليه ذي قبل، حتى إن شركات القطاع الخاص العاملة في القطاع بدأت في زيادة محافظ الأراضي لديها.
وتلك الزيادة في الاهتمام بالعقارات في مصر، والتي ارتفعت بشدة بعد الإعلان عن إنشاء عاصمة إدارية جديدة في البلاد، بمساحة تماثل دولة سنغافورة، تتماشى والفجوة السنوية البالغة نحو 500 ألف وحدة سكنية، حتى إن العقارات الجديدة التي تم تسجيلها خلال الربع الأول من العام الجاري، وصلت إلى 108.6 ألف عقار مختلف، بنسبة زيادة غير مسبوقة وصلت إلى أكثر من 130%، مقارنةً بالربع الأول من العام السابق، والذي سجل 46.5 ألف عقار. وفقاً لتقرير شركة «بروبرتى فايندر» عن نتائج أعمال القطاع العقاري في الربع الأول من العام.
وبين توقعات بحدوث فقاعة عقارية واستحالتها في الوقت الحالي، نظراً إلى أن السوق لم تتشبع بعد، فإن أصحاب الرأي الأول يستندون إلى زيادة معروض وحدات الإسكان الفاخر وفوق المتوسط، في حين أن الاحتياج الحقيقي إلى المتوسط ومحدودي الدخل.

محفظة الأراضي

منذ وصول مؤشر البورصة المصرية EGX لأعلى مستوياته على الإطلاق بنهاية أبريل (نيسان) 2018، تشهد السوق عمليات جني أرباح قوية، مما أدى إلى انخفاض المؤشر بنسبة 17% إلى الآن.
ومن منطلق هذه العمليات لجني الأرباح، أجرت شركة «بلتون» المالية للاستثمار افتراضاً للحد الأدنى لتقييم أسهم الشركات التي تمتلك محافظ أراضٍ، وفقاً للأسعار المعلنة في مشاريع العاصمة الإدارية، آخذة في الاعتبار عوامل أكثر تحفظاً. على سبيل المثال، اقتراح الحكومة المصرية تثبيت أسعار قطع الأراضي الجديدة التي ستُطرح خلال الأعوام الثلاثة المقبلة.
لذلك، أجرت «بلتون» افتراضاً للتوصل إلى الحد الأدنى لتقييم محافظ الأراضي، وتحديداً محافظ أراضي شركتي «مصر الجديدة للإسكان والتعمير» و«مدينة نصر للإسكان والتعمير»، حيث إن 75 - 90% من التقييم لهذه الشركات مدعومة بتقييم محفظة الأراضي مقارنةً بتقييمات المساحات المطورة في الشركات النظيرة.
وفي هذا الافتراض لم تقم «بلتون» فقط بتثبيت أسعار البيع في الأعوام الثلاثة المقبلة، ولكن خفّضت أيضاً سعر بيع المتر المربع ليتماشى مع سعر البيع الأخير لقطع الأراضي المطروحة في المرحلة الأولى من العاصمة الإدارية.
وقال تقرير صادر عن «بلتون» المالية عن قطاع العقارات، إنه رغم تطبيق خفض سعر بيع للمتر المربع لشركة «مصر الجديدة للإسكان» المدرجة في البورصة في نموذج التقييم خلال عام 2018، متوقّع من 4500 جنيه للمتر إلى 3500 جنيه للمتر، فإن سعر 3500 جنيه هو أقل سعر في ضوء سعر البيع الأخير للمتر المربع في المرحلة الأولى من العاصمة الإدارية الجديدة؛ وإن أسعار الأراضي في المرحلة الثانية في العاصمة الإدارية الجديدة مقرر أن تتراوح بين 3800 و4500 جنيه للمتر المربع، وفقاً لأخبار محلية.
من هنا، ثبّتت «بلتون» أسعار الأراضي خلال الأعوام الثلاثة المقبلة مع الحفاظ على تصاعد التكلفة، ومن ثم انكماش هوامش الأرباح في الأعوام الثلاثة الأولى، ونتج الافتراض الذي طبّقته «بلتون» عن ارتفاعا محتمل بنسبة 20% عن سعر السوق الحالي في سهم الشركة.
أما عن شركة «مدينة نصر للإسكان والتعمير»، فقد أجرت «بلتون» نفس المعايير للتوصل إلى الحد الأدنى لتقييم الشركة، مع اختلاف سعر بيع المتر المربع المستخدم عند 4000 جنيه للمتر المربع خلال 2018، وترى «بلتون» أن استخدام سعر بيع المتر المربع في العاصمة الإدارية الجديدة عاملاً في نموذج تقييم شركة «مدينة نصر» متحفظ لأنه مع الاتجاه نحو العاصمة الإدارية الجديدة من المفترض أن تنخفض أسعار الأراضي نسبةً إلى القاهرة الجديدة. أدى ذلك إلى وصول أقل تقييم لشركة «مدينة نصر»، ما يعني ارتفاعاً محتملاً بنسبة 10% عن سعر السوق الحالي.

نتائج أعمال جيدة

أصدرت شركة «بالم هيلز للتعمير» نتائج أعمال قوية عن الربع الثاني من العام 2018، مع وصول مجمل المبيعات إلى 5.7 مليار جنيه، بارتفاع 110% مقارنةً بالربع الثاني من 2017، و167% مقارنةً بالربع الأول من 2018.
وكان مشروع «بادية» أقوى مساهم في المبيعات خلال ربع العام الثاني، حيث ساهم بنحو 3.7 مليار جنيه في المبيعات الجديدة، وبنسبة 65% في مبيعات الربع الثاني من 2018، يليه مشروع «بالم هيلز» القاهرة الجديدة.
ومشروع «بادية» مطور وفقاً لاتفاق تقاسم إيرادات مع الحكومة، والذي بموجبه تحصل «بالم هيلز» على 74% من الإيرادات وتحصل الحكومة على 26% إيرادات نقدية، بالإضافة إلى دفعة عينية سكنية وتجارية على مساحة 422 متراً مربعاً خلال الفترة من 2027 - 2030.
سجلت الأرباح بعد خصم حقوق الأقلية 216 مليون جنيه، بارتفاع 57% على أساس سنوي، وبانخفاض بنسبة 3.7% على أساس ربع سنوي. جاء النمو القوي للأرباح في الربع الثاني من 2018 نتيجة ارتفاع هوامش مجمل الربح لتصل إلى 40% في الربع الثاني من 2018 (بنحو 12 نقطة مئوية على أساس سنوي، 3 نقاط مئوية على أساس ربع سنوي) وذلك بدعم من ارتفاع قيمة الوحدات التي تم تسليمها وارتفاع مبيعات الأراضي المتعلقة بالفيلات.
وذكر تقرير لشركة «أرقام» أن شركة «أوراسكوم للتنمية» إحدى كبرى الشركات المالكة للأراضي في مصر (تمتلك مساحة 42 مليون متر مربع في الجونة وطابا ومكادي والفيوم). كما تمتلك واحدة من كبرى شركات الضيافة الكبرى التي تدير 24 فندقاً تحتوي على نحو 5 آلاف غرفة، حققت أرباحاً عن طريق بيع وحدات جاهزة، تزيد على 5 آلاف وحدة. كما تخطط الشركة لتطوير 2.4 مليون متر مربع من الأراضي في غرب القاهرة، مما يمثل أول خطوة لها في سوق العقارات الرئيسية.
كما ذكر التقرير أن الشركة تنتهج اتجاهاً محافظاً في تعاملها على أصول الأراضي، وتساهم فقط بنحو 25% من إجمالي مساحة الأرض البالغة 21 مليون متر مربع في شركة «Gouna» في مشروع «NPV» للتطوير، مع تطبيق خصم سيولة بنسبة 90% على النسبة المتبقية البالغة 75%.
وترى الشركة أن تطوير الأراضي الباقية للشركة يعود بفائدة كبرى على حقوق المساهمين، حيث إن تكلفة الأرض تكاد لا تُذكر.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.