توقيع اتفاق السلام في جنوب السودان بحضور إقليمي

تدخل «إيغاد» حسم تجدد الخلافات... والمرحلة المقبلة من التفاوض في نيروبي

سلفا كير ورياك مشار يوقعان على اتفاق السلام في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
سلفا كير ورياك مشار يوقعان على اتفاق السلام في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
TT

توقيع اتفاق السلام في جنوب السودان بحضور إقليمي

سلفا كير ورياك مشار يوقعان على اتفاق السلام في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
سلفا كير ورياك مشار يوقعان على اتفاق السلام في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)

وقعت الحكومة والمتمردون في جنوب السودان أمس في الخرطوم اتفاقاً نهائياً لتقاسم السلطة بهدف إنهاء حرب أهلية أوقعت عشرات آلاف القتلى وشردت الملايين في هذا البلد. ووقع رئيس جنوب السودان سلفا كير وخصمه زعيم المعارضة رياك مشار وممثلو الفصائل السياسية والمسلحة، على الاتفاق الذي يتضمن تقاسم السلطة ونظام الحكم والترتيبات الأمنية، وذلك بحضور الرئيس السوداني عمر البشير ورؤساء دول الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (الإيغاد).
وقال مصدر مقرب من المحادثات لـ«الشرق الأوسط» إن التوقيع تأجل ثلاث مرات منذ ظهر أمس بسبب خلافات بين فرقاء جنوب السودان حول عدد من القضايا العالقة بخصوص تقاسم السلطة ونظام الحكم. وأضاف أن مجموعة المعتقلين السابقين من أعضاء المكتب السياسي للحزب الحاكم وبعض من قوى تحالف المعارضة تمسكوا بمواقفهم حول ترتيبات الحكم وخصوصاً المشاركة في عدد الولايات ونسب المشاركة فيها، مشيراً إلى أن رؤساء «الإيغاد» تدخلوا على الخط. وقال إن حضور الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني كان له دور في تقريب وجهات النظر، مضيفاً أنه «تمت ممارسة ضغوط كثيفة على الأطراف بينها تهديدات مبطنة بوقف الدعم وإبعادها من الخرطوم». ولعب الرئيس موسيفيني دوراً كبيراً في تقريب وجهات النظر بعد وصوله إلى الخرطوم عصر أمس، وكان قد أرسل في بادئ الأمر وزير دفاعه. وإضافة إلى الرئيسين البشير وموسيفيني، حضر مراسم التوقيع أيضاً الرئيس الكيني أوهورو كينياتا الذي ستستضيف بلاده المرحلة الثالثة من المفاوضات حول القضايا العالقة وآليات تنفيذ الاتفاقية، والرئيس الجيوبتي إسماعيل عمر قيلي ورئيس الوزراء الصومالي حسن علي خيري ونائب رئيس الوزراء الإثيوبي ديميك ميكونن. ووقع زعماء ورؤساء حكومات «الإيغاد» شهوداً على الاتفاق، وقدموا كلمات تشجيعية للأطراف وتعهدوا بالالتزام بدعم السلام في جنوب السودان. واحتضنت الخرطوم الجولة الحالية من المفاوضات تحت رعاية الرئيس البشير بناءً على تفويض من قمة «الإيغاد» الاستثنائية في 21 يونيو (حزيران) الماضي لقيادة مبادرة وجولة ثانية من التفاوض المباشر بين الرئيس سلفا كير ومشار حول القضايا العالقة بشأن الحكم والترتيبات الأمنية. وكانت الأطراف المعنية من دولة الجنوب قد وقعت إعلان الخرطوم في 27 يونيو وأعقبه التوقيع على اتفاق الترتيبات الأمنية في 6 يوليو (تموز) الماضي، ثم التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاقية الحكم وتقاسم السلطة في 25 من الشهر ذاته.
وكان تحالف معارضة جنوب السودان قد اتهم الأجهزة الأمنية السودانية بممارسة الترهيب ضد بعض ممثلي المعارضة في الخرطوم وأمرهم بالتوقيع على اتفاق الحكم نيابة عن مجموعاتهم. وقال التحالف في بيان صدر مساء أول من أمس: «لجأ أفراد جهاز الأمن السوداني إلى الترهيب الشديد والضغط على أعضاء تحالف المعارضة في جنوب السودان للتوقيع نيابة عن الأحزاب المكونة له». ورفض تحالف المعارضة في 3 أغسطس (آب) الحالي التوقيع على الاتفاق، معرباً عن تحفظات قوية بشأن قضايا تقاسم السلطة على مستوى الولاية وتنظيم استفتاء إذا فشلت الأطراف في التوصل إلى حل وسط بشأن هذا الأمر خلال الفترة الانتقالية. وأضاف البيان: «إن تحالف المعارضة في جنوب السودان يود أن يخطر وساطة الإيغاد والاتحاد الأفريقي والترويكا والأمم المتحدة والمجتمع الدولي بأن مثل هذه الوساطة من جانب السودان لن تبشر بسلام مستدام حقيقي في جنوب السودان. ونود أيضا تسجيل شكوانا الرسمية ضد وساطة السودان وتدخل أفرادها الأمنيين لممارسة التخويف». وكان وزير الخارجية السوداني الدرديري محمد أحمد قد قال في وقت سابق إن فريق الوساطة سيواصل المناقشات مع الجماعات غير الموقعة حول القضايا العالقة مع الوساطة الكينية التي ستستضيف المحادثات.
إلى ذلك وافق النائب الأول لرئيس جنوب السودان تعبان دينق قاي على التنازل عن منصبه من أجل تحقيق السلام في بلاده، وقال المتحدث باسمه أغيل غبريال رينق إن قاي أعلن تنازله عن موقعه خلال اجتماع مشترك مع الرئيس سلفا كير، وبحضور وزير الخارجية السوداني الدرديري محمد أحمد عند زيارة الأخير إلى جوبا الجمعة الماضي.
ووفقاً لاتفاق السلام الأولي، سيتم منح منصب النائب الأول للرئيس إلى مشار، وكان قاي قد تم تعيينه نائباً أول للرئيس سلفا كير خلفاً لمشار الذي هرب من جوبا بعد تجدد القتال في القصر الرئاسي في 25 يوليو 2016. وانفصل جنوب السودان عن السودان في يوليو 2011 عبر الاستفتاء الشعبي، وبعد عامين من الاستقلال دخلت الدولة الجديدة في حرب أهلية بين حكومة الرئيس سلفا كير ومنافسه مشار، وقد قتل أكثر من 10 آلاف شخص، وتشريد أكثر من مليونين آخرين بين نزوح داخلي ولجوء في دول الجوار، وفشل اتفاق سلام وقع في أغسطس 2015.



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.