إحياء الذكرى العشرين لاعتداءات {القاعدة} في كينيا وتنزانيا

المجزرة وضعت اسم بن لادن على خريطة الإرهاب العالمي

صورة أُفرج عنها في 2001 لأسامة بن لادن وخليفته أيمن الظواهري ومحمد عاطف المسؤول العسكري للتنظيم (أ.ف.ب)
صورة أُفرج عنها في 2001 لأسامة بن لادن وخليفته أيمن الظواهري ومحمد عاطف المسؤول العسكري للتنظيم (أ.ف.ب)
TT

إحياء الذكرى العشرين لاعتداءات {القاعدة} في كينيا وتنزانيا

صورة أُفرج عنها في 2001 لأسامة بن لادن وخليفته أيمن الظواهري ومحمد عاطف المسؤول العسكري للتنظيم (أ.ف.ب)
صورة أُفرج عنها في 2001 لأسامة بن لادن وخليفته أيمن الظواهري ومحمد عاطف المسؤول العسكري للتنظيم (أ.ف.ب)

تحيي كينيا وتنزانيا الثلاثاء الذكرى العشرين للاعتداءين على السفارتين الأميركيتين في نيروبي ودار السلام، اللذين سجلا ظهور تنظيم القاعدة على الساحة الدولية، وغيرا مفهوم الأفراد لأمنهم الشخصي.
ففي السابع من أغسطس (آب) 1998 عند الظهر هز انفجار عنيف مقر السفارة الأميركية في وسط نيروبي، تلاه بعد دقائق انفجار آخر في دار السلام. وقتل 224 شخصا وأصيب خمسة آلاف بجروح معظمهم من الأفارقة.
وبعد المجزرة التي سببها انفجار قنبلتين قويتين وضعتا في شاحنتين، بات العالم أجمع يعرف اسم أسامة بن لادن قبل ثلاث سنوات من وقوع أكثر الاعتداءات دموية في التاريخ في 11 سبتمبر (أيلول) 2001 في نيويورك وواشنطن (نحو 3 آلاف قتيل).
وقال مارتن كيماني مدير المركز الوطني الكيني لمكافحة الإرهاب: «لم تكن المرة الأولى التي يشن فيها تنظيم القاعدة هجوما، لكن نظرا إلى نوعية الهجوم باتوا معروفين فعليا على الساحة العالمية».
وأضاف: «عندما وقعت أحداث 11 سبتمبر 2001 أحدثت صدمة ومفاجأة لكن كانت هناك سابقة في شرق أفريقيا».
وبحسب كتاب «الحرب المبطنة» (ذي لومينغ تاوور) الذي نال جائزة بوليتزر، ودخل إلى أصول القاعدة والإرهاب، برر بن لادن خيار أهدافه بعدة أسباب.
فهو دان انتشار الجنود الأميركيين في الصومال مطلع التسعينات والخطة الأميركية حسب رأيه لتقسيم السودان، حيث أقام لخمس سنوات قبل طرده منها في 1996
لكن بحسب الكاتب لورنس رايت فإن هدفه الرئيسي كان «توريط الولايات المتحدة في أفغانستان». وقد حقق هذا الهدف، بعد الاعتداءات شنت واشنطن غارات على السودان وأفغانستان «وصفت بأنها غير فعالة» بحسب دانيال بايمان الخبير في مجال مكافحة الإرهاب في معهد بروكينغز.
ورأى أن هذه الغارات أدت إلى تحريض طالبان على «إقامة روابط وثيقة أكثر» مع «القاعدة»، وأيضا تعزيز سمعة التنظيم في مقاومة الولايات المتحدة.
ومع اعتداءي نيروبي ودار السلام أثبت تنظيم القاعدة لأول مرة أنه قادر على الضرب في أي مكان وشن «عمليات نوعية» بحسب بايمان.
وأضاف: «تبين للقاعدة إن الإرهاب الدولي قادر على إثارة اهتمام كبير، وليس فقط اهتمام الخصوم وأنه نوع من الدعاية».
والسنوات التي أعقبت 11 سبتمبر كانت تحت عنوان «الحرب على الإرهاب» التي أطلقها الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش وتكثيف العمليات العسكرية الأميركية خصوصا في أفغانستان والعراق وباكستان.
في الأثناء استوحت عدة حركات في العالم من القاعدة وكثفت هجماتها في الشرق الأوسط وبالي وبومباي ومدريد ولندن وباريس.
كما تسببت الجماعات المتشددة بأضرار في منطقة الساحل ونيجيريا والصومال وكينيا مجددا.
وقال كيماني: «لم تكن كينيا بحد ذاتها الهدف الأول (لاعتداء 1998) لكن معظم الضحايا كانوا كينيين وتحملنا عواقب التفجير. ما زلنا في الخط الأول في هذه المعركة». وبعد عامين على إرسال قوات لمحاربة متمردي الشباب في الصومال الموالين للقاعدة، شهدت كينيا مجددا اعتداء ضد مركز ويست غايت التجاري في نيروبي في 2013 (67 قتيلا). وفي 2015 شن متمردو الشباب هجوما آخر مدمرا على الأراضي الكينية ما أدى إلى مقتل 148 شخصا في جامعة غاريسا (شرق). وبحسب كيماني أتت جهود كينيا للتصدي للإرهاب ثمارها. في السنوات الأخيرة أتاح قانون جديد وتنسيق أفضل بين أجهزة الأمن الحد من آثار هجمات الشباب التي بقيت محصورة في المناطق الحدودية». وقال: «التهديد لا يزال قائما صدقوني لكن بعد 20 عاما أصبحنا أفضل مما كنا عليه في مجال مكافحة الإرهاب».
وأضاف: «على الصعيد العالمي ترك الإرهاب بصمة اجتماعية عميقة جدا. غير الطريقة التي يفكر الأفراد فيها بأمنهم».
ويعتقد كيماني أن على الحكومات تركيز جهودها على تحسين المستوى المعيشي والخدمات الأساسية للقضاء على (جيوب اليأس) التي تشجع على التجنيد». وفي السنوات الماضية تحول اهتمام الرأي العام من القاعدة إلى تنظيم داعش، الذي تشكل في 2013 واحتل مناطق شاسعة في العراق وسوريا وألهم هجمات كثيرة نفذها أفراد.
وإن خسر تنظيم داعش مؤخرا قسما كبيرا من الأراضي التي احتلها، يحذر الخبراء من عودة القاعدة بقوة، التي عززت شبكتها في الأثناء. وقال كيماني: «قدرة آيديولوجيتهم على استغلال نقاط الضعف محليا لا تزال تسمح لهم بتشكيل تهديد».



كيف يهدد سقوط الأسد استراتيجية روسيا في أفريقيا؟

بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)
بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)
TT

كيف يهدد سقوط الأسد استراتيجية روسيا في أفريقيا؟

بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)
بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)

قال تقرير لوكالة «بلومبرغ» للأنباء إن الانهيار السريع لنظام بشار الأسد في سوريا يُهدد قاعدة «حميميم» الجوية، التي اعتمدت عليها روسيا لفرض نفوذها في مختلف أنحاء أفريقيا.

وبحسب التقرير، تستخدم موسكو القاعدة لإرسال أفراد وإمدادات عسكرية إلى مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وكل هذه الدول شهدت انقلابات مؤخراً، وقطعت علاقاتها مع الغرب، في حين تقترب من موسكو التي مكّنها هذا الجسر الجوي من إعادة بناء بعض نفوذها الذي اكتسبته في حقبة الحرب الباردة في القارة، خصوصاً في أماكن، مثل جمهورية أفريقيا الوسطى والسودان.

وسمحت قاعدتا «حميميم» الجوية و«طرطوس» البحرية، اللتان تستقبلان الوقود والإمدادات الروسية بتنفيذ توسع رخيص وفعال لنفوذها العسكري والسياسي والاقتصادي في أفريقيا، والآن قد تحتاج الشبكة التي تدعم عمليات روسيا في القارة، والتي تملأ الفراغ الذي خلفته القوات الغربية المغادرة، إلى إصلاح شامل.

استقبال جندي روسي لبشار الأسد خلال زيارته قاعدة «حميميم» العسكرية في اللاذقية 27 يونيو 2017 (أ.ف.ب)

قال أنس القماطي، مدير معهد صادق، وهو مركز أبحاث مقره ليبيا: «من دون جسر جوي موثوق، تنهار قدرة روسيا على فرض قوتها في أفريقيا، والاستراتيجية العملياتية الروسية بأكملها في البحر الأبيض المتوسط ​​وأفريقيا مُعلقة بخيط رفيع».

وقال القماطي إنه وفي حين أن روسيا، التي دعمت السلطات في شرق ليبيا، لديها قدرات تشغيلية في 4 قواعد جوية ليبية (الخادم والجفرة والقرضابية وبراك الشاطئ) فإن هذه القواعد ستكون بعيدة جداً، بحيث لا يمكن استخدامها في جسر مجدد من موسكو بسبب قيود المجال الجوي في أوروبا.

وقال رسلان بوخوف، رئيس مركز تحليل الاستراتيجيات والتكنولوجيات ومقره موسكو، إن القاعدة الجوية السورية ستكون «خسارة كبيرة» للعمليات الأفريقية؛ حيث «كانت جميع الإمدادات تمر عبر (حميميم)، وهذا مهم بشكل خاص لبلد من دون ميناء، مثل جمهورية أفريقيا الوسطى».

وبدأت جهود موسكو لإعادة بناء النفوذ في أفريقيا فعلياً عام 2018، عندما تم نشر مرتزقة من مجموعة «فاغنر» المرتبطة بالكرملين في جمهورية أفريقيا الوسطى غير الساحلية، للدفاع عن رئيسها المحاصر ضد هجوم المتمردين.

وفي عام 2019، لعب المقاتلون دوراً رئيساً في محاولة من قِبَل الزعيم الليبي الشرقي خليفة حفتر للاستيلاء على العاصمة طرابلس.

ومنذ ذلك الحين، أرسلت مقاتلين إلى مالي والنيجر وبوركينا فاسو، جنباً إلى جنب مع الأسلحة، ما أدّى إلى زيادة أكبر لبصمتها العالمية خارج الكتلة السوفياتية السابقة.

الرئيس الروسي يلقي كلمة في قاعدة «حميميم» في اللاذقية على الساحل السوري يوم 12 ديسمبر 2017 (سبوتنيك - أ.ب)

وهذا الدعم في خطر؛ لكن المقربين من تلك الحكومات يزعمون أن روسيا ستجد طريقة لمواصلة مساعدتهم.

وقال فيديل غوانجيكا، مستشار رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى، إن روسيا «ستكون لديها خطة بديلة»، حتى تظل طرق إمدادها إلى أفريقيا سليمة، سواء باستخدام ليبيا نقطة انطلاق أكثر قوة، أو الوصول إلى جمهورية أفريقيا الوسطى عبر المواني في الكاميرون أو الكونغو، و«لن تكون هناك عواقب على جمهورية أفريقيا الوسطى».

وأضاف غوانجيكا أن أفريقيا الوسطى مستعدة لمساعدة الكرملين في إرسال الإمدادات والجنود من روسيا إلى الحكومات في منطقة الساحل إذا لزم الأمر.

وأعرب إبراهيم حميدو، رئيس إدارة الاتصالات لرئيس الوزراء علي الأمين زين، الذي عيّنه المجلس العسكري في النيجر عام 2023، عن الأفكار نفسها، وقال: «سقوط الأسد لن يُغير علاقاتنا، ويمكن لروسيا أن تجد طرقاً أخرى، من خلال تركيا على سبيل المثال، لدعم النيجر».

وفي حال سمحت تركيا، وهي عضو في حلف شمال الأطلسي، لبعض رحلات الشحن الروسية إلى ليبيا بالمرور عبر مجالها الجوي، فلا يوجد اقتراح فوري بأنها ستعمل بديلاً للجسر الجوي السوري لموسكو، خصوصاً أن مصالح الثنائي في أفريقيا غالباً ما تتباعد.

واقترحت مونيك يلي كام، وهي سياسية في بوركينا فاسو، تدعم المجلس العسكري وعلاقاته القوية مع روسيا، ليبيا خياراً لمساعدة موسكو على «الحفاظ على نفوذها في القارة».

كما لعبت روسيا دوراً رئيساً في الحرب الأهلية السودانية التي استمرت 20 شهراً؛ حيث ألقت مؤخراً بثقلها خلف الجيش في قتاله ضد «قوات الدعم السريع»، كما تواصل الضغط من أجل إنشاء قاعدة على ساحل البحر الأحمر في البلاد، وهو حلم طويل الأمد، من شأنه نظرياً أن يوسع شبكتها اللوجستية.

مقاتلة روسية في قاعدة «حميميم» جنوب شرقي اللاذقية في سوريا أكتوبر 2015 (سبوتنيك)

ومع ذلك، فإن الاحتفاظ بشبكة النفوذ الروسية مترامية الأطراف في أفريقيا لن يكون سهلاً، وفقاً لأولف ليسينغ، مدير برنامج الساحل في مؤسسة «كونراد أديناور»، وهي مؤسسة بحثية ألمانية.

وقال: «إن سقوط الأسد سيعيق بشكل كبير العمليات العسكرية الروسية في أفريقيا، وكانت جميع الرحلات الجوية لتوريد المرتزقة، وجلب الذخيرة والأسلحة الجديدة، تمر عبر سوريا. إنها مسافة بعيدة للغاية للطيران بطائرة نقل محملة بالكامل من روسيا إلى أفريقيا، وسيتعين على روسيا تقليص مشاركتها في أفريقيا وسيكون ذلك أكثر تكلفة بكثير».