زيادة غير كافية للركاب في مطار بيروت تحبط القطاع السياحي

سائحتان في موقع أثري قرب مدينة صيدا الجنوبية (أ.ف.ب)
سائحتان في موقع أثري قرب مدينة صيدا الجنوبية (أ.ف.ب)
TT

زيادة غير كافية للركاب في مطار بيروت تحبط القطاع السياحي

سائحتان في موقع أثري قرب مدينة صيدا الجنوبية (أ.ف.ب)
سائحتان في موقع أثري قرب مدينة صيدا الجنوبية (أ.ف.ب)

عكست أعداد الركاب في مطار رفيق الحريري الدولي خلال شهر يوليو (تموز)، التي سجلت ارتفاعاً لافتاً، بعض التفاؤل بموسم صيفي واعد، لكنها لا تزال بعيدة عن طموحات القيمين على القطاع، وعن تلك التي سجلت قبل 9 أو 10 أعوام.
وفاق عدد الركاب في مطار بيروت المليون شخص خلال شهر يوليو الفائت، رافعاً بذلك المجموع العام للركاب منذ مطلع عام 2018 حتى نهاية الشهر السابع إلى ما يقارب 5 ملايين راكب.
وفي حين أشار نقيب أصحاب المؤسسات السياحية، بيار الأشقر، إلى أن هذه الأرقام انعكست بارتفاع نحو 8 في المائة في نسبة تشغيل المؤسسات السياحية، أكد أنها لا تزال أدنى من الطموح وآمال القيمين على القطاع، إذا قورنت مع عامي 2009 و2010، بفرق يصل إلى 35 في المائة. وهو ما يوافقه عليه نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي، طوني رامي، مشيراً إلى أن هناك إيجابيات وسلبيات لموسم هذا الصيف، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»: «سجّل انخفاض الفاتورة السياحية 25 في المائة، لكن في المقابل كان لافتاً ارتفاع نسبة السياح الأوروبيين، الذين بلغت نسبتهم 36 في المائة من مجمل السياح، وهو ما قد يعول عليه في السنوات المقبلة»، ويشير في المقابل إلى تراجع السياحة الداخلية من قبل اللبنانيين والمغتربين نتيجة تراجع القدرة الشرائية لديهم، في موازاة ظاهرة لافتة تمثلت بسفر اللبنانيين إلى الخارج للسياحة، حيث سجل خلال 3 أشهر سفر 300 ألف لبناني، وهو رقم كبير جداً، وسلبي بالنسبة للبنان واقتصاده.
وفي وقت لا يزال فيه لبنان يعاني من مشكلات عدة، أهمها الكهرباء وأزمة النفايات التي تحدث عنها الإعلام العالمي، يعزو كل من الأشقر ورامي أبرز أسباب هذا الواقع السياحي إلى الوضع السياسي، والتأخير في تشكيل الحكومة، إضافة إلى ما يعتبرانها محاولات لتشويه صورة لبنان في الخارج، كالحديث عن النفايات وتلوّث الشواطئ، واعتباره بين البلدان ذات الكلفة السياحية الأغلى في العالم. ويؤكدان أن مقارنة بين فنادق أهم الدول السياحية وأسعار المطاعم فيها يثبت عكس ذلك، مع الإقرار بأن أبرز المشكلات تكمن في ارتفاع أسعار بطاقات السفر إلى لبنان، في ظل سياسة الأجواء غير المفتوحة، إضافة إلى غياب ما يعرف بالمجموعات السياحية التي تقدم عروضاً للسياح من مختلف أنحاء العالم.
ويؤكد كل من الأشقر ورامي تنوع الخيارات في لبنان، بحيث يستطيع السائح اختيار ما يناسب قدراته المادية والاجتماعية في مختلف المناطق.
ومع تسجيل وصول عدد كبير من السياح الأوروبيين، كان التعويل على السياح الخليجيين الذين لا يزال حضورهم إلى لبنان محدوداً نتيجة الحظر من قبل دولهم التي كانت قد أشارت معلومات إلى أنها تنتظر تشكيل الحكومة لرفع هذا الحظر، وهو ما لم يحصل حتى الآن. وهنا، يلفت الأشقر إلى أن الفرق بين السائح الأوروبي والخليجي أن إقامة الأول تقتصر على أيام معدودة، بينما العائلات الخليجية تأتي لتمضي موسم الصيف بأكمله، مع ما يرافق ذلك من سياحة داخلية متنوعة تنعكس اقتصادياً على مختلف المناطق.
وفي تفاصيل أرقام حركة المطار، أوضحت «الوكالة الوطنية للإعلام» أنها حقّقت ارتفاعاً ملحوظاً في أعداد الركاب خلال شهر يوليو 2018، إذ بلغت 1022467، بينما كانت حركة المسافرين من وإلى مطار رفيق الحريري الدولي قد سجلت في عام 2017 للشهر نفسه 975003، أي بزيادة بلغت 4.86 في المائة، أي أنها تخطت عتبة المليون راكب، بزيادة 5 في المائة عن الفترة نفسها من العام السابق، ما رفع المجموع العام للركاب من وإلى لبنان خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2018 إلى 4 ملايين و842 ألفاً و225 راكباً، بزيادة 8.32 في المائة عما سجلته في الفترة نفسها من عام 2017.
ولفتت الوكالة إلى أن هذا الارتفاع في عدد الركاب استدعى أخيراً أكثر من تحرك من المسؤولين السياسيين والإداريين والأمنيين لمعالجة الازدحام الكبير الذي تشهده قاعات المطار، إن في المغادرة أو في الوصول، للتخفيف من أعباء إنهاء معاملات السفر، وتقديم التسهيلات للمسافرين من وإلى لبنان، خصوصاً مع اقتراب موسم الحج الذي يفترض أن يسجل المزيد من الحركة في أروقة المطار خلال أغسطس (آب) الحالي، مع الإشارة إلى أن محطة الركاب الحالية في المطار هي لقدرة استيعابية تبلغ 6 ملايين راكب خلال السنة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.