«الشرعية»: مقترح الحديدة مات... والحوثيون اعترفوا بأنهم قراصنة

تنديد أميركي بتهديد الملاحة... والكويت تؤيد الإجراءات السعودية

غريفيث يتحدث في مجلس الأمن أول من أمس (حساب المبعوث الأممي لليمن على «تويتر»)
غريفيث يتحدث في مجلس الأمن أول من أمس (حساب المبعوث الأممي لليمن على «تويتر»)
TT

«الشرعية»: مقترح الحديدة مات... والحوثيون اعترفوا بأنهم قراصنة

غريفيث يتحدث في مجلس الأمن أول من أمس (حساب المبعوث الأممي لليمن على «تويتر»)
غريفيث يتحدث في مجلس الأمن أول من أمس (حساب المبعوث الأممي لليمن على «تويتر»)

قال السفير اليمني في واشنطن المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، إن الحوثيين اعترفوا بأنهم قراصنة عندما أعلنوا ما سموه هدنة من طرف واحد. وأضاف في اتصال أجرته معه «الشرق الأوسط» أمس، أن «مقترح الحديدة مات»، معللاً ذلك بـ3 نقاط؛ أولها أن «المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث لم يحصل على شيء من الحوثيين باستثناء فقرة واحدة من مقترحه رغم ملاحظاتنا عليه؛ سماحهم للأمم المتحدة بدور في إدارة الميناء، ولم يتجاوبوا معه مطلقاً. والحوثيون لم يقدموا أي تنازل في الحديدة. ولقد روجوا مقترحه وزعموا بأنهم معه».
النقطة الثانية «إيرادات الحديدة». المقترح الأممي يقول إن الإيرادات يجب أن تذهب لفرع البنك المركزي في الحديدة التابع لمقر البنك المركزي في عدن لغرض المساهمة في دفع مرتبات الموظفين في كل أنحاء الجمهورية. الحوثيون يقولون لا، ويريدون أن تذهب الواردات إلى فرع البنك المركزي في الحديدة ثم إلى صنعاء، وعملياً لا تقدم في هذه المسألة ولا جديد في موقفهم.
وتمثلت النقطة الثالثة في تعليلات الدكتور بن مبارك في «إدارة ميناء الحديدة». إذ يقول إن «الحوثيين ذكروا بأنهم يسمحون للأمم المتحدة بإدارة الميناء مع الإداريين في الميناء، لكنهم لم يتحدثوا عن انسحاب فعلي من الميناء أو لقواتهم، وقالوا إنهم لن يتدخلوا، فماذا تعني هذه المسألة؟ الموظفون الأمميون سيكونون مدنيين بلا قوة تقيهم الاعتداء في أي وقت».
وعرج السفير خلال حديثه عن إدارة مدينة الحديدة، إذ قال الحوثيون إنهم مستعدون لمناقشة وضع المدينة في إطار تشاور كامل. ومبدئياً موافقون على السماح لسلطات مدنية بإدارة الميناء (وهم كلهم حوثيون)، ويشرح بن مبارك العرض الحوثي كما تقرأه «الشرعية»: نحن قلنا أولاً الموضوع بالنسبة لنا ميناء ومدينة، ولا نتخيل مطلقاً أنه يمكن أن يدار الميناء بشكل آمن في الوقت الذي تجري فيه السيطرة على المدينة. النقطة الأخرى إذا كان الهدف الرئيسي ضمان الملاحة الدولية في البحر الأحمر، فالسفن لا تُقصف من الميناء بل يتم قصفها من المدينة، الحوثيون اعترفوا بأنهم يهددونها بإعلانهم هدنة، وبذلك اعترفوا بأنهم قراصنة.
وفيما يتعلق بالسلطات المحلية، قال بن مبارك: سمحنا لموظفين مدنيين بممارسة عملهم، على أن يرتبطوا بالخدمة المدنية في الحكومة الشرعية، والموانئ ترتبط بالهيئة العامة للموانئ في الشرعية، وعناصر الأمن يرتبطون بوزارة الداخلية اليمنية بالحكومة الشرعية. والحديث عن أي دور للسلطات المحلية في الحديدة مرحب به دائماً، لكن وفقاً للقانون، ولا بد له أن يتبع السلطة المركزية للسلطات». وزاد: «السلطات المنتخبة تتبع وزارة الإدارة المحلية، ولا سلطات منتخبة تعمل بمعزل عن السلطات السيادية في الدولة».
وبسؤاله: ماذا لو طرح المبعوث هذا السؤال: كيف أُقنع الحوثيين بالتنازل على شيء حتى ينخرطوا في العملية السياسية؟ أجاب السفير: المبعوث يقول إنه يعمل وفق ولاية رئيسية لتنفيذ القرار 2216، والقرار يقول مهمتك أنك تعمل على وساطة تقود إلى هذا القرار. والقرار يفرض انسحاب الميليشيات من كل المدن، ونحن في المقابل أبدينا مرونة وقبلنا بالبدء من الحديدة، رغم أن القرار يشمل من كل المدن، وهذا تنازل.
ويكمل: «قبلنا حتى بإشراكهم في الحكومة إذا نفذوا الخطوات الأمنية (تسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والانسحاب من المدن)، فإنه تحق لهم المشاركة في الحكومة، وهذا يحفظ لهم ماء الوجه... القبول فقط بتسوية الميناء وإبقاء الحوثيين في المدينة لن يقدم ولن يؤخر». ويستطرد السفير: «إذا لم يتم الضغط على الحوثيين وإشعارهم بالضغط الحقيقي فإنهم لن يجلسوا في طاولة المفاوضات ولن يتحقق أي تقدم. في الكويت مائة يوم من المشاورات لم تسفر عن شيء، لأنهم كانوا يشعرون بوهم القوة. والفكرة الرئيسية تتمثل في أن أي دور لا يتطور على الأرض لن يسفر عن تقدم».

إحاطة غريفيث
أخذت الجهود الأممية الرامية لتسوية النزاع في اليمن خطوة جديدة إلى الأمام لإحياء المشاورات المتوقفة في الكويت منذ أغسطس (آب) 2016، عندما طلب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث من أعضاء مجلس الأمن دعم جهوده الدبلوماسية لمعاودة الحوار بين الأطراف اليمنية في 6 سبتمبر المقبل، داعياً إلى إبقاء البحر الأحمر خارج النزاع. بينما حذر المندوب بن مبارك من أن «أي مشاورات لا تستند إلى إنهاء الانقلاب وتمكين السلطة الشرعية من تنفيذ مهامها ستكون مجرد مناقشات».
وكان غريفيث استهل خلال اجتماع لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك أول من أمس، إفادته بالإشارة إلى اجتماعه أخيراً مع «رجل عاش مهمة السلام والمصالحة» أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، الذي قال إنه «نجح في مواجهة تحديات الحرب ثم السلام». وقال إنه «في الآونة الأخيرة، وعلى رغم كل جهودنا تصاعدت وتيرة الحرب»، ملاحظاً أن «التركيز في الحرب يجري على معركة الحديدة». بيد أنه نقل عن عسكريين أن «الحُديدة صارت مركز ثقل الحرب. والبحر الأحمر بات الآن مسرح حرب». وأوضح أنه «حاول إيجاد طريقة لتفادي معركة في مدينة الحديدة وميناء الحديدة. ولا نزال نحاول»، معترفاً بأن «متطلبات لصفقة كهذه لم يجرِ الوفاء بها بعد»، علماً أن «جهودي بدعمكم الموحد نجحت في تضييق الفجوة بشكل كبير بين الجانبين». واعتبر أن حل هذه القضية «لديه فرصة أفضل في سياق تسوية سياسية شاملة». وقال أيضاً إن «الوقت حان للمطالبة باستئناف مبكر للعملية السياسية»، مشيراً إلى مضي سنتين على جولة المحادثات الأخيرة التي أجريت في الكويت. وطلب من مجلس الأمن أن «يحض الأطراف على حل هذا الخلاف من خلال التفاوض بدلاً من الوسائل العسكرية». وأفاد بأنه «بعد التشاور مع الطرفين، أخطط لدعوتهم إلى جنيف في 6 سبتمبر لإجراء جولة أولى من المشاورات». وأضاف أن «هذه المشاورات ستوفر الفرصة للأطراف كي تناقش إﻃﺎر عمل المفاوضات»، فضلاً عن «إجراءات بناء الثقة وخطط محددة لدفع العملية إلى الأمام». ولفت إلى أن اجتماعاته مع كل الأطراف أوضحت له أن «الحل السياسي لهذه الحرب متاح، تماشياً مع القرارات ذات الصلة من مجلس الأمن ومبادرة مجلس التعاون الخليجي ومخرجات الحوار الوطني».

فجوة الحديدة
وفي شأن الحديدة، أكد أنه أحرز تقدماً، لا سيما فيما يتعلق بدور الأمم المتحدة في الميناء، مضيفاً أن جماعة الحوثي وافقت «لكن الفجوة لم تغلق. وسنواصل جهودنا لإيجاد حل سلمي للحديدة». لكنه رأى أنه «ينبغي ألا نسمح للتقدم أو غيابه في الحديدة أن يردعنا عن تركيزنا الأساسي على البحث عن حل سياسي لهذا النزاع». وعبر عن ارتياحه من رغبة كل الأطراف في إطلاق أسرى الحرب.
وختم غريفيث إحاطته بالطلب من أعضاء مجلس الأمن «دعم جهودي لبدء المشاورات في سبتمبر في جنيف»، بالإضافة إلى «دعم خفض التصعيد في الحديدة، وإبقاء البحر الأحمر خارج النزاع»، وكذلك «دعم الإجراءات التي تعيد الأمل إلى شعب اليمن». وحض أعضاء المجلس على «الاعتراف بالشجاعة الاستثنائية لمنظمات العمل الإنساني الدولي التي كان لي شرف الاطلاع على عملها بنفسي».

تنديد أميركي بتهديد الملاحة
قالت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي، إن مجلس الأمن «متحد في دعمه لك»، مرحبة بدعوة غريفيث للجانبين من أجل الذهاب إلى جنيف. ونددت بهجوم الحوثيين على ناقلة النفط السعودية وهجماتهم بالصواريخ الباليستية ضد المملكة. ولفتت إلى أن لجنة خبراء الأمم المتحدة أكدت أن إيران تمد الحوثيين بالأسلحة. وشددت على ضرورة إبقاء ميناء الحديدة مفتوحاً، كي يتواصل إيصال المساعدات الإنسانية.

استنكار كويتي من تجاهل قرارات المجلس
المندوب الكويتي منصور العتيبي أكد أنه «من غير المقبول الاستمرار في نهج تجاهل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرار 2216»، مضيفاً أنه «لا يمكن القبول أو التهاون في استمرار الهجمات الصاروخية الباليستية على دول الجوار، وكذلك تهديد مسارات الملاحة البحرية الدولية في باب المندب والبحر الأحمر».
وأوضح العتيبي، أنه «وعلى الرغم من إعلان التحالف وقف عملياته العسكرية لاستعادة مدينة الحديدة لتكون تحت سلطة الحكومة اليمنية الشرعية، فإن ميليشيات الحوثي واصلت استهدافها المتعمد للمواقع المدنية والمأهولة بالسكان في السعودية بالصواريخ الباليستية والمقذوفات المتفجرة نحو أهداف مدنية».
وأشار إلى أن «الميليشيات الحوثية تمارس أنماطاً جديدة من التحدي والتهديد لإرادة المجتمع الدولي من خلال استهدافها سلامة الملاحة البحرية الدولية في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، سواء بزرعها الألغام البحرية أو استهداف السفن التجارية والنفطية، مجدداً إدانة الكويت وبأشد العبارات لهذه الهجمات الصاروخية الباليستية من قبل ميليشيات الحوثي على أراضي المملكة وتهديد دول الجوار وسلامة الملاحة الدولية في باب المندب والبحر الأحمر، وهو انتهاك خطير للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وتهديد صريح للسلم والأمن الإقليمي والدولي».
وأكد المندوب الدائم لدولة الكويت لدى الأمم المتحدة تأييد بلاده للمملكة فيما تتخذه من إجراءات تهدف للحفاظ على أمنها واستقرارها وإشادتها بقرارها منح آلاف التأشيرات للحجاج اليمنيين من جميع المديريات والمحافظات اليمنية دون استثناء أو تمييز، مبيناً أنه من غير المقبول الاستمرار في نهج التجاهل لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرار 2216 ومواصلة التعنت في الانخراط بشكل بناء بالعملية السياسية، إضافة إلى محاولات تغليب المطامح والمصالح الشخصية على المصلحة العامة للشعب اليمني.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.