والدة بن لادن تخرج عن صمتها وتكشف سرّ اتجاهه للتشدد

تحدثت عن طبيعته المسالمة إلى أن غرر به «الإخوان»

عليا الغانم والدة أسامة بن لادن (الغارديان)
عليا الغانم والدة أسامة بن لادن (الغارديان)
TT

والدة بن لادن تخرج عن صمتها وتكشف سرّ اتجاهه للتشدد

عليا الغانم والدة أسامة بن لادن (الغارديان)
عليا الغانم والدة أسامة بن لادن (الغارديان)

سلطت عليا غانم، والدة أسامة بن لادن زعيم تنظيم «القاعدة» الضوء، للمرة الأولى على تفاصيل مثيرة حول عملية تجنيد ابنها، وعلاقته بجماعة الإخوان المسلمين عبر عبد الله عزام، القيادي الإخواني الشهير زعيم «الأفغان العرب» الذي طردته المملكة في وقت لاحق.
وقالت الأم، خلال الحوار الذي أجري في منزل العائلة في جدة بحضور شقيقيه أحمد وحسن: «لقد غيّره الناس في الجامعة. أصبح رجلاً مختلفاً».
وقالت والدة بن لادن في حوار مع صحيفة «ذي غارديان» البريطانية أمس، إن ابنها تقابل للمرة الاولى مع عبد الله عزام، عضو جماعة الإخوان المسلمين في جامعة الملك عبد العزيز في جدة حيث كان أسامة يدرس الاقتصاد، ثم تحول عزام إلى مستشار روحي لأسامة ابن لادن.
واعتبرت عليا غانم أن ابنها تعرض لعملية «غسل دماغ في مرحلة العشرينات من عمره... وأصبح شخصاً آخر».
وتحدثت غانم، للإعلام للمرة الأولى بعد قرابة 17 عاماً من وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001.
وذكرت والدة بن لادن، أن الأسرة كانت متوجسة من اللقاء الصحافي خوفاً من إثارة ذكريات الهجوم الإرهابي مجدداً، لكن بعد أيام عدة من التفاوض قبلت الأسرة الحديث وجرى اللقاء بداية شهر يونيو (حزيران) الماضي، بموافقة رسمية وبحضور مترجم ومراقب، وتناول بداية بن لادن وطبيعته المسالمة إلى أن تحول إلى التطرف بعد أن غرر به «الإخوان المسلمون».
على جدار بيتها تبرز صورة معلقة لابنها البكر تأخذ مكان الصدارة بين أفراد العائلة وإلى جوارها بعض التحف الثمينة وصورة له بدا فيها ملتحياً ومرتدياً سترة عسكرية وتعلو وجهه ابتسامة عريضة، وعلى جدار آخر علقت صور لأسامة يجلس على الأرض ويسند ظهره إلى الحائط. وكان يجلس في الغرفة زوج السيدة عليا الثاني محمد العطاس وولداها أحمد وحسن. وتقول عليا، إن والده قام بتربيته مع أشقائه تربية حسنة (كان أسامة بن لادن طفلها الوحيد من زوجها محمد بن لادن).
ورغم اختلاف رواية كل فرد من العائلة حول أسامة، فإن الأم تقول إنها تحب ابنها كثيراً، وتضيف: «حياتي كانت صعبة جداً، لأن ابني كان بعيداً عني فقد كان ولداً طيباً وأحبني كثيراً».
لا تزال التركة الثقيلة التي خلفها بن لادن لعائلته تمثل قضية كبيرة، اذ أفاد حسن، الأخ الأصغر لأسامة، بأن «كل مَن قابل أسامة في الأيام الأولى احترمه... في البداية، كنا فخورين به إلى أن جاء أسامة المتشدد»، مضيفاً: «أنا فخور به جداً كأخ أكبر لقد علمني الكثير، لكنني لست فخوراً به كرجل حقق ذلك الصيت السيئ على الساحة العالمية، لكن كل ذلك في النهاية من أجل لا شيء».
وتقول السيدة عليا، إن ابنها البكر كان خجولاً جداً، وكان متفوقاً دراسياً وتقياً وهو في العشرينات من عمره، وإنه أصبح متشدداً خلال دراسته الجامعية. وقالت: «لقد تغيّر في الجامعة وأصبح رجلاً مختلفاً حين التقى شخصاً يدعى عبد الله عزام، وهو عضو في حركة الإخوان المسلمين نُفي من السعودية لاحقا وأصبح مستشاراً دينياً لأسامة بن لادن».
وقبل ذلك كان أسامة شخصاً طيباً إلى أن قابل من قاموا بغسل دماغه في مطلع شبابه، وكنت أنصحه بالابتعاد عنهم، ولأنه يحبني كثيراً ويخشى غضبي من تجاهل نصيحتي، لم يكن يعترف بما يقوم به معهم».
وتقول السيدة عليا، إنها طلقت من والد أسامة بعد 3 سنوات من الزواج به وتزوجت من العطاس وكان وقتها موظفاً إدارياً في مجموعة بن لادن في بداية الستينات، وتابع والد بن لادن مسيرته بالزيجات حتى أصبح لديه 54 ولداً من نحو 11 زوجة. واستطردت بأنها عرفت الجانب الطيب من ابنها ولم تر فيه جانب المتشدد، وأوضح إخوة بن لادن غير الأشقاء أنهم أصيبوا بالذهول، «بعد أول تقارير وردت عن هجمات سبتمبر ودور أسامة فيها، والعواقب الهائلة التي سنتحملها نتيجة ذلك».
ولأن تركة بن لادن لا تزال تمثل عبئاً ثقيلاً على الجميع، التقت « ذي غارديان» الأمير تركي الفيصل الذي شغل منصب رئيس جهاز الاستخبارات السعودية طيلة 24 عاماً، خلال الفترة ما بين 1977 ومطلع سبتمبر 2001، أي قبل 10 أيام من اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر، وجرى اللقاء في فيلته بمدينة جدة. وفي وصفه لأسامة بن لادن، قال الامير تركي: «كان هناك اثنان أسامة بن لادن... الأول قبل نهاية الغزو السوفياتي لأفغانستان، وآخر بعده. قبلها كان مجاهداً مثالياً. لم يكن مقاتلاً، باعترافه، فقد كان يغمى عليه أثناء المعارك، وعندما يصحو يكون الهجوم السوفياتي على مواقعهم قد انتهى».
وبحسب مسؤولين في الرياض ولندن وواشنطن، فقد أصبح بن لادن الإرهابي المطلوب الرقم واحد عالمياً، وأنه تعمد استخدام مواطنين سعوديين للوقيعة بين الحضارتين الشرقية والغربية. وتقول مصادر الاستخبارات البريطانية، إن بن لادن «تعمد اختيار سعوديين لتنفيذ مهمة هجمات سبتمبر. فقد كان على قناعة بأنه سيقلب الغرب على بلاده وعلى وطنه الأم، ونجح بالفعل في إذكاء نار حرب، لكنها لم تكن الحرب التي توقعها».


مقالات ذات صلة

هجوم تركيا على عين العرب يفجر غضباً ويلقي بظلال على «مبادرة أوجلان»

المشرق العربي تركيا تواصل قصفها على محور سد تشرين شرق حلب رغم الاتفاق بين الإدارة السورية و«قسد» (أ.ف.ب)

هجوم تركيا على عين العرب يفجر غضباً ويلقي بظلال على «مبادرة أوجلان»

أثار الهجوم التركي على إحدى قرى عين العرب (كوباني) في شرق حلب رد فعل غاضباً من جانب حزب موالٍ للأكراد ينخرط في جهود لإنجاح مبادرة لحل حزب العمال الكردستاني.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا المسلحون وأسلحتهم (وزارة الدفاع الجزائرية)

4 متشددين يسلمون أنفسهم للجيش الجزائري

سلم 4 إرهابيين في الجزائر أنفسهم، وبحوزتهم أسلحة حربية، إلى السلطات العسكرية في برج باجي مختار جنوب البلاد، وفق بيان من وزارة الدفاع الجزائرية الاثنين.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شؤون إقليمية دعوة أوجلان لحل حزب العمال الكردستاني أعطت زخماً لاحتفالات عيد النيروز (موقع حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب)

تركيا: اختتام لقاءات حزبية حول دعوة أوجلان لحل «العمال الكردستاني»

اختتم حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» لقاءاته مع الأحزاب السياسية لمناقشة الخطوات القادمة بعد دعوة زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان لحل الحزب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا سراج الدين حقاني وزير الداخلية بالوكالة في حركة «طالبان»... (نيويورك تايمز)

حقاني يعاود الظهور في مسجد... ودوره داخل «طالبان» لا يزال غير واضح

ظهر سراج الدين حقاني، وزير الداخلية بالوكالة في حركة «طالبان»، بعد غياب 52 يوماً، وشوهد في مسجد بمدينة خوست، الجمعة الموافق 14 مارس (آذار) الحالي.

«الشرق الأوسط» (كابل )
أفريقيا لقطة من فيديو صوِّر الأربعاء الماضي يُظهر قوات مسلحة صومالية في دورية خارج مكان انفجار سيارة مفخخة يوم الثلاثاء بفندق بمدينة بلدوين وسط الصومال وهو الهجوم المسلح الذي استمر لساعات وأسفر عن مقتل عدد غير معروف من الأشخاص (أ.ب)

مقتل 120 عنصراً من «حركة الشباب» بغارات جوية جنوب الصومال

أفادت مصادر بمقتل ما لا يقل عن 120 عنصراً من «ميليشيات حركة الشباب الإرهابية» عقب غارات مكثفة أجراها الجيش، بالتعاون مع القوات الصديقة، على مدينة جلب الصومالية.

«الشرق الأوسط» (مقديشو)

«التعاون الخليجي»: استقرار سوريا ضرورة إنسانية وأمنية للمنطقة بأسرها

المشاركون في «مؤتمر بروكسل التاسع بشأن سوريا» بالعاصمة البلجيكية (مجلس التعاون)
المشاركون في «مؤتمر بروكسل التاسع بشأن سوريا» بالعاصمة البلجيكية (مجلس التعاون)
TT

«التعاون الخليجي»: استقرار سوريا ضرورة إنسانية وأمنية للمنطقة بأسرها

المشاركون في «مؤتمر بروكسل التاسع بشأن سوريا» بالعاصمة البلجيكية (مجلس التعاون)
المشاركون في «مؤتمر بروكسل التاسع بشأن سوريا» بالعاصمة البلجيكية (مجلس التعاون)

عدَّ جاسم البديوي، أمين عام مجلس التعاون الخليجي، الاثنين، إعادة إعمار سوريا واستقرارها «ضرورةً إنسانيةً وأمنيةً للمنطقة بأسرها»، مؤكداً أن المجلس سيظل داعماً لكل المبادرات التي تضعها على مسار التعافي بعيداً عن النزاعات، ومبنياً على أسس العدالة والتنمية والاستقرار.

جاء ذلك خلال كلمته أمام «مؤتمر بروكسل التاسع بشأن سوريا» في العاصمة البلجيكية بروكسل، بمشاركة عدة دول ومنظمات، ونوّه البديوي بأن هذا الحدث يُجسِّد التزام المجتمع الدولي بدعم سوريا وشعبها، ويعكس الإدراك المشترك لحجم التحديات التي تواجهنا في هذه المرحلة الحساسة، ويفتح الباب أمام إعادة الإعمار والتنمية، حاثاً الشركاء والدول والمنظمات المعنية على تقديم كل وسائل الدعم للسوريين.

وقال أمين المجلس: «نجتمع اليوم لإرسال رسالة أمل إلى الشعب السوري بأن العالم لم ينسهُ، وبأننا نقف إلى جانبهم في هذه اللحظة الفاصلة التي تتطلب منا جميعاً العمل من أجل تنسيق جهود الدعم الدولي للمرحلة الانتقالية التي تمر بها سوريا والسبل الأمثل لتقديمه، وتحديد أولوياته»، مؤكداً أن «ما يحدث في سوريا تحدٍّ إنساني وسياسي وأمني يمسّنا جميعاً».

جاسم البديوي يبدو على الشاشة خلال كلمته أمام المؤتمر في بروكسل (مجلس التعاون)

وأشار إلى ما شهدته سوريا من تطورات متسارعة في الآونة الأخيرة، «ما يستوجب منا جميعاً موقفاً موحداً يضمن الحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها»، لافتاً إلى وقوف دول المجلس بجانب الشعب السوري، انطلاقاً من قناعة راسخة بأن بلادهم القوية والآمنة والمستقرة ليست فقط مصلحة سورية، بل هي مصلحة خليجية وعربية ودولية.

وأبان البديوي أن المجلس الوزاري الخليجي أكد في 26 ديسمبر (كانون الأول) الماضي دعم كل الجهود الرامية لتحقيق تسوية سياسية شاملة، مُرحِّباً بالخطوات المتخذة لضمان سلامة المدنيين، والحفاظ على مؤسسات الدولة السورية ومقدراتها، ومؤكداً على أن حصر السلاح بيد الدولة هو الأساس لاستعادة الاستقرار. كما أيَّد دعوة أمين عام الأمم المتحدة لإنشاء بعثة أممية لدعم العملية الانتقالية في سوريا، «فنحن نؤمن بأن المجتمع الدولي يجب أن يكون شريكاً في إعادة بناء سوريا، لا مجرد مراقب للأحداث».

وذكر أن هذا الحدث يعد استمراراً لجهودنا المشتركة، حيث شاركت دول مجلس التعاون والأمانة العامة في مؤتمر وزاري رفيع المستوى استضافته فرنسا منتصف فبراير (شباط) الماضي ركّز على دعم عملية انتقالية شاملة، وتحديد الاحتياجات الأساسية لإعادة الاستقرار في سوريا، وقبله اجتماعات موسعة استضافتها بالرياض منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي؛ لبحث سبل دعم سوريا، والسعي لرفع العقوبات عنها، والبدء بتقديم كافة أشكال الدعم الإنساني والاقتصادي، وبناء القدرات اللازمة لإعادة الإعمار، «إيماننا بأن تعافي سوريا يتطلب دعماً اقتصادياً قوياً».

جانب من أعمال «مؤتمر بروكسل التاسع بشأن سوريا» في بروكسل (مجلس التعاون)

ونوّه الأمين العام بأن المجلس الوزاري الخليجي أكد خلال اجتماعه في مكة المكرمة 6 مارس (آذار) الحالي، على رفع العقوبات، لتمكين الاقتصاد السوري من الوقوف على قدميه مجدداً، وتهيئة الظروف لعودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم بكرامة وأمان، مُرحباً بالخطوات الإيجابية التي اتخذتها كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بتخفيف بعض العقوبات، ومؤكداً استمرار دول الخليج في تقديم المساعدات الإنسانية.

وقال البديوي إن دول الخليج لم تألُ جهداً في تقديم الدعم الإنساني والإغاثي للأشقاء السوريين «إدراكاً لحجم المعاناة التي ما زالوا يواجهونها»، حيث أرسلت مئات الأطنان من المساعدات الطبية والغذائية عبر الجسور الجوية والبرية، ونفّذت عشرات البرنامج التطوعية الصحية استفاد منها أكثر من عشرات الآلاف، إلى جانب برامج تدريب وتأهيل للأطباء، بهدف دعم القطاع الصحي.

وشدد على أن مجلس التعاون يدعم أمن سوريا واستقرارها، ويدين هجمات إسرائيل المتكررة على سوريا، ويرفض احتلال المنطقة العازلة، ويطالب بانسحابها من جميع الأراضي المحتلة، مؤكداً على أن الجولان ستظل أرضاً سورية عربية لا يغير الاحتلال من هويتها شيئاً، ورفض أي محاولات لإحداث تغييرات ديموغرافية في البلاد، «لأن مستقبل سوريا يجب أن يكون ملكاً لشعبها، وليس نتيجة لمخططات خارجية أو حسابات إقليمية».