الجزائر: وزير الداخلية يتوعّد من يحاول العبث باستقرار البلاد

قال إنه لا يمكن اختبار المواطنين في حبهم لوطنهم ودعمهم الكامل للجيش

TT

الجزائر: وزير الداخلية يتوعّد من يحاول العبث باستقرار البلاد

توعد نور الدين بدوي، وزير الداخلية الجزائري، أمس، كل من يحاول العبث باستقرار البلاد بردّ حازم وصارم.
وقال بدوي لوكالة الأنباء الألمانية خلال إشرافه على اجتماع تقييمي لمعاينة آخر التحضيرات للدخول المدرسي المقبل، إن الدولة «لن تتسامح مع أيٍّ كان يريد العبث باستقرارها وأمنها، وستضرب بيد من حديد، ولن يجد سوى الحزم والصرامة النابعين من قوة مؤسسات الدولة».
وأضاف بدوي بنبرة حازمة: «على أولئك الذين يريدون أن يقتاتوا من يوميات المواطن عشية كل استحقاق سياسي، مغردين خارج السرب، أن يعوا أن المواطن الجزائري لا يُختبر في حب وطنه، ودعمه الكامل واللامشروط لأمن واستقرار بلده، والتفافه حول جيشه».
وتأتي هذه التصريحات بعد أيام من تصريحات مماثلة، توعّد فيها الفريق أحمد قايد صالح، نائب وزير الدفاع الوطني ورئيس أركان الجيش الجزائري، بسحق أي تجاوز يؤدي إلى الفوضى، مؤكداً أن الجيش الجزائري يعرف مهامه الدستورية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال إقحامه في المتاهات الحزبية والسياسية، والزج به في صراعات لا ناقة له فيها ولا جمل.
وكانت «حركة مجتمع السلم»، المحسوبة على التيار الإخواني، قد أطلقت مبادرة سياسية تمنح دوراً للجيش في ضمان انتقال ديمقراطي سلس في الجزائر.
وقال قايد صالح، في كلمة له بمناسبة حفل تكريمي أقيم على شرف الطلبة المتفوقين في شهادة البكالوريا (الثانوية العامة)، وحضره كبار القادة العسكريين والأمنيين: «إن الجيش الوطني الشعبي... لا ولن يتسامح مع أي تجاوز قد يؤدي إلى الفوضى. الجيش لن يسمح بالفوضى التي قد يفكر في زرعها بعض الأطراف، الذين هم على استعداد لتعريض الجزائر للخطر من أجل صيانة، أو المحافظة، أو تحقيق مصالحهم الشخصية الضيقة».
وأضاف صالح لوكالة الصحافة الألمانية: «لقد سبق لي الإشارة في عدد من المناسبات إلى أن الجيش الوطني الشعبي يعرف حدود ونطاق مهامه الدستورية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال إقحامه في المتاهات الحزبية والسياسية، والزج به في صراعات لا ناقة له فيها ولا جمل».
وتابع موضحاً: «ومع ذلك، هناك من يسمح لنفسه بتنصيب شخصه وصياً على الجيش الوطني الشعبي، بل وناطقاً رسمياً باسمه، ناسياً أو متناسياً أن الجيش الوطني الشعبي هو جيش الشعب الجزائري، وهو جيش الجزائر بكل ما تحمله هذه العبارة الطيبة من معانٍ تاريخية عريقة، ومن قيم سامية ونبيلة، وبكل ما تمثله من حاضر ومستقبل».
وختم صالح كلمته بالقول إن الجزائر «ليست حلبة صراع وسباق لمن هبّ ودبّ من أجل صيد الغنائم، واقتناص المصالح الشخصية والذاتية الضيقة».
وطالب بعدم إرهاق كاهل الجيش بما سمّاه «بعض التدخلات وبعض التعليقات، وبعض الملاسنات، التي لا تسمن ولا تغني من جوع. فالجيش ليس شماعة يضع عليها بعض الفاشلين فشلهم، وليس الشجرة التي يريد البعض أن يحجب بها غابة عجزه وقصوره، فاللسان بما ينطق من كلام، وبما يهمس من همسات مهما تمطط، ولن يكون بديلا للسواعد القوية وللعمل النظيف».
يذكر أن الجزائر تستعد لتنظيم الانتخابات الرئاسية في مايو (أيار) المقبل، علماً بأن أحزاب الموالاة أعلنت دعمها لترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة (81 عاماً) لولاية رئاسية خامسة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.