إسرائيل تعهدت بألا تغتال العاروري لكنها لوّحت بإجراءات حربية

المكتب السياسي لـ«حماس» يجتمع بهيئته الكاملة في غزة للمرة الأولى

فلسطينيان يطلقان طائرة ورقية حارقة على مقربة من الحدود (أ.ب)
فلسطينيان يطلقان طائرة ورقية حارقة على مقربة من الحدود (أ.ب)
TT

إسرائيل تعهدت بألا تغتال العاروري لكنها لوّحت بإجراءات حربية

فلسطينيان يطلقان طائرة ورقية حارقة على مقربة من الحدود (أ.ب)
فلسطينيان يطلقان طائرة ورقية حارقة على مقربة من الحدود (أ.ب)

عشية التئام المكتب السياسي لحركة حماس، لأول مرة بهيئته الكاملة على أرض الوطن، وعلى الرغم من الأنباء التي كشفت أن إسرائيل تعهدت لكل من مصر والأمم المتحدة، بألا تمس صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، وهو من قادتها المستهدفين، بثت السلطات الإسرائيلية تلميحات وتهديدات حربية جديدة ضد قطاع غزة.
فقد بثت إسرائيل نبأ رسميا، بأن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر لشؤون الأمن والسياسة (الكابينت)، سوف يجتمع بعد غد الأحد: «لمناقشة الترتيبات المتعلقة بقطاع غزة». وأن هذا الاجتماع سيعقد ظهرا، في «المبنى الوطني لإدارة الأزمات في القدس»، وهو أكثر المباني تحصينا في إسرائيل ويقع تحت الأرض. وأضافت المصادر أن الوزراء سيطلعون، خلال الاجتماع، على نتائج الاتصالات التي أجراها مبعوث الأمم المتحدة، نيكولاي ميلادينوف، مع المصريين.
وقالت مصادر سياسية إسرائيلية، إنه في المستقبل القريب، سنعرف ما إذا كنا سنذهب إلى ترتيبات للوضع في قطاع غزة أو إلى التصعيد.
وينسجم هذا التوجه مع قرار وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، الذي أمر بمنع إدخال الوقود والغاز لقطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم، ابتداء من صباح أمس الخميس، عقابا للغزاويين بسبب استمرار إطلاق البالونات الحارقة من قطاع غزة باتجاه البلدات اليهودية المحيطة بالقطاع.
وكانت مصادر فلسطينية، قد أكدت أن المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، سيلتئم في أرض الوطن بتركيبته الكاملة، بقيادة رئيس الحركة إسماعيل هنية. وأوضحت المصادر أن وفد «حماس» الذي التقى رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، اللواء عباس كامل، في القاهرة أول من أمس الأربعاء، طلب من الأخير الموافقة على مرور قيادات الحركة من ممثّلي الخارج والضفة الغربية إلى قطاع غزة عن طريق معبر رفح البري. ووصل وفد «حماس» برئاسة صالح العاروري، أمس الخميس، إلى قطاع غزة، ليشارك في القرار حول عدد من القضايا الكبرى والاستراتيجية، مثل عقد هدنة طويلة مع إسرائيل، وصفقة تبادل أسرى، وفك الحصار عن القطاع.
وضم وفد الحركة إلى جانب العاروري، أعضاء المكتب السياسي موسى أبو مرزوق، وعزت الرشق، وحسام بدران (يقيمون خارج فلسطين المحتلة)، بالإضافة إلى خليل الحية وروحي مشتهى (يقيمان في غزة).
وكانت مصادر سياسية في تل أبيب، قد كشفت أن إسرائيل عارضت حضور العاروري إلى القطاع، وذكرت بأنه مطلوب إليها للمحاسبة على دوره الريادي في كثير من العمليات المسلحة؛ لكن المصريين أكدوا لها أن المصلحة تقتضي أن يحضر العاروري لتمرير الاتفاقيات الأخيرة المبرمة بين مختلف الأطراف، فوافقت على مضض.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم