الدوبامين هي مادة كيميائية موجودة بشكل طبيعي في جسم الإنسان، وتعمل كناقل عصبي، بمعنى أنها ترسل الإشارات بين الجسم والدماغ، وتلعب دوراً في التحكم في الحركات التي يقوم بها الشخص، بالإضافة إلى الاستجابات العاطفية. وعليه فإن المحافظة على توازن الدوبامين هي أمر حيوي لكل من الصحة البدنية والعقلية.
تتأثر بمستويات الدوبامين في الجسم معظم وظائف الدماغ الحيوية، التي تؤثر على المزاج والنوم والذاكرة والتعلم والتركيز والتحكم في الجهاز الحركي للشخص. وقد يكون نقص الدوبامين مرتبطاً بحالات طبية معينة، بما في ذلك الاكتئاب ومرض باركنسون، إلا أن نتائج الدراسات الحديثة تشير إلى أبعد من ذلك. ويمكن أن يرجع نقص الدوبامين إما إلى انخفاض كمية الدوبامين التي ينتجها الجسم أو لمشكلة في المستقبلات في الدماغ.
أعراض وأسباب
- الأعراض الشائعة. يرتبط نقص الدوبامين بالاكتئاب، لكن الباحثين لا يزالون يحققون في هذا الارتباط المعقد. وتعتمد أعراض نقص الدوبامين على السبب الأساسي، فعلى سبيل المثال يعاني الشخص المصاب بمرض باركنسون من أعراض تختلف تماماً عما يعاني منه شخص لديه انخفاض في مستويات الدوبامين بسبب تعاطيه المخدرات، مثلا.
وتقول الدكتورة سوزان فالك استشارية الطب الباطني بجامعة شيكاغو في إلينوي وبيتاني كادمان الباحثة في الشؤون الطبية في مقالة لهما نشرت بداية هذا العام إن أهم علامات وأعراض الحالات المتعلقة بنقص الدوبامين تشمل ما يلي: تصلب في العضلات – تشنجات - رعشة - أوجاع وآلام - فقدان التوازن - الإمساك - صعوبة الأكل والبلع - فقدان الوزن أو زيادة الوزن - مرض الارتجاع المعدي المريئي(GERD) - الالتهاب الرئوي المتكرر - صعوبة النوم أو اضطراب النوم - الطاقة المنخفضة - عدم القدرة على التركيز - التحرك أو التحدث ببطء أكثر من المعتاد - الشعور بالتعب - الشعور بالإحباط - الشعور بالحزن والبكاء - التقلبات المزاجية - الشعور باليأس - انخفاض الثقة بالنفس - الشعور بالذنب - الشعور بالقلق – التفكير في الانتحار أو إيذاء النفس - انخفاض الدافع الجنسي - الهلوسة - الأوهام - نقص البصيرة أو الوعي الذاتي.
•الأسباب. قد يتأثر نقص الدوبامين في الجسم بعدد من العوامل، مثل الحالة الصحية العامة، تعاطي المخدرات، النظام الغذائي غير الصحي، إضافة إلى ارتباطه بالعديد من اضطرابات الصحة العقلية لكنه لا يتسبب مباشرة في حدوثها.
وتتضمن أكثر الحالات الشائعة المرتبطة بنقص الدوبامين ما يلي:
- الاكتئاب - الفصام - الذهان بما في ذلك الهلوسة أو الأوهام - مرض باركنسون الذي يحدث فيه فقدان الخلايا العصبية في جزء معين من الدماغ وفقدان الدوبامين في نفس تلك المنطقة.
- يعتقد أيضا أن تعاطي المخدرات يمكن أن يؤثر على مستويات الدوبامين، حيث أظهرت الدراسات أن الاستخدام المتكرر للمخدرات يمكن أن يغير المستوى المطلوب من الدوبامين لتفعيل الخلية وإرسال الإشارات العصبية. إن الأضرار الناجمة عن تعاطي المخدرات تعني أن مستويات الدوبامين أعلى وبالتالي يكون من الصعب على الشخص أن يلاحظ التأثيرات الإيجابية للدوبامين. كما تبين أن متعاطي المخدرات لديهم نقصان كبير في مستقبلات الدوبامين وإطلاق الدوبامين.
- الوجبات الغذائية التي تحتوي على نسبة عالية من السكر والدهون المشبعة يمكن أن تثبط الدوبامين، كما أن نقص البروتين في النظام الغذائي للشخص قد يعني أنه ليس لديه ما يكفي من التيروزين l - tyrosine (وهو حمض أميني يساعد على بناء الدوبامين في الجسم). وقد وجد في بعض الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة يكونون أكثر عرضة لنقص الدوبامين.
- التشخيص والعلاج
لا توجد طريقة موثوقة لقياس مستويات الدوبامين. ومع ذلك، قد يعتمد الطبيب من أجل الشخص على الأعراض، عوامل نمط الحياة، والتاريخ الطبي لتحديد ما إذا كان لدى الشخص حالة معروفة مرتبطة بانخفاض مستويات الدوبامين.
أما العلاج، فقد يساعد تناول المكملات مثل حمض أوميغا 3 الدهني في تعزيز مستويات الدوبامين بشكل طبيعي. ويعتمد علاج نقص الدوبامين على السبب الكامن، فإذا تم تشخيص حالة صحية عقلية مثل الاكتئاب أو الفصام فقد يصف الطبيب أدوية للمساعدة في علاج الأعراض مثل مضادات الاكتئاب ومعدلات المزاج. ويمكن لأدوية مثل روبينيرول Ropinirole أو براميبيكسول pramipexole أن تعزز مستويات الدوبامين وهي غالبا ما توصف لعلاج مرض باركنسون إلى جانب دواء ليفودوبا Levodopa الذي يعطى عادة عندما يتم تشخيص مرض باركنسون للمرة الأولى.
وهناك علاجات أخرى توصف لنقص الدوبامين، تشمل:
- تقديم المشورة الطبية من أجل التشخيص الدقيق.
- إجراء تغييرات في النظام الغذائي ونمط الحياة.
- العلاج الطبيعي لتصلب العضلات ومشاكل الحركة.
- قد تساعد على رفع مستويات الدوبامين بعض المكملات مثل: تعزيز مستويات فيتامين دي، المغنيسيوم، أحماض أوميغا 3 الدهنية الأساسية.
- الأنشطة التي تجعل الشخص يشعر بالسعادة والاسترخاء يمكن أن تزيد مستويات الدوبامين، مثل ممارسة الرياضة، التدليك العلاجي، وتمارين التأمل.
- الخمول ونقص الدوبامين
إن الالتزام بممارسة التمارين البدنية، بالنسبة للكثيرين منا، يكاد يكون قرارا صعبا. ووفقا لمراكز مراقبة الأمراض والوقاية منها (CDC) الأميركية فإن النشاط البدني المنتظم يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بأمراض خطيرة، مثل مرض السكري من النوع الثاني، والسرطان، وأمراض القلب والأوعية الدموية.
ووفقا لبحث نشر قبل سنتين لفريق طبي ترأسه البروفسور ألكسكساي في كرافيتز رئيس قسم أمراض السكري والغدد الصماء والسمنة في المعهد الوطني للسكري وأمراض الجهاز الهضمي والكلى (NIDDK) حول السبب في أن الحيوانات السمينة تعاني من صعوبة في ممارسة النشاط البدني - فقد وجد أن هناك رابطا بين نقص الدوبامين ونقص النشاط البدني لدى الفئران.
ولاحظ البروفسور كرافيتز، من واقع خبرته في مرض باركنسون، وجود أوجه تشابه بين الفئران السمينة والفئران الباركنسونية أثناء دراسته، ما أثار فرضيته لربما هناك شيء آخر يمكن أن يساهم في عدم النشاط البدني، فمعظمنا لا نعرف السبب الذي يجعل الناس أو الحيوانات ذات البدانة أقل نشاطاً. وإن كان المفهوم الشائع هو أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة أقل نشاطاً جسدياً لأنهم يضطرون لحمل المزيد من وزن الجسم. إلا أن نتائج دراسة كرافيتز تشير إلى أن هذا المفهوم لا يفسر القصة بأكملها، حيث وجد رابطا بين وجود عيوب في إشارات الدوبامين والبدانة. وببساطة فإن الدوبامين مهم للغاية للحركة، والسمنة ترتبط بقلة أو عدم الحركة، فهل يمكن للمشاكل المتعلقة بإشارات الدوبامين وحدها أن تفسر عدم ممارسة النشاط.
وعليه، شرع الباحثون في فحص إشارات الدوبامين في الفئران الخالية من السمنة والبدانة، ونشرت النتائج في دورية «Cell Metabolism». وقام العلماء بفحص ما إذا كانت التغييرات في الحركة ترتبط بزيادة وزن الجسم، ووجدوا أنها لم تكن كذلك. ومن المثير للدهشة، أن الفئران التي اتبعت نظاما غائيا حمية غذائية غنيا بالدهون تحركت أقل قبل أن تصبح زائدة الوزن، مما يوحي بأن الوزن الزائد لا يمكن أن يكون وحده مسؤولا عن انخفاض الحركة.
نتائج هذه الدراسة تشير إلى أن نقص الدوبامين يمكن أن يفسر عدم النشاط البدني، مما يقلل من الوصمة التي لحقت وارتبطت بالسمنة، ومن المحتمل أن تكون هناك عوامل أخرى لها ارتباط أيضاً ولم يتم التوصل لها.
- الدوبامين مقابل السيروتونين
> الدوبامين والسيروتونين هما مواد كيميائية تفرز بشكل طبيعي في الجسم ولهما أدوار في مزاج الشخص ورفاهيته.
السيروتونين يؤثر على مزاج الشخص وعواطفه، وكذلك أنماط النوم والشهية ودرجة حرارة الجسم والنشاط الهرموني مثل الدورة الشهرية. ويعتقد بعض الباحثين أن انخفاض مستويات السيروتونين يسهم في الإصابة بالاكتئاب. والعلاقة بين السيروتونين والاكتئاب والاضطرابات المزاجية الأخرى معقدة ومن غير المحتمل أن يكون سببها خللا في السيروتونين وحده.
أما الدوبامين، فإنه بالإضافة إلى ذلك، يؤثر على كيفية تحريك الشخص، حيث لا توجد أي صلة واضحة لدور السيروتونين في الحركة. ويمكن أن يكون لنقص الدوبامين تأثير كبير على نوعية حياة الشخص، مما يؤثر عليه جسدياً وذهنياً. ويرتبط العديد من اضطرابات الصحة العقلية بمستويات منخفضة من الدوبامين. كما تم ربط حالات طبية أخرى، بما في ذلك مرض باركنسون، بانخفاض مستوى الدوبامين.
وهناك أدلة محدودة على أن النظام الغذائي ونمط الحياة يمكن أن يؤثرا على مستويات الدوبامين الذي يقوم الشخص بإنشائه وينقله في أرجاء الجسم. قد تساعد بعض الأدوية وبعض العلاجات في تخفيف الأعراض، ولكن يجب على الشخص دائماً التحدث إلى الطبيب أولاً إذا كان قلقاً بشأن مستويات الدوبامين.
تأثيرات سيئة لنقص الدوبامين على الصحة البدنية والنفسية
يؤدي إلى أمراض خطيرة كالاكتئاب وباركنسون
تأثيرات سيئة لنقص الدوبامين على الصحة البدنية والنفسية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة