ضبط خلية إرهابية بالبحيرة وتوقيف 38 من أنصار الرئيس الأسبق بتهم العنف

الداخلية تنفي تعرض «الإخوان» للتعذيب بـ«وادي النطرون» وتأجيل محاكمة مرسي

ضبط خلية إرهابية بالبحيرة وتوقيف 38 من أنصار الرئيس الأسبق بتهم العنف
TT

ضبط خلية إرهابية بالبحيرة وتوقيف 38 من أنصار الرئيس الأسبق بتهم العنف

ضبط خلية إرهابية بالبحيرة وتوقيف 38 من أنصار الرئيس الأسبق بتهم العنف

نفت وزارة الداخلية في مصر أمس ما جرى تداوله في بيانات لعدد من المنظمات الحقوقية أشارت فيها إلى تعرض محبوسين من جماعة الإخوان المسلمين للتعذيب في سجن وادي النطرون من جانب إدارة السجن، وقالت الداخلية أمس إن «أجهزتها ملتزمة بكل الضوابط الدستورية والقانونية وتحقيق رقابة فعلية على تلك الأجهزة لمواجهة أي تجاوزات أو انتهاكات قد تقع، كما تؤكد أن استراتيجية العمل بالسجون المصرية ترتكز على تفعيل مبادئ السياسة العقابية الحديثة، التي تعلى من قيم حقوق الإنسان وتصون وتحترم حقوق النزلاء».
في حين قال مصدر أمني أمس، إنه «تم ضبط 12 من المنتمين لجماعة الإخوان لاتهامهم بتكوين خلية إرهابية في محافظة البحيرة كانت تستهدف تحريض العامة ضد النظام المصري»، وتمكنت السلطات المصرية من ضبط العشرات من أنصار الإخوان متهمين بالتحريض على أعمال العنف في المحافظات.
في غضون ذلك، أجلت محكمة جنايات القاهرة أمس، محاكمة الرئيس الأسبق محمد مرسي و35 متهما من قيادات وأعضاء الإخوان في القضية المعروفة إعلاميا بـ«التخابر»، إلى جلسة 17 أغسطس (آب) المقبل، لإيداع تقرير لجنة الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات.
ويحاكم إلى جانب مرسي في القضية 20 متهما محبوسا بصفة احتياطية يتقدمهم كبار قيادات الإخوان، من بينهم محمد بديع مرشد الجماعة، ونائباه خيرت الشاطر ومحمود عزت (هارب)، إضافة إلى 16 متهما آخرين هاربين أمرت النيابة بسرعة إلقاء القبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة، لاتهامهم بـ«التخابر مع منظمات أجنبية»، و«إفشاء أسرار الدفاع» و«تمويل الإرهاب».
وحضر مرسي، المحبوس على ذمة ثلاث قضايا أخرى تتعلق باقتحام السجون إبان ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، والتحريض على قتل المتظاهرين السلميين أمام قصر الاتحادية الرئاسي، وإهانة السلطة القضائية، جلسة المحاكمة التي عقدت بمقر أكاديمية الشرطة (شرق القاهرة) أمس. ويقضي مرسي فترة السجن الاحتياطي في القضايا المتهم فيها بمنطقة سجون برج العرب بالإسكندرية.
ونفت الداخلية ما جرى تداوله في بيانات عدد من المنظمات الحقوقية، أشارت فيها إلى تعرض المحبوسين في سجن وادي النطرون (والذي يقع على الطريق الصحراوي بين القاهرة والإسكندرية)، للعنف من جانب إدارة السجن في مايو (أيار) الماضي.
وأكدت الوزارة عدم صحة الادعاءات الواردة بالبيان المُشار إليه جملة وتفصيلا وذكرت في بيانها أنه «في إطار قيام إدارة ليمان وادي النطرون بحملة تفتيشية مكبرة انطلاقًا من مسؤوليتها الوظيفية المستمدة من لوائح وقانون السجون على عنبري (5، 7) والمودع بهما المحبوسون احتياطيا من أعضاء جماعة الإخوان للاطمئنان إلى عدم حيازتهم ممنوعات وفقا للوائح السجون، فوجئ أفراد الحملة بقيام المحتجزين بالتكدس خلف أبواب الزنازين من الداخل والطرق عليها والتعدي على الحراس بالسب والشتم وإلقاء زجاجات المياه عليهم، في محاولة لمنع تقدم القوات واستكمال الحملة التفتيشية، حيث جرت السيطرة على الموقف دون أدنى تجاوز، وجرى اتخاذ الإجراءات القانونية حيال تلك الوقائع وإخطار النيابة العامة بها».
وتابعت وزارة الداخلية: إن جهود الحملة أسفرت عن ضبط عدد 17 تليفونا جوالا، بالإضافة إلى تسع شرائح تليفون، فضلا عن بعض قطع الملابس المدنية وسبع غلايات، والتي يمكن أن تتسبب في أضرار بالغة بأمن النزلاء والسجن ذاته إذا ما أسيء استخدامها. كما جرى ضبط أحد النزلاء وبحوزته تليفون جوال، وبفحصه تبين أنه تلقى عليه عدة مكالمات دولية، وبمواجهته أقر باستخدامه للاتصال بإحدى القنوات الفضائية وإبلاغها بالحملة المشار إليها، حيث بادرت تلك القناة بترويج أكاذيب عن تعرض المحبوسين لانتهاكات خلال الحملة، وجرى اتخاذ الإجراءات القانونية حيال تلك المخالفات.
وأعلنت الحكومة المصرية رسميا الإخوان المسلمين «جماعة إرهابية» بعد أن اتهمتها بتنفيذ تفجيرات وأعمال عنف مسلحة، عقب عزل مرسي في يوليو (تموز) من العام الماضي، قتل خلالها المئات من الأشخاص بينهم عناصر تابعة للجيش والشرطة. وقال مصدر أمني أمس، إن «السلطات الأمنية في محافظة البحيرة تمكنت من ضبط 12 شخصًا من المنتمين لجماعة الإخوان، لاتهامهم بتكوين خليه إخوانية فيما بينهم، تستهدف استغلال المشاكل الجماهيرية لتحريض العامة ضد النظام الحالي»، مضيفا: «عثر بحوزتهم على كمية من المطبوعات والأوراق التنظيمية والمنشورات الإثارية واللافتات وحقيبة بداخلها مسامير وبارود وزلط وسلك تستخدم في صناعة العبوات الناسفة».
في السياق ذاته، تواصل السلطات الأمنية حملاتها في المحافظات لضبط عناصر الإخوان المحرضة على العنف، وألقت الأجهزة الأمنية بالإسكندرية، أمس، القبض على 12 من أعضاء الإخوان لاتهامهم في قضايا «عنف وشغب وتحريض على التظاهر». وتمكنت أجهزة الأمن في أسوان (بصعيد مصر) من ضبط خمسة من أنصار الإخوان، متهمين بالتحريض على العنف والمشاركة في مسيرات الجماعة الرافضة للنظام الحالي. كما تمكنت الأجهزة الأمنية بمحافظة قنا أمس، من ضبط ستة من عناصر جماعة الإخوان لاتهامهم بالتحريض على أعمال الشغب والانضمام لجماعة محظورة، فيما ألقت الأجهزة الأمنية بالمنيا القبض على خمسة من أعضاء جماعة الإخوان أثناء فض مظاهرة انطلقت من مسجد البرهان بمغاغة باستخدام القنابل المسيلة للدموع.
من جانب آخر، أجلت محكمة جنايات القاهرة أمس، نظر محاكمة الناشط السياسي أحمد دومة و269 متهمًا بينهم 16 محبوسون، وتسعة هاربين والباقي مخلى سبيلهم في القضية المعروفة إعلاميًا باسم «أحداث مجلس الوزراء» لجلسة الرابع من أغسطس (آب) المقبل، مع استمرار حبس المتهمين.
ويحاكم المتهمون بتهم التجمهر، وحيازة أسلحة بيضاء ومولوتوف، والتعدي على أفراد من القوات المسلحة والشرطة، وحرق المجمع العلمي والاعتداء على مباني حكومية أخرى، منها مقر مجلس الوزراء ومجلسي الشعب والشورى.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.