دمشق والأكراد... وهم الرهان على موسكو وواشنطن

مجلس سوريا الديمقراطية -  أرشيف («الشرق الأوسط»)
مجلس سوريا الديمقراطية - أرشيف («الشرق الأوسط»)
TT

دمشق والأكراد... وهم الرهان على موسكو وواشنطن

مجلس سوريا الديمقراطية -  أرشيف («الشرق الأوسط»)
مجلس سوريا الديمقراطية - أرشيف («الشرق الأوسط»)

زيارة وفد «مجلس سوريا الديمقراطية» الكردي - العربي إلى دمشق لم تكشف عمق الفجوة بين الطرفين فحسب؛ بل انطباعات خاطئة لكل طرف عن «خصمه» الجديد الذي كان «حليفاً» في سنوات سابقة... أيضاً، عدم دقة رهان كل منها على حليفه الدولي؛ واشنطن بالنسبة إلى الأكراد، وموسكو بالنسبة لدمشق.
بالنسبة لوفد «سوريا الديمقراطية»، جاء إلى دمشق متسلحاً باعتقاده أن التحالف الدولي ضد «داعش» بقيادة واشنطن، باق في شمال شرقي نهر الفرات. قادة أكراد عسكريون وسياسيون يعتقدون أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب لن يسحب قواته من شرق سوريا لسببين: الأول؛ تقليص النفوذ الإيراني وقطع طريق طهران - بغداد - دمشق - بيروت. الثاني؛ هزيمة تنظيم «داعش» وعدم ظهوره ثانية... أي؛ عدم تكرار ترمب خطأ سلفه باراك أوباما عندما انسحب من العراق.
لذلك، فإن وفد «سوريا الديمقراطية»، رفع سقف توقعاته: البدء أولاً بعودة الخدمات من كهرباء وصحة ومياه وتعليم في مناطق «قوات سوريا الديمقراطية»، التي تشكل ثلث مساحة سوريا البالغة 185 ألف كيلومتر مربع، إضافة إلى التوصل إلى صيغة مباشرة تخدم «المصلحة المشتركة» لاستثمار حقول النفط التي تشكل 90 في المائة من الإنتاج السوري، والغاز الذي يشكل نحو نصف الإنتاج الوطني.
بالنسبة إلى الوفد الزائر، فإن النجاح في «إجراءات بناء الثقة» يؤدي إلى الانتقال إلى المرحلة الثانية التي تشمل سيطرة «الدولة السورية» على معابر الحدود مع العراق وتركيا ونشر أجهزة الأمن، إضافة إلى بحث صيغة للتجنيد الإجباري لشباب المنطقة الشرقية وعلاقة الـ75 ألف مقاتل من «قوات سوريا الديمقراطية» بالجيش السوري المستقبلي.
أما المرحلة الثالثة، فستتناول طبيعة الحكم - النظام السوري. الوفد، يعتقد أنه قادر على فرض صيغة «الإدارات الذاتية»، خصوصاً بعدما شكل مجلسا للتنسيق بين الإدارات في المحافظات الثلاث الحسكة ودير الزور والرقة والمناطق ذات الغالبية الكردية والكردية.
في المقابل، بدا أن دمشق، من خلال الكلام القليل لوفد «مجلس الأمن الوطني» الذي رأسه اللواء علي مملوك مع زواره من شرق سوريا، ليست في عجلة من أمرها. كان واضحاً، بحسب المعلومات، أن دمشق تتحدث عن «خطوط حمر»؛ هي: السيطرة على جميع المعابر الحدودية بما فيها تلك الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» مع العراق وتركيا، ورفع العلم الرسمي على جميع النقاط الحدودية والمؤسسات العامة، وعدم قبول «أي خطوة انفصالية».
لذلك، ترى أن أي خطوة لإعادة الخدمات يجب أن تكون ملزمة بحراسة أمنية من المركز. ولم تكن دمشق متعجلة لإجراء مفاوضات مباشرة لاستثمار حقول النفط والغاز، وهي تفضل التعاطي عبر وسطاء، باتوا «أمراء حرب»، جمعوا مئات ملايين الدولارات عبر نقل صهاريج النفط من حقلي الرميلان وعمر إلى مصفاة حمص.
لم يكن الوفد الأمني، الذي غاب عنه السياسيون والحكوميون، مستعدا لبحث اللامركزية أو الإدارات الذاتية، بل هناك قناعة بأن القانون رقم «107» الذي يتحدث عن مجالس محلية تابعة لوزارة الإدارة المحلية، كاف لمعالجة الشواغل الكردية، إضافة إلى بعض «التنازلات» المتعلقة بحقوق الأكراد اللغوية والاحتفالية والخدمة.
الواضح أن دمشق تستند في تشدد موقفها لثلاثة أمور: المكاسب العسكرية الأخيرة قرب دمشق وحمص وجنوب سوريا، والدعم الروسي جواً والإيراني براً، والرهان على أن الأميركيين سيغادرون سوريا وأن الوقت لصالح دمشق. وهناك رهان رابع خفي؛ القدرة على تطويع المنطقة الشرقية باختراقات نابعة من تحالفات سابقة مع عشائر عربية أو تنظيمات كردية. لذلك، لم تقم دمشق بإعلان بيان رسمي عن اللقاءات، واكتفت ببضع كلمات نقلا عن «مصدر مطلع» تضمنت نفيا لبحث موضوع اللامركزية.
وأمام هذه الفجوة، كان «الإنجاز» الوحيد للقاءات رفع الحظر في دمشق عن ذهاب فنيين وخبراء لإصلاح عنفات توليد الكهرباء في سد الطبقة على نهر الفرات، وموظفين لمنشآت صحية، مع بطء شديد في تشكيل لجنة مشتركة لبحث التعاون المستقبلي ضمن «لعبة شراء الوقت».
من هنا، جاء اقتراح كردي جديد لإحداث اختراق: التعاون معاً لشن هجوم على عفرين وإدلب... أي إعادة عقارب الساعة إلى الوراء واستحضار التعاون السابق بين دمشق و«حزب العمال الكردستاني» بزعامة عبد الله أوجلان ضد تركيا.
المشكلة في هذا الرهان، هو الانطباعات الخاطئة لكل طرف عن «حليفه»... روسيا لم تسمح لدمشق بتقديم المعاونة لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية في عفرين بداية العام، بل إنها تخلت عن «الوحدات» لصالح تركيا. كما أن روسيا لم تسمح لقوات الحكومة بشن عملية شاملة ضد فصائل معارضة وإسلامية في إدلب. أيضاً، فإن الأميركيين؛ حلفاء «قوات سوريا الديمقراطية» شرق نهر الفرات، عقدوا اتفاقا مع تركيا لحل ملف منبج وقد يكون على حساب «وحدات الحماية».
قد يعيد التاريخ نفسه: يخيب الروس دمشق في إدلب، ويخيب الروس «الوحدات» في عفرين، ويخيب الأميركيون «قوات سوريا الديمقراطية» شرق الفرات كما خيبهم الروس في «درع الفرات» و«غصن الزيتون».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.