«التوحيد والإصلاح» المغربية تعتزم مراجعة العلاقة بين السياسة والدعوة

دعت «حماس» وحركات إسلامية في أفريقيا لحضور مؤتمرها العام

TT

«التوحيد والإصلاح» المغربية تعتزم مراجعة العلاقة بين السياسة والدعوة

تتجه حركة التوحيد والإصلاح المغربية، الذراع الدعوية لحزب العدالة والتنمية، متزعم الائتلاف الحكومي، إلى مراجعة علاقتها بالحزب، وضبط التداخل بين الدعوي والسياسي في عملها، وذلك خلال مؤتمرها العام السادس المقرر عقده يوم الجمعة المقبل في الرباط، والذي سيجري خلاله انتخاب قيادة جديدة للحركة.
وقال عبد الرحيم شيخي، رئيس الحركة، إن لدى هذه الأخيرة توجها في المرحلة المقبلة من أجل المزيد من توضيح الصورة بشأن التداخل بين السياسي والدعوي، والتي تعبر عنه بـ«التمايز ما بين مجالات العمل». إلا أن الإشكال المطروح يبقى على المستوى العملي، من حيث التمايز بين ما هو دعوي حركي، وبين ما هو سياسي حزبي. فالهيئتان المعنيتان (الحركة والحزب)، يضيف الشيخي، «مستقلتان سواء في الاختيارات أو القرارات أو في التمويل. ويبقى تدبير حالات التداخل والعضوية المشتركة لبعض المسؤولين في الهيئات المسيرة، الذي ستعالجه الحركة من خلال توسيع حالات التنافي في المسؤوليات وتعميقها إلى أبعد مدى ممكن».
من جهة أخرى، عزا شيخي تراجع الحركة عن تفاعلها مع القضايا المجتمعية والسياسية، التي استأثرت باهتمام الرأي العام في المغرب إلى التوجه العام الذي تبنته، والذي يقوم على التعامل «بمقاربة موضوعية بناءة وهادئة، أكثر منها احتجاجية وسجالية»، مع الأحداث. مشيرا إلى أن الحركة «قدّرت في بعض الأحيان عدم الخوض في عدد من القضايا، لا سيما تلك التي تكتسي طابعا سياسيا، أو بغرض الاستدراج لمعارك وهمية، وبهدف الاستفزاز أو الإثارة».
وأعلنت الحركة أن الجمع العام الوطني السادس ينعقد في إطار مرحلة تتميز بعدد من الخصوصيات، إذ يتزامن مع قرب انتهاء المدة المخصصة للمخطط الاستراتيجي، الذي وضعته الحركة للفترة ما بين 2006 و2022. كما سيشهد المصادقة على صيغة جديدة من ميثاق حركة التوحيد والإصلاح، الذي يعتبر الوثيقة التأسيسية، والتي نوقشت خلال الوحدة بين حركة الإصلاح والتجديد ورابطة المستقبل الإسلامي سنة 1996، حيث ستتم مراجعة وتجديد وتدقيق لعدد من القضايا الواردة في هذا الميثاق، إلى جانب المصادقة على اختيارات وتوجهات المرحلة المقبلة، بحيث «ستكون مناسبة لتقييم المخطط الاستراتيجي لحركة التوحيد والإصلاح، بما يتيح الوقوف على مكامن النقص فيه، والعمل على تجاوزها، وفق منطلقات وأهداف الحركة».
وكانت تقارير إعلامية قد قالت إن عبد الإله ابن كيران، الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، رئيس الحكومة السابق وعضو مجلس الشورى الحالي للحركة، مرشح لرئاسة هذا التنظيم. إلا أن شيخي قال إنه «لا أحد يعرف حتى الساعة من سيكون رئيس الحركة المقبل، لأن هذا الأمر متروك للمؤتمر، كما أنه لا أحد يرشح نفسه».
وأوضحت حركة التوحيد والإصلاح أنها وجهت الدعوة لحضور مؤتمرها العام السادس لضيوف من القارة الأفريقية «بالنظر للتوجه الرسمي المغربي إلى القارة السمراء»، بالإضافة إلى أن الحركة هي عضو أساسي وفاعل في منتدى الوسطية في أفريقيا، الذي تم تأسيسه سنة 2010 من قبل مجموعة من الجمعيات والهيئات والمنظمات الإسلامية في أفريقيا لإشاعة فكر الوسطية، ونبذ الغلو والتطرف، وهو يضم أزيد من 13 جمعية ومنظمة من 11 دولة أفريقية.
وستتميز الجلسة الافتتاحية للمؤتمر بحضور عدد من الضيوف من داخل المغرب، بينهم سامي أبو زهري، الناطق الرسمي باسم حركة حماس، وعزت الرشق، عضو المكتب السياسي للحركة، كما سيحضر ممثلون عن حركات إسلامية في عدد من الدول الأفريقية والعربية، أبرزها تونس والجزائر والسودان ومالي وتشاد وكوت ديفوار وغامبيا والسنغال.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».