الحكومة المصرية تواصل مطاردة الإشاعات والأخبار «غير الصحيحة»

الرئيس السيسي حذر من انتشارها ووصفها بـ«خطر حقيقي»

TT

الحكومة المصرية تواصل مطاردة الإشاعات والأخبار «غير الصحيحة»

واصلت الحكومة المصرية، أمس، مطاردة الإشاعات، التي حذر الرئيس من انتشارها، ووصفها بالخطر الحقيقي، في حين خصص «مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء» بيانات عدة للرد على بعضها، ونفي تلك الأخبار «غير الصحيحة»، التي تناولت شؤوناً اقتصادية وصناعية وتعليمية، كما طالت تشريعات قانونية قائمة بالفعل.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد قال في 23 من يوليو (تموز) الماضي، إن البلاد تواجه «خطراً حقيقياً يسعى إلى تدمير الدولة من الداخل، عبر نشر إشاعات تستهدف فقدان الأمل، والإحساس بالإحباط، وتحريك الناس للتدمير»، موضحاً في هذا السياق، أنه تم «رصد 21 ألف إشاعة في ثلاثة أشهر فقط».
وأوضح «مركز معلومات الوزراء»، أنه رصد خلال أسبوع واحد سبع إشاعات، منها أنباء تفيد بـ«تراجع وزارة التربية والتعليم عن تنفيذ القرارات الصادرة بشأن العقوبات الموقعة بإلغاء امتحان بعض طلاب الثانوية العامة، الذين استخدموا أجهزة الهواتف المحمولة في الغش»، وأرجعت الإشاعة سبب وقف العقوبة إلى أن بعض المعاقبين من الطلاب هم من أبناء كبار المسؤولين. غير أن وزارة التربية والتعليم أفادت بأن مسألة إلغاء العقوبات «لا تستند إلى أي حقائق، وتؤدي إلى بلبلة الرأي العام، وتؤثر سلباً على ‏أوضاع المنظومة التعليمية».
وفيما يتعلق بالتعليم أيضاً، قال «معلومات الوزراء»، إن وزارة التربية والتعليم ملتزمة بـ«تسليم كتب النظام التعليمي الجديد للمدارس في موعدها المقرر، دون أي تأخير في عملية تسليم الكتب المدرسية الخاصة بالنظام التعليمي الجديد».
وكان المركز يرد بذلك على «إشاعة» رصدها تحدثت عن «عدم قدرة الوزارة على الوفاء بتسليم الكتب للطلاب».
وفي المجال الاقتصادي، تناول المركز الحكومي «صوراً لورقتين ‏نقديتين من فئتي 500 جنيه و1000 جنيه مصري، صادرتين عن البنك ‏المركزي المصري؛ تمهيداً لبدء التعامل بهما في الأسواق»، وأوضح أن «البنك المركزي نفى صحة تلك الأنباء تماماً»، وقال إنه «لم يصدر أي ‏ورقة ‏نقدية من تلك الفئات»، موضحاً أن عملية ‏إصدار أوراق النقد الجديدة تخضع لمعادلات ‏اقتصادية معقدة، ‏ومعايير أمنية دولية صارمة، وأن «الدولة تدعم حالياً التوسع في مجال التكنولوجيا المالية والمدفوعات الإلكترونية».‏
وفي المجال الصحي، قال «مركز معلومات مجلس الوزراء»، إنه رصد أنباء متداولة «تُفيد باختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي في محافظة المنيا»، ونقل عن وزارة الإسكان تأكيداً بـ«سلامة وأمان مياه الشرب وصلاحيتها للاستخدام، وعدم حدوث أي اختلاط لمياه الشرب بمياه الصرف الصحي بالمحافظة؛ وذلك بناءً على تقرير لجنة حصلت على عينات من مياه الشرب لتحليلها في معامل الصحة ومعامل شركة المياه».
كما طالت «الإشاعات»، التي رصدها المركز الحكومي، قانون الأحوال الشخصية القائم، وقالت إن الحكومة «أدخلت عليه تعديلات تقضي بحرمان الزوجة من حقوقها الزوجية والمادية والنفقة»، وفي مقابل ذلك قالت وزارة العدل، إن «الحكومة لم تجرِ من الأساس أي تعديلات على قانون الأحوال الشخصية، ولم تتطرق من قريب أو من بعيد لحقوق الزوجة المصرية».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».