مخاوف من «اندثار» حزب آفاق تونس إثر استقالة أبرز قادته

مطالب بفتح تحقيق حول ابتزاز نواب للتصويت لفائدة وزير الداخلية الجديد

TT

مخاوف من «اندثار» حزب آفاق تونس إثر استقالة أبرز قادته

كشفت استقالة كريم الهلالي من رئاسة المكتب السياسي لحزب «آفاق تونس» عن أزمة سياسية يعاني منها هذا الحزب، خاصة في ظل تباعد المواقف بشأن التصويت في البرلمان لصالح وزير الداخلية التونسية الجديد، واتهام رئيس الحزب بالانفراد بالرأي، وعدم الاستماع لبقية مكونات الحزب الليبرالي، الذي أسسه ياسين إبراهيم، الوزير السابق للتنمية والاستثمار والتعاون الدولي.
ويرى متابعون للشأن السياسي التونسي أن عدة أحزاب سياسية أخرى، سواء تلك المشاركة في الائتلاف الحاكم أو تلك التي تنشط في المعارضة، ستتأثر بنتائج الجلسة البرلمانية التي انعقدت نهاية الأسبوع الماضي، وقد تشهد هي الأخرى بوادر تصدع، مثل ما حدث لحزب آفاق تونس.
ومن بين الأحزاب المهددة بالتصدع أو الانشقاق، حسب بعض المراقبين: «حركة مشروع تونس»، التي يتزعمها محسن مرزوق الأمين العام السابق لحزب النداء، كما أن حزب النداء، المتزعم للائتلاف الحاكم، الفائز في انتخابات2014، لن يسلم هو الآخر من هذه التأثيرات السلبية، حتى وإن كان قد «أنقذ السفينة في اللحظات الأخيرة قبل الغرق»، حسب تعبير بعض المحللين السياسيين، وذلك عندما صوت لصالح وزير الداخلية الجديد بعد مشاورات سياسية مضنية.
وأرجع الهلالي استقالته من رئاسة المكتب السياسي للحزب لمعارضته قرار المكتب السياسي مقاطعة الجلسة العامة البرلمانية، التي انعقدت السبت الماضي، وخصصت لمنح الثقة لوزير الداخلية الجديد هشام الفراتي، واتهم بقية قيادات الحزب باتخاذ قرار المقاطعة دون علمه، على حد قوله.
واعتبر الهلالي أن الحزب بات «في حاجة إلى مسار إصلاحي»، معربا عن خشيته من أن يعرف الحزب طريقه إلى الاندثار: «إذا لم تتحرك الأغلبية الصامتة لإنقاذه وإعادة مساره، خاصة فيما يتعلق بطريقة التسيير»، على حد تعبيره.
ومن المنتظر أن يعقد الحزب نهاية هذا الأسبوع اجتماعا عاجلا واستثنائيا للنظر في الخلافات المتعلقة بتصويت نواب الحزب داخل البرلمان حول وزير الداخلية الجديد، واختلافهم مع رئيس المكتب السياسي الذي دعم الوزير الجديد.
وتشكل حزب «آفاق تونس» إثر ثورة 2011 وحصل على الترخيص القانوني أواخر مارس (آذار) 2011، وتمكن في انتخابات المجلس التأسيسي خلال نفس السنة من الحصول على أربعة مقاعد. لكنه سرعان ما ضاعف هذا العدد في الانتخابات البرلمانية لسنة 2014. وبعد ذلك شارك في الائتلاف الحاكم قبل أن يغادره نهاية السنة الماضية بعد رفضه المصادقة على قانون المالية لسنة 2018 ويحول كتلته البرلمانية إلى كتلة ضغط على حكومة الشاهد.
وأعرب ياسين إبراهيم، رئيس حزب آفاق تونس، عن معارضته للحكومة الحالية بعد انتصار الشاهد للوزير السابق مهدي بن غربية في خلافه مع إبراهيم حول ما عرف بفضيحة بنك «لازارد»، الذي مكنه ياسين إبراهيم عندما كان وزيرا للتنمية والاستثمار والتعاون الدولي من صفقة لإنجاز برامج حكومية، وقد أرغمته هذه الفضيحة على الاستقالة آنذاك.
من جهته، قال زهاد زقاب، المتحدث باسم حزب آفاق تونس، إن 23 عضوا من أعضاء المكتب السياسي للحزب، البالغ عددهم 37 اتفقوا على سحب الثقة من رئيس المكتب السياسي كريم الهلالي، وذلك على خلفية «عدم التزام نواب الحزب في البرلمان بالقرار القاضي بعدم منح الثقة لوزير الداخلية الجديد».
على صعيد متصل، طالبت مجموعة من نواب البرلمان بفتح تحقيق قضائي حول حقيقة تلقي بعضهم تهديدات، وإجبارهم على التصويت لفائدة وزير الداخلية الجديد. وقالوا في بيان مشترك إن الكثير من نواب البرلمان تعرضوا لضغوطات كبيرة، وتلقوا اتصالات من بعض وزراء يوسف الشاهد، تضمنت تهديدات مبطنة، ومحاولات للتأثير عليهم قصد تغيير أصواتهم لصالح الوزير الجديد. وفي هذا الشأن، قال زهير المغزاوي، رئيس حركة الشعب المعارضة، إن بعض النواب «تعرضوا للابتزاز والتهديد والإغراء»، وهي ممارسات زادت الحياة السياسية «تعفنا» على حد تعبيره.
وفي السياق ذاته أكدت سماح بوحوالة، النائبة البرلمانية عن حزب النداء، أن بعض النواب تلقوا تهديدات مباشرة قبل انعقاد الجلسة البرلمانية المخصصة لمنح الثقة لوزير الداخلية الجديد، مبرزة أن هناك من «مارس ضغوطات على النواب، وهو ما أثر على نتائج التصويت، ومكن الوزير من الحصول على ثقة 148 نائبا، في الوقت الذي كان يحتاج فيه لـ109 فقط».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.