كيف تسللت حقائب القش إلى عالم الأناقة؟

عرفها المصريون القدامى وروجت لها المدونات والنجمات

بتوقيع «ناناكاي»  -  حقيبة من توقيع «كايو»  -  بتوقيع «سانسي ستوديو»  -  حقيبة بتوقيع «ليوفلر راندل»  -  من «مون»
بتوقيع «ناناكاي» - حقيبة من توقيع «كايو» - بتوقيع «سانسي ستوديو» - حقيبة بتوقيع «ليوفلر راندل» - من «مون»
TT

كيف تسللت حقائب القش إلى عالم الأناقة؟

بتوقيع «ناناكاي»  -  حقيبة من توقيع «كايو»  -  بتوقيع «سانسي ستوديو»  -  حقيبة بتوقيع «ليوفلر راندل»  -  من «مون»
بتوقيع «ناناكاي» - حقيبة من توقيع «كايو» - بتوقيع «سانسي ستوديو» - حقيبة بتوقيع «ليوفلر راندل» - من «مون»

إلى عهد قريب كانت الحقيبة المخصصة للرحلات البحرية والنزهات الشاطئية فقط. لم يكن الجيل القديم يتصور دخولها الحياة اليومية وعالم الأناقة من أوسع الأبواب، لكن هذا ما حصل في 2018، الذي يمكن القول إنه عام حقيبة اليد المصنوعة من القش والقنب والرافيا. فقد ظهرت في العديد من عروض الأزياء كما تبنتها عدة نجمات شابات مثل جيسيكا ألبا وكريسي تيغن وغيرهما. لكن لا بد أن نعترف أن أكثر من روج لها هن بنات الجيل الجديد، وتحديدا مدونات الموضة ومن يُطلق عليهن لقب الـ«إنفلونسيرز». فقد امتلأت صفحاتهن على الإنستغرام بأشكالها المغرية، الأمر الذي جعل العين تتقبلها أكثر رغم أنها غير جديدة. جاذبيتها الحالية تكمن في أشكالها العصرية. فهي لم تعد مجرد سلة كبيرة لحمل الأغراض التي تتطلبها رحلة على البحر، بل أخذت أشكالا مبتكرة، تتباين بين المستدير، والمكور والمستطيل والمربع ودائما بتفاصيل أنيقة، أحيانا من القماش وأحيانا من الجلد أو الفرو.
غني عن القول إن توقيعها باسم دار عالمية مثل «غوتشي» أو «لويفي» أو «بالمان» رفع من أسهمها وأسعارها. حقيبة من «غوتشي» من القنب، مثلا تُباع بـ875 جنيها إسترلينيا، ومع ذلك فإن الإقبال على مثل هذه الحقائب حسب محرك البحث «ليست» في تزايد مستمر. وحدد المحرك أنه ارتفع بنسبة 56 في المائة عن العام الماضي. موقع الموضة المعروف «ماتشز دوت كوم» أيضا صرح بأنه شهد ارتفاعا في الإقبال على هذه الحقائب.
الطريف أن هذه الحقائب، المجدولة إما من القنب أو القش أو الرافيا أو أغصان الأشجار، قديمة، يعيدها البعض إلى مصر القديمة. وفيما كانت حينها لأغراض عملية فإنها اكتسبت جاذبيتها ودخلت عالم الأناقة في الخمسينات من القرن الماضي، حين ظهرت بها نجمات مثل الراحلة أودري هيبورن في عدة مناسبات. لم تكن هذه الحقائب موقعة باسم دار أزياء عالمية، بل كان أغلبها يتوفر في محلات صغيرة خاصة ببيع التذكارات للسياح. في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، ظهرت بها الممثلة والمغنية البريطانية جاين بيركن في عدة مناسبات، سواء في باريس أو كان أو لندن. وربما يعود لها الفضل في إخراجها من عالم البحر والإجازات الصيفية والأهم من هذا في زرع بذرة شعبيتها كما نعرفها اليوم ونشهدها على صفحات الإنستغرام.


مقالات ذات صلة

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

لمسات الموضة جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

في ظل ما تمر به صناعة الترف من تباطؤ وركود مقلق أكدته عدة دراسات وأبحاث، كان لا بد لصناع الموضة من إعادة النظر في استراتيجيات قديمة لم تعد تواكب الأوضاع…

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة «موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

الألوان مثل العطور لها تأثيرات نفسية وعاطفية وحسية كثيرة، و«موكا موس» له تأثير حسي دافئ نابع من نعومته وإيحاءاته اللذيذة.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)

2024... عام التحديات

إلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية، فإن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض لا تُطمئن صناع الموضة بقدر ما تزيد من قلقهم وتسابقهم لاتخاذ قرارات استباقية.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)

2024...عام الإقالات والتعيينات

تغييرات كثيرة شهدتها ساحة الموضة هذا العام، كانت من بينها إقالات واستقالات، وبالنتيجة تعيينات جديدة نذكر منها:

جميلة حلفيشي (لندن)

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
TT

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)

تحظى سراويل الجينز اليابانية المصبوغة يدوياً بلون نيلي طبيعي، والمنسوجة على أنوال قديمة، باهتمام عدد متزايد من عشاق الموضة، الذين لا يترددون في الاستثمار في قطع راقية بغض النظر عن سعرها ما دامت مصنوعةً باليد. وعلى هذا الأساس يتعامل كثير من صُنَّاع الموضة العالمية مع ورشات يابانية متخصصة في هذا المجال؛ فهم لا يزالون يحافظون على كثير من التقاليد اليدوية في صبغ قطنه وتصنيعه من الألف إلى الياء.

يوضع القطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن لا يلوّنها وحدها بل أيضاً أيدي العاملين (أ.ف.ب)

داخل مصنع «موموتارو جينز» الصغير في جنوب غربي اليابان، يغمس يوشيهارو أوكاموتو خيوط قطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن يلوّن يديه وأظافره في كل مرّة يكرر فيها العملية. يتم استيراد هذا القطن من زيمبابوي، لكنّ الصبغة النيلية الطبيعية المستخدَمة مُستخرجةٌ في اليابان، ويؤكد أوكاموتو أنّ لونها غني أكثر من الصبغات الاصطناعية. وكانت هذه الطريقة التي يشير إلى أنها «مكلفة» و«تستغرق وقتاً طويلاً»، شائعةً لصبغ الكيمونو في حقبة إيدو، من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر.

العمل في هذه المصانع صارم فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع من صبغة إلى خياطة (أ.ف.ب)

وتشكِّل «موموتارو جينز» التي أسستها عام 2006 «جابان بلو»، إحدى عشرات الشركات المنتِجة لسراويل الجينز، ويقع مقرها في كوجيما، وهي منطقة ساحلية تشتهر بجودة سلعها الحرفية، بعيداً عن سراويل الجينز الأميركية المُنتَجة على نطاق صناعي واسع. ويقول رئيس «جابان بلو»، ماساتاكا سوزوكي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نحن صارمون جداً فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع». ويشمل ذلك «جودة الخياطة والصبغة»، ما يجعل الاعتماد على مهارات التصنيع التقليدية للحرفيين المحليين، مسألة ضرورية.

بيد أن كل ما هو منسوج يدويا ومصنوع بهذا الكم من الحرفية له تكلفته، إذ يبلغ سعر النموذج الرئيسي من الجينز الذي تنتجه «موموتارو» نحو 193 دولاراً. أما النموذج الأغلى والمنسوج يدوياً على آلة خشبية محوّلة من آلة نسج كيمونو فاخرة، فيتخطى سعره 1250 دولاراً.

يعمل أحد الحرفيين على تنفيذ بنطلون جينز باليد بصبر رغم ما يستغرقه من وقت (أ.ف.ب)

ومع ذلك، ازداد الاهتمام بما تنتجه «جابان بلو» على أساس أنها إحدى ماركات الجينز الراقية على غرار «إيفيسو»، و«شوغر كين». وتمثل الصادرات حالياً 40 في المائة من مبيعات التجزئة، كما افتتحت الشركة أخيراً متجرها السادس في كيوتو، ويستهدف السياح الأثرياء بشكل خاص. يشار إلى أن صناعة الجينز ازدهرت في كوجيما بدءاً من ستينات القرن العشرين لما تتمتع به المنطقة من باع طويل في زراعة القطن وصناعة المنسوجات. وخلال حقبة إيدو، أنتجت المدينة حبالاً منسوجة للساموراي لربط مقابض السيوف. ثم تحوّلت بعد ذلك إلى صناعة «تابي»، وهي جوارب يابانية تعزل إصبع القدم الكبير عن الأصابع الأخرى، وانتقلت فيما بعد إلى إنتاج الأزياء المدرسية.

تعدّ سراويل الجينز الياباني من بين أغلى الماركات كونها مصنوعة ومصبوغة باليد (أ.ف.ب)

ويقول مايكل بندلبيري، وهو خيّاط يدير مشغل «ذي دينيم دكتور» لتصليح الملابس في بريطانيا، إنّ سوق سراويل الجينز اليابانية «نمت خلال السنوات الـ10 إلى الـ15 الماضية». ومع أنّ محبي الجينز في الدول الغربية يبدون اهتماماً كبيراً بهذه السراويل، «لا يمكن للكثيرين تحمل تكاليفها»، بحسب بندلبيري. ويتابع قائلاً: «إن ماركات الجينز ذات الإنتاج الضخم مثل (ليفايس) و(ديزل) و(رانغلر) لا تزال الأكثر شعبية، لكن في رأيي تبقى الجودة الأفضل يابانية». ويرى في ضعف الين وازدهار السياحة فرصةً إضافيةً لانتعاش سوق هذه السراويل.

رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها فإن الأنوال القديمة لا تزال هي المستعملة احتراماً للتقاليد (أ.ف.ب)

يعزز استخدام آلات النسيج القديمة رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها، وبالتالي لا تملك سوى رُبع قدرة أنوال المصانع الحديثة، من سمعة «موموتارو جينز» التي تعود تسميتها إلى اسم بطل شعبي محلي. وغالباً ما تتعطَّل هذه الأنوال المصنوعة في الثمانينات، في حين أنّ الأشخاص الوحيدين الذين يعرفون كيفية تصليحها تزيد أعمارهم على 70 عاماً، بحسب شيغيرو أوشيدا، وهو حائك حرفي في موموتارو.

يقول أوشيدا (78 عاماً)، وهو يمشي بين الآلات لرصد أي صوت يشير إلى خلل ما: «لم يبقَ منها سوى قليل في اليابان» لأنها لم تعد تُصنَّع. وعلى الرغم من تعقيد هذه الآلات، فإنه يؤكد أنّ نسيجها يستحق العناء، فـ«ملمس القماش ناعم جداً... وبمجرّد تحويله إلى سروال جينز، يدوم طويلاً».