«العلمين الجديدة» مدينة سياحية تنقل «أبراج دبي» إلى الساحل الشمالي المصري

محاولة لاستيعاب الزيادة السكانية... وسعر المتر يصل إلى 42 ألف جنيه

جانب من عمارات الإسكان المتميز بالمدينة
جانب من عمارات الإسكان المتميز بالمدينة
TT

«العلمين الجديدة» مدينة سياحية تنقل «أبراج دبي» إلى الساحل الشمالي المصري

جانب من عمارات الإسكان المتميز بالمدينة
جانب من عمارات الإسكان المتميز بالمدينة

في إطار المساعي المصرية لاستيعاب الزيادة السكانية، والخروج من الوادي الضيق، بدأت وزارة الإسكان المصرية ممثلة في هيئة المجتمعات العمرانية، إنشاء مدينة «العلمين الجديدة»، كأول مدينة مليونية على الساحل الشمالي المصري. ووضعت مصر مخططاً للمدينة الجديدة، التي تستوعب 3 ملايين نسمة؛ بحيث تكون مدينة سياحية تعمل طوال العام، وتضم أبراجاً وناطحات سحاب على غرار تلك الموجودة في مدينة دبي بالإمارات.
ومع بدء عمليات الإنشاء في المدينة الجديدة، فتحت وزارة الإسكان باب حجز وحدات سكنية وإدارية في أبراج «العلمين الجديدة»، لكن الأسعار كانت صادمة، حيث تتجاوز الأسعار في تلك المدينة الساحلية، أسعار الوحدات السكنية داخل أرقى مناطق القاهرة، وهو ما فاجأ كثيرين، فالمدن الساحلية عادة تستخدم في مصر في فترة الصيف، وبالتالي فمن غير المبرر أن تكون أسعارها مرتفعة بهذا الشكل؛ خاصة أن المدينة تقع بالقرب من منتجعات ساحلية لا تعمل سوى في موسم الصيف.
وقال أحمد إمبابي، مستثمر عقاري ورئيس شركة مكة للاستثمار العقاري، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأسعار في (العلمين الجديدة) مبالغ فيها، ونسبة التحميل في سعر المتر تتجاوز الـ50 في المائة، بمعنى أن العميل يشتري الوحدة بمساحة مترية أكبر بنسبة 50 في المائة عن مساحتها الفعلية، مما يجعل ثمنها مرتفعاً للغاية».
وأضاف أنه ذهب لمعاينة الوحدات هناك لشراء بعضها بصفته مستثمراً عقارياً، يمكنه استثمارها فيما بعد؛ لكنه صدم بالأسعار والمساحات.
ومدينة «العلمين الجديدة» هي واحدة من 14 مدينة جديدة تخطط مصر لبنائها لاستيعاب الزيادة السكنية، وتقع على مساحة 48 ألف فدان، ضمن النطاق الإداري لمحافظة مطروح غرب مصر، وهي تقوم على 3 قطاعات رئيسية، وهي السياحة والحضارة والآثار. وتصل طاقتها الاستيعابية إلى 3 ملايين نسمة، وتتكون المرحلة الأولى منها من 8 آلاف فدان، لخدمة نحو 400 ألف مواطن.
وعلى عكس المدن الساحلية الأخرى التي تعمل في مواسم السياحة الشاطئية، تخطط مصر لأن تكون «العلمين الجديدة» مدينة سياحية عالمية تعمل طوال العام دون توقف، وتضم 10 آلاف وحدة سكنية، ومركزاً سياحياً عالمياً، ومنطقة أثرية، ومتحفاً مفتوحاً ومتنزهاً، وجامعة، ومراكز خدمات.
وتضم المدينة أبراجاً وناطحات سحاب، على غرار تلك الموجودة في مدينة دبي، ويجري حالياً تنفيذ 15 برجاً سكنياً، بارتفاع 40 طابقاً، ويضم كل برج نحو 230 وحدة سكنية. وتنفذ هذه الأبراج شركات: «المقاولون العرب»، و«أبناء حسن علام»، و«أوراسكوم»، و«درة»، و«سياك»، و«رديكون»، بالشراكة مع «هيئة المجتمعات العمرانية»، وشركة «سيتي إيدج للتطوير العقاري»، و«بنك التعمير والإسكان»، و«الشركة القابضة للاستثمار والتنمية».
وتتراوح مساحات الوحدات في المرحلة الأولى من 90 متراً إلى 350 متراً، وجميعها تطل على البحر، ويبلغ متوسط سعر المتر في الأبراج 30 ألف جنيه للأدوار الأولى، و35 ألف جنيه للأدوار المرتفعة، ليتراوح سعر الشقة من 3 ملايين جنيه إلى 12 مليون جنيه، حيث تبدأ دفعات الحجز من 150 ألف جنيه للوحدة التي من غرفة نوم واحدة، و200 ألف جنيه للوحدة من غرفتي نوم، ونصف مليون جنيه للوحدة المكونة من 4 غرف نوم.
ورغم ارتفاع سعر المتر بالمدينة الجديدة، فإنها شهدت إقبالاً من قبل المصريين، الذين يعتبرون العقار نوعاً آمناً من الاستثمار، وهو ما دفع وزارة الإسكان إلى التفكير في زيادة عدد الأبراج المقرر إنشاؤها في المدينة. وقال المهندس أسامة عبد الغني، رئيس جهاز مدينة «العلمين الجديدة»، إنه «تمت زيادة عدد الأبراج بالمدينة من 15 برجاً إلى 18 برجاً، وتتم دراسة تنفيذ 4 أبراج أخرى بارتفاع 33 دوراً، وتجري دراسة تنفيذ صالة ألعاب أوليمبية، وإدارتها بنظام الشراكة مع أحد أكبر النوادي الرياضية، والبدء في التفاوض مع الفرق الأوروبية لعمل المعسكرات الشتوية بالمدينة».
وأشار عمرو القاضي، الرئيس التنفيذي لشركة «سيتي إيدج للتطوير العقاري»، إلى أن وحدات مشروع «نورث إيدج تاورز»، «شهدت إقبالاً كبيراً»، وقال في بيان صحافي، إن «متوسط سعر المتر في الأبراج يبدأ من 30 إلى 42 ألف جنيه، ومع خطط سداد تصل إلى 7 أعوام»، موضحاً أن «الطرح الأول من المشروع يشمل 5 أبراج سكنية متكاملة بارتفاع 40 طابقاً، بإجمالي عدد وحدات يتجاوز 340 وحدة تطل على البحر مباشرة من ناحية، وعلى البحيرات من الجهة الأخرى، بالإضافة لنادٍ شاطئي وعدد من المنشآت التجارية والترفيهية».
وأعلن الدكتور وليد عباس، معاون وزير الإسكان المصري، أنه «حتى الآن تم حجز 1200 وحدة في مدينة العلمين الجديدة، يبلغ سعر المتر فيها 30 ألف جنيه، بينما يوجد 4000 آخرين على قائمة الانتظار»، مشيراً إلى أن «المدينة تضم 500 وحدة إسكان اجتماعي، و500 وحدة إسكان متميز، إضافة إلى مشروع (سكن مصر)»، واصفاً مدينة «العلمين الجديدة» بأنها «مدينة عالمية على أراضٍ مصرية»، وهي أول مدينة ساحلية في المنطقة الواقعة من الإسكندرية إلى مطروح.
ويفسر إمبابي إقبال المصريين على شراء الوحدات السكنية في «العلمين الجديدة» بأن «المصريين ينظرون للمدينة كنوع من الاستثمار، فهذه الوحدات يمكن تأجيرها للسياح طوال العام وبأسعار كبيرة في المستقبل، وبالتالي فهي استثمار آمن لغالبية المصريين»، وإن كان «ما زال يرى أن أسعار المتر في المدينة الجديدة مرتفعة ومبالغ فيها إلى حد كبير».
وتسعى مصر للانتهاء من المرحلة الأولى بحلول عام 2020، شاملة المنطقة الشاطئية، ومنطقة الإسكان المتميز، والجامعات، والمدينة الثقافية والتراثية، وتضم مكتبة، ومسجداً، وكنيسة، ومجمعاً للسينمات، ومتحفاً، ومنطقة الفنادق والبحيرات.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء ووزير الإسكان المصري، ضرورة الانتهاء من عمارات «الداون تاون»، و4 كليات هندسية، ومباني الإقامة بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، وكليتي الهندسة والقانون الدولي، والمباني الإدارية بجامعة العلمين الأهلية، بنهاية شهر يونيو (حزيران) 2019.
وانتهت مصر فعلياً من بناء 45 عمارة سكنية. وقال حسام حسني، نائب رئيس جهاز مدينة «العلمين الجديدة»، إنه «تم الانتهاء من بناء 45 عمارة، تضم نحو 500 وحدة سكنية، تتراوح مساحتها من 95 إلى 100 متر، بينما يجري العمل في 35 عمارة أخرى من المنتظر الانتهاء منها خلال 6 شهور».
وأضاف حسني أن «هيئة المجتمعات العمرانية تستعد لطرح 1300 وحدة بوسط المدينة خلال الشهرين المقبلين، تصل مساحة الوحدة إلى 185 متراً».
وضمن أعمال الإنشاءات بدأ التجهيز لإنشاء جامعة العلمين الأهلية، على مساحة 126 فداناً، كما يتم تنفيذ أعمال الطرق المحيطة والموازية للموقع بنسبة 80 في المائة، وتم إسناد مناطق المنطقة الشرقية بالمنطقة الشاطئية لشركة «المقاولون العرب»، مشيرا إلى أن نسبة الإنجاز بلغت 43.7 في المائة.
وتحظى المدينة الجديدة باهتمام كبير من جانب الحكومة المصرية، فهي أول استثمار من نوعه لمنطقة الساحل الشمالي، وإن نجحت فإنها يمكن تكرارها في مناطق أخرى من الساحل المصري.
وتتميز المدينة بأن بها منطقة أثرية مهمة، مما يضيف لها ميزة نسبية كمدينة سياحية، وليست ساحلية فقط.


مقالات ذات صلة

سلطنة عمان تعرض مشروعات استثمارية في معرض «سيتي سكيب» بالرياض

الاقتصاد جناح سلطنة عمان في معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» بالرياض (وزارة الإسكان العمانية)

سلطنة عمان تعرض مشروعات استثمارية في معرض «سيتي سكيب» بالرياض

عرضت سلطنة عمان خلال مشاركتها في أكبر معرض عقاري عالمي، «سيتي سكيب 2024» الذي يختتم أعماله الخميس في الرياض، مشروعاتها وفرصها الاستثمارية الحالية والمستقبلية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ارتفعت الإيجارات السكنية بنسبة 11 % في أكتوبر (واس)

التضخم في السعودية يسجل 1.9 % في أكتوبر على أساس سنوي

ارتفع معدل التضخم السنوي في السعودية إلى 1.9 في المائة خلال شهر أكتوبر على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد زوار يطلعون على أحد مشاريع الشركة الوطنية للإسكان في معرض «سيتي سكيب العالمي» (الشرق الأوسط)

«سيتي سكيب»... تحالفات محلية ودولية لرفع كفاءة العقار بالسعودية

شهد معرض «سيتي سكيب العالمي»، المقام حالياً في الرياض، عدداً من التحالفات المحلية والدولية ضمن الشركات المجتازة لبرنامج «الدعم والتمكين للتطوير العقاري».

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد مبانٍ سكنية في شنغهاي (رويترز)

الصين تكشف عن حوافز ضريبية لإنعاش قطاع العقارات المتعثر

كشفت الصين، الأربعاء، عن حوافز ضريبية على معاملات المساكن والأراضي بهدف دعم سوق العقارات المتضررة من الأزمة من خلال زيادة الطلب.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد خلال توقيع أمانة القصيم العقود الاستثمارية في معرض "سيتي سكيب" (واس)

4 مليارات دولار صفقات اليوم الثاني لـ«سيتي سكيب العالمي» في الرياض

شهدت فعاليات اليوم الثاني لمعرض «سيتي سكيب العالمي 2024» توقيع اتفاقيات وإطلاقات لمشاريع استثمارية تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 15 مليار ريال (4 مليارات دولار).

بندر مسلم (الرياض)

«المنازل الذكية»... طريق الحياة الجديدة باستخدام التقنية

المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
TT

«المنازل الذكية»... طريق الحياة الجديدة باستخدام التقنية

المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)

تبرز المنازل الذكية خياراً جديداً في أسلوب الحياة مع التسارع الذي تشهده التقنيات المنزلية؛ مما يعتقد أنها تجعل الحياة أسهل من خلال التحكم في مرافق المنازل عبر الهاتف المحمول، الأمر الذي يضم هذا الاستخدام ضمن استخدامات كثيرة عبر تلك الأجهزة المحمولة.
ويمكن الآن التحكم بكل شيء في المنزل وفق طرق سهلة، سواء كان ذلك تشغيل الإضاءة أو فتح الستائر، أو تشغيل الواي فاي، أو تعديل درجة الحرارة، وفتح وإغلاق قفل الباب الأمامي، وحتى إشعال وإطفاء الموقد، حيث يقضي معظم الأفراد أغلب أوقاته في المنزل أكثر من أي مكان آخر، ومع ذلك التفكير بالتكنولوجيا عندما التواجد في المنزل يكون أقل مقارنة بالخارج فيما عدا تقنية الواي فاي.
غدت الصورة عن المنزل التي تتمثل بأنه مكان خالٍ من التكنولوجيا على وشك التغيير، فحان وقت النظر إلى الأجهزة الكثيرة المتناثرة في أنحاء المنزل، سواء كان التلفزيون في غرفة المعيشة، أو الثلاجة في المطبخ، أو المكيّف في غرف النوم، أو حتى جهاز تسخين المياه في الحمامات. وأصبح الأفراد محاطين بالإلكترونيات التي يتم وصفها بالأجهزة الذكية بشكل متزايد كل يوم، فهي تملك أجهزة استشعار تمكّنها من تسجيل البيانات ومشاركتها عبر الإنترنت. ويوجد اليوم نحو 31 مليار جهاز متصل بالإنترنت، ومن المفترض أن يرتفع هذا العدد إلى 75.4 مليار بحلول عام 2025، وفقاً لتقديرات وكالة الأبحاث «ستسيتا».
ولا شك بأن السؤال الذي يسيطر في الوقت الحالي هو، متى ستصبح المنازل أكثر ذكاءً عبر وصل جميع هذه الأجهزة بمركز واحد، ليتم التمكن من القياس والتحكم بكل شيء داخل المنازل. وتتجاوز رؤية المنزل الذكي مفهوم الراحة، حيث ستكون التقنيات الجديدة ذات تأثير عميق وإيجابي على الصحة من خلال مراقبة النظام الغذائي وظروف البيئة المحيطة في الأشخاص ورفاهيتهم بشكل عام. وسيتمكن الأطباء بفضل التكنولوجيا من معرفة حالة الأشخاص بالوقت الفعلي كما سيكون تاريخهم الطبي في متناول اليد قبل حتى إخبار الأطباء به. وعلاوة على ذلك، ستمكن المنازل الذكية العاملين في الرعاية الصحية من علاج الأمراض بشكل استباقي.
وسيمتد تأثير التكنولوجيا أيضاً إلى طريقة التعليم والتعلُّم عند وصل أجهزة التعلم الخاصة بالأطفال بأجهزة معلميهم، لتعزيز التفاعل والتعليم المخصص، وسيزداد التركيز على التدريس عبر الوسائط المتعددة، حيث سنتمكن من تحقيق فكرة غرف الدراسة الافتراضية على أرض الواقع، وسيتمكن البالغون أيضاً من إكمال دراستهم من النقطة التي توقفوا عندها، وذلك عبر الدورات التي تم تطويرها للتعلّم المنزلي والتي يمكن بثها على شاشات الأجهزة.
وتعد البيئة المحرك الأهم لتقنيات المنزل الذكي، وخاصة بما يتعلق بتأثير الأشخاص عليها، حيث تستطيع الأتمتة المنزلية الذكية أن تخفّض استهلاك الطاقة والمياه في المباني إلى حد كبير. وصحيح بأن المستهلك سيستخدم المزيد من الأجهزة التي تعمل بالطاقة الكهربائية، إلا أن حلول المنزل الذكي المدعمة بالذكاء الصناعي تستطيع أن تتعرف على سلوك من يعيشون في المنزل وتشغيل الأجهزة أو إيقافها استناداً إلى الروتين اليومي للمستخدم. وسنتمكن مع هذه الحلول الذكية عبر نظرة واحدة على الهواتف المحمولة من معرفة مقدار الطاقة والمياه المستهلكة وتكلفتها. وبالنظر إلى ارتفاع تكلفتهما بشكل مستمر، سيضطر أصحاب المنازل والمرافق والحكومات إلى البحث عن طرق أفضل وأكثر فاعلية للحد من التلوث البيئي، وجعل الحياة أكثر استدامة.
وقد تبدو هذه الأفكار التقنية بعيدة التحقيق، إلا أنها حالياً في مراحل التصميم في مشاريع مثل «نيوم»، المبادرة التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، والتي تعد حجر الأساس في «رؤية السعودية 2030»، كما أنها وصفت كأضخم مشروع حضري في العالم اليوم. وستعيد هذه المبادرة تعريف طريقة العيش وستركز في جزء كبير منها على المنازل.
وقال نجيب النعيم، رئيس مجلس إدارة العمليات في «شنايدر إلكتريك» السعودية: «سيكون لمبادرة (نيوم) تأثير غير مباشر على المنطقة بشكل عام، وينبغي أن تصبح المنازل الذكية القاعدة السائدة في الشرق الأوسط بحلول عام 2030. ويبدو لنا أن المنازل الذكية ستستمر في النمو مستقبلاً؛ مما يعني أن طريقة عيشنا اليومية ستتغير بشكل كبير». وبدأت الشركة الاستثمار في أتمتة المنزل الذكي منذ عقود من الزمن، ويعتقد النعيم بأن طريقة عيشنا «ستكون مختلفة بشكل جذري في المستقبل».

التطورات في تقنيات المنزل الذكي
تتطور التكنولوجيا اليوم بوتيرة متسارعة وتقنيات المنزل الذكي ليست استثناءً، والتساؤل يتمحور في معنى هذا التطور من حيث الأداء العملي، وكيف يمكن أن تؤثر البيوت الذكية على الحياة.
الذكاء الصناعي: سيكون الذكاء الصناعي في صميم التقنيات في المنازل المستقبلية، وستتمكن المنازل الذكية من تتبع موقع الأشخاص داخل المنزل، إما عن طريق جهاز استشعار إلكتروني يتم تركيبه على الملابس أو أجهزة استشعار إلكترونية داخل المنزل. وسيمتلك المنزل القدرة على تحديد هوية الأشخاص وأماكنهم، وسيستخدم هذه المعلومات لتلبية الاحتياجات وتوقعها أيضاً. وسيكون المنزل قادراً على ضبط كل شيء بدءاً من التدفئة والتبريد إلى الموسيقى والإضاءة، وكل ذلك حسب احتياجات الشخص الذي سيدخل من باب المنزل.
الإضاءة الذكية: ستُحدث الإضاءة الذكية ثورة في طريقة إضاءة المنازل، فهي تعمل على ضبط نفسها تلقائياً من خلال الكشف عن وجود الأشخاص في الغرفة، وحال خروجهم من هناك، تصبح الأنوار خافتة أو يتم إطفاؤها تماماً. كما يمكن أن تطبق الإضاءة الذكية على نشاطات الأشخاص؛ فعلى سبيل المثال، يمكن لأجهزة استشعار الضغط إطفاء الأنوار عند الاستلقاء في السرير بعد وقت معين، وستكتشف المستشعرات استيقاظ الأفراد لاستخدام الحمام وتقوم بتشغيل الإنارة. وتضبط الإضاءة درجة سطوعها تلقائياً وفقاً لفترات اليوم، وسيتذكر المنزل الذكي الروتين الخاص بالمستخدم ليتمكن من تخصيص كل جهاز في منزلك حسب الرغبة.
الأقفال الذكية: يمكن أيضاً برمجة الأقفال الذكية وفقاً لاحتياجات الأفراد، فيمكن السماح للزوار بالدخول أو منعهم بناءً على سمات تعريفية محددة. كما يمكنك السماح بالدخول لشخص ما، مثل حامل البريد عن بُعد. ويمكن إرسال رموز فتح الأقفال الافتراضية عبر تطبيق إلكتروني وفتح الباب عبر استخدام الهاتف المحمول.
مراقبة المنزل: تستطيع الأنظمة الأمنية الذكية مراقبة المنزل بشكل مستقل، والإبلاغ عن أي حوادث غير مسبوقة لمالك المنزل، وإبلاغ خدمات الطوارئ إذا لزم الأمر. وتستطيع المنازل الذكية أيضاً مراقبة كبار السن الذين يعيشون بمفردهم، فتقدم لهم يد المساعدة كتذكيرهم بتناول أدويتهم وضمان إتمامهم للمهام اليومية بنجاح وأمان. وفي حالات الطوارئ كالسقوط أو الحوادث، سيتمكن نظام المنزل الذكي من إخطار خدمات الطوارئ والسماح لهم بالدخول تلقائياً.
نظام التكييف: يعد التكييف من الضروريات الأساسية في دول الخليج، وعلى الرغم من ذلك لن يتغير قريباً، فإن الحلول المنزلية الذكية يمكن أن تقلل استهلاك الطاقة التي نستخدمها لتشغيل أنظمة التبريد لدينا في الصيف وأنظمة التدفئة في الشتاء بشكل كبير. فمن خلال التعلم الذاتي لسلوك واحتياجات الأسرة بالنسبة لتدفئة وتبريد المنزل مع مرور الوقت وإقران تلك المعلومات مع درجة الحرارة داخل المنزل وخارجه، يستطيع منظم الحرارة الذكي تقليص قيمة فواتير استهلاك الطاقة بنسبة 15 في المائة أو أكثر؛ مما سيختصر على الوالدين تأنيب الأطفال للتوقف عن العبث بمفتاح الطاقة.
طريقة دمج الأجهزة الذكية بنظام المنزل الذكي: يملك كل واحد منا الكثير من الأجهزة الذكية في المنزل والتي يمكن وصلها بشبكة الإنترنت. وما يحتاج إليه معظم الأشخاص هو وسيلة بسيطة بأسعار معقولة لإيصال جميع هذه الأجهزة بنظام واحد. ويؤمن نجيب النعيم من شركة «شنايدر إلكتريك» بأن تطبيق ويزر الذي أطلقته الشركة ومفهوم المنزل المتصل المتطور (سكوير دي) ربما يكون الحل المثالي لمن يبحثون عن تقنية المنزل الذكي الرائدة اليوم.
وقال النعيم «سيتطلب تحقيق ذلك شركة ذات خبرة بالطاقة والكهرباء والخدمات الرقمية والأجهزة والبرامج لتنشئ جهاز تحكم المنزل الذكي الذي نحتاج إليه جميعاً. ويعمل تطبيق (ويزر) من جهاز واحد نحمله بيدنا دائماً هو الهاتف المتحرك. ومن خلال وصل كل جهاز لدينا في المنزل بالإنترنت والتحكم به عبر (ويزر) سنتمكن من مراقبة كافة أجهزتنا والتحكم بها بطريقة آمنة ومن جهاز واحد».
وتهدف «شنايدر» على المدى الطويل إلى إضافة مستشعرات في جميع المعدات الكهربائية في المنزل لتتيح قياس استهلاك الطاقة والتحكم بالأجهزة، إما مباشرة أو من خلال الذكاء الصناعي، ومساعدة أصحاب المنازل والمباني على إنشاء «شبكات كهربائية صغيرة» من خلال دمج البطاريات وأجهزة الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية. وبهذا قد تصبح الأسلاك الكهربائية والمقابس والقواطع الخاصة بك العمود الفقري الذكي لمنزلك المستقبلي.
«شنايدر» هي من المشاركين في مبادرة «موطن الابتكار» التابعة لشركة «سابك»، وهي مشروع يهدف إلى إنشاء منزل تجريبي متكامل بأثاثه لتوفير تجربة عيش حديثة ومريحة ومستدامة، وإلى رفد السعودية بالمشاريع المستدامة. ويعرض مشروع «موطن الابتكار» ما يمكن تحقيقه عندما تتعاون الشركات العالمية مع رواد الأبحاث مثل «سابك» لابتكار أفكار جديدة من شأنها أن تثير اهتمام السعوديين وتُطلعهم على ما ستبدو عليه منازلهم في المستقبل.
وقال النعيم: «لم تتغير منازلنا كثيراً على الرغم من كمية التقنيات المحيطة بنا. وأصبح ذلك على وشك التغيير، فسنستذكر مستقبلاً الماضي بعد عقد من الزمن، ونتساءل لماذا لم نختر مفهوم المنزل الذكي في وقت أبكر. وسيحدث ذلك ثورة في طريقة راحتنا وعملنا ولعبنا. وأعتقد أن السعودية ستقود مسيرة التطور التقني في المنازل الذكية بفضل مشاريعها الرائدة مثل (نيوم)».