بدا عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية، خلال عرض حصيلة حكومته، الليلة قبل الماضية، أمام البرلمان بمجلسيه (النواب والمستشارين) مزهوا أكثر من أي وقت مضى، خاصة عندما تحدث عن إشرافه على الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، خلافا لما كان معمولا به في السابق، إذ كانت توكل هذه المهمة إلى وزارة الداخلية، وعندما صفق نواب فرق الغالبية على اعتماد هذه الخطوة، قال لهم إنها تستحق الوقوف وليس التصفيق فقط، فوقفوا مصفقين، لكنه أضاف متسائلا وموجها خطابه ضمنيا إلى المعارضة «ألم يكن مطلب البرلمان هو أن تشرف الحكومة على الانتخابات أم أن رئيس الحكومة لا يعجبكم؟».
وتحدث ابن كيران بنبرة مليئة بالثقة والتحدي عن حصيلة حكومته بعد عامين ونصف العام من تشكيلها، ووصفها بأنها «إيجابية ومشرفة ومطمئنة».
وعلى مدى أكثر من ساعة ونصف الساعة استعمل ابن كيران مختلف وسائل الإقناع، وكأنه يوجه خطابه بشكل أساسي إلى معارضيه وخصومه السياسيين الذين لم يتوقفوا عن توجيه الانتقادات إليه، وتبخيس كل ما تقوم به أول حكومة يقودها حزب إسلامي، جاءت بها رياح «الربيع العربي».
وتوقف ابن كيران طويلا عند السياق الاستثنائي الذي جاءت فيه حكومته، وقال إن شوارع المغرب كانت ملتهبة فهدأت بعد مجيئها، كما أن حكومته استطاعت تجاوز «الخريف العربي الذي لم يكن أقل خطرا من ربيعه، لأن الخصوم كانوا ينتظرون سقوط التجربة المغربية، لكنها استأنفت مسيرتها وتجاوزت المطبات بأقل الخسائر».
وأشار ابن كيران إلى أن أهم إنجازات التجربة الحكومية الحالية يتمثل في مساهمتها في إخراج البلاد من مرحلة سياسية واقتصادية حرجة، إلى مرحلة جديدة، جرى فيها تدعيم واستعادة الثقة في المؤسسات، وزيادة اهتمام المغاربة بتدبير الشأن العام، كما جرى فيها «صيانة قدرة المغرب، كنموذج حضاري متميز باستقرار وقوي بوحدته، على أن يؤثر إيجابيا في محيطه».
ولم يخف ابن كيران، طوال عرضه، تفاؤله بمستقبل البلاد، واستشهد في أكثر من مرة بالتقدير الذي يحظى به المغرب في الخارج بعد أن نجح في الحفاظ على استقراره، وقال إن تنفيذ الإصلاحات ليس مسؤولية الحكومة وحدها، بل ينبغي مشاركة الجميع وتغليب منطق التعاون بدل الصراع.
وذكر رئيس الحكومة المغربية بالمبادرات والقرارات التي اتخذتها الحكومة، والتي لم تجرؤ الحكومات المتعاقبة على اتخاذها، وقال إن هناك قرارات وإصلاحات كانت تنتظر التنفيذ منذ أكثر من عشرين عاما، لكنه اعترف، في المقابل، بأنه «ليس كل شيء مثاليا، لكننا نتقدم خطوات حثيثة وحقيقية إلى الأمام».
واستعرض ابن كيران المبادرات غير المسبوقة التي أقرتها حكومته، وفي مقدمتها إصلاح منظومة العدالة، وتأهيل المجتمع المدني، وإصلاح نظام المقاصة (دعم المواد الأساسية)، وكذا إصلاح قانون المالية العمومية، وأنظمة التقاعد، وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية، بالإضافة إلى الإصلاحات المتعلقة بالإعلام والمرأة وحقوق الإنسان، ومبادرات أخرى لا تزال قيد الإعداد، لا سيما في مجال مكافحة الفساد والرشوة، التي أخفقت الحكومة، حسب رأي المعارضين، في تحقيق نتائج ملموسة بشأن ذلك، مما جعلها عرضه للانتقادات، ولا سيما أن حزبه رفع شعار محاربة الفساد والاستبداد خلال حملته الانتخابية. وتعهد ابن كيران بتفعيل الاستراتيجية الوطنية للوقاية ومحاربة الرشوة، واعتماد ميثاق وطني لمحاربتها خلال السنة الحالية.
كما خصص ابن كيران حيزا مهما للحديث عن الإنجازات التي تحققت على المستوى الاقتصادي، وأبرز أن الحكومة عززت الثقة في الاقتصاد المغربي، من خلال ضبط التوازنات الماكرو - اقتصادية، والشروع في تنزيل الإصلاحات الهيكلية الكبرى، ومباشرة الإصلاحات الضرورية على المستوى التشريعي والمؤسساتي، بهدف تحسين مناخ الأعمال، وتشجيع الاستثمار الخاص، وقال إنه جرت مراعاة القدرة الشرائية للمواطنين، وضمان استفادتهم من الخدمات والتغطية الاجتماعية، والنهوض بالتشغيل، باعتباره إحدى أولويات برنامج الحكومة في مجال تعزيز النمو الاقتصادي، مذكرا بالثقة التي تحظى بها بلاده لدى المؤسسات المالية الدولية.
وبخصوص نزاع الصحراء، قال رئيس الحكومة المغربية إن تجاوز مخططات الخصوم يتطلب مضاعفة الجهود، وتكثيف المبادرات، وتحمل الجميع لمسؤوليته في الدفاع عن الوحدة الترابية للبلاد، مشيرا إلى أن هذه المرحلة من عمل الحكومة تميزت بتعزيز موقف المغرب، من خلال مصادقة مجلس الأمن بالإجماع على قرارات، نوه فيها بالجهود المغربية المتسمة بالجدية والمصداقية، والرامية إلى تسوية النزاع.
وأضاف أن الكثير من الدول واصلت التعبير عن دعمها للمبادرة المغربية المتعلقة بالحكم الذاتي، وذلك بفضل الجهود والمساعي التي يبذلها الملك محمد السادس، مستشهدا بالنجاح الكبير للزيارة الملكية للولايات المتحدة والنتائج المهمة التي حققتها على هذا الصعيد.
يذكر أنه خلال الجلسة التي عرفت حضورا مكثفا للنواب والوزراء حملت بعض النائبات لافتات ينتقدن فيها تصريحات سابقة لابن كيران، وصف فيها النساء بالثُريات، لكن رئيس الحكومة تجاهلها كليا ولم يلتفت إليها.
رئيس الحكومة المغربية يؤكد إشرافه على الاستحقاقات الانتخابية المقبلة
لخص أمام البرلمان أبرز إنجازاته في إخراج البلاد من مرحلة سياسية واقتصادية حرجة
رئيس الحكومة المغربية يؤكد إشرافه على الاستحقاقات الانتخابية المقبلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة