ماذا يحدث في أكبر حوض للنفط الصخري في العالم؟

شركة «كابوت» الأميركية أولى الشركات التي علقت أنشطتها في «البيرميان»

أحد مواقع الحفر في حوض البيرميان للنفط الصخري (رويترز)
أحد مواقع الحفر في حوض البيرميان للنفط الصخري (رويترز)
TT

ماذا يحدث في أكبر حوض للنفط الصخري في العالم؟

أحد مواقع الحفر في حوض البيرميان للنفط الصخري (رويترز)
أحد مواقع الحفر في حوض البيرميان للنفط الصخري (رويترز)

حتى أسابيع قليلة مضت، كان اسم «البيرميان» مرادفا للنمو في إنتاج النفط الصخري، ومرادفا لمعجزة حقيقية حصلت في عالم الإنتاج. وفي الحقيقة فإن «البيرميان» هو الحوض الوحيد الذي يشهد نموا كبيرا في إنتاج النفط، وكان الكل يعقد الأمل على هذا الحوض الواقع في ولاية تكساس الأميركية، بأن يكون هو بوابة الازدهار للشركات العاملة هناك.
إلا أن الوضع تغير الآن في هذا الحوض، وأصبح «البيرميان» طاردا لبعض الشركات التي تعمل هناك، والسبب في ذلك هو عدم وجود بنية تحتية كافية لنقل النفط من مناطق الإنتاج، في أماكن مثل ميدلاند إلى المصافي أو موانئ النفط الواقعة في خليج المكسيك.
وتسبب هذا الأمر في بيع النفط الذي يتم إنتاجه هناك بتخفيض كبير عن سعر تسليمه في نقاط أخرى، مثل كوشينغ في ولاية أوكلاهوما. وبحسب آخر البيانات الصادرة يوم الجمعة، فإن سعر برميل خام غرب تكساس الوسيط في ميدلاند يباع بسعر أقل بنحو 15 دولاراً مقابل سعر خام غرب تكساس تسليم نقطة كوشينغ في أوكلاهوما، وهي نقطة تسليم عقود غرب تكساس التي تباع على بورصة نيويورك للسلع.
وهذا الأمر ليس بالجديد، فمنذ أشهر وحتى الآن، نشرت «الشرق الأوسط» عدة تقارير تنبه إلى أن الوضع في «البيرميان» أخذ في التغير. والجديد الآن هو أن بعض الشركات بدأت في نقل حفاراتها إلى حقول وأحواض أخرى لديها بنية تحتية؛ وهو ما يعني أن إنتاج النفط في «البيرميان» بصورة خاصة وفي الولايات المتحدة بصورة عامة، قد لا ينمو بالشكل الكبير الذي تم الترويج له مطلع العام الجاري.
ومن أوائل ضحايا هذا الوضع شركة «كابوت» للنفط والغاز، التي تتخذ من هيوستن مقراً لها. إذ أعلنت الشركة يوم الجمعة 27 يوليو (تموز) الجاري، أنها لن تستثمر أي أموال في البحث والتنقيب عن النفط والغاز في «البيرميان» بسبب محدودية البنية التحتية في الحوض. وبسبب هذا القرار، فقد سجلت الشركة زيادة في المصاريف قدرها 51 مليون دولار في الربع الثاني.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة دان دينجيز، في اتصال مع المستثمرين، إنهم أخذوا القرار بعدم المضي قدماً هناك، والسبب هو أن «هناك رياحا معاكسة في البنية التحتية هناك».
وفي الشهر الماضي، قال راين لانس، رئيس شركة «كونوكوفيليبس» الأميركية، إنهم قد يفكرون في نقل بعض الحفارات من «البيرميان» إلى حوض «إيغل فورد»، نظراً لعدم وجود بنية تحتية كافية هناك.
- شركات تغادر وشركات تستثمر
وفي الوقت الذي تعلق فيه بعض الشركات أنشطتها أو تفكر في ذلك، فإن هناك شركات كبرى دخلت لـ«البيرميان»؛ حيث أعلنت «بريتيش بتروليم» أنها اشترت أصولا لشركة «بي إتش بي» في الحوض بقيمة 10.5 مليار دولار. وبذلك عادت «بريتيش بتروليم» إلى «البيرميان» بعد 8 سنوات من خروجها منه؛ حيث باعت أصولا لها هناك تقدر مساحتها بنحو 405 آلاف فدان، بقيمة 3 مليارات دولار حينها إلى شركة «أباتشي»، ثم عادت الآن لتدفع 3 أضعاف هذه القيمة، من أجل الدخول في الحوض مجدداً.
ولا تزال الشركات الكبيرة العاملة هناك، مثل «شيفرون»، مستمرة في الإنتاج والوجود، نظراً لأنها تمتلك قدرة على نقل النفط من الحوض إلى مناطق أخرى. وهذا ما أكدته الشركة الأسبوع الماضي، حيث قالت إن بنيتها للنقل قوية في «البيرميان» في 2018 و2019.
ورغم كل تفاؤل إدارة معلومات الطاقة الأميركية، بأن يزيد إنتاج النفط الصخري هذا العام، فإن مصرف «ويلس فارغو» الأميركي، حذر الأسبوع الماضي من أن مشكلة البنية التحتية في «البيرميان» قد تستمر حتى عام 2020.
وقبل خمسة أشهر من الآن، كان البنك يتوقع أن تُحل مشكلة البنية التحتية هناك في الربع الثالث من العام القادم، مع بناء أنابيب جديدة لنقل النفط، إلا أن المصرف عاد للتشاؤم الآن، نظراً لأن كثيراً من هذه المشروعات تواجه عراقيل إدارية ومشكلات في التراخيص قد تؤخرها.
وقال المصرف إن «البيرميان» في حاجة إلى أنابيب جديدة بسعة نقل بين مليون إلى 1.5 مليون برميل يومياً حتى تختفي تخمة النفط في الحوض.
- نمو متوقع رغم الرياح المعاكسة
وتوقعت إدارة معلومات الطاقة في منتصف شهر يوليو الجاري، زيادة إنتاج الولايات المتحدة من النفط الصخري خلال أغسطس (آب) المقبل.
وكشف تقرير صادر عن إدارة معلومات الطاقة، أن إنتاج النفط الأميركي الصخري من السبعة حقول الرئيسية، سيرتفع بمقدار 143 ألف برميل يومياً، ليصل إلى 7.470 مليون برميل يومياً في الشهر المقبل. وترى الإدارة أن إنتاج الولايات المتحدة النفطي من مناطق الصخر الزيتي سيبلغ 7.327 مليون برميل يومياً في شهر يوليو الجاري.
وذكرت البيانات أن حوض «البيرميان» من أكثر المناطق التي ستشهد زيادة في الإنتاج خلال أغسطس المقبل بنحو 73 ألف برميل يومياً، لتصل إلى 3.406 مليون برميل يومياً، مقارنة بتوقعات يوليو الجاري.
ويبدو أن «البيرميان» لحق بكندا، التي تعاني هي كذلك من محدودية البنية التحتية لنقل النفط، في الوقت الذي تزداد فيه أنشطة الحفر.
وما زالت هناك خيارات أخرى للتغلب على المشكلة في «البيرميان»، وهي نقل النفط عن طريق الشاحنات كما يقول تقرير لمصرف «غولدمان ساكس» في مايو (أيار)؛ ولكن هذا سيزيد من التكلفة قليلاً؛ حيث إن نقل كل زيادة في الإنتاج في حدود 100 ألف برميل يومياً يتطلب 250 شاحنة تقوم برحلتين يومياً، خاصة أن تكاليف قائدي الشاحنات في تكساس في ارتفاع حالياً.
ويتوقع المصرف أن يؤدي الوضع الحالي إلى تراجع أنشطة استكمال الآبار، وإلى الحفر والإنتاج بصورة عامة في النصف الثاني من العام الجاري. وبحسب أرقام إدارة معلومات الطاقة، فإن عدد الآبار التي تم حفرها في «البيرميان» ولم يتم استكمالها، بلغ نحو 2937 بئراً في فبراير (شباط) بزيادة 122 بئراً عن يناير (كانون الثاني).


مقالات ذات صلة

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

الاقتصاد موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد مضخات نفطية في حقل بمدينة ميدلاند في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)

نوفاك: سوق النفط متوازنة بفضل تحركات «أوبك بلس»

قال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك يوم الجمعة إن سوق النفط العالمية متوازنة بفضل تحركات دول «أوبك بلس» والالتزام بالحصص المقررة.

«الشرق الأوسط» (عواصم)
الاقتصاد بوتين يبحث مع رئيس وزراء العراق التنسيق في «أوبك بلس» لضمان استقرار أسعار النفط

بوتين يبحث مع رئيس وزراء العراق التنسيق في «أوبك بلس» لضمان استقرار أسعار النفط

قال الكرملين إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أجرى اتصالاً هاتفياً مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ناقشا خلاله اتفاق «أوبك بلس» الخاص بإنتاج النفط.

«الشرق الأوسط» (بغداد) «الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد شعار «وكالة الطاقة الدولية»... (رويترز)

هل تراجع إدارة ترمب دور الولايات المتحدة في تمويل «وكالة الطاقة الدولية»؟

يضع الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، والجمهوريون في الكونغرس «وكالة الطاقة الدولية» في مرمى نيرانهم، حيث يخططون لمراجعة دور الولايات المتحدة فيها وتمويلها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد ناقلة نفط خام في محطة نفط قبالة جزيرة وايدياو في تشوشان بمقاطعة تشجيانغ (رويترز)

النفط يرتفع وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية

ارتفعت أسعار النفط، يوم الخميس، وسط مخاوف بشأن الإمدادات بعد تصاعد التوتر الجيوسياسي المرتبط بالحرب الروسية - الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.