استغرب أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي، من حجم الضجة التي أثارها الظهير الملكي (المرسوم) الذي أصدره الملك محمد السادس بشأن تنظيم مهام القيمين الدينيين، والذي يقضي بمنع أئمة المساجد والخطباء من ممارسة أي عمل سياسي أو نقابي، ضمن خطة شاملة لتأهيل الحقل الديني في البلاد. وأوضح التوفيق أن الاهتمام الذي ناله الظهير، لا سيما الشق المتعلق بمنع رجال الدين من ممارسة السياسة، ليس سوى تكريس لأمر واقع يلتزم به الخطباء والأئمة في المغرب لأنهم يعرفون أنه لا يمكن الخلط بين لغة الدين ومرجعيته الثابتة، ولغة السياسة القابلة للاختلاف.
وقال التوفيق، الذي عقد أمس بمقر وزارته لقاء صحافيا خصصه لتسليط الضوء على مضامين المرسوم الملكي، إن «الخطباء والأئمة لم يكونوا يخوضون في السياسة من قبل، واليوم يمنعون»، وأشار إلى أن هذا المرسوم جاء لكي لا تفسد السياسة، ولا يدخل فيها الدين.
وأضاف: «نحن لا نخاف على الدين من السياسة، بل نخشى على السياسة من الدين، ونحن لا نريدها أن تفسد لأننا بحاجة إليها، لكن لكل مجاله ولغته وطريقته في الإصلاح».
وأكد الوزير المغربي أنه لا يوجد تناقض بين المجال الديني والسياسي، شرط أن يلتزم كل مجال بموقعه، إذ لا يمكن أن يكون داخل المسجد ممثل لهذا الحزب أو ذاك، أو أن تتسرب الاجتهادات السياسية إلى القيمين الدينيين.
وقال التوفيق إنه جرى التركيز على نقطة واحدة في الظهير الملكي، تتمثل في منع الأئمة من ممارسة العمل السياسي، في حين أن أهم ما جاء به المرسوم يتمثل في تنظيم عمل القيمين الدينيين، والتعريف بهم وبواجباتهم ومنحهم حق التظلم، إذ «لا يمكن أن نضبط جميع مجالات الشأن العام ونترك المجال الديني من دون ضبط».
وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول رأيه في من عدّ توقيت صدور التقرير مرتبطا بالاستحقاقات الانتخابية التي ستعرفها البلاد العام المقبل، نفى التوفيق علاقة المرسوم الملكي بالانتخابات، وقال إن هذا المنطق غير موجود، وتساءل: «كيف نختزل ظهيرا بهذا الحجم في الانتخابات؟ إن المغرب ينظم انتخابات منذ أكثر من 50 عاما، فهل سنخاف من الانتخابات المقبلة؟»، مشيرا، في المقابل، إلى أن وزارة الأوقاف دأبت كلما اقترب موعد الانتخابات على تنظيم حملة توعية لفائدة الخطباء، بهدف تجنب إبداء أي موقف سياسي تجاه هذا الحزب أو ذاك.
وأوضح التوفيق أنه من حق الخطباء والأئمة خوض الانتخابات، شرط أن يقدموا استقالاتهم قبل ستة أشهر من موعدها، وأشار إلى وجود قلة قليلة من الأئمة المغاربة ينتمون إلى أحزاب سياسية.
وردا على بعض القراءات التي فسرت الظهير الملكي على أنه فصل للدين عن السياسة، نفى التوفيق ذلك، وقال إنه لا فصل بين الدين والسياسة، بل هناك انسجام بينهما.
وحول ما إذا كان القرار سيؤدي إلى جعل خطب المساجد موحدة، استبعد التوفيق حدوث ذلك، وأكد أن وزارته لا توزع الخطب على الأئمة كما يشاع، وأن كل ما في الأمر هو أن بعض الوزارات تلتمس أن تتضمن خطب الجمعة توعية للمصلين ببعض القضايا الهامة، مثل حوادث السير أو أهمية التلقيح، وتساءل إن كان «الحديث عن هذه القضايا يعد تدخلا أو توجيها للخطباء»، وأضاف: «إذا كنا نوزع الخطب على المساجد فلنقدم الخطبة من وزارة الأوقاف والسلام».
وبشأن الانتقادات التي وجهها البعض بخصوص منع الأئمة من ممارسة العمل النقابي، رد التوفيق بأن الأمر «لا يتعلق بهيئة مهنية، بل القضية أكبر بكثير لأنه شأن تابع لإمارة المؤمنين التي تحمي الملة والدين».