العملة الإيرانية تواصل التراجع القياسي مع قرب العقوبات الأميركية

الريال يسجل تدهوراً قياسياً أمام الدولار

نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري يسلّم رئيس البنك المركزي الجديد عبد الناصر همتي مرسوم تعيينه ويتوسطهما الرئيس السابق ولي الله سيف في طهران أمس (تسنيم)
نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري يسلّم رئيس البنك المركزي الجديد عبد الناصر همتي مرسوم تعيينه ويتوسطهما الرئيس السابق ولي الله سيف في طهران أمس (تسنيم)
TT

العملة الإيرانية تواصل التراجع القياسي مع قرب العقوبات الأميركية

نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري يسلّم رئيس البنك المركزي الجديد عبد الناصر همتي مرسوم تعيينه ويتوسطهما الرئيس السابق ولي الله سيف في طهران أمس (تسنيم)
نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري يسلّم رئيس البنك المركزي الجديد عبد الناصر همتي مرسوم تعيينه ويتوسطهما الرئيس السابق ولي الله سيف في طهران أمس (تسنيم)

سجلت العملة الإيرانية (الريال)، أمس، تراجعاً إلى مستوى قياسي منخفض جديد، متجاوزة المائة ألف ريال للدولار، في يوم قدمت فيه الحكومة رسمياً رئيس البنك المركزي الجديد، وسط أزمة اقتصادية بدأت منذ أشهر، وتسبق تأهب الإيرانيين لنهاية الأسبوع الأول من أغسطس (آب)، عندما ستقوم واشنطن بإعادة فرض دفعة أولى من العقوبات على طهران.
وقرر البيت الأبيض إعادة فرض العقوبات، بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب خروج بلاده من الاتفاق النووي في الثامن من مايو (أيار) الماضي، ووجهت واشنطن تهماً إلى طهران بأنها تشكل تهديداً أمنياً، وأبلغت الدول بضرورة وقف جميع وارداتها من النفط الإيراني اعتباراً من الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني)، وإلا ستواجه إجراءات مالية أميركية.
وواصل الريال مسلسل الانهيار الدرامي مقابل العملات الأجنبية، وهبط أمس إلى 111 ألفاً و500 ريال مقابل الدولار في السوق غير الرسمية، من نحو 97 ألفاً و500 ريال أمس (السبت)، بحسب موقع أسعار صرف العملات «بونباست.كوم». وتباينت وكالات الأنباء الرسمية الإيرانية حول سعر الدولار، وأفادت وكالة «رويترز» بأن الدولار سجل ما بين 108 آلاف و500 ريال و116 ألفاً و600 ريال.
وهذه أعلى قيمة يسجلها الدولار، على الإطلاق، في أسواق المال الإيرانية. وقالت مواقع إيرانية إن سعر اليورو بلغ 121 ألف ريال، والجنيه الإسترليني وصل إلى 136 ألف ريال، فيما أشارت تقارير إعلامية، أمس، إلى توقف بيع الدولار.
وتزامنت الموجة الجديدة من ارتفاع أسعار الدولار والذهب مع تغيير رئيس البنك المركزي ولي الله سيف، وتعيين عبد الناصر همتي بدلاً منه. وخلال مراسم تقديم رئيس البنك المركزي الجديد، بحضور نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري، قال رئيس البنك المركزي السابق ولي الله سيف إن تفاقم أزمة العملة مصدره تراكم مشكلات سابقة.
وبدوره، أشار رئيس البنك المركزي الحالي عبد الناصر همتي، في أول يوم من تسلم منصبه، إلى وجود «تخبط في تطبيق السياسات الخاصة بالعملة».
وارتفع سعر الدولار خلال عام نحو 3 أضعاف، كما فقد الريال نحو نصف قيمته منذ أبريل (نيسان)، نظراً لضعف الاقتصاد، والصعوبات المالية في البنوك المحلية، والطلب المكثف على الدولار بين الإيرانيين الذين يخشون من أثر العقوبات، إضافة إلى فشل مخططات الحكومة في جلب الاستثمار المحلي والخارجي، وتفشي الفساد.
وقالت وكالة «إيسنا» الحكومية، في تقريرها أمس، إن سعر الدولار «تجاوز 5 أرقام»، وتساءلت الوكالة عن «سر» ارتفاع سعر الدولار في يوم عطلة أسواق المال العالمية. وسلطت وسائل الإعلام الإيرانية الضوء على تذبذبات أسعار العملة على مدار الساعة، ووصفت أوضاع السوق بالملتهبة.
وربطت الوكالة أزمة العملة، وزيادة الطلب على الدولار، بقرار الحكومة خفض أسعار الفائدة من 25 في المائة إلى 15 في المائة، وهو ما أدى إلى سحب الأصول من البنوك، والاستثمار في الذهب والعملة.
وفشلت مساعي الحكومة التي أعلنتها لتثبيت السعر عند 42 ألفاً في أبريل، وبدأت تطبيقها حينذاك مع حملة أمنية لملاحقة تجار العملة في السوق السوداء، كما هدد نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري بملاحقة التجار الذين يتداولون الدولار بغير الأسعار الحكومية.
وجاء تدخل الحكومة بتثبيت الدولار عندما تخطى 60 ألف ريال. وبدأت التذبذبات الجديدة الخميس الماضي، تحت تأثير التلاسن بين كبار المسؤولين الإيرانيين والأميركيين على مدى الأسبوع الماضي، حول تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز رداً على خطة الإدارة الأميركية لتصفير النفط الإيراني.
وترك الرئيس الأميركي دونالد ترمب الباب مفتوحاً أمام طهران للتوصل إلى «اتفاق حقيقي»، وذلك بعد يومين من تحذير شديد اللهجة وجهه للرئيس الإيراني حول تهديد الولايات المتحدة، وجاء التلاسن في وقت تواصل فيه حكومة روحاني محاولة إنقاذه عبر حزمة إجراءات اقتصادية تقدمها الدول الأوروبية لموازنة الانسحاب الأميركي، غير أن فرنسا قالت في وقت سابق هذا الشهر إنه من المستبعد أن تستطيع القوى الأوروبية وضع حزمة اقتصادية لإيران من أجل إنقاذ الاتفاق النووي قبل نوفمبر.
لكن تلك التجارة تواصلت، وسط قلق الإيرانيين من استمرار الصعوبات التي يعاني منها الاقتصاد، وحولوا عملتهم إلى الدولار، كطريقة آمنة للحفاظ على مدخراتهم، أو كاستثمار في حال استمر تراجع الريال.
وفيما ترفض المصارف عادة بيع الدولار بالسعر المنخفض، اضطرت الحكومة لتليين موقفها في يونيو (حزيران)، وسمحت بمرونة أكبر لبعض فئات المستوردين.
وكانت طريقة التعامل مع الأزمة النقدية أحد الأسباب التي دفعت الرئيس حسن روحاني لتعيين محافظ جديد للبنك المركزي مكان ولي الله سيف.
ومن الأسباب التي أدت إلى تدهور العملة إعلان الولايات المتحدة في مايو انسحابها من الاتفاق النووي الموقع مع إيران عام 2015، الذي رفعت بموجبه مجموعة من العقوبات مقابل كبح البرنامج النووي الإيراني.
وتستعد الولايات المتحدة لإعادة فرض كامل عقوباتها على دفعتين، في 6 أغسطس و4 نوفمبر، مما أجبر كثيراً من الشركات الأجنبية على وقف أنشطتها مع إيران.
كما تخطت السبائك الذهبية حاجز 40 مليون ريال، أي بنسبة 13 في المائة، خلال 24 ساعة. وقال رئيس اتحاد باعة الذهب والجواهر في طهران، محمد ولي، أمس، إن «تعدد أسعار العملة يتسبب في التدهور، ويترك آثاراً سلبية على الأسواق»، لافتاً إلى أن التدهور يعود إلى أسباب داخلية، بحسب ما نقلته عنه وكالة «إيسنا». وكان ولي قد قال، الاثنين الماضي، في تصريح لوكالة «تسنيم»، إن أسعار الذهب تأثرت بتلاسن روحاني ونظيره الأميركي دونالد ترمب.
وفي سياق متصل، قال المتحدث باسم القضاء الإيراني، غلام حسين محسني أجئي، أمس، إن الأجهزة الأمنية اعتقلت 29 شخصاً بتهمة الإفساد في الأرض، مشيراً إلى استمرار الاعتقالات في صفوف ناشطين اقتصاديين وجهت إليهم تهمة الإخلال بالنظام المالي الإيراني وسوق العملة، وفقاً لوكالة «مهر» الحكومية.



إسرائيل تصنّف الضفة «ساحة رئيسية» للتهديدات

آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
TT

إسرائيل تصنّف الضفة «ساحة رئيسية» للتهديدات

آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)

وسعت إسرائيل عمليتها في الضفة الغربية بعدما صنّفتها «ساحة رئيسية» في خريطة التهديدات. وبينما قتلت الغارات الإسرائيلية 3 فلسطينيين بينهم طفلان في قصف جوي، واصلت عمليتها البرية في شمال غزة وقالت إنها تقترب من «هزيمة (حماس)» هناك.

وقتل الجيش الإسرائيلي 3 فلسطينيين في قصف جوي في بلدة «طمون» شمال الضفة، بينهم آدم بشارات (24 عاماً)، الذي يعتقد أنه الهدف الرئيسي، والطفلان رضا بشارات (8 سنوات) وحمزة بشارات (10 سنوات) ما يرفع عدد من قتلهم الجيش منذ بدأ عملية واسعة في شمال الضفة إلى 6 فلسطينيين، وكان ذلك بعد مقتل 3 إسرائيليين في هجوم فلسطيني قرب قلقيلية يوم الاثنين الماضي. وقتلت إسرائيل 3 فلسطينيين آخرين، يوم الثلاثاء، في طمون وقرب نابلس.

مشيعون يحملون جثمان جعفر دبابسة (40 عاماً) خلال جنازته في قرية طلوزة بالقرب من مدينة نابلس الثلاثاء (إ.ب.أ)

وزعم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أن طائرة تابعة لسلاح الجو هاجمت «خلية إرهابية» شمال الضفة، لكن بعد اكتشاف مقتل طفلين في القصف، قال الجيش إنه فتح تحقيقاً حول الأمر.

وقال الجيش في بيانه إن «الغارة جاءت بعد رصد إرهابي يقوم بزرع عبوات ناسفة في منطقة تنشط فيها قوات الأمن».

وبحسب مصادر عسكرية فإن التحقيق «يشمل إعادة النظر في تحديد أهداف الغارة، والتأكد من عدم وجود أخطاء في عملية الاستهداف».

ساحة رئيسية

التصعيد في الضفة جاء بعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه صادق على زيادة العمليات الدفاعية والهجومية في الضفة الغربية، رداً على عملية قلقيلية.

وقال وزير الدفاع يسرائيل كاتس إن الضفة الغربية أصبحت «ساحة رئيسية» في خريطة التهديدات الإسرائيلية.

ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن كاتس قوله في لقاء جمعه مع قادة ورؤساء المستوطنين ومجالسهم في الضفة، إن «يهودا والسامرة (الضفة الغربية) أصبحت ساحة مركزية في خريطة التهديدات لإسرائيل ونحن نستعد للرد وفقاً لذلك».

وأضاف: «إننا نرى تهديدات متزايدة للمستوطنين في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، ونحن نستعد مع الجيش الإسرائيلي لتقديم الرد القوي اللازم لمنع وقوع أحداث مثل 7 أكتوبر (تشرين الأول) هنا».

قوة إسرائيلية خلال غارة على مخيم الفرا للاجئين قرب مدينة طوباس بالضفة الغربية الثلاثاء (د.ب.أ)

وذكر مكتب كاتس أنه أبلغ رؤساء السلطات بالخطوات الفورية التي وجه الجيش الإسرائيلي باتخاذها لتعزيز الأمن في المنطقة، بما في ذلك زيادة النشاط العسكري، وتنفيذ إجراءات مضادة واسعة النطاق في البلدات وتعزيز إنفاذ القانون على طول طرق المرور، والتزام الجهاز الأمني بتوسيع العمليات العملياتية في كل ساحة يتم فيها تنفيذ هذه العمليات.

ضغط بموازاة المفاوضات

وبينما قرر الجيش التصعيد في الضفة الغربية، وأنه حولها إلى ساحة تهديد رئيسية، واصلت القوات الإسرائيلية عمليتها البرية في قطاع غزة، في الشمال والوسط والجنوب.

وتعهد رئيس الأركان هيرتسي هاليفي بمواصلة القتال في غزة، حتى تصل حماس إلى «نقطة تفهم فيها أن عليها إعادة جميع المختطفين».

وقالت «القناة 12» الإسرائيلية إن الجيش يواصل عمليته في شمال قطاع غزة بالتوازي مع المفاوضات الجارية للتوصل إلى اتفاق، وقام بتعميق نشاطه في مناطق مختلفة في الأيام الأخيرة بينها بيت حانون، وهي المنطقة التي تدور فيها المعارك الأعنف في قطاع غزة خلال هذه الفترة.

وقالت القناة إن «القوات في المراحل النهائية لتطهير شمال قطاع غزة من الإرهابيين».

ونقلت القناة العبرية أن «الشعور السائد لدى الجنود أن (حماس) قد تنازلت عن شمال القطاع». وزعموا أن انخفاضاً كبيراً في الاحتكاك حدث في جباليا وبيت لاهيا وأن «العديد من المسلحين يفرون إلى الجنوب بأعداد غير مسبوقة».

لكن الجيش الإسرائيلي أعلن مراراً خلال حربه على غزة سيطرته على شمال القطاع، قبل أن يعود المسلحون الفلسطينيون لمفاجأته بعمليات وإطلاق صواريخ تجاه المستوطنات.

صاروخ اعترضه الدفاع الجوي الإسرائيلي يوم الأربعاء فوق بيت حانون بقطاع غزة (رويترز)

وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن «المعارك مستمرة، وما يجري (من تحريك للمسلحين) هو تكتيك». وأضافت أن طبيعة المعارك تفرض «قاعدة الكر والفر» في العمل الميداني.

ويواجه الجيش الإسرائيلي معارك عنيفة في شمال غزة، إذ أعلن، الثلاثاء، عن مقتل المزيد من جنوده في المعارك الدائرة هناك. وإلى جانب المعركة في الشمال، واصلت إسرائيل قصف مناطق في القطاع في مدينة غزة، وخان يونس، وقتلت 15 فلسطينياً على الأقل، الأربعاء.

وقالت وزارة الصحة، إن حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ارتفع إلى 45.936 و 109.274 مصاباً منذ السابع من أكتوبر 2023.