مودعون عراقيون في بنوك طهران يتكبدون خسائر بملايين الدولارات

خبراء يتحدثون عن «تحايل» إيراني بطرق رسمية

مودعون عراقيون في بنوك طهران يتكبدون خسائر بملايين الدولارات
TT

مودعون عراقيون في بنوك طهران يتكبدون خسائر بملايين الدولارات

مودعون عراقيون في بنوك طهران يتكبدون خسائر بملايين الدولارات

بالرغم من عدم وجود أرقام رسمية تبين أعداد المودعين العراقيين وحجم الأموال التي أودعوها في البنوك الإيرانية طمعا بالربح المتأتي من ارتفاع سعر الفائدة الذي تدفعه تلك البنوك، فإن الأزمة الاقتصادية التي تواجهها إيران وتراجع سعر الصرف الريال الإيراني بمعدلات كبيرة نتيجة العقوبات الاقتصادية المفروض عليها، أظهرا للعلن معاناة عدد كبير من المواطنين العراقيين نتيجة خسارتهم أكثر من نصف أموالهم التي وضعوها في المصارف الإيرانية. عقب الانهيار الذي لحق العملة الإيرانية وخسارتها أكثر من نصف قيمتها في الأشهر الأخيرة، مقارنة بالسنوات الماضية، أخذ كثير من المواطنين العراقيين يتحدثون علنا عن خسارتهم أكثر من نصف أموالهم. وتشترط البنوك الإيرانية على العراقيين الذين يملكون مبالغ مالية بالدولار الأميركي تحويلها إلى الريال الإيراني وإيداعها بهذا النوع من الفئات النقدية، وتشترط عدم المطالبة بسحب المبلغ إلا بعد مرور سنة واحدة على تاريخ الإيداع وبالريال الإيراني أيضا.
وكتب السياسي والمستثمر العراقي مازن الأشيقر على صفحته الشخصية في «فيسبوك» حول انهيار العملية الإيرانية ما يلي: «وصل سعر الورقة (مائة دولار) اليوم في السوق السوداء إلى مليون تومان (ريال) إيراني!»
ويتوقع الأشيقر أنه ومع «تنفيذ أول رزمة من العقوبات الاقتصادية على إيران يوم 6 أغسطس (آب) المقبل، ستنخفض قيمة التومان أكثر مما هو عليه الآن، وانهيار التومان في نوفمبر (تشرين الثاني) بعد تنفيذ الرزمة الثانية من العقوبات التي ستشمل الحظر الكامل على استيراد النفط الإيراني». وأبلغ تاجر يعمل في سوق الشورجة وسط بغداد «الشرق الأوسط» بأن «كثيرين من التجار أودعوا مبالغ كبيرة بالدولار الأميركي في البنوك الإيرانية، وهناك أيضا مواطنون عاديون من بغداد والمحافظات وخاصة في كربلاء والنجف، لكنهم اليوم يتعرضون لخسائر كبيرة». ويضيف: «أحد زملائي التجار وضع مبلغ 400 ألف دولار أميركي في بنك إيراني، والانهيار الحالي بالعملة الإيرانية تسبب بخسارته أكثر من 300 ألف دولار».
من جانبه، ينحي أستاذ العلاقات الاقتصادية الدولية في الجامعة العراقية عبد الرحمن المشهداني باللائمة على الحكومة والبنك المركزي العراقي في «التسبب بخسارة مئات وربما آلاف المواطنين العراقيين لمدخراتهم ومنازلهم جراء إيداعاتهم في البنوك الإيرانية». ويقول المشهداني لـ«الشرق الأوسط»: «كان يجدر بالجهات الرسمية تحذير المواطنين من مغبة إيداع أموالهم في مصارف دولة قلقة وغير مستقرة اقتصاديا، لكنها لم تفعل مع الأسف، وكنا حذرنا مرارا قبل أكثر من سنتين، ولم يستمع لنا أحد، ذلك أن سعر الفائدة الذي تمنحه البنوك الإيراني البالغ 25 في المائة لا يمكن الاطمئنان إليه».
ويعتقد المشهداني أن البنوك الإيرانية مارست «عملية نصب واحتيال بطريقة رسمية»، لكنه يرى أن «اللوم لا يقع ربما على دولة محاصرة وتشتد حاجتها إلى العملات الصعبة، لكنه يقع علينا نحن العراقيين حين نفرط بثروتنا الوطنية بهذه الطريقة».
بدوره، يرى علي الموسوي، وهو صحافي متخصص في الشؤون الاقتصادية وقضى شطرا من حياته في إيران، أن «الاقتصاد الإيراني يعاني من داء التضخم المزمن منذ عقود، لذلك حاول البنك المركزي مواجهته برفع أسعار الفائدة على الريال الإيراني، حتى تجاوزت 25 في المائة بالنسبة للودائع متوسطة الأمد. وهذه الفوائد العالية شكلت إغراءً لا يقاوم للمواطنين العراقيين». ويضيف الموسوي في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «كان الأمر على ما يرام حتى الأشهر الماضية، إلا أن العقوبات الأميركية خفضت من قيمة العملة إلى نحو الربع حتى الآن، ما يعني انخفاض القدرة الشرائية للريال الإيراني المستلم كفوائد من قبل العراقيين المودعين في المصارف هناك». ويؤكد الموسوي أن انهيار العملة الإيرانية «شكل صدمة اقتصادية لكثير من الأسر العراقية التي اعتمدت على هذه الفوائد في أمورها المالية». ويرى أن «القصور في تحليل الاقتصاد السياسي الإيراني، وعدم استقراره، في ظل نظام سياسي اعتاد المفاجآت القانونية والسياسية، هو السبب الرئيس في خسارة المواطنين العراقيين».



أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
TT

أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)

شهدت جلسة للمحكمة العليا الإسرائيلية، عقدت الأربعاء، لمناقشة التماسات ضد امتناع «الحريديم» (اليهود المتشددين دينياً) عن الخدمة في الجيش، مشادات وشغباً، وسط اتهامات للحكومة بتعمد تقديم «رد متأخر» حول موقفهم، وغضب من أهالي الجنود الذين يقاتلون في قطاع غزة.

ونقلت وسائل إعلام عبرية، أنه خلال مناقشة التماس قدمته منظمات وروابط محلية ضد الحكومة ووزير الدفاع يسرائيل كاتس لأنهم «لا يطبقون واجب التجنيد ضد الحريديم»، اندلعت أعمال شغب بعد أن اقتحمت تمار ليفي، من حركة «أمهات على الجبهة» القاعة، وصرخت قائلة: «إن العلمانيين (في إشارة إلى من يتم تجنيدهم) ليسوا حمير المتشددين».

ونقلت «القناة 12» الإسرائيلية أن ليفي وقفت فوق كرسي وصرخت في قاعة المحكمة «إنكم تفتتون النسيج الاجتماعي لهذا البلد. لا يمكن أن نرسل أولادنا بعمر 18 عاماً إلى غزة ولبنان ولا يتم إرسال آخرين»، ثم يتمكن حارس المحكمة من إخراجها من الجلسة.

80 ألفاً

وناقشت الجلسة رد الحكومة المتأخر، وقال قضاة المحكمة إنهم صدموا عندما عرفوا أن عدد أعضاء المتشددين الذين لم يتم تجنيدهم، بحسب رد الدولة، هو 80 ألفاً.

ووبخ القضاةُ ممثلي الحكومة لأنهم ردوا متأخراً في الصباح الباكر قبل ساعات من الجلسة.

وكان كاتس معنياً، كما نشر، بتأخير الرد الرسمي، الذي أكد أن الجيش الإسرائيلي سيكون قادراً ابتداء من عام 2026 على استيعاب جميع اليهود المتشددين.

«الحريديم» في مظاهرة بالقدس ضد قرار تجنيدهم بالجيش الإسرائيلي 30 يونيو 2024 (أ.ب)

ونقل المستشار القانوني للحكومة، غالي بهراف ميارا، موقف الدولة بشأن تجنيد المتشددين، إلى المحكمة، وأشار إلى أن الجيش سيكون قادراً على استيعاب أرقام محددة من الحريديم هذا العام، وفي عام 2026 لن يكون هناك حد على الإطلاق.

وقالت الحكومة إن «الجيش أرسل أوامر التعبئة إلى نحو 7000 من اليهود المتشددين في سن الخدمة العسكرية».

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن الثلاثاء، عن زيادة كبيرة في التجنيد من الطائفة اليهودية المتشددة لفترة التجنيد الثانية لعام 2024.

وفقاً للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، «انضم 338 مجنداً جديداً من اليهود المتشددين إلى وحدات مختلفة: 211 بوصفهم مقاتلين و127 في مهام دعم».

ويؤكد الجيش الإسرائيلي أن «هذا الدمج يتم مع احترام الظروف وأسلوب الحياة الديني للمجندين، مع تكييف البرامج القائمة».

لكن بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن إرسال الجيش الإسرائيلي 7000 أمر تجنيد إضافي لأعضاء المجتمع الحريدي جاء بعد أن فشلت المرحلة الأولى من خطة تجنيد الجنود الحريديم إلى حد كبير.

نزاع شائك

ومن بين 3000 أمر تجنيد صدرت للمتدينين الحريديم خلال الصيف الماضي، استجاب 300 شخص منهم وحضروا إلى مراكز التجنيد.

وجاءت أوامر الجيش بعد حكم تاريخي للمحكمة العليا في يونيو (حزيران) الماضي، وفيه أنه «لم يعد هناك أي إطار قانوني يسمح للدولة بالامتناع عن تجنيد طلاب المدارس الدينية الحريدية في الخدمة العسكرية».

والنزاع حول خدمة المجتمع الحريدي في الجيش هو أحد أبرز النزاعات الشائكة في إسرائيل، حيث لم تنجح محاولات الحكومة والقضاء على مدار عقود من الزمان في التوصل إلى حل مستقر لهذه القضية.

وتقاوم الزعامات الدينية والسياسية الحريدية بشدة أي جهد لتجنيد الشباب الحريديم.

يعارض «الحريديم» الخدمة في الجيش (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويقول العديد من اليهود الحريديم إن «الخدمة العسكرية تتعارض مع أسلوب حياتهم، ويخشون أن يصبح المجندون علمانيين».

ولكن الإسرائيليين الذين يخدمون في الجيش يقولون إن هذه «الإعفاءات الجماعية القائمة منذ عقود تثقل كاهلهم بشكل غير عادل، وهذا الشعور تفاقم منذ هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) والحرب التالية، التي قتل فيها أكثر من 780 جندياً واستدعي نحو 300 ألف مواطن للخدمة الاحتياطية».

وفي العام الماضي، تم إدراج 63 ألف رجل من الحريديم على أنهم مؤهلون للخدمة العسكرية، وارتفع الرقم إلى 80 ألفاً هذا العام.

وتعمل أحزاب الائتلاف الحريدية على تشريع قانون معروف باسم «قانون التجنيد» من شأنه أن يتضمن زيادة في التجنيد، لكن مع الحفاظ على نطاق واسع من الإعفاء للرجال الحريديم، وهو ما خلف مزيداً من الجدل الصاخب والنقاش في إسرائيل.

وبداية العام الحالي، أعلن وزير الدفاع السابق، عضو الكنيست يوآف غالانت، استقالته من الكنيست، وتطرق إلى موضوع قانون التجنيد الذي كان سبباً في إقالته من منصبه، قائلاً: «في الشهرين الأخيرين منذ إقالتي من منصب وزير الدفاع، سقط أمر ما. الحكومة الإسرائيلية، بقيادة رئيس الوزراء ووزير الدفاع تقوم بتسريع قانون التجنيد (الإعفاء) الذي يتعارض مع احتياجات الجيش الإسرائيلي وأمن دولة إسرائيل. لا أستطيع قبول ذلك ولا أستطيع أن أكون شريكاً في ذلك».