أفغانستان: «داعش» يتبنى الهجوم على مركز تدريب القابلات

عضوان من التنظيم الإرهابي يستسلمان لقوات الأمن

رجل أمن أفغاني يقف في مدخل مركز تدريب القابلات في جلال آباد الذي تعرض لهجوم إرهابي من عناصر «داعش» أول من أمس (رويترز)
رجل أمن أفغاني يقف في مدخل مركز تدريب القابلات في جلال آباد الذي تعرض لهجوم إرهابي من عناصر «داعش» أول من أمس (رويترز)
TT

أفغانستان: «داعش» يتبنى الهجوم على مركز تدريب القابلات

رجل أمن أفغاني يقف في مدخل مركز تدريب القابلات في جلال آباد الذي تعرض لهجوم إرهابي من عناصر «داعش» أول من أمس (رويترز)
رجل أمن أفغاني يقف في مدخل مركز تدريب القابلات في جلال آباد الذي تعرض لهجوم إرهابي من عناصر «داعش» أول من أمس (رويترز)

أعلن تنظيم داعش مسؤوليته، أمس، عن هجوم على مركز لتدريب القابلات في مدينة جلال آباد، شرق أفغانستان، أول من أمس، مما أسفر عن مقتل 3 موظفين. وأعلن التنظيم المتطرف مسؤوليته في بيان بثه عبر وكالة أنباء «أعماق»، لكنه لم يشر إلى دليل يدعم إعلانه. وأكد «داعش» أن الهجوم نفذه مسلحان. وللتنظيم المتطرف معقل في إقليم ننكرهار، المحيط بجلال آباد والمجاور لباكستان.
إلى ذلك، استسلم عضوان من تنظيم داعش لقوات الأمن الأفغانية في إقليم كونار، شرق أفغانستان، طبقاً لما ذكرته وكالة «خاما برس» الأفغانية للأنباء. وأكد فيلق سلاب (201)، التابع للجيش الأفغاني في الشرق، أن اثنين من أعضاء «داعش» استسلما لقوات الشرطة في الإقليم المذكور.
وأضاف فيلق سلاب أن المسلحين الاثنين كانا متورطين في أنشطة تدميرية ببلدة شامباراك، في منطقة شابا دارا، وتابع أن المسلحين الاثنين سلما أيضاً بندقيتين هجوميتين من طراز «إيه كيه 47»، و9 خزن بنادق من طراز «إيه كيه47»، و270 من الذخائر وقنبلتين يدويتين. ولم تعلق الجماعات المتشددة المسلحة المناهضة للحكومة، ومن بينها «داعش»، على التقرير حتى الآن.
وقع الانفجار الأول عند الساعة 11:30 (07:00 بتوقيت غرينتش)، تلته انفجارات أخرى وإطلاق نار. وأكد المتحدث باسم هيئة الصحة في الولاية، أنعام الله مياخيل، أن «الاعتداء استهدف مركزاً لتدريب القابلات»، مشيراً إلى أن هذه المدرسة تمولها وزارة الصحة من دون أموال غربية. ويقع مركز تدريب القابلات في وسط مدينة جلال آباد، في وسط حي يضم كثيراً من المباني الإدارية، وقد تصاعد الدخان الأسود منه.
وذكر إحسان نيازي، الذي كان موجوداً في مديرية العمل والشؤون الاجتماعية المجاور للمركز، أن دخاناً كان يتصاعد من مكان الهجوم، وقال: «بعد الانفجار الأول، سمعت دوي 3 انفجارات أخرى، ورأيت 3 مهاجمين يدخلون الممر الذي تقع فيه المديرية»، مشيراً إلى أن سيارات إسعاف كانت في المكان.
وروى شاهد عيان آخر، طلب عدم الكشف عن هويته، أنه «رأى مهاجمين يزرعون ألغاماً» لإبطاء عملية تدخل المسعفين وقوات الأمن، فيما تمكنت هذه الأخيرة من تعطيلها. ويُعتبر تدريب القابلات من الضرورات المطلقة في هذا البلد، حيث إن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) تقدر أنه بالكاد تحصل 45 في المائة من النساء الأفغانيات على رعاية طبية في أثناء الولادة، ومعظم النساء يلدن بمفردهن، على بعد ساعات عدة من مستوصف أو مركز استشفائي.
وبعد أن تراجع معدل وفيات الأمهات بوضوح في السنوات العشر التي تلت التدخل الأميركي عام 2001 لطرد طالبان من الحكم، ارتفع المعدل من جديد بسبب النقص في العاملين المؤهلين وهيئات الرعاية في المناطق الأكثر تراجعاً، أو تلك التي تعاني من انعدام الأمن، بحسب الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (يو إس أيد)، وهي أحد الممولين الرئيسيين.
وعام 2015، بلغ معدل وفيات الأمهات رسمياً 396 حالة وفاة من أصل 100 ألف ولادة (مقابل أكثر من نحو 1600 عام 2002)، إلا أن مراقبين على الأرض يشككون بهذه الأرقام، ويقولون إن الكثير من المناطق لا تزال خارج نطاق دراسات «اليونيسيف» والحكومة الأفغانية. وجلال آباد، عاصمة شرق أفغانستان، وولاية ننغرهار بمجملها، هما من المناطق الأكثر تحفظاً، واللتان تشهدان اعتداءات متكررة تتبناها حركة طالبان أو تنظيم داعش.
ويعود آخر هجوم كبير في جلال آباد إلى 11 يوليو (تموز) عندما اقتحم مسلحون مبنى تابعاً لوزارة التعليم، وخاضوا معركة استمرت ساعات مع قوات الأمن. وقتل في الهجوم الذي لم تتبنه أي جهة 11 شخصاً على الأقل، جميعهم من موظفي فرع الوزارة، وبينهم المدير.
وقبل يوم واحد من الاعتداء الأخير، شهدت جلال آباد عملية انتحارية تبناها تنظيم داعش، واستهدفت موكباً لأجهزة الاستخبارات الأفغانية، موقعة 12 قتيلاً، معظمهم من المدنيين. وأتاحت الضغوط التي قامت بها أخيراً القوات الأفغانية، مدعومة من الجيش الأميركي، إخراج تنظيم داعش من مناطق كانت تخضع لسيطرته في السنتين الأخيرتين، إلا أنه من المبكر الحديث عن القضاء على وجوده في المنطقة.


مقالات ذات صلة

وزير الدفاع الأميركي: نحتاج لإبقاء قواتنا في سوريا لمواجهة تنظيم داعش

الولايات المتحدة​  وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا (أ.ف.ب)

وزير الدفاع الأميركي: نحتاج لإبقاء قواتنا في سوريا لمواجهة تنظيم داعش

قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن لوكالة أسوشيتد برس إن الولايات المتحدة بحاجة إلى إبقاء قواتها في سوريا لمنع تنظيم داعش من إعادة تشكيل تهديد كبير.

«الشرق الأوسط» (قاعدة رامشتاين الجوية (ألمانيا))
المشرق العربي وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا تكشف عن 4 مطالب دولية في سوريا

كشفت تركيا عن إجماع دولي على 4 شروط يجب أن تتحقق في سوريا في مرحلة ما بعد بشار الأسد وهددت بتنفيذ عملية عسكرية ضد القوات الكردية في شمال سوريا وسط دعم من ترمب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قائد الجيش الأردني اللواء يوسف الحنيطي مستقبلاً وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة (التلفزيون الأردني)

بين أنقرة ودمشق… مساع أردنية لإعادة بناء قدرات «سوريا الجديدة»

هناك رأي داخل مركز القرار الأردني ينادي بدور عربي وإقليمي لتخفيف العقوبات على الشعب السوري و«دعم وإسناد المرحلة الجديدة والانتقالية».

محمد خير الرواشدة (عمّان)
المشرق العربي فيدان والصفدي خلال المؤتمر الصحافي في أنقرة (الخارجية التركية)

تنسيق تركي - أردني حول دعم المرحلة الانتقالية في سوريا... وعودة اللاجئين

أبدت تركيا توافقاً مع الأردن على العمل لضمان وحدة وسيادة سوريا ودعم إدارتها الجديدة في استعادة الاستقرار وبناء مستقبل يشارك فيه جميع السوريين من دون تفرقة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عبد القادر مؤمن

كيف أصبح ممول صومالي غامض الرجل الأقوى في تنظيم «داعش»؟

يرجّح بأن الزعيم الصومالي لتنظيم «داعش» عبد القادر مؤمن صاحب اللحية برتقالية اللون المصبوغة بالحناء بات الرجل الأقوى في التنظيم

«الشرق الأوسط» (باريس)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟