ثيري واسر: يحز في نفسي أن مصممي الأزياء لهم حظوة أكبر.. نعم أعد نفسي فنانا

عطار دار «جيرلان» يتكلم عن عطره الجديد«الرجل المثالي»

 أهم مكونات عطر «لوم إيديال» (L’Homme Idéal) شذى اللوز «أماريتو» الموروث عن عطر «جيكي» (Jicky) الذي جرى ابتكاره في عام 1889، إلى جانب حبوب التونكا واللوز الطبيعي والفانيليا، فضلا عن براعم البرتقال والفيتفر الهندي والأرز والجلد مما يعطي خلطته سحرا، يتلاقى فيها القوي مع المنعش والرومانسي
أهم مكونات عطر «لوم إيديال» (L’Homme Idéal) شذى اللوز «أماريتو» الموروث عن عطر «جيكي» (Jicky) الذي جرى ابتكاره في عام 1889، إلى جانب حبوب التونكا واللوز الطبيعي والفانيليا، فضلا عن براعم البرتقال والفيتفر الهندي والأرز والجلد مما يعطي خلطته سحرا، يتلاقى فيها القوي مع المنعش والرومانسي
TT

ثيري واسر: يحز في نفسي أن مصممي الأزياء لهم حظوة أكبر.. نعم أعد نفسي فنانا

 أهم مكونات عطر «لوم إيديال» (L’Homme Idéal) شذى اللوز «أماريتو» الموروث عن عطر «جيكي» (Jicky) الذي جرى ابتكاره في عام 1889، إلى جانب حبوب التونكا واللوز الطبيعي والفانيليا، فضلا عن براعم البرتقال والفيتفر الهندي والأرز والجلد مما يعطي خلطته سحرا، يتلاقى فيها القوي مع المنعش والرومانسي
أهم مكونات عطر «لوم إيديال» (L’Homme Idéal) شذى اللوز «أماريتو» الموروث عن عطر «جيكي» (Jicky) الذي جرى ابتكاره في عام 1889، إلى جانب حبوب التونكا واللوز الطبيعي والفانيليا، فضلا عن براعم البرتقال والفيتفر الهندي والأرز والجلد مما يعطي خلطته سحرا، يتلاقى فيها القوي مع المنعش والرومانسي

كان يوما مشمسا في باريس، ومثاليا لكي تقدم فيه شركة جيرلان الفرنسية عطرها الرجالي الجديد «لوم إيديال»، أي «الرجل المثالي». كانت الصالة التي احتضنت اللقاء مع مبتكره ثيري واسر، فخمة بنوافذها العالية وستائرها التي حجبت أشعة الشمس من الدخول لكي يبقى المكان منتعشا بروائح مكونات جرى رصها على طاولة طويلة، من لوز وبتلات ورود وجلود وغيرها من الأخشاب والبهارات التي استعملها العطار. كان كل شيء جاهزا لإقناعنا بأن الرجل المثالي موجود، ربما ليس في الواقع، بحكم أن «الحلو لا يكتمل»، لكنه حتما في قارورة عطر معبأة بوصفة تجمع الجديد بالقديم الذي استلهمه من الأرشيف وجدده في خلطة مؤثرة بعمقها وشاعريتها. يعود عمر دار «جيرلان» إلى أكثر من 186 سنة ابتكرت خلالها أكثر من 850 عطرا، كان نصيب المؤسس، جاك جيرلان، وحده منها 400 عطر أبدعها على مدى 60 سنة. لم تنجح كلها تجاريا، إلا أنها تشكل إرثا يعود إليه «أنوفها» دائما، وهو ما لا يتوافر لدى باقي المتنافسين.
أما ثيري واسر عطارها الوفي، فليس غريبا عليها، حيث التحق بها منذ ست سنوات تقريبا، وكان أول «أنف» يدخلها من خارج عائلة جيرلان التي توارثت المهنة أبا عن جد لعدة عقود. وحتى هو، لا ينكر أنه تفاجأ عندما اتصلوا به أول مرة، وتصور المسألة مجرد مزحة، لكنه سرعان ما تأكد أنه مطلوب جديا وأن جون بول جيرلان سلفه، رأى فيه شيئا لم يره في باقي العطارين الذين تزخر بهم فرنسا. لم يخيب ظن جون بول جيرلان، الذي فتح له أبواب الدار وأمنه على مفاتيحها، كما عبد له الطريق لكي يكون نجما، يتولى ابتكار عطور الدار من الألف إلى الياء من دون تدخل أي أحد، عوض أن يكون مجرد جندي مجهول يعمل في الظل.
«عندما أكون في مختبري، أكون أنا السيد»، يشرح ثيري واسر، «فأنا مثل شيف في المطبخ، يعرف كل صغيرة وكبيرة، وليس بالضرورة أن يكون مدير المطعم ملما بتفاصيل الأطباق التي أحضرها أو الطريقة التي أتبعها، مما يجعل من الصعب عليه أن يتدخل لكي يملي علي آراءه».
من يقابل ثيري يشعر بأنه ولد لكي يقوم بهذه المهمة. فهو لا يتنفس ثقافة جيرلان فحسب، بل يعيش لثقافة العطور وصناعتها ويتعامل معها بصفتها فنا أو علما. للأسف، عالم العطور ليس كعالم الأزياء، الذي يحقق للمصمم النجومية من أول تشكيلة يقدمها لدار عالمية. فالعطار، مهما أبدع تبقى شهرته محدودة، مهما بلغت شهرة الدار التي يعمل فيها وقوة تأثيرها في عالم الجمال والتجميل. أمر يحز في نفسه ويثير أعصابه، بحسب رد فعله عندما طرحت هذه المقارنة عليه.
تململ في كرسيه وهو يشمر عن ساعديه كأنه سيدخل في جدال طويل، ليقول بابتسامة تكاد تزغرد من عيونه، ونظرة فيها بعض الامتنان لإثارة الموضوع: «لم يسألني أي أحد من قبل هذا السؤال، وأنا في غاية السعادة أنك تطرحينه علي الآن، لأني بالفعل متضايق من الأمر. فالناس لا يقدرون ما نقوم به كعطارين، فالمصمم يعمل ضمن فريق عريض من المساعدين ومع ذلك يتمتع بشهرة واسعة، بينما العطار يعمل وحده لإكمال اللوحة من البداية إلى النهاية، مثل رسام في مرسمه أو عالم في مختبره، يتعامل بألوان قد لا تكون منظورة للعين، لكنها تجمل العالم». ويتابع بالحماس نفسه: «أنا لا أرسم أو أبتكر خلطات فحسب، بل أعمل كل شيء بنفسي، بدءا من البحث عن المكونات إلى انتقاء الأجود منها، فضلا عن إشرافي على عملية الإنتاج والتصوير والعرض، لهذا اعذريني إن شعرت ببعض الانزعاج والضيق عندما لا نحصل، كعطارين، على التقدير نفسه الذي يحصل عليه مصممو الأزياء. نحن فنانون، لكن بأدوات مختلفة، ثم لا تنسى أننا أيضا مطالبون بالابتكار وطرح مجموعات موسمية، ما لا يقل عن أربعة عطور في السنة... أعيد وأكرر: نعم، أنا أعد نفسي فنانا».
يعود بجسمه إلى الوراء وهو يشير إلى الطاولة، حيث كانت قارورة عطره الجديد «لوم إيديال» تتوسط بتلات ورد وبهارات ولوزا مرا، ويعرض أمامي الفيلم الترويجي له، ولسان حاله يقول: «وهذا هو الدليل». تصاب بعدوى حماسه، وتجد نفسك تتساءل: هل يا ترى توصل إلى الوصفة المثالية للرجل المثالي؟. فالاسم طموح جدا، وله إيحاءات قوية لا بد أن تثير الكثير من المشاعر بداخل الرجل والمرأة على حد سواء، كما أن الفيلم الذي صوره المخرج ميشال غوندري جاء بأسلوب مرح وشاعري، ربما للتخفيف من حدة أي جدل قد يثار حول وجود أو عدم وجود الرجل المثالي، لكن ماذا عن العطر نفسه؟ هل وفق فيه للوصفة الناجحة؟ وهل يصبح وساما على صدره أم أنه سيتبخر بعد بضعة مواسم؟
كان آخر عطر رجالي أطلقته «جيرلان» منذ عدة سنوات من إبداع جون بول، أبيه الروحي، وكان باسم «آرسين لوبين»، لهذا كان مهما أن يأتي هذا العطر بمستوى رفيع. يقول واسر: «سألت جون بول مرة ماذا تعلم من جده، مبتكر أجمل العطور، فرد علي: هل تصدق أني لم أتعلم منه الكثير؟». عندما قرأ نظرات الاستغراب في عيوني، أضاف: «ما نقوم به كعطارين لا يشرح أو يعلم، وكل ما قمت به أني كنت أراقبه من كثب». وهذا تماما ما قام به ثيري واسر مع جون بول. كان يراقبه من قرب لكي لا تفوته أي شاردة أو واردة، وبالفعل اكتشف لدهشته أنه بالإمكان ابتكار عطر رجالي، من خلاصات الياسمين والورود التي كانت حكرا على المرأة من قبل من دون أن يتعارض ذلك مع مفهوم الرجولة أو قوتها. يعلق واسر: «وجود زهرة الليمون في العطر الجديد تحية له، لأن هذه النغمات الزهرية لم تكن لتدخل عطرا رجاليا لولاه. ومنذ عام 2008 عندما أطلقت عطر «جيرلان أوم» وأنا أتعمد أن أدخل هذه الخلاصات في العطور التي أبتكرها. مثلا، عندما كنت أعمل على ابتكار عطر «لابوتيت روب نوار»، الذي استغرق سنتين، كنت أسبح في عالم المرأة وعالم الشرق، خصوصا بعد أن أتبعناه بمجموعة «صحارى الشرق، ومع ذلك كنت دائما أتعمد إضافة هذه المكونات إلى النغمات الشرقية». ربما تكون «جيرلان»، أول دار أدمنت النغمات الشرقية وقدمتها لها في عطور أيقونية مثل «شاليمار» و«سامسارا» وغيرها، إلا أن الملاحظ في هذا العطر أنه خال منها، إذ لم يكن هناك دليل فوق الطاولة يشير إلى استعمال مكونات من الشرق. يدافع واسر قائلا إنه متأكد أن العطر سيروق للرجل الشرقي، لأن «هناك خلاصات الفانيلا، إضافة إلى نوع من الإثارة الحسية والعمق. لقد شعرت بأنه حان الوقت لكي أقدم شيئا جديدا، أنيقا وغنيا، من خلال عطر قريب إلى نفسي وقلبي. وقد عوضت النغمات الشرقية بالانتعاش والعمق النابعين من الأخشاب، علما بأني لم أغير جلدي تماما، فهنا أيضا أحرص على أن أحكي قصة واقعية بمكونات جديدة ومترفة تعبر عني الآن. فكلنا نتغير ونتطور». وتابع: «أنا هنا منذ ست سنوات واكتسبت عدة خبرات، كما تشربت ثقافة (جيرلان) أكثر، ولن أقول إن هذا العطر يعبر عني تماما، لأني ما زلت ضعيفا أمام عطر (إيديل) و(جيرلان أوم)، لكني مؤمن بأن لكل مرحلة لغتها وخصوصيتها، ومن ثم لا يمكن أن يلغي ما أبتكره اليوم ما ابتكرته منذ خمس سنوات مثلا. كل ما في الأمر أنه لا بد من التطور، وأنا متأكد أني سأقدم في المستقبل عطرا مختلفا تماما،، قد لا يكون بالضرورة هو الأفضل، لكنه سيكون انعكاسا لنضجي الشخصي والمهني ولتطورات العصر».
المعروف عن واسر أنه يعشق السفر، ويمكن القول إن شهرته في صناعة العطور تكمن في بحثه الدائم عن مزارع جديدة ودعمه المزارعين الصغار الذين تربطه بهم علاقات إنسانية. في أسفاره، يتعلم الكثير أيضا، وفي كل مرة يكتشف شيئا جديدا لم يلحظه من قبل، فللبحث عن البرغموت وزهرة الليمون مثلا، يسافر إلى تونس أو إلى جنوب إيطاليا أو تركيا أو الهند أو بلغاريا: «لأن لكل مكان رائحة وخصوصية». برأيه: «في كل مكان من هذه الأمكنة، بل وحتى في المكان نفسه، تتغير الرائحة بالنسبة لي، حسب الزمان والمزاج، مما يؤثر على قدرات المبدع وعمله». ويؤكد طوال حديثه أنه في أسفاره لا يتعامل فقط مع مكونات يتطلبها عمله، سواء كانت أعشابا أو زيوتا، بل يتعامل مع الناس الذين يزرعونها وينتجونها، لهذا من الصعب عليه عدم ملاحظة التغييرات التي يعيشونها وتأثيراتها على حياتهم. «تونس أكبر دليل على هذا، فأنا أسافر إليها منذ سنوات، ورغم الثورة الأخيرة، ما زلت أشعر بأني في بلدي الثاني، لأن الناس الذين أتعامل معهم أصبحوا أصدقائي. لا يمكن أن أعيش في معزل عنهم، رغم التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تؤثر في المناخ العام وفي. في هذه الأسفار، أنا أستقي الكثير من الأفكار وأستفيد من تجارب الخبراء المحليين. في بلغاريا، تعلمت الكثير عن الورد من المزارعين البسطاء، مما ساعدني في رحلاتي إلى إيران، حيث علمت المزارعين فيها طرقا وتقنيات جديدة. لاحظت أنك عندما تتبرع بهذه الأفكار تكسب صداقات متينة، لأن الناس يقدرون أهمية أن تعلمهم أمرا في صالحهم. لا أريد القول إني أنديانا جونز، أبحث عن كنوز مخفية أو ذهب لم يستطع أحد غيري أن يجده، لكن يمكنني القول إني أعرف أماكن هذه الكنوز، ولن أبالغ عندما أقول إنها توجد في قلوب الناس». أسأله عن الإرث الذي يحلم بتركه لنا، فيرد ببطء: «أبلغ 53 من العمر، أي إني صغير على أن أخلف أي تركة، لكن في الوقت ذاته أحرص على أن أراعي ظروف من أتعامل معهم من باب قناعتي بأنك تحصد ما تزرع، والعلاقات الإنسانية مهمة في عملنا، لأنها هي التي تبقى. هؤلاء المزارعون يعرفون الكثير عن حصادهم ومنهم تعلمت الكثير عن خشب الصندل والياسمين وزهرة الليمون وغيرها، لهذا لا يمكن أن أتنكر لهم إذا تغيرت ظروفهم. الأمر نفسه ينطبق على حياتي الشخصية، فأنا أهوى الفن المعاصر، لكني لا أشتري أي لوحة إلا إذا تعرفت على الفنان شخصيا، لأن أفضل شخص يشرح لك عن زيت أو وردة أو لوحة هو الشخص الذي زرعها وحرثها أو رسمها. سأسوق لك مثالا على هذا أني عندما كنت أعيش في نيويورك، وقعت عيني صدفة على لوحة شدتني حين كنت أتفصح مجلة فنية. اتصلت بالمتحف الذي كانت تعرض فيه وكان في لوس أنجليس، لم أتردد وتوجهت إلى هناك، لأنه كان مهما بالنسبة لي مقابلة مبدع اللوحة قبل أن أشتريها».
كانت مدة اللقاء 30 دقيقة تقريبا، ولاحظت أنه كرر فيه اسم «جيكي» أول عطر رجالي أطلقته الدار منذ نحو قرن، أكثر من عشر مرات، ربما لأنه هو ما ألهمه وعاد إليه عندما فكر في ابتكار عطره الجديد؟ لا ينكر ويقول بأنه لو لم يصنع السيد جيرلان «جيكي» لما اكتشف أهمية اللوز المر كمكون أساسي في العطور الرجالية، لأنه ليس معمولا به في عطور باقي الشركات. لكنه يستطرد: «هذا لا يعني أن (جيكي) هو الذي ألهمني، بل جزئية بسيطة فيه، تتمثل في اللوز المر الذي أعطاني الفكرة وشرارة الانطلاق. فأنا أعود إلى الأرشيف وأدرسه لكني لا أترجمه حرفيا أو أغرف منه بشراهة، لا سيما مع توافر عدد كبير من المكونات حاليا مقارنة بالماضي، إضافة إلى تطور التقنيات التي تساعد على المزيد من الابتكار والتميز». لكن اللوز المر أثاره وأصبح مدمنا له، أو بالأحرى «نغمات الكرز الأسود التي تتكون من اللوز المر والتوت، وهي خلطة موجودة في عطر (جيكي) الذي أطلق في عام 1889 للمرأة، لكنه لقي حفاوة كبيرة من قبل الرجل أيضا. وربما يكون هو أول عطر للجنسين. هذا الإحساس بالذكورة الذي تمتع به دفعني لأخذ اللوز المر والتلاعب فيه، مما أثمر عن عطر «لوم إيديال» الجديد، مع العلم أن هذه الخلطة خاصة بـ«جيرلان»، وليس هناك من يستعملها غيرنا منذ العصر التاسع عشر، من عطر «جيكي» إلى «لابوتيت روب نوار».



ماريا كاترانتزو تستوحي من حمامات كاراكالا مجموعة «كالا»

دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)
دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)
TT

ماريا كاترانتزو تستوحي من حمامات كاراكالا مجموعة «كالا»

دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)
دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)

بوصفها أول مديرة إبداعية يجري تعيينها لقسم الأكسسوارات والسلع الجلدية في «بولغاري» للجواهر، لم يكن أمام المصمِّمة اليونانية الأصل، ماري كاترانتزو أي خيار سوى العودة إلى جذور الدار لتستوحي من تاريخها ما يزيد من وهجها وبريقها. لم تكن المهمة صعبة؛ نظراً لتاريخ يمتد على مدى قرون، ويحوي ما لا ينضب من الأفكار والأحجار الكريمة. بعد تفكير، وجدت أن حمامات كاراكالا، واحدة من عجائب روما السبع في العصور القديمة، وزهرة الكالا بشكلها العجيب، تُشَكِّلان نَبْعَيْنِ يمكن أن تنهل منهما، ومن هنا جاءت التسمية التي أطلقتها على المجموعة «كالا».

ماريا كاترانتزو وحقيبة مرصعة بالأحجار تجسد فسيفساء حمامات كاراكالا (بولغاري)

عندما أعلنت «بولغاري» في شهر أبريل (نيسان) الماضي التحاق ماري كاترانتزو، بها مديرةً فنيةً للمنتجات الجلدية والأكسسوارات، باركت أوساط الموضة والجواهر على حد سواء هذا القرار؛ فهذه خطوة ذكية من شأنها أن تَضُخَّ دماءً شابة بدار يبلغ عمرها أكثر من قرن. كان اسم ماري كاترانتزو وحده يكفي كي يثير فضول عشاق الجمال والإبداع؛ لأنهم يتوقعون منها إبداعات مهمة؛ كونها تتمتع بصيت طيب منذ تخرجها في معهد سانترال سانت مارتنز في عام 2008، لتصبح من بين أهم المصمِّمين الشباب المشاركين في أسبوع لندن. ومنذ سنوات قليلة، انتقلت للاستقرار في بلدها الأصلي، وتحديداً أثينا، لكن اسمها ظل محفوراً في أوساط الموضة، ومنقوشاً بطبعاتها الفنية الجريئة وتصاميمها الهندسية المثيرة.

المصممة ماري كاترانتزو مع المؤثرة الإيطالية أناديلا روسو (بولغاري)

بعد استقرارها في أثينا، بدأت سلسلة من الشراكات كانت دائماً تحقق النجاحِ؛ ففي عام 2019 قدمت عرضاً فخماً من خط الـ«هوت كوتور» في أثينا على خلفية معبد بوسيدون. في هذا العرض، تزيَّنت العارضات بجواهر من «بولغاري» عزَّزت فخامة الصورة من جهة، ودشَّنت علاقتها بالدار الرومانية من جهة ثانية. ربما يتساءل البعض عن كيف لدار متجذرة في التاريخ الروماني أن تتعاون مع مصممة يونانية، خصوصاً أن إيطاليا لا تفتقر إلى المواهب الشابة والمحترفة، ليأتي الجواب بسيطاً، وهو أن مؤسس الدار في الأصل يوناني، اسمه سوتيريو بولغاريس، كان ذلك منذ أكثر من قرنين من الزمن، لكن تغيَّرت فيه الأماكن وكذلك الاسم من «بولغاريس» إلى «بولغاري».

بالنسبة لدار تخصصت في الجواهر أولاً وأخيراً، فإن قرار تعيين مصمِّمة أزياء في منصب إبداعي، أمرٌ تكتيكي وذكي يستهدف ضخ دماء جديدة على قسم الأكسسوارات، وفي الوقت نفسه يريد استقطاب عميلات يعشقن أسلوب كاترانتزو، ولا يزال بداخلهن حنين للمساتها الفنية. تشير المصمِّمة إلى أن القرار لم يُتَّخذ بشكل سريع؛ فعلاقتها بالدار والمجموعة المالكة لها «إل في إم إتش» عمرها سنوات، بدأت بشكل تدريجي وعضوي بشراكات كثيرة، منها مشاركتها في عام 2021، في سلسلة الشراكات التي أطلقتها «بولغاري» تحت عنوان «سيربنتي بعيون...» وهي فعالية تستضيف فيها كل مرة مصمِّماً يضع بصماته الفنية على منتجها الأيقوني.

تقول ماري كاترانتزو إنها استلهمت من أرضية الحمامات وفسيفسائها المتعددة الألوان، شكل مروحة رصَّعتها في ورشات الدار بفلورنسا، باللؤلؤ والجمشت والزمرد والذهب؛ حيث أرادتها أن تحاكي قطعة جواهر بكل المقاييس، وهو ما كان. أمَّا من زهرة الكالا فاستلهمت شكلها النحتي المتعرج الذي يرمز للقوة والمرونة. وتشمل المجموعة حقائب «مينوديير» للسهرة، وأخرى جلدية لكل المناسبات، إلى جانب أوشحة حريرية. كانت التجربة ناجحة على المستويين التجاري والفني على حد سواء؛ فماريا تُدرك تماماً أن الاثنين وجهان لعملة واحدة، وهو ما أكده المصمِّم السعودي زياد البوعينين الذي تدرَّب في بداياته على يدها قائلاً في لقاء سابق مع «الشرق الأوسط» إن العمل معها عن قُرب كان فرصة ذهبية بالنسبة له، حيث «تعلمت منها الكثير من الأمور التي ساعدتني على فهم كيف تُدار أي دار أزياء أو شركة صغيرة من الداخل»، وتابع: «لم يكن العمل مع ماريا كاترانتزو ممتعاً من الناحية الفنية فحسب، بل فتح عيني على أمور كثيرة كانت غائبة عني بوصفي مصمماً شاباً يعتقد أن الابتكار في التصميم وحده يكفي».