صراع ترمب مع محاميه السابق يدخل «مرحلة حرجة»

كوهين حامل أسرار الرئيس الشخصية قام بتسجيل محادثة تدينه

TT

صراع ترمب مع محاميه السابق يدخل «مرحلة حرجة»

دخل التحقيق الفيدرالي، الذي يجريه المحقق الخاص روبرت مولر حول التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية، مرحلة جديدة، تتشابك فيها الخيوط وتتبدل أدوار اللاعبين الرئيسين.
فقد بدا الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهو محور القضية الرئيسي، يقاتل على جبهات متعددة في وقت واحد. فبعد تراجع أضواء الإعلام، نسبياً، عن قضية الممثلة الإباحية ستورمي دانيال، التي تدعي أنها أقامت علاقة حميمة مع ترمب، فوجئ الرئيس بوابل من الرصاصات غير المتوقعة من محاميه السابق مايكل كوهين، الذي لم يكن مجرد محامٍ شخصي لترمب، بل كان بمثابة حقيبة أسراره، والمسؤول الأول عن إصلاح كل ما قد يقع فيه دونالد ترمب، سواء في حياته العملية أو الشخصية، لدرجة أن البعض أطلق عليه لقب «مصلح ترمب».
الرصاصة الأولى الموجهة للرئيس ترمب جاءت بعد قيام مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» بمداهمة مكتب محاميه مايكل كوهين، وتفتيش غرفته بالفندق الذي كان يقيم به، حيث حصل عملاء «إف بي آي» خلال مداهمتهم مقرات عمل وإقامة كوهين على عدد من الوثائق والتسجيلات، يتعلق جزء كبير منها بعلاقته المهنية بأهم عميل لديه، وهو دونالد ترمب. ورغم أن الرئيس الأميركي انتقد هذا الإجراء. إلا أن عملية المداهمة وما نتج عنها ظلت شوكة في ظهر الرئيس ترمب، وفتحت الباب أمام العديد من المفاجآت غير السارة، سواء للرئيس أو لكوهين.
وخلال الأيام والأسابيع الأولى من عملية المداهمة، ظل كوهين ملتزماً بالولاء لترمب. لكن مع مرور الوقت، ومع تجاهل ترمب لموقف كوهين وعدم الوقوف بجانبه. بدأ ولاء كوهين لأكبر وأهم عميل لديه يتراخى يوماً بعد يوم. ومع زيادة الضغوط والاتهامات الموجهة له من قبل «إف بي آي»، وهو ما يهدد بسجنه، بدأ المحامي المخلص ينقلب شيئاً فشيئاً على عميله القديم.
أما الرصاصة الثانية لترمب فقد جاءت بعد أن كشف عملاء «إف بي آي» عن عدد من التسجيلات التي قام بها كوهين لعدد من العملاء، ومنهم الرئيس. وخلال اليومين الماضيين، كشفت التحقيقات عن تسجيل قام به كوهين خلال حديثه مع ترمب، وهما يبحثان طريقة دفع مبلغ مالي إلى كارين ماكدوغال، وهي عارضة بإحدى المجلات، ادعت إقامة علاقة حميمة مع ترمب قبل ترشحه للرئاسة. وقد تم إذاعة التسجيل على شبكة «سي إن إن». ومنذ ذلك الوقت تبدلت العلاقة القوية بين ترمب وكوهين، وتحولت إلى كابوس مقلق للطرفين، حيث انتقد ترمب بشدة قيام كوهين بتسجيله محادثاته، ووصفه بأنه شرير ويسعى إلى إلقاء الشكوك على أي تداعيات سلبية قد تحدثها هذه المحادثة بالنسبة إليه.
ولم تتوقف الرصاصات عند هذا الحد. فقد ادعى كوهين أن ترمب، المرشح آنذاك، كان يعلم مقدماً عن اجتماع يونيو (حزيران) 2016 الذي عقد في برج ترمب في نيويورك بين دونالد ترمب جونيور، ابن الرئيس، وبعض الروس. وكان يتوقع من الروس أن يقدموا معلومات مفيدة لحملة ترمب الانتخابية، ومعلومات قذرة ضد منافسته هيلاري كلينتون. وقد أوضحت تقارير إعلامية أن كوهين على استعداد للشهادة أمام المحقق الخاص روبرت مولر فيما يتعلق بهذه القضية. وهنا بدأت تتلامس الخيوط بين أسرار ترمب الشخصية لدى محاميه السابق وقضية التدخل الروسي.
وفي مواجهة إنكار ترمب وابنه ومحاميهما ومسؤولين آخرين في الإدارة، الذين قالوا إن الرئيس لم يعرف شيئاً عن اجتماع ابنه، ادعى كوهين أنه كان حاضراً مع بعض أعضاء حملة ترمب الانتخابية، عندما تم إبلاغ المرشح ترمب بالعرض الذي قدمه الروس لابنه قصد تقديم معلومات تضر بهيلاري كلينتون في حملتها الانتخابية، وهو ما وافق عليه ترمب، بحسب رواية كوهين.
وخلال العام الماضي، قدم كوهين شهادتين على نحو خاص أمام لجنتين من الكونغرس، كانا يحققان في التدخل الروسي في انتخابات عام 2016. لكنه لم يشهد خلال هاتين الشهادتين بأن ترمب كانت لديه معرفة مسبقة باجتماع ابنه مع الروس.
من جهته، أوضح رودي جولياني، المحامي الحالي للرئيس ترمب، أن كوهين مصاب بمرض الكذب، وليست لديه مصداقية. وقال لشبكة «سي إن إن»، «إنه يكذب طوال الأسبوع. إنه يكذب منذ سنوات. لقد توقعت شيئاً مثل ذلك من كوهين. لا أعرف كيف تكون له أي مصداقية... وهذا النوع من الشهود يمكن أن يدمر القضية بالكامل».
من ناحية أخرى قال جولدبيرغ، المحامي السابق لترمب ووكيله في قضايا الطلاق السابقة، إن جولياني يدمر القضية بتغيير نبرته في الحديث عن مايكل كوهين، مشيراً إلى أنه لم يتعامل مع القضية بطريقة مناسبة. وقال بهذا الخصوص «لم أكن أعتقد أن جيولياني كان يعرف كيف يتعامل مع قضية من وجهة نظر الدفاع. لقد كان مدعياً منذ وقت طويل، ولم يكن يعرف كيف يرفع قضية لمحاسبة محتملة لشاهد مثل كوهين». وأضاف موضحاً: «بمجرد أن سمعت جولياني يتحدث علمت أنه يدمر قضية ترمب ضد كوهين دون دراية. لا يوجد محامي دفاع يمكن أن يقوم بذلك».
وحتى الشهور الماضية، وقبل أن تتعقد الأمور بين ترمب وكوهين، كرر كوهين في العديد من المناسبات تأكيد ولائه وإخلاصه التام وغير المحدود للرئيس ترمب، وظل كوهين يردد قوله «إذا جاءت رصاصة للسيد ترمب، فسأتلقاها بدلاً عنه».


مقالات ذات صلة

ترمب يحظى بإطلاق سراح غير مشروط في قضية «شراء الصمت»

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومحاميه خلال حضور المحاكمة عن بُعد (أ.ب)

ترمب يحظى بإطلاق سراح غير مشروط في قضية «شراء الصمت»

حكم قاضٍ، الجمعة، على دونالد ترمب بالإفراج غير المشروط بتهمة التستر على أموال دفعها لإسكات نجمة أفلام إباحية على الرغم من جهوده لتجنب أن يصبح أول رئيس مُدان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص زعيم «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع خلال اجتماع في دمشق (إ.ب.أ)

خاص مسؤول أميركي لـ«الشرق الأوسط»: نُجري محادثات بناءة مع الشرع

أكدت واشنطن أنها تُجري محادثات «بناءة» مع الإدارة السورية الجديدة، معلنة أن أولوياتها مع دمشق تشمل المشاركة الجامعة للسوريين ومكافحة الإرهاب وإضعاف إيران وروسيا

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)

استطلاع: نظرة الأميركيين تجاه رئاسة بايدن أكثر قتامة مقارنة بفترتي أوباما وترمب

كشف استطلاع للرأي أن نظرة الأميركيين تجاه فترة ولاية الرئيس الأميركي جو بايدن أكثر قتامة مقارنة بنظرتهم إلى فترتي الرئاسة السابقتين للرئيس الأسبق أوباما وترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخَب دونالد ترمب (أ.ف.ب) play-circle 02:14

كيف تسعى غرينلاند للاستفادة من رغبة ترمب في ضمها؟

قالت وكالة «بلومبرغ» للأنباء إن غرينلاند التي تُعدّ أكبر جزيرة في العالم تتطلع إلى الاستفادة من رغبة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في ضمها

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شريحة في معهد تايوان لأبحاث أشباه الموصلات في حديقة العلوم في هسينشو (رويترز)

تايوان تتوقع تأثيراً محدوداً لتعريفات ترمب على صادرات أشباه الموصلات

قال وزير الاقتصاد التايواني، كيو جيه هوي، يوم الجمعة إن تايوان تتوقع تأثيراً ضئيلاً للرسوم الجمركية التي قد تفرضها حكومة الرئيس الأميركي المنتخب.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)

للمرة الأولى... درجات الحرارة العالمية تتجاوز عتبة 1.5 درجة مئوية في 2024

آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا، يوليو الماضي (أ.ف.ب)
آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا، يوليو الماضي (أ.ف.ب)
TT

للمرة الأولى... درجات الحرارة العالمية تتجاوز عتبة 1.5 درجة مئوية في 2024

آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا، يوليو الماضي (أ.ف.ب)
آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا، يوليو الماضي (أ.ف.ب)

قال علماء، الجمعة، إن عام 2024 كان أول عام كامل تتجاوز فيه درجات الحرارة العالمية عتبة 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة.

وذكرت خدمة «كوبرنيكوس» لمراقبة تغير المناخ، التابعة للاتحاد الأوروبي، أن تغير المناخ يدفع درجة حرارة الكوكب إلى مستويات لم يشهدها البشر من قبل في العصور الحديثة. وقال كارلو بونتيمبو، مدير الخدمة، لوكالة «رويترز»، إن «المسار لا يصدق»، ووصف كيف كان كل شهر في عام 2024 هو الأكثر دفئاً أو ثاني أكثر شهر دفئاً منذ بدء التسجيلات.

قال علماء إن عام 2024 كان أول عام كامل تتجاوز فيه درجات الحرارة العالمية عتبة 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة (أ.ب)

وقالت كوبرنيكوس إن متوسط درجة حرارة الكوكب في عام 2024 كان أعلى بمقدار 1.6 درجة مئوية، عمّا كان عليه في الفترة بين 1850 و1900، وهي «فترة ما قبل الصناعة» قبل أن يبدأ البشر في حرق الوقود الأحفوري الذي ينبعث منه ثاني أكسيد الكربون على نطاق واسع. وكان العام الماضي هو الأكثر سخونةً في العالم منذ بدء التسجيلات، وكانت كل سنة من السنوات العشر الماضية من بين الأعوام العشرة الأكثر دفئاً على الإطلاق.

ورجّح مكتب الأرصاد الجوية البريطاني أن تكون درجات الحرارة قد تجاوزت عتبة 1.5 درجة مئوية في عام 2024، ومن المتوقّع أن ينشر علماء أميركيون بيانات للمناخ في عام 2024 اليوم الجمعة.

وتعهّدت الحكومات بموجب اتفاق باريس لعام 2015 بمحاولة منع متوسط درجات الحرارة من تجاوز 1.5 درجة مئوية، لتجنّب حدوث كوارث مناخية تكون أكثر حدة وأعلى تكلفة. ولا يخرق أول ارتفاع سنوي فوق مستوى 1.5 درجة مئوية هذا الهدف، إذ إنه يقيس متوسط درجات الحرارة على الأجل الأطول.

التهمت حرائق غابات الأمازون في شمال البرازيل، سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

وقال بونتيمبو إن ارتفاع انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري يعني أن العالم يتجه لتجاوز هدف باريس قريباً، لكن الأوان لم يفت بعد لتقوم البلدان بخفض الانبعاثات بسرعة لتجنب ارتفاع الاحتباس الحراري إلى مستويات كارثية. وتابع بونتيمبو: «الأمر لم ينته. فلدينا القدرة على تغيير المسار بداية من الآن».