ميشيل باشليه تفوز بولاية ثانية لرئاسة تشيلي

ميشيل باشليه
ميشيل باشليه
TT

ميشيل باشليه تفوز بولاية ثانية لرئاسة تشيلي

ميشيل باشليه
ميشيل باشليه

دخلت ميشيل باشليه التاريخ بعدما أصبحت اول امرأة تتولى رئاسة تشيلي في عام 2006، ومع اعادة انتخابها امس الاحد فتحت امامها فرصة ترسيخ إرثها كزعيمة للتغيير.
وباشليه، الاشتراكية التي تعرضت للتعذيب في السبعينات في فترة النظام العسكري التشيلي، عاشت في المنفى لسنوات وعادت الى بلادها وعملت في الحكومة بعد عودة الديمقراطية.
وعند انتهاء ولايتها الاولى في عام 2010 منهية أربع سنوات من الرئاسة التي قامت خلالها باصلاح نظام التقاعد، كانت تحظى بنسبة تأييد تبلغ 84%. ثم تولت منصب المديرة التنفيذية للأمم المتحدة "نساء" وعادت عندها الى تشيلي قائلة "نعلم ان هناك اشياء لا يزال يتوجب القيام بها".
ويوم امس الاحد هزمت المحافظة ايفيلين ماتي وفازت عليها بنسبة 62% من الاصوات مقابل 38% لمنافستها، بحسب الارقام الرسمية. وذلك يعطي باشليه وتحالفها اليساري "الغالبية الجديدة" تفويضا كاملا لتنفيذ برنامج عملها الاصلاحي، الذي يشمل تعديل الدستور الموروث عن الديكتاتورية العسكرية (1973-1990) بقيادة اوغوستو بينوشيه، ورفع الضرائب وجعل التعليم ما بعد المرحلة الثانوية مجانيا وتشريع الاجهاض.
وقالت احدى مناصراتها وتدعى فيرونيكا راميريز "نحن نحبها لأنها جديرة بالثقة وبسبب قصة حياتها ايضا".
ولدت باشليه في 29 سبتمبر (ايلول) 1951 في سانتياغو، وأمضت طفولتها متنقلة في تشيلي مع والدها الذي كان ضابطا طيارا في الجيش. وفي 1970 بدأت دراسة الطب وانضمت الى الشباب الاشتراكي، وفي 11 سبتمبر 1973 يوم انقلاب اوغستو بينوشيه، اعتقل والدها الذي رقي الى جنرال وكان قريبا جدا من سلفادور الليندي. وقد توفي في السجن بعد تعرضه للتعذيب. وواصلت باشليه دراستها وساعدت سرا المضطهدين في عهد بينوشيه، لكن في العاشر من يناير (كانون الثاني) 1975 أوقفت مع والدتها من قبل اجهزة الأمن ونقلتا الى مركز التعذيب في فيلا غريمالدي. وبعد اطلاق سراحهما انتقلتا الى استراليا ثم الى المانيا الشرقية، حيث واصلت ميشيل باشليه دراستها، وفي 1979 عادت الى تشيلي وحصلت على شهادة الجراحة وتخصصت في طب الاطفال والصحة العامة. ومع الانتقال الديمقراطي، التزمت باشليه العمل كطبيبة في القطاع العام، ودرست الاستراتيجية العسكرية في سانتياغو والدفاع القاري في واشنطن قبل تعيينها وزيرة للصحة، وكلفت اصلاح القطاع في العام 2000.
وفي 2002 اصبحت اول سيدة تشغل منصب وزير الدفاع في اميركا اللاتينية. وقد دعت في الذكرى الثلاثين للانقلاب على الليندي الى مصالحة بين العسكريين والمدنيين، وكانت تلك بداية شعبيتها التي لم تتراجع أبدا.
استقالت باشليه في 16 مارس (آذار) من منصبها على رأس منظمة الأمم المتحدة "نساء" منذ انشائها في سبتمبر 2010. وقالت حينذاك انها ترغب في العودة الى بلدها.
كسبت باشليه خلال رئاستها لقب "أم كل التشيليين" بفضل عفويتها مع مواطنيها وحسها العالي للاتصال بهم.
وابتعدت هذه الأم لثلاثة اولاد وغير المتزوجة عن الاسلوب الجامد للطبقة السياسية التقليدية وبدت ملتزمة جدا بتحسين حقوق النساء في بلد محافظ يمنع فيه الاجهاض حتى لأسباب صحية، ولم يصبح الطلاق فيه قانونيا سوى في 2004.
وانتهت رئاسة باشليه التي عزز مكانتها وضع اقتصادي استثنائي بسبب ارتفاع اسعار النحاس الذي يعد "الذهب الاحمر" للبلاد، عندما كانت شعبيتها بأوجها وقدرت بـ84 في المائة. لكن الاسابيع الأخيرة من ولايتها الاولى شهدت زلزالا وتسونامي مدمرين أسفرا عن سقوط اكثر من 500 قتيل.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.