العالم يترقب خسوفاً استثنائياً للقمر لم يحدث منذ 100 سنة

العالم يترقب خسوفاً استثنائياً للقمر لم يحدث منذ 100 سنة
TT

العالم يترقب خسوفاً استثنائياً للقمر لم يحدث منذ 100 سنة

العالم يترقب خسوفاً استثنائياً للقمر لم يحدث منذ 100 سنة

يترقب العالم مساء اليوم، حدثين فلكيين نادرين، يمكن مشاهدتهما بالعين المجردة، فهم على موعد مع خسوف استثنائي للقمر لم يحدث منذ مائة سنة، وأيضاً على موعد ثانٍ يتمثل بوصول كوكب المريخ إلى أقرب مسافة من الأرض لم يصلها منذ 15 سنة.
وتعليقاً على هاتين الظاهرتين الفلكيتين، قال الدكتور أشرف تادرس، رئيس قسم الفلك في المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية بمصر، إن الخسوف سيشاهد في جميع المناطق التي يظهر فيها القمر وقت حدوث الظاهرة، ويشمل ذلك معظم قارة أوروبا، ومعظم قارة آسيا، وأستراليا، وأفريقيا، والجزء الشرقي لأميركا الجنوبية، والمحيط الهادي، والمحيط الأطلسي، والمحيط الهندي، والقارة القطبية الجنوبية.
وأضاف تادرس في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، أن جميع مراحل الخسوف منذ بدايته جزئياً حتى وصوله لمرحلة الخسوف الكلي ستستغرق نحو ست ساعات و24 دقيقة، منها ساعة و43 دقيقة قي مرحلة الخسوف الكلي، وهي أطول مدة خسوف لم تحدث منذ 100 سنة.

وكانت أطول مدة خسوف كلي للقمر قد سجلت خلال المائة عام الأخيرة، ساعة و40 دقيقة، بما يمنح الخسوف الذي سيحدث يوم الجمعة قيمة علمية وتاريخية؛ كونه الأطول، كما يؤكد تادرس.
وأصدرت الجمعية الفلكية في جدة بياناً تفصيلياً بمناسبة هذا الحدث الفلكي المهم، يتضمن دليلا إرشادياً للراغبين في متابعة الظاهرة من عشاق الفلك. وقالت في بيانها الذي نشرته على صفحتها الرسمية بموقع «فيسبوك»، إن الخسوف الجزئي يحدث عندما يدخل جزء من القمر منطقة ظل الأرض عند الساعة 8:05 مساء بتوقيت السعودية (5:05 مساء بتوقيت غرينتش)، وهذه المرحلة للخسوف لا تكون ملاحظة؛ لأن قرص القمر سيبقى مضاءً بالكامل.
وأوضحت، أن الحدث الرئيسي يبدأ مع الخسوف الجزئي عند الساعة 9:24 مساءً (6:24 مساءً غرينتش)، مع دخول القمر إلى ظل الأرض، حيث يبدأ قرصه في فقد الضوء تدريجياً، ويرى في هذه المرحلة شكل ظل الأرض (المقوس) ساقطاً على القمر، وهي إحدى الطرق القديمة في إثبات كروية الأرض.
وأضاف البيان، أن كامل قرص القمر سيقع في داخل ظل الأرض، ويبدأ الخسوف الكلي عند الساعة 10:30 مساءً (7:30 مساءً غرينتش)، ويستمر لمده ساعة و43 دقيقة، وسيظهر القمر في هذه الحالة بلون الدم؛ ولذلك تسمى الظاهرة بـ«القمر الدموي»، وسببها عبور أشعة الشمس محيط الأرض ووصولها إلى القمر.
وعلى عكس كسوف الشمس، فإن رصد خسوف القمر لا يحتاج إلى معدات، وقالت الجمعية الفلكية في جدة، إن عشاق الفلك يمكنهم تصويره من خلال استخدام كاميرا رقمية مزودة بعدسة تكبير، فهو آمن جداً، ولا يوجد أي خطر عند رصده بالعين المجردة، ولرؤية أفضل ينصح باستخدام تلسكوب صغير أو المنظار ثنائي العينين، حيث ستكون النتائج مفيدة.
ويأتي هذا الخسوف الكلي للقمر بعد أسبوعين من كسوف جزئي للشمس حدث في 13 يوليو (تموز) 2018، وسيتبع ذلك بعد أسبوعين كسوف جزئي للشمس في 11 أغسطس (آب) 2018، غير مشاهد في الوطن العربي.
إلى ذلك، ينتظر المتخصصون اليوم أيضاً، وصول كوكب المريخ لأقرب نقطة من الأرض لم يصلها منذ 15 سنة.
من جانبها، أفادت جمعية ابن الهيثم للعلوم والفلك في الجزائر، بأن كوكب المريخ سيكون في هذا اليوم في وضعية التقابل مع الأرض، وسيكون قرصه مضاءً بالكامل بنور الشمس وفي قمة لمعانه مقارنة بأي وقت من العام الحالي.
وأوضحت الجمعية في بيان نشرته على صفحتها بموقع «فيسبوك»، أن المسافة بين الأرض وكوكب المريخ ستكون نحو 57 مليون كم، وهو رقم قياسي لم يحدث منذ صيف 2003؛ إذ سيبدو المريخ في السماء بقعةً حمراء يمكن مشاهدتها بالعين المجردة، بينما يمكن للمتخصصين مشاهدة بعض تضاريسه باستعمال التلسكوب.
في السياق، قال المهندس ماجد محمد، رئيس الجمعية الفلكية في جدة، إن التقابل يحدث عندما تعبر الأرض بين المريخ والشمس بالتزامن مع وقوع المريخ في نقطة «الحضيض»، وهي أقرب نقطة له من الشمس. وكتب تعليقاً على صفحته الرسمية في موقع «فيسبوك»، قائلاً، إن تقابلات المريخ الأكثر قرباً هي التي تكون على مسافة أقل من 60 مليون كيلومتر، وآخرها كان في أغسطس 2003، مشيراً إلى أن التقابل التالي سيحدث في سبتمبر (أيلول) 2035. وأضاف، أن ظاهرة تقابل المريخ التي تستمر حتى 7 سبتمبر المقبل، ستمنحه لمعاناً كبيراً يجعله يحل بشكل موقت في المركز الرابع بين ترتيب لمعان الأجسام في قبة السماء، حيث سيفوق لمعانه وبشكل استثنائي المشتري الذي يعتبر عادة رابع ألمع جسم في قبة السماء بعد الشمس والقمر والزهرة.


مقالات ذات صلة

صورة استثنائية لنجم يُحتضَر على بُعد 160 ألف سنة ضوئية من الأرض

يوميات الشرق يمرّ بالمرحلة الأخيرة من حياته قبل موته (إكس)

صورة استثنائية لنجم يُحتضَر على بُعد 160 ألف سنة ضوئية من الأرض

أظهرت أول صورة مقرَّبة لنجم يُعرَف باسم «WOH G64» إحاطته بالغاز والغبار، مُبيِّنة، أيضاً، اللحظات الأخيرة من حياته، حيث سيموت قريباً في انفجار ضخم...

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مركبة الفضاء «ستارشيب» تظهر وهي تستعد للإطلاق من تكساس (رويترز)

«سبيس إكس» تستعد لإجراء اختبار سادس لصاروخ «ستارشيب» وسط توقعات بحضور ترمب

تجري «سبيس إكس» اختباراً سادساً لصاروخ «ستارشيب» العملاق، الثلاثاء، في الولايات المتحدة، في محاولة جديدة لاستعادة الطبقة الأولى منه عن طريق أذرع ميكانيكية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد جانب من الجلسة الافتتاحية لـ«منتدى دبي للمستقبل»... (الشرق الأوسط)

«منتدى دبي»: 7 تطورات رئيسية سيشهدها العالم في المستقبل

حدد نقاش المشاركين في «منتدى دبي للمستقبل - 2024» 7 تطورات رئيسية تمثل لحظة محورية للبشرية، منها العودة إلى القمر والطاقة الشمسية.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الاقتصاد جناح «مجموعة نيو للفضاء» في معرض «جيتكس» (إكس) play-circle 01:45

رئيس «الخدمات الجيومكانية» في «نيو للفضاء»: سنطلق تطبيقاً للخرائط الرقمية

تمضي السعودية نحو مساعيها في التنويع الاقتصادي عبر تطوير قطاعات جديدة ومستقبلية، يبرز من ضمنها قطاع الفضاء بوصفه أحد القطاعات التي يتسارع فيها التقدم.

مساعد الزياني (الرياض)
يوميات الشرق رواد الفضاء ماثيو دومينيك ومايكل بارات وجانيت إيبس يعقدون مؤتمراً صحافياً في مركز جونسون الفضائي في هيوستن (أ.ب)

بعد 8 أشهر في الفضاء... رواد «ناسا» يرفضون الإفصاح عن شخصية من أصيب منهم بالمرض

رفض 3 رواد فضاء تابعين لـ«ناسا» انتهت مهمة طويلة قاموا بها في محطة الفضاء الدولية بالمستشفى، الشهر الماضي، كَشْفَ مَن منهم كان مريضاً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)