لربع قرن ظل الفنان المصري سيد رجب يمثل أدواراً مسرحية داخل جدران القاعات المغلقة التي تستهوي جمهوراً محدوداً نسبياً، لكن القلق والخوف من عدم تحقيق الحلم لم يتسلل إلى قلبه، فقصة كفاحه ومثابرته جديرة بالحكي؛ لأنها تشبه القصص السينمائية التي يشارك في تشخيصها على الشاشة.
رجب، قصة نجاح مصرية اعتمدت فقط على الموهبة والإيمان بالقدرات الشخصية، فملامحه المصرية الأصيلة، وبشرته السمراء التي تشبه طمي النيل والدلتا، ومشاعره التمثيلية المتدفقة ساقته للوصول إلى مكانة فنية مرموقة في مصر... نجح في دور الأب الحنون، وزعيم العصابة، والفتوة، والشاويش الوفي الأصيل.
أخيراً... قدم رجب دور الصعيدي للمرة الأولى خلال اشتراكه في بطولة دراما «نسر الصعيد» الذي تم عرضه في الموسم الرمضاني الماضي، وحقق نجاحاً ملحوظاً في دور هتلر. وتحدث «هتلر» لـ«الشرق الأوسط»، عن أوجه مختلفة من حياته وأحلامه وطموحاته.
> في البداية، هل شعرت بالقلق من تقديمك شخصية هتلر الشريرة؟
- لم أشعر بالقلق تماماً؛ لأنني كممثل لا بد أن أؤدي كل الأدوار والأنماط، وتعمدت الاختلاف لأنني قدمت دور الأب الحنون في مسلسل «رمضان كريم»، وبعده مسلسل «أبو العروسة»، وهذه الأدوار كانت بها مساحة كبيرة من الخير والطيبة، فاخترت شخصية هتلر بكل ما تحمله من شر؛ لكي أنوّع في أدواري، وحتى لا يتم حصري في إطار واحد من الأدوار، وهي شخصية استفزتني كفنان كثيراً، وكانت بالنسبة لي بمثابة تحدٍ.
> لكنك لعبت أدواراً متعددة سابقة لم تكن مقتصرة فقط على الخير؟
- الممثل الذي يحصر نفسه في إطار واحد من الأدوار يكون نمطياً، وليس ممثلاً، فالممثل الجيد لا بد أن يقدم أكثر من شكل وأكثر من شخصية؛ حتى يثبت قدراته وموهبته في التمثيل.
> هل أجهدتك شخصية هتلر نفسياً وذهنياً؟
- جميع الشخصيات التي أؤديها تجهدني نفسياً وبدنياً، لكني سعيد بهذا؛ لأنه يجب علي كممثل أن أبذل قصارى جهدي في تقديم الشخصية كما يجب أن تكون، بكل انفعالاتها ومراحل تطوراتها، وتركيباتها، ودوافع الشخصية، وطريقة تحدثها، وبعد أن تحقق تلك الشخصية وتنجح في أن تصل إلى المشاهد مثلما كُتبت على الورق، تشعر كفنان بالنجاح والسعادة، وهذا ما فعلته بالضبط مع شخصية هتلر... فهو شخص يحمل كثيراً من الشر؛ لأنه عاشق لحصد الأموال، وأن يكون هو صاحب السلطة، ولديه شعور بالحقد والغيرة من «صالح القناوي» وبعده ابنه «زين القناوي» فتعمدت أن تعبر ملامح وجهي على ما أحمله بداخلي من شعور بالكراهية لهما.
> لماذا واجهتك صعوبات في التحدث باللهجة الصعيدية، رغم أنك ممثل كبير وأديت أدواراً كثيرة؟
- استعنت بمصحح لغوي من أجل التعرف على اللهجة القناوية؛ فالصعيد به أكثر من لهجة وليس لهجة واحدة، وحتى مع وجود بعض الفنانين الذين لديهم علم بهذه اللهجة، يجب الاستعانة بمصحح لغوي في جميع الأعمال التي تعرض بلهجات أخرى مختلفة عن لهجتنا الأصلية؛ حتى لا نقع في خطأ، وعلى الرغم من أن اللهجة الصعيدية ممتعة، فإنها صعبة وهي أول مرة لي أقدم فيها شخصية صعيدية، لكني قدمت أدواراً صعيدية على المسرح التجريبي، وهو ما جعل تدربي على اللهجة أمراً سهلاً.
> كيف استقبلت الاسم الغريب للشخصية التي قمت بها؟
- استغربت في البداية من الاسم؛ لأن هتلر غير دارج في مصر، لكن عندما قرأت الدور جيداً وجدت أنه مناسب للشخصية تماماً، ومعبر عن الشر الذي تحمله.
> ما الدور الذي تحلم بتقديمه؟
- أحلم بتقديم جميع الأدوار التي لم أقدمها خلال مشواري حتى الآن، فبداخلي طاقة فنية كبيرة، أريد أن أظهرها، في الوقت نفسه، يشجعني الدور المكتوب بشكل جيد على العمل، فمن الممكن أن تكون الشخصية جيدة، لكن ليست مكتوبة بشكل صحيح؛ لذا أركز على مسألة الكتابة حتى تخرج للمشاهد بشكل مميز وتحقق أهدافها.
> سبق لك العمل مع الفنان محمد رمضان في أكثر من عمل سينمائي... لماذا تفضل التعاون معه؟
- هو فنان متميز للغاية، وتجمعني به كيمياء خاصة، وجمعتنا أعمال كثيرة مثل فيلم «عبده موته»، و«قلب الأسد»، و«جواب اعتقال»، وأخيراً مسلسل «نسر الصعيد»، وكانت بيننا مباراة تمثيلية رائعة به؛ فالعمل معه متعة لأي فنان يحب التمثيل.
> لكن لماذا لم تقم بأداء البطولة المطلقة حتى الآن رغم تحقيقك نجومية كبيرة؟
- لا أسعى للبطولة المطلقة، فقط أسعى لتقديم أدوار هادفة وجيدة أستفيد منها كممثل، وتفيد المشاهد، سواء كان دور بطولة أو دوراً ثانياً.
> إذن، ما أقصى طموحات سيد رجب الفنية؟
- عندما أنتهي من عمل أرغب في تقديم عمل جديد أفضل منه؛ فالفنان لا يمكن أن يوجد له سقف في أحلامه وطموحاته؛ لأن التمثيل لا يوجد له حدود أو نهاية، إلا بموت الفنان، فقد كنت أمارس مهنة التمثيل من خلال المسرح التجريبي لمدة 25 عاماً دون أن يعرفني أحد، لكني لا أعرف لغة اليأس والاستسلام، ولأن سقف طموحاتي وأحلامي كبير، وصلت إلى ما وصلت إليه من نجومية، وأتطلع إلى المزيد.
> قمت بالظهور في أعمال درامية وسينمائية كثيرة... ما الدور الذي تعتز به وتفخر به حتى الآن؟
- أعتز كثيراً بجميع أدواري، لكن فيلم «إبراهيم الأبيض» مع الفنان أحمد السقا، أعتز به كثيراً؛ لأنه هو الذي عرف جمهوري بي وهو «فاتحة خير عليّ».
> هل غيّرت الشهرة سيد رجب؟
- الشهرة تغير من الفنان للأفضل، والغرور لا يتناسب مع الشهرة، فالشهرة بالنسبة لي أعطتني سعادة أكثر، بحب الجمهور لي، وحبهم للشخصيات التي أؤديها.
> كانت لديك فرصة للظهور في فيلم «المهاجر» للمخرج الكبير يوسف شاهين لماذا لم تستغلها؟
- كنت سعيداً للغاية عندما عرض عليّ المخرج يوسف شاهين دوراً في فيلم «المهاجر»، لكن كان لدي ظروف وقتها اضطرتني إلى السفر، وعندما عدت وجدت أن مساحة دوري قد تغيرت، وأصبح غير مؤثر فاعتذرت، لكني كنت أتمنى أن أشارك المخرج يوسف شاهين في عمل سينمائي، لأنه فنان كبير ومخرج عبقري.
سيد رجب: شخصية «هتلر» استفزتني... وأحلامي لا حدود لها
قال لـ«الشرق الأوسط» إنه استعان بمصحح لغوي لإتقان اللهجة القناوية
سيد رجب: شخصية «هتلر» استفزتني... وأحلامي لا حدود لها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة