دعوى قضائية ضد العبادي ووزير الاتصالات بسبب قطع الإنترنت

«هيومن رايتس ووتش» نددت بالإجراءات الأمنية ضد المحتجين العراقيين

TT

دعوى قضائية ضد العبادي ووزير الاتصالات بسبب قطع الإنترنت

انضمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» المعنية بحقوق الإنسان، أمس، إلى الأصوات المنددة بالإجراءات الأمنية المتشددة التي تنتهجها حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي المنتهية ولايتها، حيال المحتجين على سوء الأوضاع والخدمات في محافظات وسط وجنوب العراق. وأودت الإجراءات بحياة ما لا يقل عن 15 متظاهرا، وأوقعت مئات الإصابات بين المحتجين وعناصر الأمن.
ويأتي هذه التطور في غضون تأييد أطلقته الولايات المتحدة الأميركية للمتظاهرين أول من أمس، ودعوى قضائية أقامها محام عراقي ضد العبادي ووزير الاتصالات في حكومته حسن الراشد، لإصرارهما على مواصلة قطع خدمة الإنترنت عن المواطنين العراقيين.
وقالت المنظمة في تقرير إنها «حققت في 8 احتجاجات، زعم في 6 منها أن قوات الأمن أطلقت الذخيرة الحية، وأصابت ما لا يقل عن 7 متظاهرين. كما ألقت قوات الأمن الحجارة وضربت 47 شخصا على الأقل، من بينهم 29 أثناء الاعتقال أو بعده».
ونقلت المنظمة عن شهود عيان قولهم إن «المتظاهرين قاموا في 5 احتجاجات بإلقاء الحجارة والقنابل الحارقة وإطارات السيارات المشتعلة على قوات الأمن. منذ 14 يوليو (تموز) الجاري، وفرضت السلطات قيودا صارمة على الوصول إلى الإنترنت في كثير من مناطق وسط وجنوب العراق».
وقالت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في المنظمة، سارة ليا ويتسن، إن «على السلطات العراقية إجراء تحقيق موثوق ومحايد، فيما يبدو أنه استخدام مفرط للقوة القاتلة في البصرة، حتى عندما تصبح الاحتجاجات عنيفة. طالما لم تعالج الحكومة مظالم المحتجين، فإن خطر مزيد من الاحتجاجات الدموية يبقى أمرا واقعا». وذكرت المنظمة أنها قابلت 13 شخصا في 18 و19 يوليو الجاري، قالوا إنهم شاركوا في احتجاجات البصرة، من بينهم 3 نشطاء و4 من أقارب 2 من المتظاهرين المصابين بجروح خطيرة، و3 صحافيين، ورئيس اللجنة الأمنية لمجلس محافظة البصرة جبار الساعدي. وأشارت إلى أن المتظاهرين لديهم 3 مطالب رئيسية تتعلق بـ«تحسين الوصول إلى المياه العذبة؛ لأن مياه الشرب في البصرة تصبح مالحة جدا خلال الصيف، ويتفاقم ذلك كل عام، ويريدون من الحكومة معالجة معدل البطالة المرتفع في البصرة في النفط والصناعات الأخرى؛ ويريدون زيادة في التغذية الكهربائية، خصوصا خلال أشهر الصيف الحارة».
كما أشار تقرير «هيومن رايتس» إلى حادث الاغتيال الذي تعرضه له المحامي جبار محمد كرم البهادلي، أول من أمس، على يد مسلحين مجهولين في محافظة البصرة الجنوبية التي انطلقت منها شرارة الاحتجاج الأولى. ويعتقد على نطاق واسعا محليا أن مقتل البهادلي يتعلق بدفاعه عن المتظاهرين المحتجين وتطوعه للترافع مجانا بهدف الإفراج عنهم.
ونقلت المنظمة عن رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة البصرة جبار الساعدي، قوله إنه «حتى 19 يوليو، قتلت قوات الأمن 3 متظاهرين وأصابت 12، من خلال إطلاق النار واستنشاق الغاز المسيل للدموع، وإن المتظاهرين جرحوا ما لا يقل عن 10 من أفراد قوات الأمن». وقال إن «الشرطة ألقت القبض على 70 متظاهرا على الأقل، وما زالت تحتجزهم، من بينهم طفلان على الأقل».
ولم يغفل تقرير المنظمة المدافعة عن حقوق الإنسان الإشارة إلى إقدام السلطات العراقية على قطع خدمة الإنترنت منذ يوم 14 يوليو الجاري. وذكر أن «القانون الدولي لحقوق الإنسان يحمي حق الأشخاص في البحث عن المعلومات وتلقيها وتقديمها بحرية، من خلال جميع وسائل الإعلام، بما فيها عبر الإنترنت»، معتبرا أن «حجب الإنترنت في جنوب العراق لا يحرم الناس من حقهم في تبادل المعلومات فحسب؛ بل يمكن أيضا أن يهدد حياتهم».
وبينما تراوحت تصريحات السلطات العراقية بشأن عملية قطع الإنترنت، بين القول إنها نجمت عن عطل أصاب أحد الخطوط المزودة للخدمة في البلاد، والقول إنها قطعت لأسباب أمنية تتعلق بالتحريض على المظاهرات، أقام المحامي طارق المعموري دعوة قضائية ضد رئيس الوزراء العبادي ووزير الاتصالات حسن الراشد، لمخالفتهما المادة 40 من الدستور التي «كفلت حرية الاتصالات والمراسلات البريدية والبرقية والهاتفية وغيرها»، كما ورد في كتاب الدعوة المقامة.
ويقول المعموري لـ«الشرق الأوسط»: «المادة 40 من الدستور كفلت حرية وحق الناس في التواصل بينهم بمختلف الوسائل، ولم تجز مراقبة المواطنين أو التنصت عليهم إلا لضرورات قانونية وأمنية، ولم تتحدث عن القطع مطلقا، لذلك فإن ما أقدمت عليه السلطات غير دستوري».
ويعترف المعموري بأن «القضاء العراقي صار يميل في السنوات الأخيرة إلى الدولة، وذلك ناجم عن حالة الفساد المستشري، لذلك تجد القضاء ينحاز إلى الدولة ويقترب منها في بعض أحكامه». لكنه يتوقع أن «يأتي قرار القضاء لصالحه في قضية قطع الإنترنت، ويطلب من السلطات رفع الحظر عنه».
ويتفق المعموري مع الخبير الاقتصادي باسم جميل أنطوان، بشأن خسارة البلاد ما لا يقل عن 40 مليون دولار أميركي يوميا، نتيجة قطع خدمة الإنترنت، ويضيف: «شخصيا تضرر عملي كثيرا، حيث اضطررت قبل أيام إلى تأجيل دعوى قضائية لشركة لبنانية أعمل معها ضد إحدى مؤسسات الدولة، لعدم تمكني من الحصول على الوثائق المطلوبة للدعوة من الشركة».
يشار إلى أن السلطات العراقية قامت قبل عشرة أيام بإيقاف خدمة الإنترنت بشكل كامل، ثم عادت وسمحت باستخدام محدود وبقدرة ضعيفة جدا لاستخدام «الإيميل»؛ لكنها أبقت على إغلاق معظم وسائل التواصل الاجتماعي، وأغلب محركات البحث، ومواقع التسوق الإلكترونية.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.